قمة الأداء: دور الذكاء العاطفي في تحقيق أفضل ما لديك

تخيَّل نفسك تمتلك العناصر الأساسية لتحقيق أفضل أداء لديك ولدى الآخرين، كيف سيبدو ذلك؟ كيف سيكون شعورك؟ وما الذي قد يصبح ممكناً في حياتك؟



أصبحت المناقشات عن ذروة الأداء جزءاً أساسياً من تحسين الذات والإنتاجية والعافية والسعي إلى تحقيق التفوق، ومع ذلك، فإنَّ معظم هذه الجهود تفشل لأنَّها أهملت عنصراً أساسياً وهو المشهد العاطفي لذروة الأداء.

عندما نستفيد من الذكاء العاطفي لتعزيز ذروة الأداء؛ فإنَّنا نخلق نتائج مستمرةً وفعَّالةً؛ حيث يستكشف المديرون التنفيذيون والتجار ومؤسسو الشركات الناشئة ومعظم الأشخاص أساليب قيِّمةً تحقق فوائد ضخمةً.

ذروة الأداء في مكان العمل:

ما هي ذروة الأداء في مكان العمل؟ إنَّ ذروة الأداء للقادة والمديرين التنفيذيين تختص بإنجاز أفضل ما بوسعنا، من الناحية المعرفية والعاطفية بصورة مستمرة.

غالباً ما يركز البحث الأكاديمي على تجربة الذروة وحالات التدفق؛ حيث يصبح الأفراد منهمكين في مهمة ما بحيث لا تتطلب جهداً وتصبح مبهجةً بالنسبة إليهم، وفي سياق علم النفس الرياضي، أو المجالات الإبداعية مثل الموسيقى والرقص، يُشار إلى هذه التجارب أحياناً باسم "ذروة الأداء"، ومع ذلك، في المؤسسات وأماكن العمل، تشير ذروة الأداء ببساطة إلى الأداء العالي والمستمر.

كيف يبدو هذا الأداء العالي والمستمر؟ وكيف نقسم ذروة الأداء إلى عناصرها الأساسية؟ وكيف ندرجها في حياتنا اليومية؟ عندما نسأل المديرين التنفيذيين عن معنى أن يكونوا في ذروة الأداء بالنسبة إليهم، فإنَّهم يتحدثون عن التركيز والشعور بالهدوء عند مواجهة الفوضى والأزمات، والسعي إلى تحقيق الأهداف بفاعلية، والشعور بالرضى، والعمل على مستوى عالٍ من الإدراك باستمرار.

الأهم من ذلك، إنَّ ذروة الأداء هي مفهوم الاستدامة، الذي يساعدنا على الظهور في أفضل حالاتنا باستمرار؛ وهذا يعني أنَّ عادات ذروة الأداء لا يمكن أن تنجح إلا إذا وازنت موازنة متساوية بين الراحة والتجديد والرعاية الذاتية والرفاهية على المستوى الأساسي، من أجل السماح بالاستدامة على الأمد الطويل.

إقرأ أيضاً: أفضل 7 مهارات للإدارة الذاتية لتحقيق ذروة الأداء

الذكاء العاطفي وذروة الأداء:

يقول المؤلف "دانيال جولمان" (Daniel Goleman) إنَّ الذكاء العاطفي هو طريقة مختلفة للذكاء، فهو أساس الأداء العالي على جميع المستويات، وإنَّ الاستفادة من قدرات الذكاء العاطفي لدينا تتيح لنا الاستفادة من نقاط القوة الأساسية والعمل بأعلى أداء في عالم اليوم.

يُعَدُّ كلٌّ من الوعي الذاتي والتوازن العاطفي والتوجه نحو الإنجاز والقدرة على التكيف، من أهم الكفاءات التي تعزز المرونة وتقوِّي التركيز وتطوِّر التوجه نحو الهدف والتحفيز الذاتي والرعاية الذاتية، كما تعزز قدرتنا على مواجهة التغييرات، وتساعد هذه الكفاءات على بناء أساس ذروة الأداء.

عندما نستفيد من الذكاء العاطفي لتعزيز ذروة الأداء؛ فإنَّنا نحقق نتائج مستمرةً وفعَّالةً.

شاهد بالفيديو: الذكاء العاطفي في العمل مفتاح النجاح المهني

أربع عادات لتطوير ذروة الأداء باستخدام الذكاء العاطفي:

كيف نعزز قدراتنا؟ فيما يأتي 4 عادات يمكنك استخدامها في حياتك لتطوير قدرتك على تحقيق ذروة الأداء:

1. إدراج ممارسة اليقظة الذهنية في يومك:

يعرِّف "جون كبات زين" (Jon Kabat-Zinn)، مؤسِّس برامج الحد من التوتر القائم على اليقظة الذهنية، اليقظة بأنَّها: "الانتباه عن قصد، وفي اللحظة الحالية دون إصدار أحكام".

تساعد ممارسات اليقظة الذهنية على بناء الوعي الذاتي وقدرات التوازن العاطفي، ويتضمن ذلك زيادة الوعي بأفكارك وعواطفك وسلوكاتك، والقدرة على إدارتها وتعزيز الانتباه وبناء المرونة والقدرة على التعافي من التوتر بسرعة.

تساعد هذه القدرات القادة والمديرين التنفيذيين على تعرُّف المحفزات وردود فعل التوتر وإدارتها، وأداء المهام المطلوبة، والبقاء مركزين في ظل الضغوطات أو المشتتات، والتواصل بفاعلية مع الفِرق وأصحاب المصلحة.

توجد العديد من ممارسات اليقظة الذهنية التي يمكنك اختيارها، مثل الوعي بالتنفس، ومراقبة حركات الجسد، والتأمل وممارسات مراقبة الأفكار، فلكل منها فوائد ودلالات مشتركة.

فكر في البدء بممارسة يومية تكون مناسبة لك ويمكنك القيام بها، واجعلها عادةً يوميةً، يمكنك تجربة ممارسات مختلفة لمعرفة ما يناسبك وتطوير ممارستك مع مرور الوقت.

2. محاولة الملاحظة والتوقف المؤقت وإعادة الصياغة والمشاركة:

حاول ابتكار عادة تتعلق بملاحظة الأمور التي تحفِّزك، والتوقف المؤقت بدلاً من الرد مباشرة، ثم شارك واستجب عند إعادة صياغة مفاهيمك لخدمة الموقف بصورة أفضل؛ حيث تستفيد هذه العادة من مهارات الوعي الذاتي والتوازن العاطفي، وتساعدك على تجاوز المواقف الفوضوية تجاوزاً هادئاً ومضبوطاً، وإظهار أفضل ما لديك.

على سبيل المثال: لنفترض أنَّك سمعت عن خطأ فادح ارتكبه أحد أعضاء الفريق، وشعرت بالغضب الشديد، لاحظ أنَّ غضبك قد نُشِّطَ وتوقف في تلك اللحظة قبل أن تستجيب، الآن، استكشف ما الذي يحدث وكيف يمكنك إعادة صياغة الموقف والمشاركة فيه؛ للاستجابة بالمزيد من التوازن العاطفي من المفيد التفكير في الأسئلة الآتية:

  • ما هي الفرصة في هذا الموقف؟
  • كيف يخدمك الظهور في حالة الغضب في الوقت الحالي؟
  • ما هو هدفك الأكبر؟
  • كيف يمكنك الظهور في أفضل مستوياتك في خدمة هذا الهدف؟

إحدى الطرائق لبناء توازن عاطفي كبير هي استخدام دفتر يوميات محفز، وفيما يأتي بعض النصائح لمساعدتك على الوصول إلى نتيجة أفضل:

  • عندما تشعر بالضيق، لاحظ الأفكار والعواطف التي تخطر ببالك.
  • اعرف ماذا كانت نتيجة الانزعاج.
  • اعرف إن كان في مقدورك أن تتخيل نتيجة بديلة بحيث تكون مثاليةً أكثر.

عندما تبحث مراراً وتكراراً في دفتر يومياتك وتطبِّق ما تعلمتَه، فإنَّك تبني عادة الملاحظة والتوقف المؤقت وإعادة الصياغة والمشاركة.

"تساعد ممارسات اليقظة على بناء كل من الوعي الذاتي والتوازن العاطفي".

3. تحديد الأهداف التي تدفعك خارج منطقة راحتك:

يُعَدُّ الدافع والتحفيز والمثابرة لتحقيق الأهداف والبقاء في حالة زخم، أموراً ضروريةً لتحقيق ذروة الأداء في مكان العمل، كما أنَّ وضع الأهداف بفاعلية هو عادة سهلة يجب اعتمادها، ولتحسين عادة تحديد الهدف، فكِّر في الأسئلة الآتية:

  • هل يثير هذا الهدف التحدي بما يكفي؟
  • هل تشعر بعدم الارتياح قليلاً؟
  • هل تتحمَّل المخاطر الاستراتيجية؟

عند تحديد الهدف، قسِّمه إلى خطوات بسيطة للحفاظ على حركتك ونشاطك.

إقرأ أيضاً: منطقة الراحة: ما الأسباب التي تجعلها خطيرة؟ وكيف نتخطَّاها؟

4. تدريب عقلك على التكيف مع التغيير:

تساعدك القدرة على التكيف على العمل بفاعلية في حال التغييرات، ورؤية الفرص في كل شيء، وتقديم أفضل ما لديك في جميع الحالات، يُعرِّف "جولمان" القدرة على التكيف بأنَّها: "المرونة في التعامل مع التغيير، والتوفيق بين المطالب المتعددة، والتعامل مع المواقف الجديدة بأفكار وأساليب مبتكرة".

اقترح "جولمان" ثلاث خطوات لبناء القدرة على التكيف، وهي الإصغاء إلى ما بداخلك؛ أي استفد من وعيك الذاتي العاطفي، والنظر إلى الخارج؛ أي انتبه إلى وجهات النظر والأفكار المتنوعة، والابتعاد قليلاً؛ أي ابتعد عن منطقة راحتك وتبنَّ الخبرات والآراء وتقبَّل البيئات الجديدة؛ حيث إنَّ إدراج هذه العادات في نظامك اليومي من شأنه أن يعزز قدرتك على التكيف.

نصيحة إضافية "الرعاية الذاتية":

يجب أن نعتني بأنفسنا لنتمكَّن من رعاية الآخرين؛ غلا يمكن تحقيق ذروة الأداء دون بناء عادات من الراحة والتجديد والرعاية الذاتية في حياتك، بالإضافة إلى ممارسة اليقظة الذهنية؛ لذلك فكر في العادات الأخرى التي توفر وقتاً للتجديد، مثل التواصل الاجتماعي، وتخصيص وقت لاكتساب المعرفة، وإجراء التجارب الممتعة، والنوم الكافي والتمرينات الرياضية.

ستساعدك هذه العادات الأربع والنصيحة الإضافية على تطوير الوعي الذاتي والتوازن العاطفي والتوجُّه نحو الإنجاز والقدرة على التكيف، وتعزز عزيمتك وتركيزك وتحقيق أهدافك واكتساب المرونة والشعور بالعافية والسلامة؛ لذا حاول تجربة هذه الأمور واجعل ذروة الأداء في مكان العمل تمثِّل واقعك الجديد.

إنَّ ذروة الأداء غير ممكنة دون بناء عادات الراحة والتجديد والرعاية الذاتية في حياتك.

المصدر




مقالات مرتبطة