كيف تتوقف عن القلق حيال أخطائك؟

"اجترار الأفكار" هو شكل من أشكال التفكير السلبي الزائد الذي يمنعك من المضي قدماً لتحقيق أهدافك، فعندما تتذكر أحداث الماضي، تثير المشاعر السلبية نفسها في وقتك الحاضر، وتبدأ في مواجهة التناقض بين العالم المثالي الذي تتخيله والواقع الذي تعيشه، وتلوم نفسك لعدم كونك أكثر تنظيماً وطموحاً وذكاءً وانضباطاً، وغير ذلك.



الاجترار ليس أمراً مزعجاً فحسب؛ بل يرتبط أيضاً بانخفاض القدرة على حل المشكلات وزيادة القلق وحتى الاكتئاب، ولكن يمكِنك التغلب عليه بسهولة باتباع الخطوات التالية:

الخطوة الأولى هي "تحديد الأشياء التي تدفعك لاجترار الأفكار":

من السهل أن تضع قائمةً بالأحداث التي مررتَ بها مؤخراً وزاد تفكيرك بشكل سلبي على أثرها، وعادةً ما تحتوي القائمة أشياء مثل:

  • العمل بنصائح مالية سيئة.
  • القيام بتغييرٍ ضخم على الصعيد المهني.
  • التعاون مع أشخاص غير موثوقين.
  • العمل مع أشخاص يبدون أكثر ذكاء منك.
إقرأ أيضاً: كيف تنفك من أسر الأخطاء الماضية

الخطوة الثانية "الابتعاد عن الأفكار المزعجة مؤقتاً":

ابتعِد قليلاً عن الأفكار التي تشغل بالك ريثما تهدأ لتتضح الصورة بشكل كامل لديك، فإنَّها تقنية تساعد في التأمل لاكتساب رؤية واضحة حول الواقع، على سبيل المثال: إذا كنتَ تشعر بالقلق عند التفكير في مهمة فشلتَ بإكمالها بشكل مثالي، فانتبِه لطريقة تفكيرك، وبدلاً من أن تقول لنفسك "أنا لستُ مؤهلاً"، قل شيئاً أكثر إيجابية مثلاً "أشعر بأننَّي لستُ مؤهلاً"، ولتسيطر أكثر على تفكيرك قل: "أعتقد أنَّني لستُ مؤهلاً"، سيساعدك هذا الأمر مهما كانت أفكارك قوية (لأنَّها تؤثر في واقعك) على المضي قدماً، وتأكَّد أنَّ الرغبة في أن يسير كل شيء على أكمل وجه هو أمر مستحيل، والقلق حيال أمر قد لا يحدث هو مجرد مضيعة للوقت؛ لذا سخِّر طاقتك لاستثمارها بطريقة أفضل عند مواجهة الموقف نفسه في المرات القادمة.

شاهد بالفيديو: 6 عقبات تقف في طريق التفكير الإبداعي

الخطوة الثالثة "التمييز بين اجترار الأفكار والتعلم":

تُعَدُّ مراجعة المواقف الماضية طريقةً رائعة للتعلم والتقدم، ولكن لا تعود عليك بالنتائج نفسها في حالة اجترار الأفكار، فسرعان ما تصبح هذه الطريقة مصدراً للقلق بدلاً من التعلم، وعلى سبيل المثال: وجدَت دراسة أنَّ النساء اللواتي يفكرن بطريقة سلبية وبشكل مستمر يستغرقن أشهراً أطول من النساء الأخريات لطلب المساعدة بعد اكتشاف ورم في ثديهن، ولتحويل اجترار الأفكار إلى تعلُّم، اسأل نفسك ببساطة، "ما هو أفضل قرار الآن يمكِن أن أفعله؟"، وابدأ بالخطوة الأولى، بالطبع لا يهم ما إذا كان تنفيذها مثالياً أو كما رسمتَه في ذهنك، فقط امضِ في الخطوة الأولى وسينجلي باقي الطريق، فإنَّ هذه الطريقة مفيدة للأشخاص الذين يرغبون بالتقدم ولكن يقف في طريقهم الخوف أو القلق من ارتكاب خطأ مرة أخرى.

الخطوة الرابعة "التدرُّب على كبح الأفكار":

بمجرد أن تلاحظ أنَّك بدأتَ باجترار الأفكار، مارِس نشاطاً رياضياً لبضع دقائق، وركِّز تفكيرك على بعض الأنشطة التي تتطلب انتباهك، ولكنَّها ليست مرهقة، حيث يمكِنك تنظيف صندوق الوارد الخاص بك، أو ملء تقرير النفقات، أو حتى الذهاب في نزهة للمشي، وعند الانتهاء، عد إلى المهمة التي كنتَ تقوم بها قبل أن تبدأ في اجترار الأفكار لتكملها.

مارِس اليوجا أو التأمل لتتحكم بأفكارك، فمن المستحيل إيقاف الأفكار التي تدور في رأسك، لكن يمكِنك من خلال التأمل تحديداً تدريب عقلك على تنظيم الأفكار وتحديدها بشكل صحيح وفصلها عن الواقع، وفي النهاية جلَّ ما تريده عندما تقع في دوامة اجترار الأفكار هو تركيز ذهنك بما تفعله في الوقت الحاضر.

إقرأ أيضاً: كيف تتوقف عن اجترار الأفكار؟

الخطوة الخامسة "تحديد الخطأ بطريقة تفكيرك":

في بعض الأحيان ندخل في حالة اجترار الأفكار بسبب التفكير بطريقة خاطئة، والمشكلة هي أنَّنا لا نجيد اكتشاف هذه الأخطاء، خاصة عندما نفكر في الاجترار بالفعل، لأنَّه يشوش تفكيرنا، والحل في هذه الحالة هو تطوير مفهوم الخطأ في طريقة تفكيرنا مسبقاً، لأنَّه وبمرور الوقت، تتضح الأفكار لدينا عندما نكون في لحظات الهدوء؛ لذا انتبِه لطريقة تفكيرك في هذه اللحظات لتعرف كيف ستتصرف عندما تقع تحت تأثير اجترار الأفكار، على سبيل المثال: تعطينا الدكتورة في علم النفس السريري "أليس بويز" (Alice Boyes)، مثالاً شخصياً في كتابها "مجموعة أدوات العقل السليم" (The Healthy Mind Toolkit): "في كثير من الأحيان عندما أقرأ رسائل البريد الإلكتروني المتعلقة بالعمل، أواجه بعض الكلمات المزعجة، ونتيجة لذلك، ينتهي بي الأمر بإلغاء أو إساءة تفسير بقية الرسالة، ولكن حينما أدركتُ أنَّني أتصرف على هذا النحو، تعلَّمتُ عدم التصرف تحت تأثير انطباعاتي الأولى، وبدلاً من ذلك، أعدتُ قراءة البريد في اليوم التالي، وأدركتُ أنَّ انطباعي الأول كان خاطئاً".

التفكير الخاطِئ الآخر هو أن نضع توقعات عالية جداً لأنفسنا، أو إساءة تفسير توقعات الآخرين؛ إذ إنَّنا أحياناً لا نتقبل فكرة أن نتساوى بالآخرين أو أن يكونوا أكثر كفاءة منا، فيزداد الوضع سوءاً، فإذا بدأتَ في التفكير ملياً في سلوك الآخرين وفسَّرتَ ذلك السلوك، ضع احتمالاً على أقل تقدير أن يكون تفسيرك للسبب خاطئاً، أو تقبُّل احتمال أنَّك قد لا تعرف السبب الحقيقي أبداً، فهذه الطريقة ستساعدك على الهروب من فخ البحث المستمر عن أسباب وهمية.

الخلاصة:

اجترار الأفكار مشكلة شائعة إلى حد ما، وتتمثل الخطوة الأولى للتغلب عليه في معرفة الوقت الذي يبدأ فيه عقلك باجترار الأفكار بشكل سلبي، وبعدها يمكِنك اتباع الخطوات آنفة الذكر لتخرج من هذه الدوامة وتعود إلى وقتك الحاضر، سيستغرق التدريب بعض الوقت، ولكنَّه مهارة رائعة لزيادة إنتاجيتك والحرص على صحتك العاطفية، وبدلاً من التفكير بما كان يجب أن تفعله، فكِّر بأنَّك فعلتَ أفضل ما بوسعك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة