كيف تتحدث في العمل دون أن تكون مسيئاً؟

إنَّ امتلاك القدرة والثقة للتحدث في العمل أمر في غاية الأهمية لأسباب عديدة؛ فهذا هام على المستوى الشخصي لكونه قد يؤثر إيجاباً أو سلباً في حياتك المهنية؛ ففي حال نُفِّذ بطريقة صحيحة، سيكون تأثيره معززاً للسعادة في حياتك المهنية ومكان عملك؛ وعلى النقيض من ذلك، سيكون تأثيره سلبياً للغاية في حياتك المهنية وفيمن حولك في حال نُفِّذ بطريقة غير لائقة.



قد يكون لامتلاك القدرة على التحدث في العمل على المستوى العام تأثير مُنتِج للغاية، وقد يُقدِّم أموراً رائعة لفريق عملك والمؤسسة ككل؛ في حين سيكون لكلامك في الوقت أو المكان الخطأ تأثير سلبي في تنفيذ العمل، وقد يخلق فجوة بينك وبين زملائك؛ لذا لنلق نظرة على كيفية التحدث في العمل دون أن تكون عدوانياً أو مسيئاً.

متى وأين تتحدث؟

إنَّه لمن المؤكد أنَّنا قد نمر بأوقات وظروف يجب علينا التحدث فيها في العمل، وأخرى لا يجب التحدُّث فيها؛ فلنلقِ إذاً نظرة على بعض الاقتراحات التي تكون فيها الظروف مواتية للتحدث:

1. المواقف:

تقول القاعدة العامة أنَّه إذا كان الموقف يتعلق بك، فمن الجيد أن تتحدث؛ لكن إذا كان الموقف لا يعنيك، فمن الأفضل عدم مشاركة رأيك.

قد يكون مناسباً أن تطرح أفكارك المتعلقة بخطة عمل سيعتمدها فريقك لاحقاً حينما يقدم الجميع آراءهم خلال اجتماع مراجعة لتقييم المنتجات وتقديم التغذيات الراجعة حول العمل؛ ولكن ليس من المناسب أن تدلي برأيك حين يكون أحد زملائك يُحدِّث زميلاً آخر عن إحباطه واستيائه بسبب اضطراره إلى العمل مع شخص آخر في قسم آخر؛ فمشاركتك هنا ليست محل تقدير، ولا تُعدُّ هامة؛ إذ لا صلة لك بالموضوع.

2. الأسباب:

الطريقة الأفضل لاتخاذ قرار يتعلق بما إذا كنت ترغب في التحدث أم لا هي سؤال نفسك: "هل سيحدث شيء إيجابي أو جيد إذا قررت إبداء رأيي؟"؛ فإذا كانت الإجابة بـ "نعم"، فتحدث حينئذٍ دون تردد؛ وفي حال لم تجد سبباً مقنعاً يدفعك إلى التحدث، فاحرص على التفكير ملياً قبل أن تنطق بأي شيء.

إذا كان موضوع النقاش يتمحور حول خطة عمل تهمك وتهم فريقك، فلا بد من التحدث ومشاركة أفكارك؛ ذلك لأنَّ رأيك سيكون مطلوباً لصالح عمل الفريق، ويعدُّ هذا سبباً وجيهاً لقول ما تفكر فيه.

لنفكر في موقف آخر، ولنفترض مثلاً أنَّ زميل عمل لك قد بدأ بالثرثرة عن زميل عمل آخر. لا يوجد سبب يدفع هذا الشخص إلى الثرثرة عن زميل آخر، كما لا يوجد مسوغ للخوض في هذا، وليس من المحتمل أن ينتج شيء جيد أو إيجابي من الحديث في هذه الحالة.

إقرأ أيضاً: كيف تحسّن حالتك المزاجية خلال التواجد في العمل

3. الطريقة:

ستصنع الطريقة التي تتحدث بها فارقاً أيضاً؛ فعادة ما ينعكس حديثك إيجاباً إذا شاركت رأيك بطريقة واضحة وإيجابية، ويصح هذا في جميع المواقف، بدءاً من مقابلة شخصية مع رئيسك في العمل إلى مخاطبة مجموعة كبيرة من الناس؛ لذا احرص على تحضير نفسك والتواصل بطريقة واضحة.

من ناحية أخرى، أنت لا تقدم الكثير إذا كنت تغمغم ولا تستطيع التواصل بطريقة واضحة، كما أنَّ الناس الذين يحاولون الإنصات إليك لن يكونوا قادرين على سماعك جيداً أو لن يتمكنوا من فهم ما تقوله؛ ممَّا سيُضِر بمسيرتك المهنية ويجعل الموقف في العمل أكثر تشويشاً.

كيف تتحدث في العمل دون أن تكون مسيئاً؟

1. كن واضحاً:

هذا هو المفتاح للتحدث دون أن تكون مسيئاً؛ فما عليك سوى أن تجعل رأيك محدداً أو أن تطلب ما تريد بطريقة واضحة ومباشرة دون أن تهين الشخص الآخر.

لا تغيِّر نبرتك ولا ترفع صوتك، بل استمر بالتحدث بصوتك العادي؛ ولا تحاول التلاعب عاطفياً بالشخص الآخر، بل قل رأيك بطريقة واضحة وموجزة فحسب.

إقرأ أيضاً: 10 عبارات لا تستخدمها أثناء حديثك مع الآخرين

2. ابقَ هادئاً ومركِّزاً:

قد تحتدم المحادثة أحياناً عندما نبدي آراءنا نتيجة اختلاف الآراء وطرائق القيام بالأشياء، ممَّا قد يسبب خلافاً بين الحاضرين؛ فقد تظن أنَّه يجب القيام بشيء ما بطريقة معينة، بينما لا يتفق معك شخص آخر في ذلك.

إذا كنت شغوفاً بالموضوع، فقد تتحول المحادثة إلى مناقشة مفعمة بالحيوية؛ وعندما يحدث هذا، خذ نفساً عميقاً، وتوقَّف قليلاً لتهدئة نفسك؛ ذلك لأنَّ إكمال النقاش وأنت متوتر يؤدي إلى قولك أشياء قد تندم عليها لاحقاً.

شاهد بالفديو: 6 طرق هامة لإتقان فن الحديث

3. كُن مستعداً:

يشعر جميعنا بثقة أكبر عندما نعرف أنَّنا مستعدون لشيء ما؛ ويصحُّ هذا في مجال العمل أيضاً، سواء كان ذلك خلال اجتماع أم عند طلب زيادة في الأجر.

كن مُستعداً إذا كنت تريد أن تطلب زيادة أجر، ولن تكون دفاعياً أو عدوانياً حين تلاقي رفضاً؛ فإذا أتيت وأنت مستعد، فستتمكن من توضيح الأسباب الرئيسة التي تجعلك تستحق أن تنال العلاوة، كأن تشير ربَّما إلى الأموال التي وفرتها على ميزانية الشركة أو الأعمال الجيدة التي قدمتها للشركة.

حضِّر نفسك، وستكون على أهبة الاستعداد للتحدث في العمل دون أن تكون مسيئاً.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتكون سعيداً في العمل

4. استخدم لغة جسدك جيداً:

احرص على استخدام لغة جسد إيجابية عندما يحين الوقت لتكون حازماً وتقول ما تريد القيام به، وحافظ على وضعية مستقيمة، واستخدم لغة جسد منفتحة، وانظر في عيون الناس مباشرة، ولا تضغط على فكك أو تشد عضلات وجهك، وابتسم من وقت إلى آخر؛ إذ قد يساعدك ذلك على أن تكون حازماً وواضحاً.

عندما تستخدم لغة جسد سيئة، كأن تصالب ذراعيك أو تعبس أو تتحدث بصوت عالٍ وقوي أو تميل كثيراً أو تشير بإصبعك؛ فسينمُّ هذا عن أسلوب عدواني وهجومي.

إقرأ أيضاً: تنمية مهارة التحدث

5. لا تتردد بقول "لا":

سيساعدك امتلاك القدرة على الرفض على التحدث في العمل دون أن تكون مسيئاً؛ فأحياناً يكون مَن تتعامل معه يحب تحميل شخص ما عبئاً إضافياً لمجرد أنَّ الشخص الآخر لا يرفض ذلك، ويمكن لهذا أن يؤدي إلى الاستياء والغضب، وترك العمل، والبحث عن وظيفة جديدة.

يقوم جميعنا أحياناً بعمل إضافي عندما تكثر الأعمال؛ لكن إذا كنت تقوم باستمرار بأكثر من حصتك العادلة في العمل، فلا تتردد برفض ذلك.

مثلاً: قد يُطلَب منك تولِّي القيام بمشروع جديد، وسيكون عليك ذلك لكونك عضواً في فريق العمل؛ لكن إذا طُلِب منك تولي مشروع آخر خلال مدة قصيرة، فعليك ببساطة أن ترفض؛ ذلك لأنَّك لا تمتلك ما يكفي من الوقت لتمنح المشروع ما يستحقه، وسيؤثر هذا في نتائجك.

شاهد بالفديو: 7 نصائح فعالة تعلّمنا كيف نقول لا

6. قدِّم نقداً بنَّاء:

لا بأس من تقديم النقد البنَّاء إذا كان يحق لك ذلك، فقد لا يكون الجميع منفتحين على تلقي النقد؛ ولكن إذا استطعت إخبار شخص ما حول كيفية تحسين شيء ما بطريقة إيجابية، فقد يصغي إليك، وقد يكون من الأفضل أن يشترك الطرفان في هذه المحادثة.

إذا كنت ترغب في حمل شخص على الشعور بالتحسن، وكنت تشعر بأنَّه يتقبل النقد البناء، فقدِّم نقدك هذا شريطة أن يكون بنَّاء؛ وإذا كنت من الأشخاص الذين يحبون النقد لمجرد النقد، فقد يُعِدُّ الآخرون هذا التصرف مسيئاً لهم.

7. افسح مجالاً للآخرين ليتحدثوا:

آخر شيء عليك تذكره هو إفساح مجال للآخرين ليتحدثوا أيضاً، إذ إنَّ للجميع الحق بالتحدث ومشاركة آرائهم؛ كما سيكون من الهام أن تكون حازماً وتجعل صوتك مسموعاً في العمل لتحصل على ما تريده وتحتاجه.

ما نحاول قوله هنا هو أن تحرص على السماح للآخرين بالتحدث حتى لا تكون مسيئاً؛ إذ إنَّ رأيك هام بالطبع، ويجب أن تحرص على أن يكون مسموعاً؛ لكن من الهام أيضاً إعطاء الآخرين فرصة التحدث في العمل؛ فالإصغاء هو أساس التواصل.

إقرأ أيضاً: المرح في العمل، أهميته، فوائده، طرق الاستمتاع به

الخلاصة:

لقد سلطنا الضوء في هذا المقال على كيفية التحدث في العمل دون أن نكون مسيئين؛ وكما رأيت، فمن الهام أن تكون حازماً في العمل عند الحاجة إلى أن تطرح رأيك، والتحدث عن رغباتك واحتياجاتك.

يمكنك تحديد موقفك والحصول على ما تحتاجه في العمل وفي حياتك المهنية بطريقة تنجح جيداً بالنسبة إليك وإلى الأشخاص الذين تعمل معهم؛ ويمكنك القيام بهذا بطريقة حازمة دون أن تكون مسيئاً لأحد.

 

المصدر




مقالات مرتبطة