كيف تبني علاقة رائعة مع المنتور؟

كان لدي منتورز أفضل من أي شخص أعرفه، فدون وجود أب في حياتي، نشأتُ مُتعطِّشاً للحصول على المشورة؛ مما أعطاني سبباً لجعل علاقاتي مع المنتورز شخصية أكثر وذات أثر معنوي أكبر من العلاقة الاعتيادية بين المنتور ومتلقِّي المنتورينغ. ومع مرور الوقت، طورتُ ثلاثة مبادئ بسيطة حول المنتورينغ، والتي قد تكون مفيدة في أثناء البحث عن منتورز في مسيرتك أو في أثناء توجيهك لمتلقِّي المنتورينغ.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "روبرت ريفكين" (Robert Reffkin)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في بناء علاقاته مع منتوره

1. العطاء وعدم الاكتفاء بالتلقِّي:

لقد تعلمتُ أن أُقدِّم دائماً للمنتور على الأقل القليل من المعلومات، والتي ما كان ليعرفها لو لم أخبره بها، ويكون المنتور عادةً أكبر سناً منك ويعمل مع أشخاص آخرين أكبر منك أيضاً؛ لذا فإنَّ تعريفه على منظور الأشخاص الذين في عمرك، يُمكِّنه من مشاركته مع زملائه، وهو طريقة رائعة لتقديم المساعدة القيِّمة مباشرةً.

بما أنَّني أكون في بعض الأحيان في دور المنتور، فهذا مثال قالته إحدى متلقيات المنتورينغ من شركة "كومباس" (Compass) مؤخراً لتقديم فكرة قيمة لي: "يشعر الكثير من الأشخاص في الشركة بأنَّه يجب علينا عقد اجتماعات أكثر انتظاماً بين أفراد الشركة جميعهم"؛ حيث كان ذلك مفيداً جداً بالنسبة إليَّ، وتمكنتُ من التصرف على الفور.

إقرأ أيضاً: جه التشابه والاختلاف بين الكوتش والمنتور

2. الاستجابة للنصيحة:

عندما كنتُ أتلقى المنتورينغ، كنت أتأكَّد دائماً من الحصول على نصيحة واحدة على الأقل يمكنني تنفيذها في غضون شهر، وكنت أسأل المنتور: "هل تعتقد أنَّه يجب عليَّ إجراء مقابلة في هذه الشركة مثلاً؟" إذا قال لي نعم، فأتبع نصيحته ثم أعود إليه لأخبره عن مدى فاعلية نصيحته، وكيف استفدتُ منها لكي أجعله يشعر بأنَّه يسهم في نجاحي.

تذكَّر أنَّ هؤلاء الأشخاص مشغولون جداً، ومع ذلك يضيع الناس وقتهم طوال اليوم؛ لذا كنتُ شديد الحرص على جعلهم يشعرون باحترامي لوقتهم.

إقرأ أيضاً: 6 منتورز موجودون دائماً حولك

3. طلب المشورة بشأن الحياة الشخصية، وليس فقط النصائح المهنية:

على الرغم من أنَّني كنت متوتراً في البداية للقيام بذلك، إلَّا أنَّني وجدتُ علاقاتي مع المنتورز تتغير عندما بدأتُ طرح أسئلة شخصية، وكنت أطرح أسئلة مثل "كيف تعرف أنَّك وجدت الشخص الذي يجب أن تتزوجه؟" أو "كيف توازن بين العمل والأسرة؟".

في البداية، كنتُ أطرح أسئلة تتعلق بالحياة الشخصية فقط؛ إذ على الرغم من أنَّها كانت أكثر ما كنتُ أتوقُ إليه في ذلك الوقت، ومع ذلك، اتَّضَح أنَّ المنتورز يريدون في الواقع تقديم المشورة الشخصية أكثر من المشورة المهنية، فَهُم بشرٌ بغضِّ النظر عن مدى نجاحهم، ويستمتع معظم البشر بالحديث عن موضوعات لا تخص العمل.

بعد كل محادثة، كنتُ أُرسل بريداً إلكترونياً ورسالة شكر مكتوبة بخط اليد في غضون 24 ساعة، وأذكرُ النصيحة المحددة التي كانت أكثر قيمة بالنسبة إليَّ؛ حيث إذا كنتُ قلقاً من عدم وصول رسالتي إلى هناك في غضون يوم واحد، فغالباً ما كنتُ أستخدم شركة "فيديكس" (FedEx) للتأكُّد من أنَّ محادثتنا متزامنة عند وصول الرسالة.

بعد شهر، أُرسل بريداً إلكترونياً إليهم لإخبارهم كيف استخدمتُ نصيحتهم بالفعل، وكيف ساعدَتني، وبعد شهر آخر أو نحو ذلك، أرسلُ بريداً إلكترونياً أخبرهم فيه مجدداً كيف ساعدَتني النصيحة التي قدموها لي عندما التقينا آخر مرة، وأنَّني أستفيد دائماً من محادثاتنا معاً، وأسألهم إذا كانوا يرغبون في الاجتماع مرة أخرى هذا الشهر أو الشهر المقبل، وكتبوا لي جميعاً الرسائل واجتمعتُ معهم للمرة الثانية والثالثة والرابعة.

ساعدني هؤلاء المنتورز كثيراً طوال مسيرتي المهنية، وقدموا لي المشورة والعلاقات الناجحة والدعم والصداقة، وأعدكَ أنَّ استراتيجية المنتورينغ هذه ستنجح معك تماماً كما نجحَت معي، وأنا أعلمُ أنَّ كل هذا يبدو كعملية استراتيجية بعض الشيء، لكنَّها ليست خدعة أو لعبة؛ بل تنجح لأنَّها نتيجة التفكير الفعلي فيما يستفيد منه المنتورز من العلاقة والتأكد من تقديم هذا لهم.

لم أتوصل إلى نظرتي من فراغ؛ بل طوَّرتُها على مدار سنوات عدَّة من خلال الملاحظة الدقيقة لما ساعدني على التواصل بشكل أعمق مع الأفراد؛ حيث إنَّني إذا جربتُ أي شيء ونجح مرة، ففي المرة الثانية التي ينجح فيها، أبدأ القيام به دائماً.

لقد حصلتُ أيضاً على بعض ما تعلمتُه بمشقة؛ وذلك من خلال الحصول على تغذية راجعة مباشرة من المنتورز حول كيف أصبح أفضل، كما حدث عندما أرسلتُ رسالة شكر بالبريد الإلكتروني إلى الأسطوري فيرنون جوردان (Vernon Jordan)، والذي كان شريكاً في شركة لازارد (Lazard) في ذلك الوقت.

في غضون دقائق، رنَّ هاتفي، وكانت مساعدته "جيني أداشك" (Jeannie Adashek) تتصل لتقول لي: "دعني أقدم لك بعض النصائح، لا تكتفِ بإرسال بريد إلكتروني إلى السيد "جوردان"؛ إذ عندما تقابل شخصاً مثله، أَخرِج قلماً وورقة وأَرسِل رسالة مكتوبة".

في المرة التالية التي رأيتُها فيها، اصطحبَتني إلى الطابق السفلي إلى متجر في الجزء السفلي من مركز "روكيفيلير" (Rockefeller) وساعدَتني على شراء القرطاسية، ومنذ ذلك اليوم كتبتُ أكثر من 10000 ملاحظة مكتوبة بخط اليد، من ملاحظات الشكر إلى بطاقات العطلات إلى مذكرات أعياد الميلاد السعيدة والمزيد.

على مر السنين، ساعدَتني هذه المبادئ على بناء علاقات حقيقية لا حصر لها مع أشخاص يمضون الكثير من الوقت في تدريب شاب مغرور مثلي، فلن أكون حيث أنا اليوم دون دعم المنتورز، لكنَّ العثور على الأشخاص الذين يمكنهم تقديم المشورة والدعم لك أسهل بكثير مما يتخيله معظم الناس إذا فكرتَ في كيفية حصولهم على تجربة جيدة من خلال تقديم المنتورينغ لك، بدلاً من مجرد التفكير فيما تريده من العلاقة.

المصدر




مقالات مرتبطة