كيف تتعاملين مع طفلك الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة؟

قد لا يخلو صباح في العالم من مشهد جدال بين أم وطفلها الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة، ومحاولات إقناع وإلحاح من قِبل الأم يقابلها تعنُّت وعناد من قِبل الطفل، إلى أن تُحسم نتيجة الجدال لمصلحة أحد الطرفين، فإما أن تقنع الأم طفلها بالذهاب إلى المدرسة أو ترغمه، أو أن يكون عناد الطفل أقوى، فتستسلم أمُّه لرغبته مؤنِّبة ذاتها وقلقة على مستقبله الدراسي.



قد لا يحدث المشهد بالحدة التي نتصورها، فأغلبنا - إن لم نقل جميعنا - ادعينا ألماً مفاجئاً في البطن والرأس صباحاً لنقنع أمهاتنا بعدم ذهابنا إلى المدرسة، ثم يزول هذا الألم من تلقاء ذاته بعد ذهاب الباص أو في الساعة التاسعة، ومن تصرفات ابنتي أجد أنَّ هذه الموضة لم تبطل بعد، فكيف نتعامل مع الطفل الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة؟ وكيف نعزز رغبته في التعلم ونلفت انتباهه إلى الغاية السامية من ارتياد مراكز العلم؟ هذا ما سوف نعرفه في هذا المقال.

لماذا يرفض الطفل الذهاب إلى المدرسة؟

إذا ما أردتِ عزيزتنا الأم أن تعرفي كيف تتعاملين مع طفلك الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة، يجب أن تعرفي أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة، وبناءً على معرفة السبب وتحديده نضع الحل وندرك كيفية التعامل المثلى، إذاً لماذا يرفض الطفل الذهاب إلى المدرسة؟ وما هي أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة؟

1. الخوف من المدرسة:

من أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة أنَّه قد يكون خائفاً منها، وإذا ما أردنا التأكد من مشاعر طفلنا تجاه المدرسة يمكن أن نسأله سؤالاً مباشراً أو نطلب منه رسم المدرسة، فقد يكون الطفل يتعرض للتنمر من قِبل أصدقائه، أو قد يتعرض للضرب من قِبلهم، وقد يكون صوت المعلم العالي أو أسلوبه الغاضب سبباً يجعل الطفل يرفض الذهاب إلى المدرسة.

نحن لا نريد إخافة المربين إذا ما أخبرناهم أنَّ الطفل قد يكون يتعرض للتحرش في المدرسة أو كان شاهداً على حادثة مشابهة وتم تهديده ليصمت، وقد يكون شيء ما يخيفه في الطريق إذا ما كان يذهب وحده مشياً أو أنَّ أحداً يزعجه في الباص، فتوجد عدة احتمالات تجعل الطفل خائفاً ويرفض الذهاب إلى المدرسة، والتصرف الأفضل لنفيها أو جزم واحد منها هو سؤال الطفل ومراقبة سلوكه.

2. الخجل والانطواء:

قد يكون الخجل هو السبب وراء رفض الطفل للمدرسة، وقد تكون الأجواء المليئة بالطلاب والمعلمين والنشاطات التشاركية غير مريحة ولا محببة بالنسبة إلى الطفل، فالشخصية الخجولة أو الانطوائية هي سبب من أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة، فإذا ما كان الطفل يرفض الذهاب إلى المدرسة وكنت تعرفين بأنَّه يتمتع بشخصية منطوية وخجولة فهذا أمر منطقي لا يستدعي القلق؛ وذلك لأنَّ الطريق نحو حله يكون مرئياً، أما إذا ما كنت تجهلين هذه المعلومة عن طفلك كونك تقومين بدلاً منه بالعديد من المهام التي يجب أن يقوم بها بنفسه كالإجابة عن أسئلة الآخرين له "ما هو اسمك؟ وما هو عمرك؟"، فهنا يجب عليك التواصل مع إدارة المدرسة والاستفسار عن سلوكات طفلك الاجتماعية.

3. جذب الانتباه:

من بين أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة قد تكون محاولته للفت انتباهك أو انتباه المحيط، فالطفل الذي تغيَّب عن المدرسة سابقاً بسبب مرض أصابه وحصد بذلك اهتمامك الكبير به واهتمام المعلمين والزملاء والعائلة واتصالاتهم وهداياهم، قد يستسيغ هذا الأمر فيدعي المرض أو يحبِّذ التغيب عن دوامه من أجل أن يثير قلق محبيه ويحصد اهتمامهم.

4. الشعور بالنعاس:

تكاد لا تخلو مرة أوقظ فيها ابنتي للذهاب إلى المدرسة بعد ليلة لم تكمل بها احتياجها من النوم من عبارات رفض الذهاب إلى المدرسة، فإنَّ الطفل الذي لا ينام ساعات كافية ليلاً يواجه بالتأكيد صعوبة في الاستيقاظ المبكر صباحاً، فإذا ما أردنا التخلص من هذا السبب من مجموعة أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة يجب علينا الحرص على استيفاء الطفل لاحتياجه الكامل من النوم المريح الهانئ.

5. قلق الانفصال:

يُعَدُّ قلق الانفصال من أشهر أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة، وغالباً ما يحدث في المراحل الأولى لدخول الطفل إلى المدرسة أو الحضانة؛ إذ يجد الصغار صعوبة في الافتراق عن أمهاتهم وقضاء وقت طويل بعيداً عنهن، لهذا يُنصح بتهيئة الطفل لمرحلة الذهاب إلى المدرسة وقضاء وقت نوعي برفقته بعد العودة.

6. الاستمتاع بالإجازة:

من أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة هو رغبته بالاستمتاع في المنزل بعيداً عن الدروس والواجبات، فبالنسبة إلى الأطفال فإنَّ البقاء في المنزل برفقة أمهاتهم بعد ذهاب إخوتهم إلى مدارسهم ومشاهدة التلفاز أو استخدام الأيباد بحرية بعيداً عن المشاركة الأخوة، قد يكون مكسباً هاماً يستدعي التغيب عن صفوفهم.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح تساعد الأطفال والآباء على الاستعداد للعودة إلى المدرسة

كيف تتعاملين مع طفلك الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة؟

بعد أن قدَّمنا لك مجموعة أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة، نضع بين يديك إرشادات تخبرك كيف تتعاملين مع طفلك الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة.

1. عالجي أسباب خوف طفلك من المدرسة:

ذكرنا آنفاً أنَّ خوف الطفل من المدرسة هو من أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة، فإذا ما كان السبب هو الخوف من الزملاء المتنمرين أو المعلم، فتواصلي مع الإدارة من أجل حل هذه المشكلة، وإذا ما كان السبب هو خوف طفلك من الطريق، فرافقيه أو اطلبي ذلك من والده أو شخص موثوق.

من أهم نقاط التعامل مع الطفل الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة هو الحديث مع الطفل بأريحية وانفتاح عن هذا الموضوع والوقوف إلى جانبه ودعمه وعدم لومه وكَيل الاتهامات له في حال وجود أي سبب خطير، وهذا الأمر يتطلب بنية تحتية صلبة من الثقة بين الأم والطفل يجب الحرص على بنائها قبل دخوله إلى المدرسة.

إقرأ أيضاً: التنمر المدرسي: تعريفه، أسبابه، وطرق علاجه

2. هيئي طفلك لمرحلة المدرسة:

إنَّ تهيئة الطفل لمرحلة المدرسة تندرج ضمن خطوات التعامل مع الطفل الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة، كما تُعَدُّ من خطوات تلافي الوقوع في هذه المشكلة؛ إذ إنَّ استغراب الطفل لجو المدرسة يُعَدُّ من أسباب رفضه الذهاب إلى المدرسة، ويكون ذلك عبر إخباره عن الصف الدراسي ودور المعلم والزملاء والنظام المدرسي وأوقات الدوام، وإخباره بأنَّ الأمهات لا يُسمَح لهن بدخول الصف الدراسي فهو مخصص للأطفال فقط.

رافقي طفلك في الأيام الأولى وانتظريه خارجاً إذا ما اقتضت الحاجة إلى ذلك وقصري فترة انتظارك تدريجياً، وإذا استطعت اصطحاب طفلك إلى المدرسة أو الحضانة وقت التسجيل لتعريفه إليها يكون ذلك أفضل من أجل تجهيزه لهذه المرحلة الانتقالية من حياته وتخفيف احتمالات رفض الذهاب إلى المدرسة.

3. قوِّي شخصية طفلك:

في الحالات التي يكون فيها ضعف شخصية الطفل وانطوائيته من أسباب رفضه الذهاب إلى المدرسة، فإنَّ الحل يكون في تقوية شخصيته وتشجيعه ورفع ثقته بنفسه، ويكون التعامل مع الطفل الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة بسبب الخجل عن طريق إعطائه بعض الحلوى والهدايا ليقدمها لرفاقه، وفي إشراكه في نشاطات اجتماعية تكسر الجليد في تعاملاته الاجتماعية.

هنا لا بد لنا أن نشير إلى أنَّ تقوية شخصية الطفل تبدأ أيضاً قبل المدرسة، فلا ينبغي على الأم أن تجيب عن الأسئلة الموجهة إليه من قِبل الأقرباء أو الطبيب، كما لا يجب عليها أن تحل مشكلاته وتستعيد حقوقه في مركز الألعاب وحدها ودون اشتراك منه.

4. امنحي طفلك الاهتمام اللازم:

إذا ما أردت التعامل مع الطفل الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة بسبب نقص شعوره بالاهتمام، فعليك أن تحرصي على تقديم الاهتمام له في جميع حالاته وليس في حالات المرض فقط، فدائماً ما يحرص الاختصاصيون على تذكير الوالدين بإغداق مشاعر الحب على أطفالهم بشكل غير مشروط وقضاء الوقت الخاص معهم بعيداً عن الشاشات والمشتتات وتقديم الأحضان والقبلات وعبارات الحب والتقبل لهم دون مناسبة؛ لأنَّ ذلك يمنحهم الإشباع العاطفي وشعوراً غامراً بالاحتواء والأمان، فلا يقومون بأيَّة سلوكات بدافع طلب الانتباه والاهتمام.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح ذهبية لتنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال

5. اهتمي بغذاء طفلك ونومه وترفيهه:

احرصي على أن يأخذ طفلك كفايته من النوم ليلاً عبر تنظيم روتين محدد للنوم في وقت مبكر؛ لأنَّ ذلك يجعله يستيقظ نشطاً في الصباح، واحرصي على تعليم أطفالك مهارة تنظيم الوقت وإدارة المهام من أجل تخصيص وقت للمرح والتسلية يرفه عنهم تعب الدراسة، واهتمي بتقديم الأطعمة الصحية لهم التي لا تسبب لهم الخمول والكسل، ومن ثمَّ انخفاض الطاقة ورفض الذهاب إلى المدرسة.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تضمن الحفاظ على صحة الطفل

6. ابني علاقة صحية آمنة مع طفلك:

من أجل التعامل مع الطفل الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة في المراحل الأولى، يجب الحرص على بناء علاقة صحية آمنة بين الأم وطفلها غير مبنية على التعلق قبل مرحلة الحضانة أو المدرسة؛ إذ يجب بناء ثقة مع الطفل تمكِّنه من تقبُّل غياب والدته عنه لعدد من الساعات ريثما تعود إلى إحضاره في وقت معين.

إذا ما أصر الطفل على بقاء أمه إلى جانبه يمكنها التدرج في البقاء إلى جانبه، فتمكث برفقته في اليوم الأول من الروضة لمدة ساعات عديدة، ثم تبدأ بإنقاص هذه الساعات مع التأكيد والالتزام بوقت معين تعود فيه إلى اصطحابه دون أي إجبار أو تسلل ودون أن تتركه يبكي في الروضة وحده، فتخفف بذلك وطأة مشاعر قلق الانفصال.

7. تحدَّثي عن مزايا المدرسة:

غالباً ما يتبنى الأطفال مواقف ذويهم تجاه الأشياء؛ لذا احرصي على ذكر مزايا الذهاب إلى المدرسة من اكتساب للعلم وشق الطريق نحو مهنة المستقبل والتعرف إلى الأصدقاء وغيرها بما يتلاءم مع سن طفلك؛ لأنَّ ذلك يسهل عليك التعامل مع الطفل الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة، فاحرصي على سؤال طفلك عن أفضل خمسة أشياء حدثت معه في المدرسة اليوم؛ لأنَّ ذلك يعلمه الامتنان ويلفت نظره نحو إيجابيات هذه المؤسسة فيُقبل عليها.

8. تواصلي مع الإدارة:

إنَّ التعامل مع الطفل الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة ليس مسؤولية الأسرة فقط؛ بل تتحمل إدارة المدرسة جزءاً من مسؤوليته، فلا تترددي في التواصل مع إدارة المدرسة من أجل التباحث في شأن طفلك وترغيبه بالمدرسة وحل مشكلاته إن وجدت.

في الختام:

أيتها الأم العزيزة نحن ندرك أنَّ رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة قد يكون مدعاة للقلق، ولكنَّ التعامل معه يتطلب الكثير من الهدوء والصبر، فهو من الموضوعات الحساسة التي يعطي التوتر والاستعجال فيها نتائج عكسية، فحاولي أن تعي أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة ثم خذي نفساً عميقاً وفكِّري بالحل المناسب ولا تترددي في طلب المساعدة من إدارة المدرسة ومتخصصيها أبداً.




مقالات مرتبطة