كيف تؤثر قلة التواصل في حياتك المهنية سلباً؟

إنَّ قوة التواصلِ الفعَّال مدهشةٌ حقاً، حيث يمكن للشركةِ التي توصلُ استراتيجيتها بوضوحٍ أن تجعل الجميع يعملون من أجل الهدف نفسه؛ وفي المقابل، لن تنعمَ الشركة التي تفتقر إلى استراتيجيةِ تواصلٍ بتوافقٍ جيدٍ بين الأشخاص الذين يعملون فيها؛ لأنَّهم لن يُدركوا رؤيةَ الشركة.



يتمثَّل التواصل الجيد بقدرةِ الشخص على إيصال أفكاره إلى الآخرين، وفهم أفكارهم؛ فإذا رأيت شخصاً يلقي خطاباً ويُحفِّزُكَ للقيام بشيءٍ ما، فيعني هذا أنَّه يتواصلُ جيداً؛ فالشخص القادر على تحفيزِ الآخرين من خلال إيصال رسالته بفعاليةٍ هو مثالٌ قويٌّ عن التواصل الفعَّال.

ستُدرِك أهميةَ التواصل حقاً إذا كُنتَ تعمل كمديرِ مطعم، حيث لا يمكنك تصوُّر عدد الطلبات التي تُقدَّم بطريقةٍ غير مفهومة، والتي تحدث عندما لا يشرحُ العميل ما يريده بوضوح، وعندما لا يُبلِغ الموظَّف الزبونَ بشكلٍ فعَّالٍ عمَّا تستطيعُون تقديمه؛ حيثُ تنتجُ معظم هذه الأخطاء عن قلة التواصل بين الأشخاص.

لقد اطلعنا جميعاً على الطريقةِ التي يجب أن نتحدثَ بها للحصول على ما نريد، فمثلاً: إذا كنت على علاقةٍ مع شخصٍ ما ولا تُخبرُه باحتياجاتك بشكلٍ فعَّال، فمن المحتمل أنَّك لن تحصلَ عليها. هذا صحيحٌ في عدَّة مجالات، وينطبقُ الشيء نفسه على العمل؛ فإذا لم تُوصِل ما تريده أو ما يهمُّك في مهنةٍ ما، فمن المحتمل أن يؤثِّر ذلك في حياتك المهنية تأثيراً كبيراً؛ كما يمكن أن يكون لقلّةِ التواصل في العمل تأثيرٌ ضارٌ من نواحٍ عديدة.

لا يعني قول ما تريده أنَّك أناني، فمن الضروري أن يكون لديك العلاقة أو الوظيفة التي تريدها؛ لذا، تعدُّ القدرة على التواصل بفعَّالية هبةً تُساعدك على تحقيقِ ما تريد.

كيف تؤثِّر قلَّة التواصل في حياتك المهنية؟

أنت تبني سمعتك في كلِّ يوم، وكلَّما اكتسبت خبرةً في مجالك، أسهمت في تحسينها أكثر؛ حيث ينشأ اسمك وسمعتك ووضعك وشخصيتك ومكانتك في شركتك ومجالك من خلال ما تفعله أو ما لا تفعله خلال مسيرتك.

عندما تكون قادراً على التواصل بفعالية، تصبحُ معروفاً كشخصٍ يُنجز الأمور، وربَّما تُعرَف أنَّك الشخص الذي لديه حلٌّ مبتكرٌ دائماً، وقد يصبح اسمك مطروحاً في كلِّ مشروع؛ لكن عندما تملكُ مهارات تواصل ضعيفة، قد لا يُطرحُ اسمكَ للعملِ في المشاريع الجديدة، ولا تحصلُ على زيادةٍ في الأجر، ناهيكَ عن الترقية والحوافز.

فيما يأتي بعض الأسباب:

1. لن تحصل على الدعم أو الأدوات التي تحتاجها للنجاح:

كيف تتوقَّع الحصول على الأدوات والموارد التي تحتاجها للقيام بأفضل عملٍ ممكن، إذا لم تكن قادراً أصلاً على إيصال فكرةِ أنَّكَ بحاجةٍ إليها؟

ستحدُّ قلة التواصل من مواردكَ، وتُعيقُ حصولَكَ على أخرى جديدة، والأمر منوطٌ بك لمعرفة ما تحتاجه للنجاح في عملك، والتواصل لطلب حاجاتك بفعالية.

واحدٌ من أهمِّ الموارد التي تحتاجها هو التطوير المستمر لمهاراتك المهنية، إذ عليكَ أن تبقى على اطلاعٍ على ما هو حديث، والسعي للحصولِ على كُلِّ الأدواتِ التي قد تساعدُكَ؛ لتظلَّ مُنسجماً مع التطوُّر في مجالِ عملك، لاسيما في الصناعات أو المهن الديناميكية المُتغيِّرة بسرعةٍ مثل التكنولوجيا.

2. هناك احتمالٌ كبير لأن يُساء فهمك:

عندما لا تكون قادراً على التعبير عن أفكارك وآرائك بوضوح، فإنَّك تضع نفسك في وضعٍ غير مناسب.

إنَّه لمن المُمكنِ أن يُسيءَ الناس فهم ما تعنيه إذا كنت تفتقر إلى مهارات التواصل، وألَّا يُقدِّروا موقفكَ من شيءٍ ما؛ وعندما لا توصلُ وجهةَ نظركَ بشكلٍ جيد، قد يفترضُ الآخرون ما تعنيه، سواءً كانوا على حقٍّ أم لا.

لذا عليكَ أن تعلَمَ أنَّ قلَّة التواصل تزيدُ من فرص إساءة فهمك بشكلٍ كبير.

3. يمكن أن تتعرَّض إلى التجاهل أو التضليل:

يميل الأشخاص الذين يفتقرون إلى مهارات التواصل إلى أن يكونوا مستمعينَ سيئين لا يهتمُّون بما يُقال كما ينبغي؛ كما يصلُ بهم الأمر إلى مقاطعةِ الأحاديث كثيراً، والقفز إلى استنتاجاتهم الخاصة دون معرفةِ حقيقةِ ما يحدث.

لن يُشرَكَ هؤلاء الأشخاصُ مع الوقت في أيِّ مُحادثات، وسيُتركونَ وحيدين؛ لأنَّ زملاءهم ضاقوا بهم ذرعاً، فلا أحدَ يُحبُّ العملَ أو التحدُّثَ مع شخصٍ يقاطِعه طوال الوقت ولا يصغي إليه أبداً.

4. تخلق قلة التواصل الشكَّ والحيرة:

هذا صحيح، خاصةً إذا كنت مديراً، حيث يمكن أن تؤدِّي قلة التواصل مع أفرادِ فريقك إلى كثيرٍ من الحيرة بينهم.

يوجد أشخاصٌ كُثرٌ غيرُ متأكدين حقاً من مسؤولياتهم في أدوارهم الوظيفية؛ لأنَّ مديريهم لم يوصلوا إليهم أبداً الأهداف والتوقُّعات المرجوَّةَ منهم. وللأسف هذا أمرٌ شائع، ليسَ بين المُديرين وموظفيهم فحسب، بل بين زملاءِ العملِ أيضاً.

فإذا لم تكن قادراً على التواصل مع الآخرين بشأن ما تفعله، أو ما يحدثُ في مُنظَّمتك؛ فستغرسُ الشكَّ في أنفسهم، وتخلُقُ جواً من عدم اليقين.

5. تؤدِّي قلة التواصل إلى الكثيرِ من الشائعات والثرثرة:

عندما لا نسمعُ الحقيقةَ عن شيءٍ ما، فمن الطبيعي أن نصنعَ توقعاتنا الخاصة، فنحن لا نحبُّ عدم اليقين؛ لذلك سنحلُّ اللغز بأنفسنا عندما يكون لدينا نقصٌ في التواصل من شخصٍ نعملُ معه.

مثلاً: تتأخَّر مُراجعتك السنوية لشهرين، ولا تسمعُ أيَّ خبرٍ من مديرك، فتراودكَ الشكوك، وتتساءل: هل سيقيلونني من منصبي؟ ثُمَّ تبدأ بالتفكير بأنَّ مُعاملتهم للآخرين أفضَل، وتضيعُ في بحرٍ من الشكوك.

تُدركُ من هنا كيف يمكن أن يسبِّب هذا النقص في التواصل تداول الشائعاتِ والاضطرابات؟

الآن، وبعد أن نظرنا في بعض الطرائق التي يمكن أن يؤثِّر بها نقص التواصل بشكل كبيرٍ في حياتك المهنية، فلنلقِ نظرةً على كيفية تحسين مهارات التواصل لديك.

إقرأ أيضاً: مهارات الاتصال والتواصل

10 طرق لتحسين مهارات التواصل:

عندما تفكر في تحسين مهارات تواصلك في العمل، فأنت بحاجةٍ إلى النظر في الطرائق الأساسية التي نتواصل بها، لفظياً وكتابياً.

دعونا نلقي نظرةً على كيفية تحسين كلٍّ من مهارات التواصلِ الكتابية واللفظية.

مهارات التواصل اللفظية:

1. القليل يعني الكثير:

هل سبق لك أن خرجت من اجتماعٍ بعدَ أن تحدَّثَ شخصٌ ما طوال الوقت ولم تتعلَّم منه أيَّ شيء؟ لا تكُن ذلكَ الشخص.

عندما تتحدَّث في العمل، اجعل مُداخلاتك قصيرةً وغنية، ولا بأس من التحدُّث عن الطقس؛ ولكن عندما يحين وقت التحدثِ عن الأشياء الهامَّة، لا تُبالِغ في الحديث عن أمورٍ ثانويةٍ لا معنى لها.

2. كُن مصغياً جيداً:

قد يبدو من المضحك أن تكون مصغياً جيداً من أجل أن تكون متواصلاً جيداً؛ ولكنَّه في الواقع أمرٌ منطقي.

فعندما تُظهِر أنَّك تصغي بالفعل، وتهتمَّ بما يقوله الآخرون، يدل هذا على أنَّك تفهم احتياجاتهم؛ وهذا هو مفتاحُ بناء الثقة في العلاقة.

إقرأ أيضاً: الاستماع الفعّال، الإنصات الجيّد لما يحدثك به الناس

3. كن واثقاً:

عندما تتحدَّث بثقة، ستُعطي انطباعاً بأنك مُلمٌّ بما تقول، ولا يتعلَّق هذا بالمهارات اللفظية فحسب، بل بلغة جسدك أيضاً؛ لذا، تحدث بنبرة صوتٍ واضحة، وحافِظ على التواصل البصري عند التحدث مع شخصٍ ما، فهذا يُظهِرُ للشخصِ الآخر أنَّك مُتمكِّنٌ وواثقٌ بنفسك.

4. فكِّر قبل أن تتكلم:

عندما تكون لديك فكرةٌ جيدةٌ إلى حدٍّ ما عمَّا ستقوله قبل أن تتكلَّم فعلياً، ستكونُ قادراً على نقل أفكارك بشكلٍ أكثر وضوحاً؛ كما يساعدك هذا أيضاً على التخلُّص من التلعثمِ، والتفكيرِ مُطوَّلاً عندما تتحدَّث.

5. أوجز:

هل قرأت من قبل هذا الاقتباس عن آينشتاين: "إذا لم تستطع تفسير أمرٍ ما ببساطة، فأنت لا تفهمه جيداً بما فيه الكفاية"، إنَّها كلماتٌ حكيمةً من رجلٍ حكيمٍ بشكلٍ لا يصدق.

إنَّ هذا صحيحٌ في العمل كذلك، إذ يجب أن تكون قادراً على إيصال أفكارك وآرائك بوضوحٍ وبساطة، حتَّى يتمكَّن الآخرون من فهمك.

إقرأ أيضاً: طريقة تلخيص الأفكار الرئيسية وإعادة الصياغة

مهارات التواصل الكتابية:

6. تحقَّق من قواعد اللغة والإملاء:

يُعدُّ هذا أمراً جوهرياً في التواصل المكتوب؛ فمن الهامِّ للغاية ألَّا يكون لديك أخطاء نحويةٌ في تواصلك الكتابي في العمل، وهذا يشملُ التقارير ورسائل البريد الإلكتروني أيضاً.

يجعلُ وجودَ أخطاء إملائية في تواصلكَ المكتوب، الآخرين يعتقدون أنَّك كسولٌ أو مهملٌ جداً ولا تهتمُّ بالتهجئةِ، وهذا أمرٌ لا تريده.

إقرأ أيضاً: للمهتمين بالكتابة، استخدم Grammarly وستنسى الأخطاء الإملائية

7. أوضِح وأوجز:

هذا أمرٌ هامٌّ في الكتابة كما هو في التحدُّث.

يتلقى أغلبنا الكثير من رسائل البريد الإلكتروني في العمل، لكن لا أحد يحبُّ الخوض في نصٍّ طويلٍ للعثور على نقطةٍ يحتاج إليها، فلا حاجةَ للكثير من الحشو في الوقت الذي يُمكنُ إيصالُ الفكرة نفسها بإيجاز.

8. اعرف جمهورك:

إذا كنت تكتب بريداً إلكترونياً إلى رئيس شركتك، فيجب أن تكتبَه بنبرةٍ معينة؛ وإذا كانت الرسالة مُوجَّهةً إلى زميلك المُقرَّبِ في العمل، فربَّما لا تحتاج إلى أن تكون رسمياً جداً.

9. استخدِم هيكلاً محدداً للكتابة:

يتماشى هذا مع الوضوح والإيجاز في الكتابة، فإذا كتبت رسائل بريدٍ إلكتروني في فقرةٍ واحدةٍ طويلة تتكوَّن من 1000 كلمة؛ فأنت تدفع القرَّاء للشعور بالملل.

لذا استخدم العناوين الفرعية، والنقاط التعدادية، والترقيم عند الحاجة إلى تفريق الكلمات وإنشاءِ هيكلٍ جميلٍ يُمكنُ قراءته بسلاسة؛ وينطبق هذا على أيِّ وثائق مكتوبة، سواءً أكانت تقارير أم رسائل بريد إلكتروني أم أيَّ شيءٍ آخر.

10. استخدم الأسماء:

لجعل الرسالة أكثر وديةً وجاذبيةً، استخدم أسماء الناس الذين تتواصل معهم كلَّما أمكن ذلك.

لا يمكنك القيام بذلك في تقريرٍ رسمي؛ ولكن يمكنك مع رسائل البريد الإلكتروني وما شابهها بالتأكيد.

لقد وجد أنَّ التآلف مع اسم شخصٍ ما يساعده أيضاً على الاستجابة في الوقت المناسب، وبطريقةٍ إيجابية، كأن تكتب:

"كما ترى يا سمير، فإنَّ هذا سيقطعُ شوطاً كبيراً في مساعدتنا للحصول على حساب أحمد، وأتطلَّع إلى تلقي ردٍّ منك قريباً".

إقرأ أيضاً: نموذج AIDA، اجذب اهتمام الجميع لاتخاذ إجراءٍ بما تكتبه

يجعل التواصل الفعَّال حياتَك المهنية أفضل:

عندما تطوِّر مهاراتِ تواصلٍ قوية، يمكن أن تساعد على تطوير حياتك المهنية بطرائق عديدة.

تُظهِر مهارات التواصل الفعَّالة ثقتكَ بنفسك وأفكارك للآخرين، وهذه ميزةٌ رائعةٌ عموماً، وكذلك في العمل بالتأكيد؛ فعندما تكون واثقاً من قدراتك، سيراكَ الآخرون كقائدٍ ومُلهِم.

كما تساعدك مهارات التواصل في تعزيز نقاط قوتك عندما يمكنك التعبير بوضوحٍ ودقّةٍ عن وجهة نظرك بشأن النقاط الهامَّة؛ لأنَّك ستكون واضحاً ومفهوماً؛ وعندما تُفهَم بوضوح، فإنَّ ذلك يساعد الآخرين على تبنِّي أفكارك بسهولة.

كما سيساعدك امتلاك القدرة الجيدة على توصيلِ ما تحتاج إليه، في الحصول على الأدوات والموارد التي تحتاجها للقيام بعملك بأفضل ما تستطيع؛ وعندما يمكنك أن توضِّح لرئيسك أنَّ الذهاب إلى مؤتمرٍ يساعدك على البقاء في الصدارة، سيكون لديك فرصةٌ جيدةٌ للذهاب.

قد يجعلُك رئيسُك تعرُضُ عائد الاستثمار (ROI) للحصول على موارد جديدة، وهذا ليس صعبَ المنال إذا كنت تستطيع التواصل جيِّداً.

كما أنَّ التواصل الفعَّال مهارةٌ يبحثُ عنها القادة في الآخرين للمساعدة في قيادةِ الفرق، إذ يسيئ الكثير من المدراء إلى الأهداف والعمليات والتوقعات؛ مما يؤدِّي إلى ضعفِ الأداء من المجموعات والفرقِ الفرعية، وليس هذا ما تعنيه القيادة.

بالنسبةِ إلى القادة، فإنَّ امتلاك مهارات تواصلٍ فعَّالة أمرٌ حاسمٌ لجعل الآخرين يتبعون رؤيتك؛ لأنَّ العمل مع قائدٍ يفتقرُ إلى هذه المهارات سيترك الفِرَقَ التي يقودها من دونِ توجيهٍ، وسيجعلك تتصرَّفُ مثلَ قاربٍ يدورُ حول نفسه دونَ جدوى.

الخُلاصة:

لقد اكتشفنا كيف يمكن أن تؤثِّر قلَّةُ التواصل بشكلٍ كبيرٍ في حياتك المهنية، وفي مدى نجاحك في مهنتك؛ لذلك، تحدَّث حتَّى تحصل على ما تريد، ويمكن أن يساعدك امتلاكُ مهارات تواصلٍ فعَّالةٍ في ذلك.

لذا دعونا نتواصل أيَّها الناس، كي نُحقِّقَ معاً ما لا نستطيعُ تحقيقه مُنفردين.

 

المصدر




مقالات مرتبطة