كيف تبني منظمة تتسم بالمرونة؟

إنَّ التغيير والاضطرابات ليست بالأمور الغريبة بالنسبة إلى القادة في أيامنا هذه، ففي عام 2020 وحده، كانت هناك أمثلة لا حصر لها عن الشركات التي تحتاج إلى تغيير وتكييف استراتيجياتها وتقدير المقترحات والعروض، للتعامل مع الصعوبات التي تواجه أسواقها الحالية والمستهدفة، وتحتاج ذلك في أثناء تشكيل مؤسساتها لتكون قادرة على الاستجابة وإنجاز المهام.



يتطلب بناء منظمة مرنة فِرَقاً جماعية من الأفراد الذين لديهم هدف مشترك، ويتمتعون بالانفتاح ويستجيبون للتحديات الموضوعة أمامهم، ويعملون بلا كلل بالرغم مما يواجههم من غموض وحيرة.

ما الذي يحدد المنظمة المرنة؟

يستغرق بناء المرونة في المنظمة الوقت، وبينما يمكِن تطوير الإجراءات والسلوكات تحسباً للأزمات والاضطرابات، تَحدث بعض أفضل التطورات خلال أوقات الشدائد والتغيير غير المخطط له.

تُعرَّف المرونة التنظيمية بأنَّها القدرة الديناميكية للأفراد داخل المنظمة من أجل:

  • الحفاظ على البيئة.
  • الاستجابة بصورةٍ مثمرة للتغيير المستمر والشدائد والاضطرابات.
  • التكيف بشكلٍ إيجابي والتعلُّم من التجارب من أجل الارتقاء بالأداء لمستويات أعلى على الأمد الطويل.
إقرأ أيضاً: إطار عمل "مكنزي": تأكَّد من أن تعمل جميع أجزاء منظمتك بانسجام

3 خطوات لبناء منظمة مرنة:

لجعل مؤسستك أكثر مرونةً، اتَّبِع هذه الخطوات التكرارية الثلاث كممارسة عمل معيارية:

  1. التنبؤ: أي؛ استكشاف ما يَحدث في بيئة العمل والاستعداد للتصرف وفقاً للتحديات والفرص.
  2. التكيف: استقطاب الأعمال وتطبيقها بشكلٍ جماعي من خلال تمكين المنظمة عبر العمل والتعاون بطرائق جديدة ومختلفة.
  3. التقييم: أي المراجعة والتفكير بمدى التقدم المُحرز من أجل التعلم الجماعي والتطور وبناء الإمكانات.

شاهد بالفيديو: 6 مهارات أساسية للقائد الاستراتيجي

6 مؤهِّلات رئيسة للمنظمة المرنة:

تصبح خطوات بناء منظمة مرنة أكثر فاعلية عند تنفيذها بالمؤهِّلات الرئيسة الستة التالية:

1. الغاية والمعنى:

جعل الواقع الحالي ذو معنىً واستلهام هدف متجدد، فهذا هام بشكلٍ خاص في خطوة التنبؤ، من أجل فحص كل ما يَحدث في الوقت الحالي والمستقبلي للتعامل مع الفرص المستجدة.

2. التمكين:

توزيع وتمكين الصلاحيات والمساءلة لاتخاذ القرار؛ فالقيادة مضطرة إلى تحديد الأهداف والأدوار بوضوح، إلى جانب توفير الموارد اللازمة للفِرَق من أجل التأقلم مع الاتجاه الجديد.

3. الروابط الاجتماعية:

بناء شبكة علاقات قوية مبنية على الثقة والدعم المتبادل، وهي قدرة أساسية للتكيف بشكلٍ فاعل، فضلاً عن كونها ضرورية للتعلم الجماعي (التقييم)، ومع زيادة التعاون وتبادل المعلومات، تصبح هذه الروابط حجر الأساس للمنظمة المرنة.

4. الذكاء العاطفي:

وهو التعرف إلى المشاعر وإدارتها والتعبير عنها بطريقة بنَّاءة، وتُعَدُّ ثقافة المؤسسة عادةً كفاءةً فردية، وتَعكس ثقافة المؤسسة من خلال قيادتها، وذكائها العاطفي الجماعي؛ بالتالي، ما يُمكِّن الفِرَق من التأقلم والتكيف بشكلٍ أفضل؛ هو قدرة أولئك الذين يقودون المنظمة على ضبط عواطفهم وإبقائها تحت السيطرة، بالإضافة إلى إظهار التعاطف مع ما يختبره موظفوهم.

5. توجيه التعلم:

التفكير في الخبرات وتطبيق ذلك على التحديات الجديدة، فعندما تُقدِّم القيادة مثالاً على السعي بشكلٍ روتيني للحصول على تغذية راجعة بنَّاءة لما ينجح وما لا ينجح، وتتصرف بناءً على هذه التغذيات الراجعة، فإنَّها تُمكِّن المؤسسة من التقييم الجماعي ومواصلة التعلُّم على نحوٍ مستمر.

6. الابتكار:

إيجاد وتطبيق حلول مبتكرة لمواجهة التحديات، حيث تتطلب هذه القدرة الهامة في كل خطوة من خطوات بناء المرونة التنظيمية من القائد تحدي وتمكين ومكافأة فِرَقهم على الابتكار وحل المشكلات بطرائق جديدة.

عندما يعزز القادة المرونة في هذه المجالات، تصبح المنظمة أقوى وأوسع حيلة وقادرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، كما تعزز هذه المرونة الجماعية أيضاً المرونة الفردية، مما يُظهِر إلى كل عضو في المنظمة أهمية دمج الممارسات التي تحافظ على مشاركتهم وتحفيزهم، والقدرة على بذل أقصى طاقتهم داخل العمل وخارجه.

بل ويدعم بعض القادة موظفيهم من خلال إتاحة الوصول إلى برامج المرونة عبر الإنترنت لتعزيز المرونة الفردية؛ وبالتالي، المساعدة في تعزيز وبناء منظمة أكثر قدرة على التغيير وأكثر مرونة.

إقرأ أيضاً: دروسٌ من فيروس كورونا: نحن أكثر مرونةً ممَّا نشعر به

إليك أفضل الممارسات لبناء منظمات مرنة:

إليك فيما يلي أفضل الممارسات المقترحة لبناء المرونة التنظيمية من خلال القيادة الجماعية:

1. مشاركة فريق قيادتك في تكوين الحس الجماعي باستمرار:

تقييم كل من المخاطر والفرص لكل موقف، وتحديد مكامن القوة للاستفادة منها من أجل تطوير مواطن الضعف، كما يمكِن تعزيز تحليل سوات (SWOT) القياسي (وهو أسلوب تخطيط استراتيجي يُستخدَم لمساعدة شخص أو مؤسسة ما على تحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات المتعلقة بالمنافسة التجارية أو تخطيط المشروع) من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:

  • هل التحديات التي تواجهها مألوفة؟
  • ما هي الأمور التي تتحداك بطرائق ليس لديك خبرة فيها؟
  • كيف تعمل هذه التحديات على تعزيز المخاطر؟
  • كيف تُقدِّم هذه التحديات فرصاً جديدة؟

2. تقييم التوجيه والمواءمة والالتزام بشكلٍ دوري لتحقيق هدف ومعنى أكبر:

بالإضافة إلى المساهمة في توجيه التعلم، وفيما يلي بعض الأمثلة على الأسئلة التي يمكِنك تجربتها:

  • التوجيه: إلى أي درجة لديكم أهداف جماعية توجِّه قراراتكم الرئيسة؟ وما هي هذه الأهداف؟ وكيف يمكِنكم أن تكونوا أكثر وضوحاً؟
  • المواءمة: إلى أي درجة يتلاءم عملكم المشترك معاً؟ وهل يمكِنكم تقديم أمثلة عن ذلك؟ وكيف يمكِنكم أن تصبحوا أفضل؟
  • الالتزام: إلى أي درجة يمكِن جعل نجاح الكل أولوية؟ وإلى أي مدى يكون الأفراد على استعداد "للتضحية من أجل الفريق" إذا كان ذلك مفيداً للمؤسسة على نطاقٍ أوسع؟

3. إيجاد حل للمشكلات واتخاذ القرارات بشكل استراتيجي بأدنى مستوىً ممكن:

وذلك من خلال تشجيع الفِرَق النشيطة على التركيز في الفرص المحددة من خلال فترات زمنية محددة من العمل المُركَّز، حيث يَخلق إطلاق العنان لإبداع الأفراد وتكليفهم بمَهمة إيجاد حلول جديدة لتحديات الأعمال ثقافة الابتكار، فضلاً عن تعزيز الروابط الاجتماعية.

كما يُمثِّل "تحديد التعاطف" إحدى الطرائق الرائعة للبدء في إشراك الفِرَق في عمل المؤسسات، وهو وسيلة لتحديث فهم احتياجات أصحاب المصلحة الصريحة والضمنية، كذلك يجب تصميم الأسئلة بحيث تكون شاملة بطبيعتها وتتحدى الفريق لتعديل تصوراتهم حول واقع أصحاب المصلحة بالأمر، ويمكِن استخدامها لتوليد الأفكار من أجل حل المشكلات للعملاء والزبائن والشركاء الداخليين وعموم الموظفين وما إلى ذلك.

هناك ميزة إضافية لهذه العملية: من خلال إعادة صياغة المشكلات من وجهة نظر أصحاب المصلحة بالأمر، حيث يعمل الفريق بشكلٍ جماعي على بناء الوعي، مما يساهم في تمكين الذكاء العاطفي.

4. زيادة الجهود لإجراء تمارين التفكير والتعلُّم بشكل روتيني في المراحل الهامة:

فمن المفيد أخذ وقت مستقطع لاستكشاف تأثير القرارات والإجراءات، والسعي إلى الحصول على تغذيات راجعة حول ما هو ناجح وغير ناجح، وتطوير الأفكار بما يخص الإجراءات التي تضمن المضي قدماً في التعلم، أي باختصار؛ خلق ثقافة التعلم.

فيما يلي مثال على نشاط تفكير سريع لتجربته مع فريقك: اطلب من كل شخص أن يضع قائمة بأمرين حدثا ولكن يجب على المجموعة أن تستمر في القيام بهما، وأمرين يجب على المجموعة التوقف عن القيام بهما، وأمرين يحتاج الفريق إلى البدء في القيام بهما من أجل تحسين العمل الجماعي، وبعد ذلك ناقِش الردود، وابحث عن الموضوعات والإجراءات التي تساعد على المضي قدماً في التفكير.

المصدر




مقالات مرتبطة