كيف تتعرف على نفسك وتُحسّن ذاتك؟

يحب معظم الناس فكرة تحسين الذات، وهي أمر رائج هذه الأيام؛ لكن قبل أن تتمكن من تحسين ذاتك، عليك أن تعرف من أنت، وماذا تريد، ولماذا من الهام جداً معرفة الإجابات عن هذه الأسئلة؛ وبمجرد أن تعرف كلَّ ذلك، يمكنك حينها الاستمرار في العمل على تحسين الذات.



ستُطلِعك هذه المقالة على الأسباب الرئيسة التي تدفعك إلى القيام بكل هذا، وأكثر.

لماذا يجب أن تعرف نفسك؟

يعيش الكثير من الناس حياتهم دون أن يفهموا أنفسهم جيداً، لكن يوجد فارق بين الرغبة في أن تكون شخصاً ما، والأفعال التي تصنع منك ذلك الشخص؛ إذ من السهل أن تخبر الناس عن نفسك، لكن هل يمكنك أن تفعل ما تقوله فعلاً؟

نميل إلى تجاهل أوجه القصور لدينا، ولعب دور معين اختلقناه لأنفسنا عن قصدٍ أو غير قصد؛ وقد ينجح الأمر لفترةٍ من الوقت، لكنَّه لن يساعدك على تحقيق أيِّ شيءٍ على الأمد الطويل.

نعم، يمكنك القول أنَّك زوجٌ جيّدٌ، وقد يصدقك الناس عندما يرون الصورة المثالية في مكتبك؛ لكن إذا كان الأمر مختلفاً في المنزل، فلا يهمُّ ذلك حقاً؛ ففي نهاية المطاف، الرأي الأكثر أهميةً هو الرأي الذي نصوغه لأنفسنا، لذا تستنزفك الكذبة وتطغى عليك، وتطفو المشاعر التي أخفيتها إلى السطح عاجلاً أم آجلاً.

ربَّما اخترت مساراً معيناً منذ سنوات عديدة، وتشعر الآن أنَّك عاجزٌ عن المتابعة، وتنظر في المرآة ولا تتعرف على نفسك، ويبدو لك أنَّ الأسبوع لا نهاية له؛ في حين أنَّ الساعة تشير إلى السابعة صباحاً من أول يومٍ في أسبوع العمل.

هذه مجرد أمثلة، ولا يعني ذلك أنَّ الأشخاص التعيسين فقط هم من يحتاجون إلى معرفة أنفسهم والسعي إلى تحسين الذات؛ فحتى لو كانت حياتك رائعة حقاً كما تبدو، فمن الجدير دائماً التحقق مع نفسك.

إنَّه لمن الطبيعي أن تتغير خلال مراحل الحياة، لكنَّ الكثير من الناس يخشون من التفاعل مع هذا التغيير، أو يدركون أنَّ المسار الذي اختاروه يوماً ما ربَّما لم يعد صالحاً بعد الآن.

التغيير مرعب، ولكنَّ ما يرعب أكثر هو أن تتجاهل عواطفك ولا تتفاعل معها؛ فسواءً نحو الأفضل أم الأسوأ، فالتغيير هو الثابت الوحيد دوماً؛ وإذا تعرفت على نفسك الآن، ستتمكن من التعامل مع التغيير بشكلٍ أفضل لاحقاً؛ إذ قد يكون من البديهي ألَّا تتمكن دائماً من التحكم بما يحدث لك، ولكن يمكنك التحكم باستجابتك له بالتأكيد.

لا يوجد حدٌّ زمنيٌّ للتعرف على نفسك، أو زمنٌ معيّنٌ لظهور فرصةٍ ما؛ لذا تذكر ما يأتي: "غالباً ما يتزامن تحسين الذات والنجاح مع بعضهما بعضاً؛ لكن لا يعني هذا بالضرورة أنَّهما الشيء نفسه".

قد تكون ناجحاً جداً في مجالك بالنسبة إلى العالم الخارجي، لكنَّك لا تزال تشعر بالحاجة إلى التعرف على نفسك والسعي إلى تحسين الذات.

لم يفت الأوان قط للتعرف على نفسك؛ وحالما تفعل ذلك، ستكون جاهزاً لكلِّ ما يحدث لاحقاً؛ إذ عندما تعرف نفسك، لن يبدو الطريق الجديد مخيفاً؛ ذلك لأنَّك تعرف مسبقاً في أيِّ اتجاهٍ ستمضي.

شاهد بالفيديو: 10 نصائح لتطوير الذات وتنميتها

كيف تتعرف على نفسك؟

إنَّها لفكرةٌ جيدةٌ أن تعرف هذا الشخص الذي يستيقظ كلّ صباحٍ وتنظر إليه في المرآة أثناء تنظيف أسنانك، حيث يبدو في المرآة الشخص نفسه؛ ولكن بطريقةٍ ما، قد يبدو مختلفاً مع مرور الزمن.

وهنا يبرز السؤال الأهم: من أين تبدأ؟

لسوء الحظ، لا توجد إجابةٌ سريعةٌ أو حلٌّ سحريٌّ لهذا الأمر؛ فالأمر ليس حسابيّاً، إذ ليس هناك صوابٌ أو خطأ، ولا يمكنك العثور على صفحةٍ فيها جميع الإجابات السريّة كي تجتاز هذا الاختبار.

سيكون لدى معظم الناس شعورٌ أفضل عن أنفسهم بمرور الوقت عندما يعودون بذاكرتهم إلى الوراء وينظرون إلى أفعالهم وردود أفعالهم وقراراتهم السابقة؛ ولكن يمكنك أيضاً اختيار القيام بدورٍ فعَّالٍ بشأن التقدم حالاً.

إليك بعض الإجراءات الفعالة التي يمكنك اتخاذها للتعرف على نفسك:

1. زِد وعيك الذاتي:

يتعلق كل الأمر بك الآن؛ لذا دع العالم الخارجي وشأنه، حيث لا يتعلق الأمر بجارك أو ذلك الشاب من المدرسة الثانوية الذي نشر صورةً مذهلةً أخرى من مكانٍ مثيرٍ في أحد أنحاء العالم.

خصص بعض الوقت للنظر إلى نفسك، واسأل: ماذا كنت تفعل؟ وكيف تتفاعل في مواقف معينة؟ وما الذي يجعلك تبتسم؟

إذا استمريت في مقارنةِ نفسك بشخصٍ معين، فاسأل نفسك عن سبب تعلقك به، واكتشف نفسك؛ فأنت تستحق هذه المعرفة.

إقرأ أيضاً: الوعي الذاتي: تعريفه، وأهميته، وطرق تعزيزه وتطويره

2. واجه مخاوفك:

قد يبدو الأمر واضحاً، لكن لسببٍ ما تستمرُّ في تجنبه؛ حيث يَدَّعِي كثيرٌ من النَّاس أنَّ الخوف يقف في طريقهم، على الرغم من أنَّهم يعرفون في أعماقهم أنَّ لديهم القدرة على مواجهته.

قد يكون من السهل قول ذلك بالطبع؛ لكن إذا تمكنت من التغلب على ضعفك، سوف يغيرك ذلك إلى الأفضل، وتتعلّم منه، وتعرف الكثير عن شخصيتك.

3. ركز على نقاط قوتك:

إنَّه لمن الجيد دائماً التركيز على ما تبرع فيه كي تُنمِّيه باستمرار؛ حيث سيساعدك ذلك على أن تصبح أكثر نجاحاً، لكنَّك أيضاً ستفهم نفسك بشكلٍ أفضل؛ ذلك لأنَّ نقاط قوتك تشكل جزءاً كبيراً من هويتك.

حتى لو وجدت نفسك أمام طريق مسدود كل مرة تحاول فيها التقدم، تذكر أنَّ لديك دائماً بعض نقاط القوة فيك، والتي يمكنك العودة إليها دوماً؛ لذا ارجع بذاكرتك إلى الوراء، وركز على نقاط قوتك، وانظر إلى أين ستقودك؛ فربَّما تتحول الموهبة إلى مهنة، وتتحول إحدى خصالك الشخصية إلى مسارٍ جديدٍ أو علاقةٍ مُرِضية.

دعنا ننتقل الآن إلى كيفية المضي قدماً والسعي إلى تحسين الذات:

قال "ريان هوليداي" (Ryan Holiday) ذات مرة: "لن تجد الإجابات إذا كنت مغروراً جداً وواثقاً من نفسك لدرجة أنَّك تترفع عن طرح الأسئلة، ولا يمكنك أن تصبح أفضل إذا كنت مقتنعا بأنَّك الأفضل".

إقرأ أيضاً: 7 طرق لإحداث تغيير مذهل في حياتك بشكلٍ فوري

كيف تسعى إلى تطوير الذات؟

إنَّه لمن الهام أن تترك غرورك وراء ظهرك وتدرك أنَّك لن تمضي قُدماً أبداً ما لم تقبل حقيقة أنَّك لست الأفضل، ويمكنك دائماً أن تصبح أفضل مع الوقت؛ لكن يجب ألَّا تتوقف أبداً عن التنافس مع نفسك؛ إذ لا يتعلق الأمر بممارسة ضغطٍ لا نهاية له على نفسك، بل بالسعي الدائم كي تكون أفضل.

ربَّما قمت ببعض البحث عن الذات وأدركت أنَّك اخترت الطريق الصحيح، وهذا رائع، لكنَّه لا يعني أنَّه لا يجب عليك محاولة تطوير نفسك؛ أو ربَّما أدركت للتو أنَّك تريد حياةً مختلفةً تماماً، وتركت وظيفتك، وانتقلت إلى مدينةٍ جديدة؛ وهذا عظيمٌ أيضاً، لكنَّك لم تنتهِ بعد.

بمجرد أن تخبر نفسك أنَّك أنهيت ما شرعت القيام به، فستصطدم بالجدار نفسه الذي أطاح بك منذ البداية؛ إلَّا أنَّ تحسين الذات لا يتعلق بإحباط نفسك، بل بترقيتك إلى الأعلى، والطريقة الوحيدة لفعل ذلك هي قبول أنَّك لست الأفضل؛ إذ يمكنك دائماً أن تصبح أفضل، حتى إذا كنت تتنافس مع نفسك فقط.

أفكار أخيرة:

يمكن تطبيق تحسين الذات على أيِّ شيءٍ، بدءاً من تعلم مهارة جديدة، أو تعلم كيفية التعامل مع غضبك، أو وضع نفسك في موقفٍ جديدٍ من شأنه أن يخيفك.

يحتاج بعض الناس إلى تغيير حياتهم بالكامل، ويحتاج بعض الأشخاص فقط إلى حضور اجتماعٍ كلّ يوم خميس، وقد يحتاج الآخرون إلى البدء بدورة دفاعٍ عن النفس لتمنحهم الشعور بالسيطرة مرّةً أخرى.

الناس قادرون على فعل كلّ ما يفعله الأشخاص الذين يحبونهم؛ لذا لا يمكنك تقييد نفسك بقول أنَّك لا تستطيع فعل شيءٍ معين لمجرد أنَّ عليك أنت القيام به وليس الآخرين.

يعود كل ذلك إلى طريقة التفكير والالتزام؛ لذا تعرَّف على نفسك، ثمَّ حدد أهدافاً واضحة؛ فكما قال أرسطو ذات مرة: "يحدد ما نقوم به مراراً هويتنا؛ فالتميز ليس مجرد فعل، بل هو عادة مستمرة".

 

المصدر




مقالات مرتبطة