كيف تتعامل مع المتدربين غير المتعاونين؟

لحسن الحظ، أبلغَ المدربون عن حالات قليلة جداً اضطروا فيها إلى التعامل مع متدرِّبين غير متعاونين، ولكن قد يعترض المشاركون على ما تقوله، وهذا أمر جيد في الواقع؛ وذلك يعني أنَّهم يتفاعلون ويهتمون بما تخبرهم به؛ فاغتنم الفرصة لإثارة نقاش، واسأل المتدرِّبين الآخرين عن آرائهم حول هذا الموضوع: "ما رأيك فيما قاله فلان للتو؟"، وبهذه الطريقة تُحوِّل المناقشة إلى تبادل مثمر للأفكار بين زملاء العمل، بدلاً من حصر الحديث بينك وبين شخص معين.



إذا انحرفت المناقشة كثيراً عن المسار، فدوِّن ملاحظة على السبورة وتعهَّد بالعودة إلى المشكلة بعد انتهاء الجلسة إن تبقَّى لديك بعض الوقت. أما بالنسبة إلى الحالات التي يتعين عليك فيها التعامل مع متدرِّبين غير متعاونين نهائياً، فإليك بعض النصائح الناجعة التي جُمعَت من مدرِّبين ذوي خبرة:

1. لا تمنحهم أي فرصة:

صمِّم تدريبك للالتفاف على أي اعتراضات أو توقَّعها؛ بعبارة أخرى لا تقدِّم أي فرصة للمشاركين المُخرِّبين، يقول أحد المدرِّبين المخضرمين:

"في برامجنا التدريبية لخدمة العملاء عندما نتحدث عن أهمية الابتسامة، اعتدنا أحياناً سماع أحد المتشائمين يقول: "أنا أكره الأشخاص الذين يبتسمون ابتسامات مزيفة"، بالطبع، يؤثر هذا في تحويل مسار المحادثة إلى منطقة سلبية وغير منتجة، وكل ما فعلناه هو رواية قصة مفعمة بالمرح في وقت مبكر عن موظف تملأ وجهه علامات التذمر وتأثيرها في الناس، ثم نقول شيئاً مثل: "حتى لو تمكَّن هذا الشخص من رسم ابتسامة مزيفة، فهذا أفضل؟" إنَّها تدعو إلى الضحك، ولا أحد يعتقد بأنَّ الابتسامة المزيفة أسوأ من عُبوس حقيقي".

هناك استراتيجية أخرى تتمثَّل في تقديم محتوى الدورة على شكل نصيحة؛ لذا بدلاً من استخدام العبارات المطلقة مثل: "إذا واجهت هذا الموقف، فأنت بحاجة إلى اتباع هذا النهج"، ننصحك أن تقول: "لقد سمعنا أنَّ الموظفين في مواقف مماثلة حققوا نجاحاً كبيراً بهذه الطريقة، وحسب معرفتي، نجح هذا الأمر في معظم الأحيان".

إقرأ أيضاً: 10 سمات يتحلى بها المتعلمون الناجحون

2. خفِّف من حدة الموقف:

ادعُ إلى استراحة، وتحدَّث معهم على انفراد؛ فليس هناك حاجة لمنح الآخرين فرصة للتدخل، ناهيك عن التحيُّز، وبمجرد التحدث إلى "المذنبين" على انفراد، اسأل سؤالاً على غرار: "لدي انطباع أنَّك لم تستمتع بالجلسة، فما العيب فيها، وكيف يمكنني تحسينها؟".

بعبارة أخرى، حاول عدم تصعيد الأمور، وتعامل معهم بعقلية منفتحة.

3. تخلَّص من الخوف وعدم اليقين والشك:

يقاوم كثير من الناس التغيير بالفطرة؛ وذلك لأنَّه يؤدي إلى الخوف وعدم اليقين والشك، فإذا كان يُنظر إليك على أنَّك ممن يحبُّون التغيير؛ فذلك لأنَّ تدريبك يُحدث تغييراً في المنظمة على سبيل المثال، فقد يقاوم الموظفون أيضاً تدريبك، وربما يكون الحل هو إظهار كيف يمكنهم الاستفادة من التغييرات، وإن لم يكن هناك فوائد واضحة للموظفين، فقد يكون من المفيد على الأقل شرح الأسباب الكامنة وراء التغيير.

يُقدِّم أحد الكوتشز والمدرِّبين المحترفين الذين يستخدمون التكنولوجيا الحديثة استراتيجيةً للتعامل مع مقاومة التغيير، إذ يقول:

"لقد صمَّمتُ تدريبي والتسهيلات التي أُقدِّمها بحيث تحقق مزيداً من الارتباط بتجارب المتعلِّمين حتى يتمكَّنوا من ربط المادة بشيء مألوف، وباستخدام هذا النهج، أجد أنَّه يمكنني جذب انتباه المتعلِّمين بتعريفهم إلى التكنولوجيا أو مهمة من شأنها أن تجعل عملهم أسهل، فلا ينجح الأمر دائماً، لكنَّ الرد الشائع من المتعلِّمين هو أنَّهم يُدركون ارتباط التكنولوجيا بوظيفتهم، ولكنَّهم لا يستفيدون منها، ويُعَدُّ هذا الرد مقبولاً طالما أنَّهم توقفوا عن إثارة المشكلات".

من خلال شرح فوائد التغيير والأسباب الكامنة وراءه، فإنَّك تقلل من السبب المحتمل للسلوك التخريبي: الخوف وعدم اليقين والشك.

4. غيِّر الآليات المُحرِّكة للمجموعة:

إذا واجهت متدرِّباً مُخرِّباً، فحاول تغيير الآليات المُحرِّكة للمجموعة، وإحدى الطرائق البسيطة للقيام بذلك هي الطلب منه بلباقة الجلوس بجانب شخص آخر تعتقد أنَّه قادرٌ على لعب دور المنتور.

يشرح أحد الكوتشز والمدرِّبين الخبيرين ذلك فيقول ما يلي:

"كانت لي تجربة حديثة كان فيها المتدرِّب في الجلسة الأولى غير متعاون ومخرِّباً وغير مهتم على الإطلاق، ولكن في الجلسة الثانية جلس بجانبه مصادفة أحد أكثر المتدرِّبين حماساً في الصف وقد عمل كمُيَسِّر وتمكَّن من جذب اهتمامه من خلال إشراكه في مناقشات مختلفة، وقد ساعد العمل الجماعي في هذا الأمر أيضاً؛ لذا أقترح العثور على متدرِّب مستعد للعمل كمنتور؛ أي شخص حماسته مُعدِية؛ حيث إنَّها طريقة ناجحة حقاً".

لجمع المتدرِّبين المناسبين معاً في مجموعة واحدة؛ أي وضع المشاركين المُخرِّبين مع المشاركين الذين في إمكانهم أداء دور المنتور، يقدِّم أحد المدرِّبين اقتراحاً فيقول:

"اطلب من المشاركين أن يقولوا رقماً من 1 إلى 5. ضع مَن قالو الرقم 1 معاً ضمن مجموعةٍ واحدة، ومن قالوا الرقم 2 معاً ضمن مجموعةٍ واحدة، فالقليل من الرياضيات وبعض العمليات الحسابية يمكن أن تجمع المشاركين المطلوبين معاً، ومن ثم خُذ قسطاً من الراحة، ولا تبدأ على الفور؛ بل نظِّم عملية وضع الأشخاص الذين قالوا الرقم نفسه ضمن مجموعةٍ واحدة ثم استأنف الجلسة بنشاطٍ أو بعملية إعادة تجميع المتدرِّبين".

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب كيف تدير التدريب - الجزء الأول

5. اطرح نقاشاً جدلياً:

هناك طريقة أخرى لتصميم تدريبك بهدف تجنُّب السلوك التخريبي، وهي استنباط أسباب التدريب من المجموعة نفسها؛ حيث يوضِّح أحد المدرِّبين ذلك قائلاً:

"إحدى التقنيات التي يمكن أن تنجح هي استخدام النقاش الجدلي لتسليط الضوء على أهمية مهارة أو مبدأ معين، فعلى سبيل المثال، إذا كنتُ أُدرِّب مجموعة من موظفي الخدمة المدنية، فأتقمَّص دور المدافع عن قضيَّةٍ ما وأسأل المجموعة، "لماذا نهتم بخدمة العملاء؟ أعني، لا يبدو أنَّ عملاءنا سيستغنون عنا، فلماذا كل هذا العناء؟".

تستجيب عادةً المجموعة استجابةً جيدةً للغاية، وتُحدِّد جميع الأسباب التي تجعل خدمة العملاء هامة في أدوارها، وغالباً ما يكون لهذا تأثير في تهدئة الأشخاص غير المتفاعلين عندما يدركون أنَّ جميع أقرانهم في الصف جادُّون بشأن هذا الموضوع"، وما يفعله هذا، في الواقع، هو استخدام عنصر ضغط الأقران لصالحك.

كانت هذه بعض النصائح المفيدة التي يساعدك اتِّباعها على التعامل بذكاءٍ مع المتدرِّبين غير المتعاونين وتسيير الجلسة التدريبية بسلاسةٍ تامَّة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة