قبل أن تبدأ بلوم نفسك، اعلم أنَّك لست وحدك من عانى من ذلك؛ إذ إنَّ بعض أكثر الناجحين في العالم -أشخاص اخترعوا أدواتنا المفضلة، وبنوا أكثر العلامات التجارية نجاحاً على مستوى العالم ككل- سبق وأن فقدوا وظائفهم قبل وبعد وصولهم إلى تلك الحالة الاجتماعية من الشهرة والنجاح التي هم عليها اليوم.
إذا فقدت وظيفتك، فهناك الكثير من الأشياء التي يجب عليك القيام بها؛ بدءاً من البحث في الخيارات المالية المتاحة بين يديك، مروراً بالبقاء واقفاً على قدميه خلال مدة بطالتك، وصولاً إلى عثورك على وظيفة جديدة.
الأمر الوحيد الذي ليس عليك القيام به هو أن تقسوَ على نفسك. إذ في أي حالةٍ سنكون لو سمح هؤلاء المشاهير لضربة وجهت إلى حياتهم المهنية بأن تتسبب بسقوطهم؟
1- ستيف جوبز:
بدأ ستيف جوبز -جنباً إلى جنب مع ستيف وزنياك- شركة أبل للكمبيوتر في مرآب السيارات خاصته في عام 1976. وبحلول عام 1980، كانت شركة أبل شركة تجارية عامة تبلغ قيمتها التسويقية مليار دولار.
في عام 1984، أصدرت أبل جهاز الماكنتوش؛ وفي عام 1985 -وسط مخاوف بشأن المنافسة الحاصلة مع منتجات شركة مايكروسوفت الأرخص ثمناً- أرغمت شركة أبل مؤسسها الشهير على ترك الشركة. في عام 2005، وصف جوبز حالة الضياع التي شعر بها في كلمة افتتاحية ألقاها في جامعة ستانفورد قائلاً:
"كان قد مضى على إصدارنا أفضل إبداعاتنا -الماكنتوش- عاماً كاملاً، وكان عمري وقتئذٍ 30 عاماً فقط. ثم طردت من عملي؛ كيف يمكن أن تُطرد من شركة كنت قد أسستها؟ حسناً، مع نمو شركة أبل، عينت شخصاً اعتقدت أنَّه موهوب جداً وقادرٌ على مشاركتي في إدارة الشركة. سارت الأمور على ما يرام في السنة الأولى. لكن وبعد ذلك، بدأت تتضارب رؤانا تجاه المستقبل؛ لتختلف جذرياً في نهاية المطاف. وحين حدث ذلك، وقف مجلس إدارة الشركة في صفه. لذا صرت موظفاً مطروداً في عمر الثلاثين عاماً؛ ليتلاشى ما كان محور حياتي كلها. لقد كان الأمر مدمراً".
فكر جوبز في مغادرة وادي السيليكون، لكنَّه أدرك بأنَّه لا يزال يحب عمله؛ فمضى إلى تأسيس شركة بيكسار، وشركة نكست التي استحوذت عليها شركة أبل لاحقاً.
عاد جوبز في عام 1997 كرئيسٍ تنفيذي لشركة أبل، حيث قام بتطوير أجهزة الأيبود والأيباد والأيفون، وأحدث ثورة في طريقة عملنا ولعبنا وتواصلنا، بالإضافة إلى الارتقاء بالشركة التي أسسها -وطُرِدَ منها- إلى مستويات غير مسبوقة من الربحية.
2- أوبرا وينفري:
منذ ظهور برنامجها الحواري المسمى باسمها لأول مرة عامَ 1986، أصبحت أوبرا اسماً مألوفاً؛ حيث أنتجت ومثلت في مسلسلاتٍ تلفزيونية مثل مسلسل "The Women of Brewster Place"، وأفلام مثل "Beloved"، وأسست نادي كتب خاص بها، وشركة إعلامية وقناة تلفزيونية، وشبكة تلفزة اسمها شبكة أوبرا وينفري.
كما أنَّ أوبرا ينفري محسنة وفاعلة خيرٍ أيضاً؛ فقد أعلنت مجلة Business Week بأنَّها: "أعظم فاعلي الخير السود في التاريخ الأمريكي". كما أدرجتها مجلة فوربس في قائمة أغنى الأمريكيين من أصل أفريقي في القرن العشرين.
ستتفاجئ إذاً حينما تعلم أنَّها قد فُصِلَت من عملها في وقت مبكر من حياتها المهنية. حيث قال أحد منتجي قناة WJZ-TV لأوبرا التي كانت تعمل آنذاك مراسلة أخبار مسائية بأنَّها: "لا تصلح للأخبار التلفزيونية".
إلا أنَّه ومع ذلك، قدم إليها جائزة ترضية: فرصة عمل في برنامج "الناس يتحدثون"، وهو برنامج تلفزيوني صباحي عدَّته وينفري في بداية الأمر بمثابة خطوة إلى الوراء في مسيرتها المهنية، ذلك إلى أن أقلعت وبدأت حياتها المهنية بصورة جدية.
3- جوان رولينغ موراي:
من منا لم يسمع بسلسلة روايات وأفلام هاري بوتر؟ حسناً، كانت المرأة التي ألفت تلك السلسلة تعمل سكرتيرة فيما سبق؛ إلى أن طُرِدَت من عملها بسبب كتابة قصص الخيال ضمن أوقات العمل في الشركة.
وعن ذلك تقول رولينج: "لقد فشلت على مستوىً ملحمي. فقد فشل زواجي القصير جداً، وكنت أمَّاً عاطلة عن العمل تعيش بأفقر أحياء بريطانيا قاطبة".
عاشت رولينج على مساعدات الرعاية الاجتماعية، وكتبت في مقاهي أدنبرة؛ إلى أن بِيعَ كتابها الأول "هاري بوتر وحجر الفيلسوف" بمبلغ 4000 دولار في عام 1997. وبحلول عام 2000، بيع من الكتب الثلاثة الأولى من سلسلة هاري بوتر 35 مليون نسخة بـِ 35 لغة مختلفة، بصافي إيرادات تقدر بـ 480 مليون دولار على مستوى العالم.
4- والت ديزني:
قبل أن تَعُدَّ انتكاستك الأخيرة تقييماً دقيقاً لقدراتك، ضع في اعتبارك أنَّنا نعيش في عالمٍ طُرِدَ فيه والت ديزني ذات مرة "بسبب عدم امتلاكه الحس الابداعي اللازم".
هذا صحيح: فقد طَرَدَت صحيفة "كانساس سيتي ستار" والت عندما كان في أوائل العشرينيات من عمره. ليبدأ بعد ذلك شركة "Laugh-o-gram Studios" التي أفلست في عام 1923. ولم يحقق والت أي نجاح يذكر، إلا حين انتقل إلى هوليوود رفقة شقيقه روي؛ حيث أسسا استوديو "ديزني براذرز للرسوم المتحركة". فقد حقق نجاحه هذا مع شخصية كرتونية جديدة: ميكي ماوس.
في عام 1929، أطلق والت لأول مرة سلسلة أفلام "Silly Symphonies"، حيث ضمت شخصيات أخرى مثل دونالد داك وميني ماوس، بالإضافة إلى ميكي. كما فاز أحد أفلام الرسوم المتحركة في سلسلة "Flowers and Trees" بجائزة الأوسكار.
استمر والت في وقت لاحق، في إنشاء أفلام رسوم متحركة كاملة، مثل "بياض الثلج والأقزام السبعة" عام 1937. وبحلول حقبة الخمسينيات؛ شملت إمبراطورية ديزني مسلسلات تلفزيونية مثل "The Mickey Mouse Club" ومتنزه ديزني لاند الترفيهي.
أمَّا شركة والت ديزني اليوم، فهي شركة تبلغ قيمتها التسويقية 59 مليار دولار، وتشمل ممتلكاتها منتزهات ديزني وشركة صناعة أفلام وشركة تليفزيون الكابل.
5- توماس إديسون:
ابتكر توماس إديسون أو أتقن صناعة المصباح الكهربائي والتلغراف وكاميرا تصوير سينمائية مبتكرة. وبقدر ما اشتهر بأنَّه رجل أعمال صعب المراس (وعديم الضمير أحياناً)، اشتهر أيضاً بكونه مخترعاً، إذ حاز إديسون على أكثر من 1000 براءة اختراع في حياته. هذا ليس بالأمر السيء بالنسبة إلى رجل وصفه ذات مرة معلمه حين كان طفلاً بأنَّه: "غبي جداً لدرجة أنَّه لن يتعلم أيّ شيء".
بعد أن تلقى تعليمه في المنزل، بدأ إديسون أول مشاريعه الريادية حين كان في الثاني عشر من عمره، حيث كان يبيع الصحف على متن إحدى القطارات البخارية. ليؤسس في وقت لاحق جريدته التي بدأ في بيعها للركاب إلى أن اندلعت النيران في مختبره المرتجل الذي أسسه في سيارة أمتعه، مما أدّى إلى فَقْدِهِ لِحَقّ الدخول إلى القطارات (واصل بيع الصحف في المحطات).
لاحقاً، وكموظف في شركة ويسترن يونيون، كلفه تعدد المهام وظيفته من جديد؛ إذ سَكَبَ إديسون حمض الكبريتيك على الأرض، بعد أن كان قد طلب العمل في نوبة ليلية حتى يتمكن من الاستمرار في تجاربه. ليتسرب الحامض عبر ألواح أرضية الغرفة، ليصل إلى مكتب رئيسه أسفل غرفة إديسون.
كانت أعظم إخفاقات إديسون هي بذور نجاحه: فبعد تجربة ألف نموذج أولي، توصل إديسون لاحقاً إلى تصميمٍ ناجحٍ للمصباح الكهربائي. وعن ذلك سأله أحد المراسلين: "كيف تصف شعور المرء حينما يفشل 1000 مرة؟"
ليجيب إديسون: "لم أفشل ألف مرة؛ فالمصباح الكهربائي كان اختراعاً مبنياً على 1000 خطوة".
أضف تعليقاً