كيف تتخلَّى عن شخص لا يناسبك؟

لا بُدّ أنَّ في حياتك شريكاً سابقاً ما زال يُلازم تفكيرك، أو صداقةً مؤذيةً تتمسَّك بها مع أنَّها تستنفد طاقتك، أو حتى أحد أفراد العائلة السامِّين، فما هو السبب الذي يجعلك عاجزاً عن التخلِّي عن شخصٍ ما، على الرَّغم من معرفتك أنَّه ليس مناسباً لك.



التمسُّك غريزة بشرية طبيعية، كما أنَّه عامل حاسم يمنعك من تحقيق أهدافك، لأنَّ عجزكَ عن المضي قدماً يُضرُّ بك في نهاية الأمر، ويمنعك من إظهار إمكاناتك الحقيقية.

لماذا التخلي صعب؟

لماذا تواجه صعوبة كبيرة في التخلي عن شخص تحبه؟ نحن نحب التمسك بالأشياء والمواقف والأشخاص على وجه الخصوص، لأنَّها تُلبي حاجتنا إلى اليقين، والذي يُعَدُّ من الحاجات البشرية الستة التي تقف خلف كل قرار نتخذه؛ إذ غالباً ما ينطوي التخلي عن العلاقة والمضي قُدماً على كثيرٍ من الحيرة، وحتى لو وصلت العلاقة إلى نهايتها، أو جعلت من أحد الطرفين أو كليهما تعيساً جداً، فما زال يوجد بعض اليقين، والذي يُعَدُّ أمراً مطمئناً.

قد تأخذ الماضي في بعض الأحيان بصفته مبرِّراً لقراراتك الحالية، ولهذا تفشل في التخلِّي، فالمواقف السابقة، كتعرُّضكَ للرفض من قبل عديد من رفاقك في المدرسة الثانوية أو الكلية مثلاً، قد تجعلك تتمسَّك بالشريك حتى لو لم يكن مناسباً لك، خشيةَ ألا تعثر على شخص غيره؛ إذ تُبرِّر لك تلك الذكريات كل شيء، وعندما تفشل في التخلِّي، تصبح جزءاً من "قصتكَ" وتعمل ضدك.

علامات تُشير إلى الفشل في المُضيِّ قدماً:

إنَّ التخلِّي عن شخص تحبُّه وأسَّستَ علاقةً عميقةً معه وشاركته حياتك، هو على الأرجح أحد أصعب الأمور التي سيتعيَّن عليك القيام بها، لهذا ينفصل كثير من الناس، لكنَّهم يجهلون حقاً كيفية تجاوز الأمر، فإذا كانت هذه الإشارات مألوفةً بالنسبة إليك، فقد تكون أحد هؤلاء الأشخاص:

  1. تُعيد التفكير فيما حصلَ في الماضي مراراً وتكراراً.
  2. تُفكِّر في الشخص باستمرار، أو يحدث ذلك في وقتٍ لا تفضِّله.
  3. تقضي كثيراً من الوقت تستعيد الذكريات أو تبحث عنها على وسائل التواصل الاجتماعي.
  4. تتطرَّق إليها كثيراً في أثناء الحديث مع الأصدقاء.
  5. هو أول شخص يخطر لك الاتصال به عندما تشعر بالإحباط.
  6. تُغيِّر بعض الأمور في حياتك أو مظهرك لاستعادته.
  7. تشعر بالقلق أو حتى بالغضب عندما تراه.
  8. تُلقي باللوم عليه أو ترغب في الانتقام ردَّاً على خطأ طفيف.

الاستغناء عن شخص تحبه ليس بالأمر السهل، لكنَّ التمسُّك به يحول بينك وبين إمكانية أن تحظى بعلاقة استثنائية، فلكي تُركِّز طاقتك على العيش بإيجابية وفاعلية، تحتاج أن تتعلَّم المُضي قُدماً، فهل أنت مستعد للتخلِّي عن العلاقات التي لا تعود عليك بالنفع؟

شاهد: 6 نصائح بسيطة لتجاوز علاقة الحب الفاشلة

كيف تتخلَّى عن شخصٍ ما؟

أن تُدرِك أنَّ عليك التخلِّي، وأن تقوم بذلك فعلياً، أمران مختلفان تماماً؛ إذ ستساعدك هذه النصائح أن تتعلم المضي قُدماً:

1. حدِّد الوقت المناسب للتخلي:

تكون معرفة الوقت المناسب للتخلِّي غالباً أصعب جزء في هذه العملية، لكنَّه أمر ضروري في كثير من الحالات، كي تنفتح أمامك الحياة التي تستحقها، وعلى الرَّغم من اختلاف العلاقات، يعتقد معظم الناس أنَّ الوقت قد حان لإنهاء العلاقة عندما تُسبِّب لهم ألماً يفوق السعادة التي تمنحها، أو تتزعزع الثقة إلى حدٍّ يصعُب معه إحياء الحُب؛ إذ يصبح قرار التخلي أمراً سهلاً عندما تكون متأكِّداً أنَّ الوقت قد حان، وأنَّ سعادتك المستقبلية مرهونة ببداية جديدة.

2. حدِّد المعتقدات المقيِّدة:

إذا كانت تخطر ببالك أفكار مثل: "لا يمكنني البقاء وحيداً"، أو "لن أجد شخصاً آخر يحبني"، فعليك أن تفهم أنَّها مجرد معتقدات مقيِّدة وليست حقائق، وفي حين أنَّ المعتقدات لديها القدرة على التأثير في عالمك، فأنتَ لديك القدرة على تغييرها.

لذا استبدلها بمعتقدات تبعث فيك القوة مثل: "أنا مستعد لما يخبئه الكون لي"، و"أحب نفسي وأستحقُّ الأفضل"، فقد تشعر بالسُّخف في البداية، لكن عندما تعتمد هذه الأفكار الإيجابية بوصفها جُزءاً من روتينك اليومي، سترى النتائج.

3. غيِّر قصتك:

قصتك هي ما تخبرها لنفسك لتبرير قراراتك، وتستند إلى معتقداتك المقيِّدة، فتُخبر نفسك على سبيل المثال بأنَّ فشلك في أن تحظى بعلاقة ناجحة يعود لطريقة نشأتك، فوالداكَ كانا يتجادلان أمامك طوال الوقت، ووصل بهما الأمر إلى الطلاق في النهاية.

لا تستطيع التخلِّي عن الاعتقاد بأنَّ جميع العلاقات مصيرها الفشل، ولهذا تفشل في الحفاظ على علاقة عاطفية صحية، وتستخدم هذه التجربة السابقة لتبرير ما وصلت إليه حياتك، لكن في إمكانك تغيير قصتك، بحيث يمنحك ماضيكَ القوة بدلاً من أن يعوقك، فلن يكون مستقبلكَ محكوماً بماضيك، إلا إذا كنت تعيش فيه.

4. توقَّف عن إلقاء اللوم:

لا يعني التخلِّي عن شخصٍ تحبه أنَّ عليك إنكار الحقيقة، لكن لا تدعها تؤثر في مسار حياتك الحالي؛ وذلك لأنَّ من طبيعة النفس البشرية توجيهَ أصابع الاتهام إلى شخص آخر أو حادثة سابقة بدلاً من لوم النفس، ولهذا تلوم شريكك على نهاية العلاقة، أو شخصاً آخر على أمرٍ فظيع حدث لك، لكن حتى لو كانت الحقائق مُروِّعةً أو مُحزنة، لا يجب أن تدعَ التجارب السيئة تُملي عليك مستقبلك، وبدلاً من ذلك استخدمها بوصفها أداةً تدفعك للتعلُّم والنمو، لتحظى بعلاقة صحية مع شخص آخر.

5. تعلَّم التسامح:

لا يجب أن يكون الانفصال تجربةً مليئةً بالغضب أو إطلاق الأحكام، فعندما تدرك أنَّ هذا الشخص يعوق نموك أو تحقيق أحلامك، يمكنك أن تُسامحه وتُسامح نفسك كذلك عن أي ألم قد يسبِّبه الانفصال، وتتمنَّى له التوفيق في المستقبل، وذكِّر نفسك أنَّ عليك التخلِّي عن علاقتك القديمة، لإفساح المجال لعلاقةٍ جديدةٍ وصحية؛ إذ يمنحك التسامح فرصةً للنمو، وترقُّب ما تُخبِّئه الأيام القادمة.

6. تحكَّم بعواطفك:

من الشائع الشعور بكمٍّ هائلٍ من الغضب والاستياء عند انتهاء العلاقة، خاصةً إذا لم تكن الشخص الذي قرر إنهاءَها، فقد تشعر في البداية بأنَّه يحقُّ لك ذلك، كما لو أنَّ الغضب يساعدك على المضي قُدماً، لكنَّك تُدرك بعد فترة أنَّه يُضرُّ بصحتك، وأنَّك لا تعرف كيف تتخلَّى عن شخص تحبه، وتمضي قُدماً في حياتك.

فقد تؤثر المشاعر السلبية في صحتك العاطفية والجسدية، حتى إنَّ الغضب مرتبط بأمراض القلب، وستؤثر في علاقاتك المستقبلية، فإنَّ إدراك ضررِ هذا السلوك على صحتك هو الخطوة الأولى في عملية التخلي، فإذا كنت تبحث عن إجابةٍ عن كيفية المضي قُدماً، فأنت بالفعل على الطريق الصحيح، وفي أثناء تعلُّم ذلك ستتعلَّم كيف تتحكَّم بعواطفك أيضاً.

7. أظهِر التعاطف:

إنَّ الخروج من علاقة جلبت لك السعادة أمر صعب جداً، فعندما تتخلَّى عن شخص ما من المفيد أن تُفكِّر في الطرف الآخر وترى الموقف من وجهة نظره؛ لذا، تعامل معه بنفس الرأفة والتعاطف كما حصل عندما كنتما سُعداء معاً، فقد يكون شريكك السابق قد آذاك بالفعل، لكنَّه على الأرجح لم يفعل ذلك بدافع الحقد، ربما شعر أنَّ هذه العلاقة لم تعد تُلبِّي حاجاته، وقرَّر القيام بما هو مناسب لتحسين حالته العاطفية.

شاهد أيضاً: 7 أنواع من الأصدقاء ابتعد عنهم تماماً

8. مارِس الامتنان:

يقول "توني روبنز" (Tony Robbins): "عندما تكون ممتناً، يختفي الخوف وتظهر الوفرة"، وهذا هو السبب في أنَّ الامتنان هو ترياقٌ للحزن والقلق الذي تشعر به عندما تتخلَّى عن شخص ما.

لذا، تخلَّ عن توقعاتك، وركِّز على الشعور بالامتنان لما تقاسمته مع شريكك ذات مرة؛ سيساعدك هذا التغيير على أن تُدرك أنَّ الحياة معك وليست عليك، فعندما تكون قادراً على تعلُّم الدرس من كل تجربة، والشعور بالامتنان لما حصل، ستخفِّف من الغضب الذي تشعر به تجاه الطرف الآخر، وتُقدِّر ما كسبته من العلاقة بدلاً من ذلك.

9. تحدَّث إلى شخص تثق به:

إنَّ كبتَ مشاعرك يُبقيك عالقاً، وقد يتحوَّل في النهاية إلى قلق، أو حتى يتطوَّر إلى اكتئاب؛ لذا تحدَّث إلى صديق داعم أو أحد أفراد الأسرة أو معالج نفسي عما تشعر به، ودعهم يساندوك في وقت الحاجة، كما قد يُساعدك التحدث إلى شخص تثق به على أن تُدرك بأنَّك في علاقة غير صحية، ويثنيكَ عن العودة إلى ذلك الشخص، وبمجرد أن تلتزم بالتخلي عن شخصٍ ما ستكتشف أنَّ ثمة لحظات ومواقف أخرى يمكنك تخطِّيها كذلك.

10. ابتعد عن وسائل التواصل الاجتماعي:

يُصبح التخلِّي عن شخص تحبه أكثر صعوبةً عندما تُذكَّر به باستمرار، ومع أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تساعدك على البقاء على تواصل مع الأصدقاء والعائلة، فإنَّها آخر ما تحتاج إليه حين تكون في مرحلة انفصال، فالابتعادُ عن وسائل التواصل الاجتماعي في أثناء التعافي يحول دون رؤية الصور أو المنشورات لشريكك السابق، أو صورٍ لأزواج سُعداء آخرين، وهذا قد يزيد وضعك سوءاً.

11. اعتنِ بنفسك:

يمكن أن تكون عملية التخلي عن العلاقة والمُضي قُدماً مرهقةً ومُوحشة، وهذا ليس الوقت المناسب لتلومَ نفسك أو تتجاهل احتياجاتك، فعندما تهتمُّ بنفسك وتمنحها الحُب، ستتعافى تماماً، وقد تُصبح أكثر صحةً ممَّا كنت عليه قبلها؛ لذا جرِّب الحصول على جلسة تدليك، أو القيام بأيِّ نشاطات أخرى للاسترخاء، ومارس الهوايات التي تستمتع بها، وركِّز على الشعور بالرضى عن الذات دون الحاجة إلى أن تكون في علاقة.

12. اشغِل نفسك:

مُلازمة السرير طوال اليوم وتجنُّب الأصدقاء والأحباء، تجعل التخلي والمُضي قُدماً أمراً صعباً جداً؛ لذا ابدأ يومك بطقوس صباحية تبعث فيك القوة، كممارسة التهيئة، أو التأمل، أو اليوغا، أو كتابة اليوميات، وانهض من سريرك وشارك بها، انضم إلى مجموعات، أو تطوَّع في مشروع جديد في العمل، أو قابل صديقك لتناول المشروبات أو طعام الغداء؛ إذ سيُلهيك الانشغال عن التفكير في موضوع الانفصال، ويساعد جروحك على الالتئام.

إقرأ أيضاً: العلاقات المؤذية: أنواعها، وطرق الوقاية والشفاء منها

13. خُذ الوقت الكافي للشفاء:

إنَّ التخلِّي عن شخص تحبه يتم على مراحل، فلن تتعلَّم كيفية القيام بذلك بين عشية وضحاها، خاصةً إذا كنت قد أمضيت حياتك في التمسُّك بأشياء تحبها، وأنت تُدرك في أعماق نفسك أنَّها لا تُناسبك؛ إذ سيساعدك التركيز في المضيِّ قُدماً والبدء من جديد، على التعامل مع الألم الحتمي لمرحلة ما بعد الانفصال، والتوقف عن لوم نفسك، وتطوير معتقدات تمنحك القوة والالتزام بها، والمُضيِّ قُدماً بقلب مفتوح.

لكن حتى إذا كنت تعرف كيفية التخلي عن شخص تحبه، وتتبع كل الخطوات اللازمة، فلا تتوقع أن تشعر بتحسنٍ على الفور، فالحزنُ أمر طبيعي، ويجب أن تمنح نفسك الوقت الكافي لتختبر هذه المشاعر.

لذا، عامل نفسكَ برأفة، ولا تسمح لأي شخص أن يُشعرك بالذنب لأنَّك لم تتجاوز الأمر، وحتى إن كنت لا ترغب في اعتزال الناس، خذ بعض الوقت بعيداً عن المناسبات الاجتماعية إذا شعرت بالحاجة إلى ذلك، ولا تقبل الخروج في موعد حتى تشعر أنَّك مستعد لذلك حقاً، فأولئك الذين لا يمنحون أنفسهم الوقت الكافي، غالباً ما ينتهي بهم الأمر بعلاقات عابرة قد تكون غير صحية، أو تُؤخِّر عملية الشفاء أكثر.

إقرأ أيضاً: العلاقات السامة: تعريفها، وعلاماتها، وطرق التعامل مع الشخصية السامة

تعلَّم التخلِّي والمُضي قُدماً:

تذكّر أنَّ رفضك التخلي عن شخص تهتمُّ لأمره لن يعيده إليك، وأنَّ الإصرار على التمسُّك به يُضر بحالتك العاطفية والجسدية، ويمنعك من الاستمتاع بالحياة استمتاعاً كاملاً، فاحتضِن الحياة وعِش اللحظة، واعلم أنَّ الحيرة قد تكون أمراً جيداً إذا نظرتَ إليها من المنظور الصحيح.

في الختام:

إنَّ مفتاح التخلي عن شخص تحبه هو أن تواجه ما حدث، وتتقبَّل أنَّك عاجز عن تغييره، وتمضي قُدماً بعدئذٍ، فبمجرد أن تكون قادراً على فعل ذلك، وتُقدِّر النمو الذي نتج عن العلاقة، ستحظى بفُرصٍ أفضل، وستكون قد تعلَّمت كيف تتخلَّى عن شخص تحبه بنجاح، وتبدأ حياةً جديدة.

المصدر




مقالات مرتبطة