قصة نجاح جورج إيستمان مخترع كاميرا الكوداك

أُسِّسَت شركة "إيستمان كوداك" (Eastman Kodak) تحت شعار "اضغط على الزر، وعلينا الباقي"، ليبدأ عهد جديد في عالم التصوير الفوتوغرافي؛ لكن، من هو "جورج إيستمان"؟ وكيف كانت حياته؟ وكيف تمكن من تقديم أبرز ابتكار للعالم؟ سنقدم لكم كل ذلك أعزاءنا القراء في السطور القليلة القادمة.



نشأة جورج إيستمان وطفولته وتحصيله العلمي:

جورج إيستمان

وُلِد جورج إيستمان في ووترفيل في ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بتاريخ 12 يوليو من عام 1854م؛ وكان الأخ الأصغر والوحيد لشقيقتين أكبر منه؛ وكان والده "جورج واشنطن إيستمان" مزارعاً ناجحاً، ومؤسس كلية "إيستمان التجارية" في الأربعينيات من القرن التاسع عشر.

عندما كان جورج في سن الثامنة من العمر، درس في مدرسة خاصة في روتشستر؛ لكنَّ والده أُصيب بمرض خطير في المخ، الأمر الذي دفع بالعائلة إلى التخلي عن المزرعة والانتقال إلى مدينة روتشستر، إلَّا أنَّه لم يستطع الصمود أمام هذا المرض لأكثر من سنتين، وتوفي في عام 1862م، ممَّا دفع الأم إلى نقل جورج من مدرسته الخاصة إلى مدرسة داخلية؛ ذلك لأنَّها لم تكن تستطيع توفير مصاريف تعليمه؛ لكنَّ جورج لم يكمل دراسته، وغادر المدرسة وهو في سن الرابعة عشر لكونه "غير موهوب بما يكفي"، فعمل حاجباً في شركة تأمين لمساعدة عائلته ودعمها مادياً.

الحياة العملية لجورج إيستمان:

جورج إيستمان

استمر جورج في عمله كحاجب في شركة التأمين لمدة خمس سنوات، ثم انتقل بعدها إلى العمل بوظيفة كاتب حسابات في مصرف روتشستر براتبٍ قدره 15 دولاراً أمريكياً.

كانت جزر الكاريبي تشهد في عام 1877 حركة كبيرة في مجال شراء الأراضي، فقرر جورج أن يعمل في مجال العقارات والسفر إلى العاصمة "سانتو دومينغو"، فاقترح عليه أحد الأصدقاء أن يوثق هذه الرحلة ويأخذ معه آلة تصوير فوتوغرافي؛ وبالفعل تمكَّن جورج من اقتناء هذه الآلة التي كانت تشبه بحجمها المايكرويف في يومنا هذا؛ وعلى الرغم من أنَّ رحلته لم تكن موفقة كثيراً ولم يتمكن من جني الأرباح منها، لكنَّه شُغِفَ بهذه الآلة الجديدة، وأخذ يبحث عن كل ما يتعلق بها من معدات، حتى قرأ في إحدى الصحف أنَّ الإنكليز يصنعون شرائح التصوير الرطبة بأنفسهم، فتعلم كيف يصنعها، وجاءته فكرة أن يصنع شرائح جافة؛ فكان يعمل نهاراً في المصرف، وليلاً على تطوير الشرائح الرطبة طيلة ثلاث سنوات، حتى تمكن أخيراً من صنع الشريحة الجافة وابتكار ماكينة جديدة تصنع له أعداداً كبيرة منها.

عندما رفض البنك ترقية جورج بالدرجة التي يستحقها، قدَّم استقالته، وتفرَّغ للعمل على استثمار اكتشافه بطريقة تحقق له الأرباح، فقرر أن يؤسس شركته الجديدة، واستأجر طابقاً كاملاً في أحد المباني، وبدأ صُنعَ الألواح الجافة؛ ولكن للأسف، لم يكن الأمر كما أراد تماماً، حيث أنَّ الكثيرين اشتكوا من فساد هذه الألواح وعدم عملها على النحو المطلوب، الأمر الذي أجبر جورج على استبدالها أو إعادة ثمنها للمشتري؛ ورغم أنَّ هذه المرحلة كانت مكلفة للغاية، ولم تتحقق من خلالها الأرباح المرجوة، إلَّا أنَّ لها دوراً كبيراً في بناء السمعة الجيدة والاسم التجاري الشهير له.

بعد كل هذه الصعوبات التي واجهت جورج، أصبحت الأمور تسير على نحو أفضل، فقد أصبح عدد الموظفين في الشركة 6 موظفين بالإضافة إلى جورج في عام 1880، حيث أنتجوا أكثر من 4 آلاف لوح تصوير جاف في السنة.

سجَّل جورج إيستمان اختراع أفلام تصوير على لفافات، حيث كان أول من فكر في لفِّ الأفلام بصورة دائرية حول عمود يسمح للفيلم بالحركة الانسيابية؛ وحدثت في عام 1888م نقلة نوعية في عالم التصوير الفوتوغرافي عندما سجل جورج اختراع كاميرا تصوير لفافة فيلم، وكانت هذه الكاميرا تكفي لالتقاط 100 صورة، وتتميز بصغر حجمها بالنسبة إلى معايير تلك الأيام، وكان سعرها نحوَ 25 دولاراً، وبِيع منها أكثر من 73 ألف كاميرا.

سارت الأمور على نحو جيد جداً حتى عام 1893، حيث انتكس الاقتصاد الأمريكي، وفقد جورج الكيميائي الذي كان يعتمد عليه في تأسيس شركته الجديدة؛ ولكن لحسن الحظ، وجد جورج كيميائياً أفضل من سابقه، حيث ساعده على اختراع فيلم تصوير فوتوغرافي مكَّن الشركة من الاستمرار في العمل.

بدأت الشركة تدخل في مجال صناعة التصوير السينمائي وحققت أرباحاً طائلة، إلى أن قرر جورج تأسيس شركة "كوداك" لصناعة آلات التصوير المحمولة ذات العدسة الثابتة، وكان ذلك في عام 1892 ميلادي، وكان جورج يتابع كل أمور وأعمال الشركة بدقة كبيرة، ويراقب أدق تفاصيل العمل، الأمر الذي أسهم في نجاح الشركة نجاحاً باهراً، ووصولها إلى العالمية.

إقرأ أيضاً: 5 مشاهير طردوا من وظائفهم قبل أن يصبحوا ناجحين

الأعمال الخيرية لجورج إيستمان:

كان جورج محباً لفعل الخير، ومشجعاً للعلم والتعليم، فقد أسس معهد إيستمان للموسيقى، وأسهم في إنشاء معهد روتشستر للتكنولوجيا، وأسس أيضاً معاهد طب الأسنان والطب في جامعة روتشستر، وقدم الدعم المالي لمعهد الميكانيكا المتعثر في روتشستر الذي عُرِفَ فيما بعد باسم "معهد روتشستر للتكنولوجيا"؛ كما أنَّه قدم الدعم المالي لعيادات في لندن وفي مدن أوروبية أخرى بهدف تقديم الرعاية الصحية للأشخاص ذوي الدخل المنخفض، بالإضافة إلى دعمه لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

لقد بلغ مجموع ما قدمه جورج من تبرعات للمؤسسات التعليمية والإنسانية نحو 75 مليون دولار أمريكي، كما أنَّه لم ينسَ تكريم العمال والموظفين الذين يعملون معه في كوداك، فقد وزع ما قيمته عشرة ملايين دولار من أسهمه عليهم في عام 1919، وعبَّر عن نظرته الريادية بقوله: "لأنَّه لا يجب أن يُكتفَى بدفع الرواتب العادلة، يتطلب الإنتاج الجيد أكثر من ذلك".

حياة جورج إيستمان الشخصية ووفاته:

جورج إيستمان مخترج كاميرا كوداك

لم يتزوج جورج إيستمان، وكان شغوفاً بالسفر وعزف البيانو، وكان قريباً جداً من والدته وشقيقته وعائلتها.

توفيت والدته "ماريا إيستمان" في عام 1907 بعد إصابتها بمرض "تكلس فقرات العمود الفقري"، وكانت وفاتها خسارة كبيرة بالنسبة إليه.

وفي عام 1932، شُخِّصت إصابة جورج بالمرض نفسه الذي عانت منه والدته لسنوات، وبعد أن تأكد من استحالة شفائه بعدما بدأ المرض ينتشر في عموده الفقري، انتحر في 14 مارس من عام 1932، ودُفِنَ في حديقة شركة "كوداك".

 

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة