قصة نجاح الوليد بن طلال

كثيرةٌ هي قصص النجاح، ولكنَّ أكثر ما يشدُّنا هي قصص أولئك الأشخاص الذين كافحوا وبنوا أنفسهم دون اعتمادٍ على أحد، وسطَّروا قصص النجاح الخاصة بهم. قصَّة نجاح اليوم هي قصَّةُ واحدٍ من أشهر وألمع رجال الأعمال السعوديين، وهو "الوليد بن طلال"، الذي تخطَّت شهرته حدود الوطن العربي إلى العالم أجمع، ليُصبح من أشهر المستثمرين في العالم.



سنتناول في مقالنا اليوم قصَّة نجاح الوليد بن طلال، ومراحل حياته، وإنجازاته.

من هو الوليد بن طلال؟

من هو الوليد بن طلال؟

وُلِدَ الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود في 7 مارس/ آذار عام 1955 في مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية، وهو رجل أعمالٍ سعودي يُعَدُّ من أكبر المستثمرين في العالم، وهو مؤسِّس شركة "المملكة القابضة" وأحد أعضاء مجلس إدارتها؛ كما أنَّه أحد أعضاء العائلة المالكة في السعودية، وأغنى رجل في الشرق الأوسط، حيث صُنِّف على مدار سنين عديدةٍ كواحدٍ من أغنى أغنياء العالم.

نشأة الوليد بن طلال:

نشأة الوليد بن طلال

نشأ في ظلِّ عائلةٍ عريقة، وهو الابن الثاني للأمير (طلال بن عبد العزيز)، الذي شَغَل منصب سفير السعودية في فرنسا، ووزير مالية الملك سعود لفترةٍ وجيزة؛ وجدُّه لأبيه هو مؤسِّس المملكة العربيَّة السعوديَّة الملك (عبد العزيز بن سعود)؛ أمَّا أمُّه فهي (مُنى الصلح)، ابنة الزعيم اللبناني (رياض الصلح)، رئيس أوَّل حكومةٍ في لبنان بعد الاستقلال عن فرنسا.

انفصلَ والداه عندما كان في السابعة من عُمره، وقد ذهب للعيش مع أمِّه في بيروت، حيث درس المرحلة الابتدائية في مدرسة غابة الصنوبر. وفي عام 1968، أجبره والده على الالتحاق بكلية الملك عبد العزيز الحربية في المملكة العربية السعودية، ومن ثمّ عاد الأمير إلى بيروت مرَّةً أخرى في عام 1974 والتحق بمدرسة الشويفات.

مؤهلات الوليد بن طلال العلمية:

حَصَلَ على شهادة البكالوريوس في العلوم الإدارية والاقتصادية من كُلية منلو التابعة لولاية كاليفورنيا الأمريكية، وذلك سنة 1979.

وفي عام 1985، نال شهادة الماجستير في العلوم الاجتماعية مع مرتبة الشرف من جامعة سيراكيوز، في ولاية نيويورك، في الولايات المتحدة الأمريكية.

إقرأ أيضاً: صفات رائد الأعمال الناجح، وأهم النصائح لرواد الأعمال المُبتدئين

بداية حياة الوليد بن طلال العلمية ونجاحاته:

عَقِب انتهاء دراسته، عاد الوليد بن طلال إلى السعودية ليبدأ تنفيذ ما تعلَّمه على أرض الواقع، وبدأ بالفعل مُمارسة بعض الأنشطة التجارية والاستثمارية في ثمانينات القرن العشرين، حيث بدأ مشاريعه في قطَّاع الأعمال، وأسَّس "شركة المملكة للتجارة والمقاولات" في الرياض، والتي استطاعت أن تُحقِّق نموَّاً سريعاً؛ لتركيزها على أعمال الإنشاء وتطوير البنية التحتية والمشاريع العقارية؛ وقد كان رأس مالها 30 ألف دولارٍ (ما يعادل 110 آلاف ريال) آنذاك، أعطاها له والده.

تعرَّض الوليد إلى الإفلاس مرَّتين خلال أقلِّ من عامين، وكانت المرة الأولى بعد 5 أو 6 أشهرٍ من بداية تأسيس شركته، فما كان من والده إلَّا أن أعطاه عشرة أضعاف المبلغ، أي 300 ألف دولارٍ (ما يعادل 1.1 مليون ريال)، وبدأت المؤسَّسة التوسُّع وشراء الأراضي؛ لكنَّها سرعان ما أفلست مرَّةً أُخرى بعد سنةٍ واحدة، وذلك قبل أن يمنحه الأمير "طلال" أرضاً ويترك له حريَّة التصرُّف فيها.

وقد كانت النقلة النوعيَّة للوليد في عام 1991م، حين تمكَّن من إبرام أهمِّ صفقةٍ ارتبطت ببداية نجاحاته في عالم المال والأعمال، وهي صفقة شراء أسهمٍ في مجموعة "سيتي كورب" العالميَّة، بقيمة 790 مليون دولار.

في عام 1996، ومع النمو الذي شهدته "شركة المملكة للتجارة والمقاولات"، اتجهت الشركة الى زيادة أنشطتها، وأصبحت تملك استثماراتٍ عديدةً في قطَّاعاتٍ متنوِّعةٍ من الدولة، وتغيَّر اسمها الى شركة "المملكة القابضة"، وهي شركةٌ مُساهمةٌ عامَّةٌ تُتَدَاوَل أسهُمها في السوق المالية السعودية.

تُعدُّ شركة " المملكة القابضة" واحدةً من أنجح الشركات الاستثمارية العالمية وأكثرها تنوُّعاً في مجالات الاستثمارات، حيث تدير هذه المنظمة أنواعاً عديدةً من الاستثمارات حول العالم، والتي تتنوع ما بين: فنادق، وشركات إدارة الفنادق، وقطَّاعات الخدمات المصرفية والمالية والعقارات، والبتروكيميائيات، والإنتاج الإعلامي ومحطَّات التلفزيون الفضائية، والقطَّاعات التقنية والإعلام، وقطَّاع التجزئة والزراعة والصناعة والطيران.

تمتلك الشركة علاماتٍ تجاريةً عالميةً، مثل: فندق جورج الخامس في باريس، وفندق فيرمونت في سان فرانسيسكو؛ وتمتلك حصصاً في شركات فنادق عالمية، مثل: فنادق ومنتجعات فور سيزون، وفيرمونت رافلز للفنادق الدولية، وفنادق ومنتجعات موفنبيك؛ إضافةً إلى أسهمٍ في العديد من العلامات التجارية المميَّزة، مثل: مجموعة سيتي غروب، ونيوز كوربوريشن، وتايم وورنر، وتويتر، وشركة آبل.

في عام 2000، بدأ الاستثمار في مجال التكنولوجيا قبل ثورة الإنترنت، حيث عَرَفَ كيف يُراهِن على بعض الشركات مثل: موقع "إيباي"، و"بريسلاين"؛ كما كان قد استثمر بنحو 100 مليون دولار في شركة آبل عام 1997، في وقتٍ كانت فيه الشركة التي صنعت اليوم ثورةً في عالم الهواتف الذكية، تُكافِح من أجل البقاء.

في عام 2011، استثمر الوليد في موقع تويتر بثلاثمئة مليون دولار، أي نحو 3% من أسهمها عندما كانت لا تزال شركةً خاصة. وفي عام 2017، امتلك الأمير السعودي 5.2٪ من رأس مال مجموعة تويتر، ما جعله ثاني أكبر مُساهمٍ فيها، متقدِّماً حتَّى على المدير العام ورئيس الشركة وأحد مؤسِّسيها (جاك دورساي)، والذي يملك 3.2٪ من رأس مالك الشركة.

ينشط الوليد في قطَّاع الإعلام يضاً، وله أسهمٌ كبيرةٌ في العديد من المؤسَّسات الإعلامية العربية والأجنبية، مثل: مجموعة قنوات روتانا الترفيهية، والتي يرأسها ويمتلك قرابة 80% من أسهمها، والتي تضمُّ 21 قناةً تلفزيونيةً ومحطاتٍ إذاعيةً ومطبوعات، وتُقدِّم خدماتٍ إعلامية، وتُنتِج الأفلام؛ بالإضافة إلى امتلاكها أكبر مكتبة أفلامٍ عربيَّةٍ في العالم. كما يمتلك الأمير أسهماً في قناة الرسالة، ولهُ حصصٌ في شركات: نيوز كورب، وميديا سيتي، وسي إن إن، وفوكس، وسنشري فوكس 21.

ويمتلك العديد من المشاريع الهامَّة في المملكة العربية السعودية، ومن أهمِّ هذه المشاريع: مشروع جدَّة العقاري، الذي تتجاوز مساحته خمسة ملايين مترٍ مربَّع، وبرجٌ بارتفاع 1000 متر، ومشروعٌ آخر في الرياض على مساحة 16.7 مليون متر مربَّع.

وقد أَطلَقَ العديد من المُبادرات والمؤسَّسات الخيرية ذات المقار الإقليمية والمُبادرات العالمية التي تُركِّز على تقديم المساعدات الإنسانية والتعليمية والاجتماعية القيِّمَة إلى أولئك الذين هم في أشدِّ الحاجة إليها. كما قدَّم الأمير منِحَاً وهباتٍ لأكثر من 60 بلداً، من أفغانستان إلى زيمبابوي.

أنشأ الوليد ثلاثَ مؤسَّساتٍ تعمل محليَّاً وإقليميَّاً ودوليَّاً لمكافحة الفقر، وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، وتمكين المرأة والشباب تحت شعار (التزامنا بلا حدود)، وهي: مؤسَّسة الوليد بن طلال الخيرية في المملكة العربيّة السعودية، ومؤسَّسة الوليد بن طلال الإنسانية في لبنان، ومؤسَّسة الوليد بن طلال الخيرية في لبنان. وتنوِّه "مؤسَّسات الوليد بن طلال الخيرية" إلى أنَّها مُستقلَّةٌ تماماً عن شركة "المملكة القابضة".

في عام 2013، أعلنَ الوليد بن طلال عن إتمام صفقة شراء حصَّةٍ بنسبة 2.3% من شركة "سناب شات" الشهيرة للتواصُل الاجتماعي، بقيمة ربع مليار دولار.

في عام 2020، نشر الملياردير السعودي تغريدةً أعلَنَ فيها دعمه الجهود العالمية لمُحاربة فيروس كورونا بما يزيد عن 112 مليون و500 ألف ريال سعودي، أي ما يُعادل 30 مليون دولارٍ أمريكي. وعن هذا الإعلان، قال الوليد بن طلال:

"لقد أصبح من الهامِّ الآن أكثر من أيَّ وقتٍ مضى، وخصوصاً في هذا الوقت الذي نُواجه فيه جميعنا هذه الأزمة غير المسبوقة، أن نجمع مواردنا معاً في المعركة ضدَّ فيروس كورونا. وفي الوقت الذي تُكافح فيه العديد من الدول المتقدِّمة لمواجهة هذه الجائحة، يجب علينا ألَّا ننسى البلدان النامية في أفريقيا، والدول الأكثر حاجةً في الشرق الأوسط".

وتابع: "يمتدُّ تاريخ مؤسَّسة الوليد الإنسانية في دعم المبادرات التنموية والإنسانية الموجَّهة إلى الأشخاص الأشدِّ حاجةً وتقديم العون لهم، إلى 40 عاماً، ونؤكِّد أنَّنا سنواصِل هذه المسيرة في مواجهة هذه الجائحة".

الحياة الشخصية للوليد بن طلال:

الحياة الشخصية للوليد بن طلال

تزوَّج الوليد بن طلال من ثمان أميراتٍ وطلَّقهن جميعاً، وهنَّ:

  • دلال بنت سعود بن عبد العزيز، والتي أنجب منها ولدين هما: خالد وريم.
  • إيمان السديري.
  • الأميرة جميلة بنت عبدالله بن فايز الشهري.
  • الأميرة خلود مليح العنزي.
  • الأميرة مها بنت راشد آل سعيّد التميمي.
  • الأميرة ريوف خالد آل سقيان المطيري.
  • الأميرة أسماء بنت عيدان بن نايف الطويل العصيمي العتيبي.
  • الأميرة أميرة بنت عيدان الطويل (الظاهرة في الصورة أعلاه).

إنجازات الوليد بن طلال:

إنجازات الوليد بن طلال

  • في عام 2004، احتلَّ المركز الرابع ضمن قائمة مجلَّة فوربس لأغنى رجُلٍ في العالم، بثروةٍ تُقدَّر بـ 21 مليار دولار.
  • في عام 2009، احتلَّ المركز 22 ضمن قائمة مجلَّة فوربس لأغنياء العالم، بثروة تُقدَّر بـ 13.3 مليار دولار.
  • في عام 2010، ارتفع ترتيبه إلى الترتيب 19 من بين أغنياء العالم، بثروةٍ تُقدَّر بـ 19.4 مليار دولار.
  • في عام 2005، ألَّف الكاتب والصحفي البريطاني (ريز خان) كتاباً عن الوليد بن طلال، يتناول فيه قصَّة نجاحه في مجال المال والأعمال، ويتكوَّن من 18 فصل، وقد نشرته شركة (هاربر كولينز)، وتُرجِمَ إلى العربية، وبيعت منه قرابة المليون نسخة.
  • في عام 2013، صنَّفته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية ضمن أقوى 500 شخصيةٍ في العالم.
  • في عام 2014، صنَّفته مجلَّة "فوربس" في المرتبة الثلاثين على قائمة أثرياء العالم، والأوَّل عربياً، وذلك بثروةٍ تجاوزت 20.4 مليار دولار؛ كما دخل اسمه ضمن مؤشِّر بلومبيرغ لأصحاب المليارات، وصُنِّف في صدارة قائمة أقوى 100 رجل أعمالٍ عربي.
  • في عام 2017، احتلَّ المركز الخامس والأربعين ضمن قائمة مجلَّة "فوربس" لأغنى رجال العالم، مع ثروته التي تُقدَّر بـ 18 مليار دولارٍ أمريكي.
  • في عام 2019، عاد إلى تصدُّر قائمة المليارديرات العرب، بحسب مؤشِّر شبكة "بلومبرج" الأمريكية السنوي؛ حيث تصدَّر القائمة بثروةٍ بلغت 14.7 مليار دولار.
إقرأ أيضاً: كيف تكون ناجحاً مالياً: ابدأ العمل من اليوم

الأوسمة والجوائز التي نالها الوليد بن طلال:

الأوسمة والجوائز التي نالها الوليد بن طلال

نتيجةً لمُساهماته ونشاطاته الخيرية ومؤسَّساته التجارية والعقارية في مُختَلَف أنحاء العالم، مُنِح العديد من شهادات التقدير والأوسمة، كما كرَّمه العديد من زعماء العالم:

  • نال الوليد بن طلال 72 وساماً تقديرياً، من ضمنها: وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى لرجال الأعمال المتميزين؛ كما قلَّدَه سلطان بروناي وسام الطبقة الأولى المُميَّز الرفيع للعائلة المالكة.
  • منحَته الدولة اللبنانية وسام الأرْز برتبة ضابطٍ أكبر، كما منحته تونس وسام الجمهورية.
  • تقلَّد وسام النجم الأكبر من جيبوتي، والوسام الوطني من درجة الاستحقاق من النيجر.
  • منحَه الرئيس (جورجي بارفانوف) وسام فارس مادارا، وهو أعلى وسامٍ في بلغاريا؛ كما نال وساماً من درجة الأسد من الرئيس السنغالي.
  • نال الوليد بن طلال 21 شهادة دكتوراه فخريةً من جامعاتٍ غربيةٍ وعربيةٍ وآسيوية، ومن بينها: دكتوراه في القانون من جامعة إكستر في بريطانيا، وأُخرى في العلوم الإنسانية من جامعة الأقصى في غزة، ودكتوراه فخرية في الآداب من جامعة القاهرة.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة