قوة التفكير الإيجابي (الجزء الأول)

إنَّ للتفكير الإيجابي قوَّة استثنائيَّة، فحقيقة أنَّ لعقلك القدرة على تغيير حياتك بأكملها أمر يكاد لا يُصدَّق، ومع ذلك لا يمكن لأحد إنكار الأثر الجيد للعقلية الإيجابية.



لكلٍّ من الأفكار الإيجابية والسلبية قوتها ولكن بنتائج متناقضة، واليوم سنناقش كيف يمكن لكلٍّ منهما أن يؤثِّر فيك، وكيف يمكن لقوة التفكير الإيجابي أن تنعكس حقاً على كل جانب من جوانب حياتك.

فوائد وقوة التفكير الإيجابي:

التفكير الإيجابي يعني أن تبحث عن حلول لما يعترض طريقك وتؤمن أنَّك ستجدها، وبذلك أنت لا تتجاهل المشكلات؛ وإنَّما تبحث بعزيمة عن طرائق للتغلب عليها بدلاً من الشكوى منها أو السماح لها بالتغلب عليك، إذاً أنت تتحمل كامل المسؤولية عن حياتك؛ لأنَّك تدرك أنَّك المتحكم بكيفية تقدُّم حياتك.

يرى المفكِّر الإيجابي الفوائد أو الجانب المشرق للتحديات، ويأمل أن تسير الأمور على نحوٍ جيِّدٍ. يدل السلوك الإيجابي على أنَّ لك نظرة متفائلة، والسلوك المتفائل يعني أنَّ لديك أملاً؛ إذ تحسَبُ أنَّ الأمور ستسير على ما يرام، وفي النهاية ستنال النجاح.

يدرس العلماء الفوائد الصحية للتفكير الإيجابي منذ وقت طويل، وتشير الأبحاث إلى أنَّ الأشخاص الإيجابيين يتمتعون بصحة عقلية وجسدية أفضل من غيرهم، حتَّى أنَّهم يعيشون لفترة أطول.

يمكن لامتلاك نظرة إيجابية أن يُخفِّض خطر الإصابة بنوبة قلبية، والزكام، والاكتئاب، كما يمكن للتفكير الإيجابي أن يقلل خطر وفاة الشخص بسبب الأمراض الخطيرة، ومن ذلك السرطان والالتهابات وأمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض الرئة، ويزيد من فاعلية علاج المرضى الذين يعانون أورام الدماغ وإصابات الدماغ الرَّضِّيَّة، كما يعزز جهاز المناعة لديك.

تمنحك العقلية الإيجابية قدرةً أعلى على تحمُّل الألم، فعندما تتمتع بنظرة إيجابية تكون أكثر استعداداً لمواجهة التوتر والمتاعب، كما يمنحك التفكير الإيجابي مزاجاً أفضل يُمكِّنك من تكوين علاقات صحِّيَّة مع زملاء العمل وأفراد الأسرة والأصدقاء والمعارف الجدد.

إقرأ أيضاً: 7 أنواع من الأشخاص تحتاج إليهم في حياتك

علامات التفكير الإيجابي:

كيف يمكن ملاحظة العقلية الإيجابية؟ يميل الأشخاص ذوو السلوك الإيجابي إلى اتباع نمط حياة صحي، فتجدهم يبتسمون أكثر، ويستمتع الناس بقضاء الوقت معهم أكثر، كما أنَّهم أكثر هدوءاً تحت الضغط.

غالباً ما يكون الأشخاص ذوو النظرة الأكثر إيجابية على استعداد لتجربة أشياء جديدة، وعلى مستوى أعلى من الثقة بالنفس يحبون أن يضحكوا بصدق وينظروا للجانب المشرق من كلِّ وقت عصيب.

النظرة الإيجابية أمر معدٍ، ولا يمكن للأشخاص الذين لديهم نظرة إيجابية إلا مشاركتها مع من حولهم. دائماً ما يكون المفكرون الإيجابيون لطفاء مع الناس ولا يتحدثون حديثاً سلبياً عن أنفسهم أو الآخرين، ويتمتع ذوو الأفكار الإيجابية بمهارات أفضل في التأقلم وقدرة أعلى على مواجهة التوتر من خلال القيام بأشياء كممارسة الرياضة في كثير من الأحيان واتباع نظام غذائي صحي.

آثار الأفكار السلبية:

نقيض النظرة الإيجابية هو النظرة التشاؤمية، وتحدُّ المشاعر والأفكار السلبية من نشاط عقلك وقدرته على اتخاذ القرارات، فعندما يعتريك شعور مدمرٌ مثل الخوف تسيطر الأمور التي تخشاها على معظم أفكارك، ويمكن أن يكون ذلك نافعاً في المواقف الخطيرة التي تتطلب تفكيراً غريزياً للهروب منها حتى تكون آمناً وسالماً، ولكن يكون الخوف مؤذياً عندما يمنعك من تجربة شيء جديد من شأنه تغيير حياتك للأبد؛ إذ تخشى أن تتعرض للسخرية أو الرفض أو الفشل، وينطبق الشيء نفسه على الغضب والغيرة والحزن والوحدة والانزعاج والشعور بالذنب والإحباط والمشاعر السلبية الأخرى.

تعوق الأفكار السلبية تقدمنا، وتمنعنا النظرة السلبية من أن نكون سعداء، وتؤثر في كلٍّ من الصحَّة الجسدية والعقلية، ويجذب السلوك التشاؤمي المزيد من السلبية لك، والشكوى والسخرية وعدم الثقة وإلقاء اللوم؛ كلها أمور تسمح لخيبة الأمل أن تستمر بالحدوث لك.

يمكن أن تتسبب هذه الطريقة في التفكير في زيادة احتمال الوفاة؛ ففي دراسة استطلاعية جماعية استمرت 35 عاماً وأجريت مع أكثر من 13000 من كبار السن من الرجال والنساء المقيمين في جمعية للمتقاعدين أشارت الدراسة إلى أنَّ أصحاب السلوك السلبي معرضون لخطر الوفاة بنسبة أعلى من الذين لديهم عقلية أكثر إيجابية، كما يرتبط السلوك السلبي بأمراض القلب والأوعية الدموية.

العواطف مثل القلق والاكتئاب والوحدة والتوتر المزمن والغضب هي أوجه للتفكير السلبي، ويمكن لجميعها أن تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح لتحفيز النفس وتشجيعها على اتّخاذ خطوات جريئة

علامات التفكير السلبي:

حوِّل كل فكرة سلبية إلى فكرة إيجابية من خلال التعرف إلى علامات النظرة المتشائمة، وإحدى العلامات هي السعي إلى المثالية، فعندما تضع معايير يستحيل الوصول إليها فإنَّك تحكم على نفسك بالفشل باستمرار، وعلامة أخرى على السلوك السلبي هي توقُّع حدوث الأسوأ دون أي حقائق تدعم ذلك، فقد تشعر أنَّ العالم كلَّه ضدك وأنَّ الأشياء السيئة تحدث لك أكثر من الأشياء الجيدة.

عندما تصل إلى نهاية يومك وتنشغل بالأحداث السلبية دوناً عن جميع الأشياء الإيجابية التي حدثت فأنت تسمح لسلوك مؤذٍ بالتحكم بنظرتك للحياة، وأولئك الذين لا يعتادون التفكير بإيجابية يرون النصف الفارغ من الكأس بدلاً من نصفه الممتلئ، ويركزون على ما ليس لديهم بدلاً من الامتنان لما يملكون، كما يصبُّون تركيزهم على ما يحدث بصورة خاطئة بدلاً مما يجري بصورة صحيحة.

يميل الأشخاص ذوو السلوك السلبي أيضاً إلى:

  • لوم أنفسهم تلقائياً عند حدوث أشياء سيئة.
  • إلقاء اللوم على الآخرين بدلاً من تحمل مسؤولية أفكارهم ومشاعرهم.
  • تضخيم الأحداث البسيطة وتحويلها إلى مشكلات سلبية أكبر بكثير.
  • الانشغال في التجارب والأخطاء السابقة بدلاً من التطلع نحو المستقبل.
  • التركيز على التفاصيل البسيطة بدلاً من رؤية الصورة الأكبر.
  • الافتقار لمهارات معاملة التوتر دون إيلاء الأولوية للصحة النفسية.

موازنة بين الحديث الذاتي الإيجابي والحديث الذاتي السلبي:

أوقف حديثك السلبي مع نفسك؛ وذلك بالتركيز على قول أشياء إيجابية لنفسك ككلمات التشجيع، وتقدير نجاحاتك، والمجاملات الصادقة التي تبني ثقتك بنفسك.

الحديث الذاتي هو الأفكار التي تدور في رأسك، في بعض الأحيان لا ننتبه حتى لتيار الأفكار الذي يجري في عقلنا الباطن، ولكن إذا استثمرنا عمليات التفكير لدينا يمكننا أن نتحكم أكثر فيما إذا كنا نمارس الحديث الذاتي الإيجابي أو نقيضه.

إذا كان حوارك الداخلي إيجابياً في الغالب، فلديك عقلية إيجابية، لكن إن كان سلبياً في كثير من الأحيان، فإنَّه يؤدي إلى اتخاذ موقف سيِّئ ونظرة متشائمة، فيعزز التفكير الإيجابي مشاعر وتصرفات ونتائج إيجابية، في حين أنَّ التفكير السلبي سيبقيك متبلِّداً.

لنوضح بعض الطرائق التي يمكنك من خلالها استبدال الأفكار التشاؤمية بأفكار إيجابية:

  • بدلاً من التفكير في تجنُّب التجارب الجديدة فكِّر في المحاولة؛ فقد يكون ذلك فرصة لتعلُّم شيء جديد.
  • بدلاً من التفكير في أنَّك لن تتقن شيئاً ما مطلقاً فكِّر في المحاولة مراراً حتى تتعلمه.

نحن نميل للقسوة على أنفسنا؛ لكنَّنا بحاجة إلى التشجيع من أنفسنا أكثر من أيِّ أحد آخر؛ لذلك عندما تشعر أنَّك ارتكبت خطأ أو حتَّى فشلت في شيء ما ركِّز على ما يمكنك تعلُّمه من ذلك حتَّى تكون أكثر نجاحاً.

لا تفكر في "ماذا لو فشلت؟"، فكر في "ماذا لو نجحت؟".

إقرأ أيضاً: 16 أمراً يؤكد أهمية التفكير الإيجابي في حياتنا

في الختام:

لقد تعرَّفنا في هذا الجزء من المقال إلى فوائد وعلامات التفكير الإيجابي، إضافة إلى علامات التفكير السلبي وأثره، وسنناقش في الجزء الثاني والأخير منه كيف نتعلَّم إتقان التفكير الإيجابي.




مقالات مرتبطة