قابلية التأثر: ماذا تعني وما هو الجانب الإيجابي منها؟

أن تكون عرضة للتأثر يمكن أن يساعد على تعزيز القرب والثقة في علاقاتك، وأن تكون عطوفاً على نفسك يساعدك على التعامل مع العواطف السلبية المرتبطة بالتأثر. لكن قد تواجه صعوبة في تكوين والحفاظ على العلاقات إذا بقيت منغلقاً، ويتطلب الانفتاح بعضاً من التأثر والضعف لإقامة علاقات صحية.



أن تكون عرضة للتأثر قد يكون تحدياً، وقد تواجه عقبات، ولكن من الجيد أحياناً أن يستمع شخص ما لأفكارك ومشاعرك الحقيقية، فإذا قمت بالتعامل مع تحديات الحياة عبر الاحتفاظ بكل شيء في داخلك، فقد يتراكم الاستياء والعواطف السلبية، أو قد تعبِّر عن العواطف بطرائق غير صحية.

توفر قابلية التأثر إحساساً بالانتماء وهو أمر أساسي لتجربة الإنسان، فإذا تحديت عقباتك فيما يتعلق بالانفتاح، يمكنك اتخاذ خطوات للتغلب عليها وربما حتى الاستمتاع بإحساس أفضل بالتواصل مع الآخرين.

ما هي قابلية التأثر؟

عندما تفكر في قابلية التأثر (vulnerability)، قد تأخذ عنها انطباعاً سلبياً، ولكن أن تكون عرضة للتأثر أمام الآخرين هو علامة على الصدق والذكاء العاطفي (EQ).

عندما تكون قابلاً للتأثر وضعيفاً، يمكنك بناء الثقة مع الآخرين من خلال كونك شفافاً ومعبراً، ويمكنك:

يمكن تعريف قابلية التأثر على أنَّها استعداد للمخاطرة من أجل عرض العواطف والتعبير الصادق على الرغم من الخوف، ويمكن أن تكون قابلية التأثر تحدياً بالنسبة إلى بعض الأشخاص.

لماذا قابلية التأثر هامة؟

قابلية التأثر ضرورية لأسباب متعددة:

1. زيادة القرب:

تشير دراسة أجريت في عام 2019 إلى أنَّنا عندما نكون عرضة للتأثر أمام شركائنا ونتلقى استجابة داعمة منهم، يمكن أن يزيد ذلك من مستويات القرب، فالقرب هو مستوى التقارب الذي نشعر به مع الناس، وعندما تكون عرضة للتأثر بشأن عواطفك ومشاعرك، قد تتعزز علاقاتك.

2. زيادة الثقة:

تعزيز الثقة هو جزء آخر ضروري لقابلية التأثر، فيؤكد استفتاء أُجريَ في عام 2020 عن الانفتاح والثقة أنَّك عندما تكون ضعيفاً يعني أنَّك ستثق بالآخرين في عدم خيانتك أو استخدامهم ما يؤثر بك ضدك.

رغم أنَّك لا تعرف دائماً ما إذا كان كل شخص تثق به قادراً على احترام قابليتك للتأثر، لكنَّ ذلك قد يظهر لك أنَّ علاقتك موثوقة إذا حافظ على الأسرار، فيجب عليك أن تشعر بالأمان مع شخص ما قبل أن تكون قابلاً للتأثر أمامه.

3. زيادة التعبير العاطفي:

القدرة على التعبير عن العواطف هي سبب آخر يجعل قابلية التأثر ضرورية، وتساعد قابلية التأثر على التعبير عن مشاعرك، سواء كانت إيجابية أم سلبية، وقد أظهرت أبحاث جديدة عن قابلية التأثر وكيفية التعامل مع التوتر أنَّ الضعف كان مرتبطاً بمستويات أعلى من التعبير العاطفي والدعم الاجتماعي.

4. عقبات أمام قابلية التأثر:

الخوف هو واحد من أهم العوائق أمام قابلية التأثر، فقد تختار أن تكون غير ضعيف أمام الآخرين لأسباب تشمل:

  • الخوف من إيذاء الآخرين.
  • الخوف من تجربة رفض.
  • الخوف من أن يُستخدم ما تقوله ضدك.

معظم الأشخاص قد مروا بهذه التجارب من وقت لآخر.

قد تضطر إلى تحمُّل مخاطرة عندما تخرج من منطقة راحتك وتفتح نفسك أمام شخص ما، وفي بعض الأحيان تساعد هذه المخاطرة على بناء علاقات أوثق مع الآخرين، وفي بعض الأحيان يمكن أن تساعدك على التعرف إلى من لا يمكنك الثقة بهم.

التجارب السلبية في الماضي قد تكون أيضاً عائقاً أمام قابلية التأثر، على سبيل المثال، إذا كنت قد انفتحت على شخص ما في السابق ولم يسر الأمر بشكل جيد، فقد يبني لديك جداراً بينك وبين الآخرين، ومن ناحية أخرى، قد يساعدك تعلُّم كيفية بناء الثقة والتنبؤ بنوايا الآخرين على معرفة متى عليك أن تبرز تأثرك ومتى لا.

شاهد بالفديو: كيف تتعامل مع انعدام الأمان والغيرة في علاقتك العاطفية؟

كيف تصبح أكثر عرضة للتأثر؟

إذا كنت تواجه صعوبة في أن تكون ضعيفاً وقابلية للتأثر، أو اخترت أن تكون ضعيفاً وتشعر بالذنب أو العار، إليك بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها لمساعدة نفسك:

1. ممارسة العطف على الذات:

تشير الأبحاث التي أجريت في عام 2021 عن الارتباط بين العطف على الذات وقابلية التأثر إلى أنَّ ممارسة العطف على الذات تساعدك على تجنُّب نقد نفسك بعد أن تضعف أو تتأثر.

يقترح الباحثون أيضاً أنَّك تستطيع تغيير نظرتك لتظهر تأثرك أمام الآخرين، من خلال تحويل النظرة للضعف من سلبية إلى إيجابية وتخفيف مشاعر العار.

2. البحث عن أشخاص داعمين:

يساعد العثور على أشخاص داعمين على تعزيز القابلية للتأثر، فعندما تملك نظام دعم قوياً، لا تحتاج إلى الخوف من استخدام انفتاحك ضدك أو أن يخون أحدهم ثقتك.

يساعد الدعم الاجتماعي - أو دعم مدرب حياة أو معالج - أيضاً على التعامل مع العواطف الكبيرة.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات للتحكم بعواطفك وتغيير حياتك

ماذا يعني أن تكون عرضة للتأثر في العلاقات؟

تعني قابلية التأثر أن تسمح لشريكك برؤية الشخص الحقيقي فيك؛ "إنَّها تشمل القدرة على التعبير بصراحة عن احتياجاتك وتفضيلاتك، والكشف عن عواطفك بصدق، وتحديد والحفاظ على حدود صحية"، كما تقول ليزا جولد، عاملة اجتماعية سريرية مرخصة في مدينة نيويورك.

تشمل بعض أمثلة التأثر:

لماذا من الصعب أن تكون عرضة للتأثر أمام الرجال في العلاقات؟

قابلية التأثر والضعف هي فعل شجاع، وفقاً لما تقوله جولد.

أن تكوني ضعيفة أمام رجل أو أي شريك آخر يمكن أن يكون تحدياً، خاصة إذا كنت قد تعلمت أنَّ التأثر هو نوع من الضعف.

من الممكن أن تكون قد نشأت في أسرة أو ثقافة كانت فيها بعض الموضوعات محظورة، أو لم يكن آمناً مشاركة قيمك وأفكارك أو مشاعرك.

"قد يكون من الصعب جداً أن تكوني ضعيفة في العلاقات، خاصة عندما تخشين أن يتم استقبال ضعفك بالسخرية أو النقد"، كما تقول جولد.

"إذا كنت تمتلكين تاريخاً من الهجر أو الرفض أو التخريب أو الإهمال، فقد يصبح أمراً أصعب وأكثر رعباً بكثير أن تواصلي الانفتاح على الآخرين".

إقرأ أيضاً: فن بناء العلاقات مع الآخرين

لماذا من الهام أن تكون قابلاً للتأثر أمام شريكك؟

باختصار، الضعف يساعد على تقريب شخصين، فقد وجدت دراسة أجريت في عام 2018 أنَّنا عندما ندرك أنَّ شخصاً آخر يخاطر بالكشف عن نفسه، يمكننا تقدير ذلك والتركيز على الجوانب الإيجابية للضعف والتأثر.

"القابلية للتأثر هو مصطلح آخر للقرب، أنا أحب تفكيك كلمة intimacy (القرب) إلى: (into-me-see) أي ترى ما بداخلي"، كما يقول الدكتور تيموثي ين، وهو عالم نفس سريري مرخص في دبلن، كاليفورنيا، ويضيف: "من الهام أن يتفاعل شريكك مع النسخة الضعيفة منك؛ لأنَّ هذه هي الطريقة الوحيدة للتواصل بشكل حقيقي، وتعد تجربة قبول حقيقي لذواتنا بأكملها".

توجد عدة فوائد لقابلية التأثر، ومن ذلك:

  • تعزيز ثقتك بنفسك.
  • بناء الثقة مع الآخرين.
  • حل النزاعات.
  • تطوير المرونة.
  • تعميق الروابط.
  • الأمان العاطفي.
  • الشعور بأنَّك "تُرى".
  • تعزيز الصحة العقلية والجسدية.

نصائح لتكون عرضة للتأثر مع شريكك:

قد تجد من المفيد لك أن تجرب بعض النصائح لمعرفة أيها يناسبك، إليك ما يأتي:

1. حدد مشاعرك:

قد يثير مجرد التفكير في أن تكون قابلاً للتأثر مشاعر مختلفة، مثل الخوف والقلق والشك بالنفس، وقد تجد أنَّه من المفيد أن تتعلم كيف تحدد هذه الأحاسيس في أن تنتبه عليها بحيث تصبح أقل تخوفاً.

تشمل بعض النشاطات التي تساعد:

  • التأمل.
  • كتابة يومياتك.
  • تاي تشي.
  • اليوغا.

2. ابدأ بأمور صغيرة:

من الممكن بناء الثقة ببطء، وفقاً لما يقوله ين: "أنت تقوم بتقييم استجابة شريكك لمعرفة ما إذا كان من الحكمة مواصلة مشاركة جوانب أكثر ضعفاً من ذاتك".

على سبيل المثال، يمكنك أن تفكر في مشاركة شيء لا تمانع أن يعرفه الآخرون، مثل نتيجة حصلت عليها في اختبار حديث أو قصة من طفولتك.

3. جرِّب الكتابة:

يمكن أن تكون عملية كتابة أفكارك الرئيسة على قطعة ورق أو كملاحظة على هاتفك، ثم يمكنك قراءتها بصوت عالٍ لشريكك مفيداً جداً.

إقرأ أيضاً: ثلاثة أنواع من الكتابة تحسن الوعي الذاتي والصحة العقلية

4. استخدم عبارة "أنا":

إنَّ التواصل الفعَّال في أي علاقة يتطلب التمرين، فاستخدام عبارات "أنا" قد يساعد على منع شريكك من الدفاع.

على سبيل المثال، "أنا أشعر بعدم الأمان تجاه تلك المرأة في الصالة الرياضية التي تحاول التقرب منك".

5. فكِّر في وضع حد زمني:

ربما يمكنك أن تطلب من شريكك أن يمنحك 5 أو 10 دقائق للتعبير عن نفسك، ثم اطلب منه الاستماع حتى ينفد الوقت، ثم أعطه نفس الوقت للرد.

6. استشر معالجاً نفسياً:

قد يوفر العلاج النفسي تجربة تصحيح عاطفية بشأن بناء الثقة، ويمكن أن يمنحك القدرة على ممارسة قابلية التأثر، وفقاً لما يقوله ين: "بفضل خبرة المعالج ووجوده، يمكن للأشخاص أن يخاطروا ويجربوا الرعاية والعناية التي تأتي من خلال رؤيتهم حقاً دون الخوف من الانتقاد وإصدار الأحكام"، ويشرح: "يمكن أيضاً أن يساعد العلاج الأشخاص على معرفة مزيد من المعلومات عن جوانبهم الضعيفة وكيفية التواصل بها بطريقة صحية".

7. جرِّب الاستشارات الزوجية:

يمكن أن تكون الاستشارات الزوجية مفيدة في أثناء اللحظات الصعبة، وربما يمكنك أن تنظر إلى طلب شريكك أن ينضم إلى العلاج الزوجي حتى يكون لديكما مساحة آمنة للتحدث بصراحة.

شاهد بالفديو: 6 قواعد أساسيّة لنجاح العلاقة الزوجيّة

في الختام:

تعني القابلية للتأثر أن تكون منفتحاً ولكن أيضاً أن تفهم أنَّك تتحمل مخاطرة، وقد تساعد الحدود التي تحد من الضعف على تجنُّب أي شخص يسيء استخدام سلطته في العلاقة، وبالنسبة إلى معظم الأشخاص، يتطلب أن تكون قابلاً للتأثر شعوراً بالأمان.

تشمل بعض المكونات الضرورية في العلاقات الصحية ما يأتي:

  • التعبير عن العواطف.
  • بناء الثقة.
  • وجود تقارب مع الأشخاص.

كل هذه فوائد لقابلية التأثر، ولكنَّ الخوف قد يمنعك من أن تكون ضعيفاً، ويمكنك تحقيق التوازن بين أن تكون قابلاً للتأثر من خلال اختيار من تحيط نفسك به، ويمكنك أيضاً أن تتحمل الانفتاح من خلال ممارسة العطف مع الذات.




مقالات مرتبطة