كيف تتعامل مع الرفض العائلي؟

قد يكون الرفض العائلي من أصعب الأمور التي يمكن أن يمر بها الشخص، فمن المفهوم التعرض لموجات من الأذى والحزن وهذه مشاعر لا تزول بين عشية وضحاها أبداً، وإذا كنت تكافح مع رفض الأسرة فاعلم أنَّك اتخذت خطوة أولى هامة للشفاء من خلال البحث عن طرائق للتكيف، فلديك الكثير مما يمكنك القيام به للتعامل مع الأمر وتقبُّل ما لا يمكنك تغييره.



وفي النهاية الخروج من العملية أقوى وأكثر مرونة من ذي قبل، لذلك لتعرف أكثر عن كيفية التعامل مع الرفض الأسري تابع معنا.

النصيحة الأولى، امنح نفسك الوقت الكافي لمعالجة مشاعرك:

اعترف بمشاعرك ولا تخف من البكاء، فقد يكون من الصعب النظر إلى مشاعر الحزن بصدق، لكن تجنُّب مشاعرك لن يجعلها تختفي أبداً، لذلك استمع للموسيقى الحزينة وابكِ وكن صريحاً مع نفسك بشأن ما تشعر به، واعلم أنَّ الرفض يؤلم بصرف النظر عن هويته، وعندما يتم رفضك من قِبل أحد أفراد الأسرة يمكن أن يكون الأمر أكثر سوءاً ومشاعر الحزن تكون أكثر تأججاً، واعلم أنَّ لا بأس من الاعتراف بأنَّك حزين، وقد يجعل هذا الاعتراف الطريق إلى السعادة أسهل في المستقبل.

حاول ألا تُسجن في مشاعرك لفترة طويلة فبعد الاستماع لبعض الأغاني الحزينة أوقف تشغيل الموسيقى واذهب في نزهة على الأقدام، فليس عليك أن تشعر بكل شيء دفعة واحدة لتجاوز هذا الأمر؛ بل عليك الخروج تدريجياً من حالة التعاسة.

على الرغم من صعوبة الأمر ذكِّر نفسك أنَّك لا تستطيع التحكم بسلوك عائلتك، لكن مع ذلك يمكنك التحكم بكيفية استجابتك له، فركز على نموك العاطفي للخروج من عملية الحزن والشعور بالمرونة، وحاول أن تتذكر أنَّ رفض عائلتك ليس مؤشراً على قيمتك الذاتية أبداً.

النصيحة الثانية، سجل مشاعرك على دفتر يوميات:

يمكن أن يمنحك تدوين مشاعرك بعض الوضوح، فقد تشعر بالكثير من الأشياء المختلفة تجاه رفض عائلتك، ومن ذلك الحزن والغضب والصدمة، لذلك استثمر مفكرة واستخدمها لتدوين ما تشعر به؛ إذ يستغرق الأمر بضع دقائق فقط كل يوم للمعالجة، وفي أثناء الكتابة نأمل أن تفهم مشاعرك بشكل أفضل.

استخدم المفكرة أيضاً لإعادة بناء ثقتك بنفسك بعد الرفض، فرفض الأسرة مؤلم، لكن لمنع ذلك من التأثير في قيمتك الذاتية اكتب في مفكرتك كل الأشياء التي تحبها في نفسك، وفي المرة القادمة التي تشعر فيها بالإحباط انظر إلى قائمتك وتأملها جيداً.

يمكن أن يساعدك التدوين أيضاً على التعرف إلى بعض نقاط الضعف، لذلك اقرأ مقالاتك القديمة ولاحظ الأيام التي شعرت فيها بالحزن بشكل خاص، وتعرَّف إلى الأشياء المشتركة بينهم جميعاً وانظر إلى التغييرات التي يمكنك إجراؤها لتجنب تلك النقاط.

النصيحة الثالثة، كرر قول الأمور الإيجابية عندما تشعر بالضعف:

ذكر نفسك أنَّك ستتجاوز هذا ويمكن أن تكون العبارات التحفيزية طريقة سهلة لكن ذات مغزى جيد لإخراج نفسك من مكان صعب للغاية في الحياة، لذلك استخدم عبارات مثل: "أنا أستحق الحب والاحترام" أو "أنا شخص موهوب وجميل" أو "أنا قوي ويمكنني تجاوز أي شيء"، حتى إذا كنت تكافح من أجل تصديقها في البداية فإنَّ قول هذه العبارات في رأسك أو بصوت عالٍ يمكن أن يشجعك على رؤية نفسك وموقفك في ضوء إيجابي.

تشمل التأكيدات الإيجابية الأخرى التي يمكنك استخدامها على سبيل المثال: "أنا قادر على القيام بأشياء عظيمة" أو "أستحق أن أعامل بشكل جيد" أو "أنا أحب نفسي".

شاهد بالفديو: 12 عبارة لتنمية التفكير الإيجابي داخلك

النصيحة الرابعة، قلل من التفكير السلبي قدر المستطاع:

لا تدع أفكاراً مثل "أنا شخص سيئ" أن تراودك كثيراً، فقد يكون من الصعب ألا تلوم نفسك على هذا النوع من الرفض، لكن حاول ألا تدع تلك الأفكار تسيطر عليك، ففي أي وقت تجد نفسك محبطاً أعد صياغة أفكارك من منظور أكثر إيجابية، وإذا كنت تعتقد شيئاً مثل "لن أكون سعيداً مرة أخرى" فاستبدله بشيء إيجابي آخر؛ لذلك حاول قول: "الأمر ليس سهلاً أبداً، ولكنَّني أدرك يقيناً أنَّني سأحصل على السعادة مرة ثانية في المستقبل القريب"، ويمكن أن يمنعك التفكير السلبي من العثور على السعادة لأنَّك تتوقف عن ملاحظة الأشياء الجيدة في الحياة.

النصيحة الخامسة، أعد صياغة الرفض الأسري على أنَّه فرصة جيدة:

أعد صياغة الرفض على أنَّه شيء إيجابي، فقد يكون من الأفضل لك ألا تكون في حياة عائلتك الآن، وهذا صحيح خاصةً إذا كنت قد تعرضت لإساءة عاطفية أو جسدية، ويمكن أن تترك هذه السلوكات آثاراً دائمة، وقد لا يكون من الآمن التسامح أو إعادة الاتصال، فإذا عانيت من ديناميكية أسرية سامة أو مسيئة في أثناء نشأتك فذكِّر نفسك أنَّك أكثر أماناً دونها في حياتك وانظر إلى رفضهم بوصفه فرصةً لإحاطة نفسك بأشخاص يجعلونك تشعر بالأمان والاحترام والحب.

النصيحة السادسة، ركز على الرعاية الذاتية:

اعتنِ بنفسك لتتعافى من الرفض، وتناول الأطعمة الصحية الغنية بالمغذيات واحصل أيضاً على قسط وافر من النوم من سبع إلى عشر ساعات كل ليلة حتى تشعر بالراحة والاستعداد لأخذ قسط كامل من الراحة كل يوم، وتمرن أيضاً على التخلص من التوتر والحفاظ على لياقة جسمك وقوَّته ومارس هوايات جديدة تثري حياتك.

على سبيل المثال العزف على آلة موسيقية أو الانضمام إلى نادٍ للكتاب أو ممارسة نوع من الرياضات الجيدة، فكل هذه الممارسات تجعلك تشعر أنَّ حياتك تسير في اتجاه إيجابي حتى لو كنت تتعامل مع ألم القطيعة الأسرية.

لكن لا بد من أن تنتبه إلى أنَّك يجب أن تحذر من اللجوء إلى المخدرات أو الكحول لتشعر بتحسن، فلن تساعدك هذه الأمور على الأمد الطويل ويمكن أن تجعلك تشعر بأنَّك أسوأ من ذي قبل بكثير وتصبح بذلك خطيراً وسيئاً.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لوضع خطة رعاية ذاتية خاصة

النصيحة السابعة، ابحث عن علاقات طيبة في مكان آخر:

لا يجب أن يكون الناس من لحمك ودمك ليكونوا أسرتك، لذلك كوِّن صداقات حميمة وابحث عن علاقات صحية وحنونة مع الشركاء الرومانسيين، واختر الأصدقاء والشركاء الذين يجعلونك تشعر بالأمان والعناية والحب، ويجب أن تحيط نفسك بأشخاص يجعلونك تشعر بالرضى عن نفسك وأن تكون معهم على طبيعتك ولا تحتاج إلى تبرير كل ما تفعله.

على سبيل المثال، اقضِ ليلة لمشاهدة فيلم مع الأصدقاء إذا كنت معتاداً على الاستمتاع بليالي مشاهدة الأفلام مع عائلتك، وادعُ أصدقاءك لتناول عشاء عائلي، ويمكنك أيضاً حتى قضاء الإجازات مع مجموعة من الأصدقاء المقربين بالنسبة إليك.

لتكوين صداقات جديدة حاول التطوع في مجتمعك أو الانضمام إلى نادٍ محلي للكتاب أو التواصل مع الآخرين عبر الإنترنت أو حضور بعض الندوات الثقافية والمشاركة في حوارات ثقافية.

النصيحة الثامنة، جد شخصاً ترتاح معه وتثق به ويمكنك أن تخبره عن مشاعرك:

اتصل بصديق أو اذهب إلى منزله للتحدث معه وأخبره بما تمر به واسأله عما إذا كان بإمكانك الحصول على مشورته في معالجة ما تشعر به معه؛ إذ يمكن أن يمنحك الصديق الجيد كلمات تدعمك كثيراً، وأن يذكرك بأنَّ لديك أشخاصاً يحبونك ويهتمون بك، وإذا كنت ما تزال بحاجة إلى مساعدة على معالجة ما تشعر به بعد التحدث مع أصدقائك أو لا تعرف شخصاً جيداً للتحدث معه فتحدث إلى متخصص بدلاً من ذلك؛ إذ يمكن للمعالج أو المستشار أن يعطيك استراتيجيات جميلة للتكيف يمكنها مساعدتك جيداً.

شاهد بالفديو: صفات الصديق الحقيقي

النصيحة التاسعة، ضع حداً في حال استمرت عائلتك بمعاملتك بشكل سيئ:

من الممكن أن تستمر عائلتك في التواصل معك في بعض الأحيان، فإذا عاملوك معاملة سيئة فأخبرهم أنَّ سلوكهم غير مقبول، وفي المرة القادمة التي يحبطونك فيها أخبرهم بما تشعر به، وقل شيئاً مثل: "يؤلمني عندما تتحدث معي بهذه الطريقة" أو "لا يمكنني مواصلة هذه المحادثة إذا كنت ستعاملني بهذه الطريقة"، وإذا لم يستجيبوا بتغيير في السلوك فقد يكون الوقت قد حان للحد من اتصالك بهم من أجل رفاهيتك العاطفية وراحتك النفسية.

إذا كانوا يجعلونك تشعر بعدم بالأمان أو أنَّك غير مرغوب بك كما أنت فلا بأس في إبعاد التواصل معهم عن الطاولة، فبقدر ما قد يكون الأمر مؤلماً فقد يكون عدم الاتصال هو أفضل قرار لسلامتك وصحتك العقلية، وليس عليك اتخاذ قرارك على الفور أبداً فإذا لم تكن متأكداً مما تشعر به فخذ بعض الوقت لمعرفة الحدود التي ستجعلك أكثر أماناً وسعادة.

إقرأ أيضاً: دافع عن حدودك الشخصية كي تستعيد السيطرة على حياتك

النصيحة العاشرة، اعرض مشاعرك على مستشار نفسي متخصص أو معالج:

يمكن أن يمنحك المستشار النفسي أو المعالج استراتيجيات محددة للتعافي، كما يمكن أن يعطيك منظوراً خارجياً وهو أمر قد لا يتمكن صديق العائلة الموثوق به من تقديمه، لذلك ابحث عن معالج أو مستشار في منطقتك، وابحث أيضاً عن مستشار متخصص في اغتراب الأسرة للعثور على شخص يمكنه توفير الأدوات لمعالجة ما تشعر به بشكل جيد.

أحياناً يستغرق الأمر بعض الوقت للعثور على المعالج أو المستشار المناسب، فإذا لم يكن المستشار النفسي أو المعالج الأول الذي اخترته جيداً فلا تقلق ولا تجعل الأمر يضعف من عزيمتك وثقتك، فبدلاً من ذلك حاول أن تجد مستشاراً نفسياً متخصصاً أو معالجاً آخر في منطقتك يمكن أن يكون مفيداً لك بشكل أفضل.

في الختام:

بعد أن فصَّلنا في أهم النصائح للتعامل مع الرفض الأسري، نرى أنَّ هذا النوع من الرفض ليس نهاية الحياة أبداً ويمكننا بالعزيمة والإصرار معالجة الأمر جيداً.




مقالات مرتبطة