قيلولة الطاقة: فوائدها ومدتها وأفضل أوقاتها

هل تذكر - عندما كنت طفلاً - محاولة والديك الكبيرة لدفعك إلى النوم خلال فترة الظهيرة وكنت تقاوم ذلك بكل قوَّتك؟ وعندما أصبحت بالغاً راشداً تتحمل المسؤولية وتتحمل معها صعوبات الحياة وضغوطاتها أصبحت تحاول كل ما في استطاعتك لتوفِّر القليل من الوقت الذي يسمح لك بالنوم قليلاً.



لقد أوصى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بالقيلولة فقال: "قِيلوا فإنَّ الشياطينَ لا تَقِيل"، لكن هل تساءلنا يوماً من الأيام لماذا أوصانا بها؟ وهل هي مفيدة للجسم؟ وما الذي يمكن أن تحققه له؟

ما هي القيلولة؟

القيلولة هي النوم في منتصف النهار أو الاستراحة والاسترخاء خلال اليوم لوقت قصير أو محدد حتى لو لم يتخللها النوم، فهي مدة قصيرة من الزمن خلال اليوم لإراحة الذهن واستعادة النشاط، وتختلف الآراء المتعلقة بالقيلولة، فثمة مَن يقدرها ويَعُدُّها شيئاً أساسياً يجب القيام به لكي يستطيع مواصلة العمل بهمة ونشاط، بينما يراها قسم آخر أنَّها للأشخاص الكسالى غير الفعالين في حياتهم لأنَّها تكون مصحوبة عادة بالخمول والتثاقل.

ضمن نفس السياق يرى الأطباء أنَّ القيلولة حاجة فيزيولوجية ضرورية للطفل حتى يتجاوز سن الرابعة من عمره بينما هي عادة بيولوجية بالنسبة إلى الكبير، لكن أثبتت الأبحاث العلمية التي المتعلقة بها أنَّ أخذ القيلولة في وسط النهار يعود على جسم وفكر الإنسان بالفوائد؛ إذ تزيد من التركيز العقلي والنشاط الفكري، وكذلك تمثِّل القيلولة طاقة للجسم وتنظم دورة أعماله وتزيد من إنتاجيته، وللقيلولة ثلاثة أنواع، القيلولة الطويلة التي تزيد عن الثلاثين دقيقة، والقيلولة المعتدلة التي تستمر ما بين 5 و30 دقيقة، والقيلولة السريعة؛ أي الغفوة السريعة التي لا تتجاوز الخمس دقائق.

ما هو وقت قيلولة الطاقة المناسب؟

تؤكد معظم الدراسات التي تناولت موضوع القيلولة بأنَّ المدة المناسبة لها هي من (15 إلى 20) دقيقة؛ وذلك لأنَّ هناك شبه إجماع أنَّه كلما طالت فترة القيلولة يستيقظ الفرد أكثر ترنحاً وارتباكاً، ويفضَّل أن تكون القيلولة خلال فترة ما بعد الظهر؛ وذلك كي لا تتداخل مع النوم في الليل أو تؤثر فيه، كما يجب أن يأخذ الفرد في الحسبان لتحديد الوقت المناسب للقيلولة عوامل عدة، منها نوع العمل الذي يمارسه، ومن ثمَّ الحاجة الفعلية للجسم إلى الراحة والعمر الزمني ونوع الأدوية التي يتناولها فيما إذا وُجدت.

لا ننسى للحصول على قيلولة مريحة تأمين مكان هادئ ذي درجة حرارة مناسبة للجسم وبأقل قدر ممكن من الضجيج والإزعاج، وعند الاستيقاظ خذ الوقت الكافي قبل أن تبادر إلى القيام بأي نشاط، أما عن أفضل الساعات للقيلولة فهي بين الساعة (2 إلى 3) مساءً؛ أي فترة ما بعد الظهر، وأما بالنسبة إلى الأطفال فإنَّ المدة المناسبة للقيلولة خلال فترة النهار تتراوح من 30 إلى 90 دقيقة والوقت المثالي لها بعد وجبة الغداء.

شاهد بالفديو: 4 أخطاء فادحة عليك أن تبتعد عن ممارستها قبل النوم

ما هي تأثيرات قيلولة الطاقة الإيجابية؟

غالباً ما تعطي القيلولة نتائج إيجابية لدى معظم الأشخاص، وهي بخلاف الفكر السائد بأنَّها خاصة فقط بالأطفال، فقد أثبتت الدراسات مدى أهميتها للبالغين أيضاً؛ إذ توفر مجموعة من المزايا منها:

1. الاسترخاء:

هو حالة الشعور بالراحة والهدوء والتقليل من حدة التوتر والضغوطات النفسية سواء الأسرية أم الناجمة عن العمل التي تؤثر في الإنسان سلبياً، فالاسترخاء يعمل على تحسين المزاج من خلال خفض هرمونات التوتر والتقليل من الغضب والإحباط، إضافة إلى التقليل من الشعور بالتعب، كما تقلل من شد العضلات وتحسن من وظائف الجهاز الهضمي وتبقي مستوى السكر ضمن حدوده الطبيعية.

2. زيادة اليقظة والتركيز:

يصل الإنسان بسبب الضغوطات التي تقع على عاتقه إلى نقطة عدم التركيز فيما يقوم به من أعمال خلال النهار، الأمر الذي يجعل إتمام أي عمل يقوم به شيئاً صعباً، ولكنَّ أخذ قسط من الراحة من خلال القيلولة يمكنها أن تعيد التركيز وتعمل على إعادة الاتصال بأجسامنا والأحاسيس التي نشعر بها.

3. تحسين الأداء:

توفر القيلولة للإنسان القدرة على تذكُّر الأعمال التي قام بها للتو، وتساعد العقل على إيجاد الروابط التي تجمعها، كما تحدد الأعمال التي ينقصها حتى تكتمل وتُنجَز بنجاح، كما أنَّ القيلولة تساعد على احتفاظ الإنسان بثباته، فالعمل لعدد متواصل من الساعات قد يُشعر الفرد بالتعب والملل ونفاد الصبر، لكنَّ أخذ قسط من الراحة خلال فترة الظهيرة كفيل بدفع الإنسان إلى الاحتفاظ بصبره وثباته حتى إنجاز الأعمال الواجب عليه القيام بها على أفضل شكل ممكن.

إقرأ أيضاً: 7 طرق لتحسين أداء عملك بنسبة كبيرة

4. تحسين الذاكرة:

لا شك في أنَّ الجميع يعرف أهمية النوم بالنسبة إلى تحسين الذاكرة طويلة الأمد، والأمر نفسه بالنسبة إلى قيلولة النهار، فهي تساعد على تذكُّر الأشياء التي تم تعلمها خلال اليوم حتى تعزز الإدراك والتذكر اللفظي وتحسين الذاكرة عموماً.

5. تحفيز الإبداع:

فالجانب الأيمن في دماغ الإنسان والمسؤول عن الخيال والإبداع يصبح أكثر نشاطاً خلال فترة القيلولة، بينما يأخذ الجانب الأيسر من الدماغ والمسؤول عن التعلم والتحدث واللغة والذاكرة راحة خلال تلك الفترة ويتوقف عن العمل، وعند الاستيقاظ يعود إلى نشاطه ويقوم بأعماله بشكل أفضل.

6. تعزيز التعلم:

تعمل القيلولة على تحسين المهارات التعليمية وتزيد من التركيز والانتباه، كما تعزز قدرة الذاكرة على الاحتفاظ بالمعلومات لوقت أطول وربطها ضمن السياق المناسب، وقد أكدت العديد من الدراسات أنَّ نسبة فهم وحفظ المعلومات الجديدة تزيد بعد القيلولة.

7. تحسين المزاج:

تحسن القيلولة مستويات الطاقة في الجسم وتقلل الإحساس بالتعب وتجعل من الفرد أكثر إيجابية، ومن ثمَّ تحسِّن المزاج.

8. فقدان الوزن:

وجد الأطباء في جامعة "هارفارد" أنَّه يمكن للإنسان أن يحرق في أثناء فترة القيلولة 10% من السعرات الحرارية مقارنة بما يمكن أن يحرقه خلال فترة الصباح.

9. بالنسبة إلى الأطفال:

للقيلولة فوائد كبيرة فهي تزيد من نشاط الدماغ، ومن ثمَّ تساعدهم على زيادة التعلم، واكتساب المهارات، والاحتفاظ بالمعلومات المتعلَّمة فترة طويلة من الزمن وربطها في سياق منظم يسهل الرجوع إليه وقت الحاجة.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح تساعد على نوم الطفل بمفرده

ما هي أضرار القيلولة؟

  1. الخمول: بعد الاستيقاظ من القيلولة - لا سيما القيلولة الطويلة - قد يشعر الفرد بالارتباك والترنح والخمول والرغبة في النوم أكثر.
  2. القيلولة الطويلة تزيد من خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري.
  3. التأثير السلبي في النوم ليلاً: تؤثر القيلولة في دورة النوم تأثيراً سيئاً فيما إذا كان الإنسان من الذين يعانون الأرق والقلق فقد تزيد القيلولة منهما، كما تتعارض القيلولة الطويلة مع النوم ليلاً بينما لا نجد تأثيراً سلبياً للقيلولة المعتدلة.
  4. تؤدي القيلولة لفترة طويلة إلى حدوث ضعف في الوظائف المعرفية والإدراكية في المخ عند الإنسان.
  5. قد تشير القيلولة أحياناً إلى وجود مشكلات صحية لدى الفرد، فإذا شعرت فجأة بالحاجة إلى قيلولة دون وجود سبب مبرر لذلك كالإجهاد العقلي أو العضلي أو أي تغير في نمط الحياة، فهذا يستدعي زيارة الطبيب لمعرفة السبب والتأكد من أنَّ كل شيء في الجسم يسير على ما يرام.

ما هي شروط الحصول على قيلولة مثالية وصحية؟

1. تنظيم الوقت:

نظِّم الأعمال التي يجب عليك القيام بها خلال النهار واضبطها بالوقت بحيث يسمح لك بأخذ قسط من الراحة والخلود إلى القيلولة للتخفيف من التعب واستعادة نشاطك.

2. النظام الغذائي المتوازن:

لا يجب تناول القهوة أو الشاي أو غيرها من المشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين وتسبب القلق والأرق؛ لذا يُنصح فقط بكوب واحد من أي منهما بعد تناول وجبة الفطور، كما يفضَّل الابتعاد عن التدخين بنوعيه الإيجابي والسلبي؛ وذلك لكثرة مخاطره ليس فقط على القيلولة والراحة خلال النوم؛ بل بسبب مضاره على أعضاء الجسم كافة.

3. تقليل نسبة الدهون في الطعام:

فالدهون تزيد من عدم راحة الجسم وتمنعك من الحصول على نوم هانئ.

4. القيلولة في مكان مناسب:

بعيداً عن الأضواء المزعجة والضوضاء وكل ما قد يسبب التوتر والقلق.

5. الاعتماد على القيلولة القصيرة:

أي التي تتراوح بين (10 إلى 20) دقيقة، فهي تقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ولكنَّ تجاوز القيلولة لفترة تزيد عن ذلك تزيد من احتمال الإصابة بها.

شاهد بالفديو: 5 نصائح لغرفة نوم مثالية

في الختام:

النوم هو من العادات المقدسة لدى فئة كبيرة من البشر، وتختلف عادات النوم من شخص لآخر فكل فرد يستيقظ وينام في وقت مختلف عن الآخر؛ وذلك نسبة لمجموعة كبيرة من العوامل مثل عمر الشخص ونوع عمله وهل هو معافى الصحة أم لديه أمراض؟ وهل يتناول أدوية أم لا؟ وغير ذلك، لكن يمكن القول إنَّ هناك شبه إجماع على أهمية النوم لفترة من الزمن خلال النهار أو ما يسمى بالقيلولة.

فعند سؤال الناس عن القيلولة نحصل على تصريح من الغالبية على أنَّها حاجة ضرورية تدخل برنامجهم اليومي حتى غدت من العادات الروتينية التي يتمسك بها الكثيرون لما تقدمه من إعادة شحن الجسم بالطاقة التي تمكِّنه من المضي بأعماله وإنجازها خلال ما تبقى من النهار، بالإضافة إلى إنهاء التوتر أو تخفيفه وتحسين المزاج والإحساس بالراحة والسعادة والإقبال على العمل بهمة ونشاط، إذاً فهي الطريقة الصحية والمثالية لكي نحافظ على صحة العقل والجسد معاً.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7




مقالات مرتبطة