قائمة نصائح شاملة من "برايان تريسي" في مجال الحديث أمام الجمهور

لقد كان عملي في مهنة إلقاء الخطابات التحفيزية الذي امتد حولي 30 عاماً أمراً رائعاً، فقد جمعت خلال تلك الفترة مئات النصائح حول الحديث أمام الجمهور، وسأستعرض في هذا المقال أكبر عددٍ ممكنٍ منها.

لقد استهلَّ عددٌ كبيرٌ من الخُطباء المحترفين مشوارهم بالطريقة نفسها: فقد بدأوا بإلقاء الخطب في منظَّماتهم أو شركاتهم أو طُلِبَ منهم في بعض الأحيان التحدث حول اختصاصهم مع مجموعةٍ صغيرةٍ من الناس يعملون ضمن مجال معين فجمعوا بعض الملاحظات واستعرضوا ما يعرفونه من معلومات. وحينما يتجاوب الناس بصورةٍ إيجابية سيدرك الشخص الذي يلقي الخطاب فجأةً أنَّ الناس يستمتعون بالخطاب، حيث يُعَدُّ هذا واحداً من الأسباب الرئيسة التي تقف وراء رغبة الناس في دخول مجال الخطابة.



سواءً كنت تمارس الخطابة أمام مجموعةٍ صغيرة أو أمام عددٍ كبير من الجماهير فقد جمعت لك في هذه المقالة بعضاً من التقنيات المفيدة، فقد ساعد تعلُّم فن الحديث أمام الجمهور العديد من الناس على تحقيق نجاحاتٍ مهنيةٍ في مجالات أعمالهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، والحصول على ترقيات، والسفر حول العالم.

أولاً: 7 نصائح حول الحديث أمام الجمهور تعلمتها من عملي في هذا المجال

تابع القراءة ودعني أقدم لك جميع النصائح التي تعلمتها في مجال الحديث أمام الجمهور من خلال عملي متحدثاً تحفيزياً محترفاً:

1. يجب أن تكون لديك رغبة حقيقية في امتهان الحديث أمام الجمهور:

يُعَدُّ صديقي "بيل جوف" (Bill Gove) واحداً من أبرز المتحدثين أمام الجمهور في أميركا وكان الناس يأتون إليه دائماً ليخبروه بأنَّهم يريدون أن يعملوا في مجال الحديث أمام الجمهور، فكان يسألهم "لماذا؟"، وكانوا يجيبونه دائماً بأنَّهم يريدون أن يصبحوا مشهورين، أو أن يجنوا الكثير من المال، ويصبحوا نجوماً لامعين. وكان يُشير إلى أنَّ هذه الأسباب ليست مقنعةً بما يكفي، فمجرد الرغبة في جني المال وامتلاك الشهرة لم تكن أسباباً كافية.

إنَّ السبب الذي يقف وراء كون الأشخاص الناجحين ناجحين في إلقاء الخطابات هو أنَّ لديهم رسالةً قويةً يريدون أن يوصلوها ويمكن للناس أن يستفيدوا منها بشكلٍ حقيقي.

2. قد يتعين عليك العمل بجد قبل جني المال:

لقد كان "زيغ زيغلار" (Zig Ziglar) وهو أحد أعظم المتحدثين التحفيزيين الأسطوريين يقول أنَّه ألقى 3000 خطبة قبل أن يجني المال أول مرة. لقد عملت سنواتٍ مع "زيغ"، وسافرنا معاً، وألقينا الخطابات معاً، وفهمت في النهاية أنَّه كان يعني أنَّه بدأ في مجال المبيعات ثمَّ درَّب مندوبي المبيعات طيلة عقد من الزمن أو أكثر. وكان في كل صباح يلقي خطبةً قصيرةً عن المبيعات أمام موظفيه فكان يسرد عليهم قصصاً صغيرةً ويقدم لهم نصائح تحفيزيةً وأخرى متعلقة بالمبيعات، فكانت تلك بدايته.

3. لا ترفض إلقاء حديثٍ أبداً:

تذكَّر أنَّ 95% من الحديث أمام الجمهور مرتبط بإيجاد جمهور توجه له حديثك، لذا يجب عليك أن تجد منظمةً لها جمهور بالفعل أو شخصاً ينظم الاجتماعات. حيث إنَّ جمع الناس في غرفة هو أصعب شيءٍ ستقوم به على الإطلاق في حياتك كلها.

إنَّ معظم المتحدثين ليس لديهم أيَّة قدرة على جمع الناس في غرفة فيجب عليهم أن يجدوا شخصاً آخر يجمع لهم الناس في غرفةٍ ما في مكانٍ ما بطريقةٍ ما مهما كان حجم المجموعة. فتابع القراءة لأخبرك أين في إمكانك أن تجد مثل هؤلاء الناس بالتحديد.

4. ركّز اهتمام الخطابات التي تلقيها أمام الناس على موضوعٍ واحدٍ في البداية:

إذا كُنتَ مختصّاً بمجالٍ مُعيَّن وقرّرت أنَّك تريد ممارسة الحديث أمام الجمهور، اجعل خطاباتك في البداية تتحدّث عن اختصاصٍ مُحدّد وركّز اهتمامك دائماً على موضوعٍ واحد. وإذا سألك أحدهم ما موضوعك فقُل: "أن أبيِّن للقادة كيف يُخرجون أفضل ما لدى كل شخص يتبع لهم".

إليك هذه النقطة المهمة:

حينما تتحدث عن خطابك تكلَّم دائماً عن مواضيع التحول، أو التغيير، أو النتائج التي سيجنيها الناس حينما يستمعون إلى حديثك. لا تتحدث أبداً عن المادة المُقدَّمة، بل تحدث عن النتيجة، فحينما تقوم بذلك ستكون قادراً على حجز مكانٍ لك لإلقاء مزيدٍ من الخطب موازنةً مع ما كنت ستحصل عليه لو أنَّك تكلمت عن المادة المُقدَّمة في الخُطب فقط.

5. استخدم الحديث أمام الجمهور لمساعدة الآخرين بدلاً من استخدامه في جني المال:

يُعَدّ كل خطابٍ فرصةً لحل مشكلةٍ يعاني منها المستمع، حيث يُعَدُّ الوضوح، كما هو الحال دائماً، أمراً مهماً، إذ يجب عليك أن تكون واضحاً حيال المشكلة التي سيحلها خطابك وما الإجابات التي سيقدمها. وكيف سيساعد الخطاب الناس؟ حتى الخُطب التحفيزية تهدف إلى مساعدة الناس، وتحفيزهم، ومساعدتهم على تركيز الاهتمام، وتوجيه طاقاتهم.

6. كيف تجني المال من خلال الحديث أمام الجمهور:

أتذكر في إحدى أولى تجاربي التي مررت بها دُعيت إلى التحدث أمام مجموعةٍ كبيرة بعد أن سمعني أحدهم ألقي خطاباً. وفي نهاية الحديث الذي استمر حوالي 60 دقيقة جاء مُنظِّم المناسبة وأعطاني ظرفاً وقال لي: "شكراً جزيلاً لك، أنا أقدِّر حقَّاً وجودك هنا". خرجْتُ وفتحْتُ الظرف وكان فيه شيك بقيمة 500 دولار. لقد كنت مستعداً لتقديم حديثي مجاناً على أمل أن يأتي الأشخاص المتواجدون ضمن الجمهور إلى ندوتي ولا زلت أتذكر كم كنت متأثراً بالـ 500 دولار.

إذاً ما سيحدث إذا سارت الأمور على ما يرام هو أنَّ الناس سيتواصلون معك ويعرضون عليك المال، حيث تقول القاعدة المُتَّبعة في مجال الحديث أمام الجمهور إذا كنت تريد البدء من الصفر اخرج وألقِ 300 محاضرة.

اعزم على إلقاء خطب مجانية وابذل فيها قصارى جهدك وقدمها بأسرع ما يمكن. حيث ثمَّة بين 3-4 مليون لقاء يُعقَد سنوياً في الولايات المتحدة وحدها والجميع يبحث في كل واحدٍ من هذه اللقاءات عن متحدثٍ يستعينون به في المرة القادمة التي يجتمعون فيها.

7. ما اختصاصك؟

ما الأشياء التي تبرع فيها؟ ما الذي تحبه؟ يمكنك التحدث عن أي شيءٍ تريده طالما أنَّك تشعر بشغفٍ تجاهه وأنَّه يقع ضمن اختصاصك، فقد بدأت أنا بالحديث عن عالم الأعمال، والمبيعات، والصفات القيادية لأنَّني كنت مختصاً بتلك الأمور. فما الذي تتميز به أنت؟

ثانياً: التغلّب على الخوف من الحديث أمام الجمهور

يُعَدّ الخوف من الحديث أمام الجمهور أمراً واقعيَّاً بالنسبة إلى العديد من الناس، إذ إنَّ معظم الناس في الحقيقة يخشون من الحديث أمام الجمهور التي تُعرَف بالـ "جلوسوفوبيا" (glossophobia) أكثر ممَّا يخافون من الموت. ولكن ثمَّة لحسن الحظ العديد من الطرائق التي يمكنك تعلمها لتجاوز الخوف من الحديث أمام الجمهور. وتتضمن بعض النصائح لتجاوز الخوف من الحديث أمام الجمهور ممارساتٍ قديمة كالوقوف والحديث أمام المرآة وممارسة تمارين رياضية خفيفة قبل الصعود إلى المنصة.

إنَّ التحدث بأسلوب احترافي حقيقةً ليس أمراً يمكنك قبوله أو رفضه، فأنت حقيقةً لا تملك الخَيار، فإذا كنت تريد بلوغ أقصى إمكاناتك في عالم الأعمال يجب عليك أن تتعلم كيف تطور مهارات التواصل الفعال لتتواصل مع الناس بصورةٍ أفضل. لقد رأيت مديرين تنفيذيين يحققون قفزاتٍ مهنيةً مذهلة ووفَّروا على أنفسهم زمناً يُقدَّر بـ 5-10 سنوات من العمل بمجرد استخدام مهارات التواصل الفعال في اجتماعات العمل. وقد رأيت رجالاً ونساءً يتطورون مهنياً تطوراً أسرع من خلال التغلب على مخاوفهم وتطوير مهارات الإلقاء لديهم. فاتخذ قراراً الآن بأنَّك ستتعلم مهارة الحديث أمام الناس مهما كلفك ذلك من مالٍ ووقت ومهما واجهتك من عقبات، ومارِس مهارات الإلقاء بأسلوب مستمر، فقد يكون ذلك من أهم القرارات التي تتخذها على الإطلاق لضمان النجاح المهني على المدى البعيد.

ثالثاً: كيف تحسِّن مهارة الحديث أمام الجمهور

حينما يسألني أحدهم كيف يستطيع أن يمارس الحديث أمام الجمهور بصورة أفضل فإنَّني أرغب في أن أخبرهم بهذه المقولة:

"إنَّ الطريقة الوحيدة لتعلم الخطابة هي بممارسة الخطابة، وممارسة الخطابة، وممارسة الخطابة، وممارسة الخطابة، وممارسة الخطابة، وممارسة الخطابة، وممارسة الخطابة" - "ألبرت هابارد".

ومع أنَّه صحيحٌ أنَّ الطريقة الوحيدة لتُجيْد أي شيءٍ هي إعادته مراراً وتكراراً حتى تعتاد عليه، إلَّا أنَّ ثمَّة العديد من الأمور التي تستطيع القيام بها لتتحدث بوجه أكثر فعالية أمام الجمهور.

نقطة الانطلاق في فنِّ الحديث أمام الجمهور هي اختيار موضوعٍ مهمٍّ فعلاً بالنسبة إليك، والبحث عن المواضيع التي تؤثر فيك تأثيراً غير اعتيادي والتي ترغب في عرضها على الآخرين لأنَّ لديك شعوراً عميقاً بأنَّ الآخرين سيستفيدون من المعلومات. وبذلك تكون لديك المنصة التي ستنطلق منها إلى حديثك الأول أمام الجمهور. الجزء الثاني من الحديث أمام الجمهور يكمن في الاستعداد للتواصل الفعال، إذا يُعَدُّ الاستعداد أكثر أهميةً من أي شيء، ما عدا الاهتمام بالموضوع، فليس مستغرباً أن يقضي الشخص العديد من الساعات، والأيام، وحتى الأسابيع في التحضير لحديثه.

وإذا كان أوَّل عنصرين في الحديث أمام الجمهور هما الاهتمام والاستعداد فإنَّ العنصر الثالث هو التمرُّن وتحسين مهارات الإلقاء، فإذا كان لديك مُسجِّل صوت أو كاميرا فيديو سجِّل حديثاً تقدِّمه من البداية وحتى النهاية ثمَّ استمع إلى التسجيل أو شاهده ودوِّن ملاحظاتك حول طريقة تحسين الإلقاء.

فإذا كنت تستخدم كاميرا فيديو توجَّه بنظرك إلى الكاميرا واستخدم تعابير الوجه نفسها وإشارات الجسد نفسها التي كنت ستستخدمها لو كنت تتحدث مباشرةً إلى شخصٍ ما، وحينما تقوِّم نفسك اقسوا عليها وتذكَّر أنَّك كلما كنت صادقاً وموضوعيَّاً في تقويم تعاملك مع الآخرين طوَّرت مهارات التواصل الفعال بأسلوب أسرع.

التمرين يصنع الخبرة والتمرُّن بشكلٍ مثالي يجعلك أكثر خبرة، وإذا واظبت على التمرين ستجد بمرور الوقت أنَّ مهارات الإلقاء لديك تحسَّنت تحسُّناً كبيراً. وتذكَّر أنَّه يمكن للقدرة على الحديث بأسلوب فعال أمام الناس أن تعزز أدائك المهني وتحسِّن حياتك أكثر ممَّا يمكن لأي مهارة أخرى تفعله.

 

اقرأ أيضاً: كيف تتغلب على الخوف من التحدث أمام الجماهير

 

رابعاً: تمارين لبناء الثقة وتقدير الذات في أثناء الحديث أمام الجمهور

1. انتقِ كلماتٍ لخطابك:

إنَّ أقوى الكلمات التي يمكنك أن تستخدمها للاستعداد ذهنياً للخطاب أو لأي حدث هي كلمات عبارة "أنا أحب نفسي". إذ قبل أن تصعد لإلقاء خطابك قل لنفسك "أنا أحب نفسي. أنا أحب نفسي" وكررها مراراً وتكراراً حيث إنَّ لهذه الكلمات تأثيراً عجيباً في تعزيز تقدير الذات والتخلص من المخاوف، فكلما أحببت نفسك حباً أكبر أصبحت أكثر ثقةً بنفسك.

2. تخيَّل كيف سيكون خطابك ناجحاً:

يبدأ تحسُّن أدائك الظاهري بتحسُّن الصور الذهنية التي ترسمها في عقلك، حيث يجب عليك أن تتخيل نفسك واقفاً بهدوءٍ، وثقةٍ، واسترخاءٍ، والابتسامة على وجهك وأنت تخاطب جمهورك، وتخيل الجمهور يقترب منك وهم يبتسمون، ويضحكون، ويستمتعون، وينتظرون كل كلمةٍ تقولها كما لو كنت شخصاً ذكياً ومسلياً على نحوٍ مذهل.

3. استشعر العواطف التي ستعيشها أثناء خطابك:

يمكنك في الواقع الحصول على المشاعر التي ترغب في الحصول عليها حينما يحظى خطابك بالنجاح والشعبية فعلاً، فحينما تكون مع نفسك استشعر العواطف التي ستشعر بها إذا كان خطابك ناجحاً مثلما تتمنى. فعِش تلك المشاعر وأضف إليها عبارة "أنا أقدم خطاباً رائعاً كل مرة".

4. تخيل أنَّ الأفكار التي تنوي تطبيقها في أثناء الحديث أمام الجمهور حقيقية:

إليك هذا الاكتشاف المهم: لا يستطيع اللاوعي تمييز الفرق بين الحدث الحقيقي والحدث المُتخيَّل. فإذا تخيَّلت في عقلك أنَّك ألقيت خطاباً إيجابياً 10 أو 20 أو 50 مرة فإنَّ عقلك اللاواعي سيحفظ لديه أنَّك قدمت 10 أو 20 أو 50 خطاباً ناجحاً انتهت جميعاً بوقوف الجمهور والتصفيق بحرارة وسعادة.

 

اقرأ أيضاً: 8 صفات يتميّز بها أصحاب تقدير الذات المنخفض

 

خامساً: نصائح للحديث في الاجتماعات وأمام المجموعات الصغيرة

إنَّ قدرتك على الحديث بأسلوب جيدٍ ومقنع يمكن أن تؤثر تأثيراً مدهشاً على حياتك وعملك، إذ يقوِّمنا الآخرون باستمرار في العمل ويكوِّنون بوعيٌ وبلا وعي آراءً جيدة وسيئة عن شخصيتك، وقدرتك، وكفاءتك، ومستوى الثقة التي تتمتع بها. لهذا السبب يجب أن تفكر في اجتماعات العمل بوصفها مناسباتٍ مهمةً بالنسبة إلى عملك.

إنَّ العلامة التي تظهر احترافيتك في جميع المجالات هي الاستعداد، فكلما كنت مستعداً استعداداً أكبر لأي اجتماعٍ من أي نوع حتى لو كان مع شخصٍ واحد أظهرت فعاليةً أكبر وحصلت على نتائج أفضل. فالقوة تكون دائماً في يد أولئك الذي يقومون بأفضل الاستعدادات والشخص الذي يأتي إلى الاجتماع من دون أن يكون مستعداً يكون خائر القوى وأحياناً يكون بلا قوةٍ على الإطلاق.

فإذا كان عملك يحتِّم عليك الحديث لكسْب كل فرصة، وكان هدفك أن ينظر إليك الآخرون بوصفك عنصراً فاعلاً في كل محادثة، وكانت غايتك إقناع الآخرين بوجهة نظرك والتأثير في العالم من حولك يمكنك القيام بذلك من خلال الاستعداد استعداداً كاملاً لأي اجتماعٍ تعقده أو تشارك فيه فتجعل كل من في الغرفة يشعرون بأنَّهم مهمون. وكلما تفاعل المشاركون مع الحوار تفاعلاً أكبر شعرت بما يفكرون ويشعرون بشعور أكبر وكانوا أكثر ميلاً إلى الاتفاق معك في نهاية حديثك.

 

اقرأ أيضاً: ملخص كتاب إدارة الاجتماعات للقادة للدكتور محمد بدرة – 1

 

سادساً: نصائح للحديث أمام مجموعاتٍ كبيرة (أكثر من 10 أشخاص)

إنَّ الهدف من ممارسة الحديث باحترافية أمام الجمهور هو التسلية، والتثقيف، وإثارة الإلهام، ودفع الجمهور إلى التحرك. وتقول الحقيقة أنَّه حتى يترك عرضك أو حديثك أكبر أثرٍ ممكن فإنَّك تحتاج إلى أن تكون قادراً على إمتاع الجمهور وإذهالهم، فإليك بعض النصائح التي استعين بها في خُطبي وأقدم عرضاً فعالاً:

1. قل شيئاً للتواصل مع الجمهور:

دعني أقدم لك مثالاً عن الطريقة التي أفتتح بها حديثي وأنت تعلم أنَّني قدَّمت 5000 حواراً وندوة كنت أفتتح حديثي فيها بالكلمات نفسها تقريباً، وهو ما أقوله في روسيا، والصين، وفنلندا، وأتلانتا:

  • "مباركٌ لكم تواجدكم هنا، فهذا يعني أنَّكم ضمن 10% من أبرز البالغين في مجتمعنا اليوم".
  • "أنتم اليوم ضمن 10% من أبرز البالغين في مجتمعنا اليوم".

"لماذا؟"

"لأنَّكم هنا".

  • "10% فقط من أبرز الناس في أي مجتمع هم فقط الذين يأتون إلى ندوةٍ كهذه ليتعلموا كيف يصبحون أشخاصاً أفضل بطريقةٍ أو بأخرى. أمَّا الـ 90% الباقون فثمَّة دائماً مبررٌ يفسِّر عدم وجودهم هنا".
  • "ليس مهماً من أين أتيت كل ما يهم حقَّاً هو إلى أين أنت ذاهب".

"ووجهتك التي أنت ذاهبٌ إليها يحددها ما تقوم به في هذه اللحظة. وحقيقة أنَّك هنا تعني أنَّك تنوي أن تحصل على مستقبلٍ عظيم وتذكَّر أنَّ نوايا المستقبل تحدد تصرفات اليوم".

كما أقول لهم أنَّني سأعرض عليهم بعض الأفكار التي يطبقها 10% من أبرز الأشخاص في هذا المجال، وأنَّ هذه الأفكار يمكن أن تساعدهم على المُضي قُدُماً بأسلوب أسرع مما كانوا يتخيلون بأنَّه ممكن ومن ثمَّ أبدأ حديثي.

2. استخدم القصص في عرضك حيثما كان ذلك ممكناً:

تُعَدُّ القصص الشخصية مفتاح الحفاظ على تفاعل الجمهور أثناء إلقاء الخطاب، فالقصص هي الجزء الأهم من أي عرضٍ جيد. حيث يمكنك أن تروي قصصاً قصيرةً جداً يمكن أن تحكي عنك أو عن أي أحدٍ آخر. من الأفضل أن تتحدث القصة عنك، ولكن إذا كانت القصة تحكي عن أي شخصٍ آخر فلا بأس في ذلك، فأي قصةٍ أفضل من ألَّا يكون ثمَّة قصةٌ على الإطلاق.

 فكلما بدأت تروي قصةً سينتبه الجمهور بأكمله إليك، بينما حينما تقدم حقائق، وأرقام، وتفاصيل، واستراتيجيات، وطرائق، وتقنيات سيعيرون ذلك نسبةً معينةً من الاهتمام، ولكن حينما تروي قصةً سيستمعون بإنصات، فإذا كان في استطاعتك أن تجعل حديثك يدور حول ثلاث قصص سيُذهلك حجم التجاوب الذي ستلقاه.

 

اقرأ أيضاً: قصص قصيرة عن نجاح أهم المخترعين في العالم

 

3. كيف تنظم خطاباً:

حينما تفكر في حديثك تذكر أنَّ "القليل كثير"، حيث يجب أن تكون البُنية الأساسية لحديثك على النحو الآتي:

  • الافتتاحية.
  • النقاط الثلاث الأساسية.
  • الخاتمة.

مقدمة قوية، والنقطة الأساسية الأولى، ثمَّ قصة.

مقطع انتقالي، والنقطة الأساسية الثانية، وقصة.

مقطع انتقالي، والنقطة الأساسية الثالثة، وقصة.

ملخص، ومن ثمَّ الختام.

القصص هي التي تربط كل الأمور ببعضها، ويمكنك أن تروي إمَّا قصصاً مثيرةً للإلهام أو قصصاً عاطفية تمنح الناس مشاعر قوية. ويمكنك أن تروي قصصاً تحفيزية تحكي عن النجاحات والإنجازات العظيمة التي كانت نتيجة المثابرة.

سابعاً: كيف تجني المال من الحديث أمام الجمهور في مختلف أنحاء العالم

يُعَدُّ الحديث أمام الجمهور الطريقة الأكثر فعالية لعرض الأفكار على العالم فعرض قصةٍ تؤثر في الجمهور وتروق له يُعَدُّ مصدراً للثقة، والشعور بالشغف، واكتساب المصداقية. فكيف يجذب الشخص اهتمام جمهورٍ متحمسٍ من مختلف أرجاء العالم؟

يبدأ ذلك بالالتزام بتقديم أكبر عدد ممكن من الخطابات وإظهار اسمك للعلن، وقد جمعْتُ إضافة إلى هذه بضع نصائح لتشق طريقك بها إلى ممارسة مهنة الحديث أمام الجمهور حول العالم وجني المال منها.

1. ابدأ بدايةً بسيطة:

لقد تحدثت في حوالي 70 بلداً حول العالم في آخر 30 سنة، وتُرجِمَت أحاديثي إلى حوالي 50 لغة مختلفة من قِبَل مترجمين محترفين، وبسبب هذا كلِّه حصلت على لقب المتحدث الأكثر غزارةً في الإنتاج في تاريخ العالم.

حينما بدأت أوَّل ما بدأت ركزت اهتمامي خلال الـ 10-15 سنة الأولى على أمريكا الشمالية، وأول شيءٍ يجب عليك أن تقوم به هو أن تبدأ حيث أنت، فاختر موضوعاً مهمَّا بالفعل بالنسبة إليك وتعتقد أنَّه من المهم أن يتعرف الناس عليه وكُن على درايةٍ واسعة بذاك الموضوع. وابدأ بعد ذلك بتقديم خطابات ووُرَش عمل صغيرة للأشخاص الذين هم ضمن دائرة معارفك وبلا مقابل.

2. عزّز خبرتك ومصداقيتك:

في بداياتي الأولى كنت دائماً أطلب الحديث بالمجان أو بالحد الأدنى من الأجر للحصول على الخبرة واكتساب المصداقية، فإذا كان الناس لا يعرفونك في بعض الأحيان ولم يسمعوا عنك يجب عليك أن تبدأ من أسفل السلم وتشق طريقك نحو الأعلى. وثمَّة قاعدة أساسية تقول: "قبل أن تجني المال من خلال ممارسة الحديث أمام الجمهور يجب عليك أن تقدم 300 خطاباً بالمجان"، وقد يحتاج الأمر في الواقع إلى 100-500 خطاب. ولكنَّ الفكرة هي أن تستمر في تقديم الخطابات مجاناً إلى أن يأتي إليك أحدهم ويسألك: "كم تريد مقابل تقديم هذا الخطاب للموظفين لدي في الشركة؟".

يركز المتحدثون التحفيزيون المحترفون اهتمامهم على أمرٍ واحد، فهُم يفكرون دائماً في كيفية المشاركة في مزيد من المناسبات والحديث أمام المزيد من الناس.

3. اطلب الفرص دائماً:

المستقبل ملكٌ للناس الذين يطلبون ما يريدونه بكل ثقة، ولا سيما أولئك الذي يطلبون إلقاء كلماتٍ لدى شركةٍ أو منظمةٍ عالمية، حيث يمكنك أن تتصل بهم وتبيِّن لهم أنَّك مختصٌّ بموضوعٍ معين وأنَّك ترغب في الحديث إلى منظمتهم. اطلب منهم أن يمنحوك فرصةً واسألهم عن مزيدٍ من المعلومات وعمَّا إذا كانوا يستعينون بالمتحدثين ومتى سيستعينون بأحدهم مرةً أخرى. فكلما طلبت أكثر حصلت على إجاباتٍ أكثر وتلقيت مزيداً من الطلبات لإلقاء الكلمات.

4. تعرَّف على جمهورك:

يُوظَّف أكثر من 85% من المتحدثين لأنَّ شخصاً آخر قد زكاهم، حيث سمعهم يتحدثون فقال: إنَّه متحدثٌ رائع". فكلما قال عددٌ أكبر من الناس أنَّك قمت بعملٍ رائعٍ حينما تحدثت في مكانٍ ما كان إسناد عملٍ إليك أسرع وأسهل. لهذا السبب تأكَّد من أن تبقى قريباً بعد أن تقدم خطابك أو حديثك لتتواصل مع جمهورك، واعرض عليهم أن تتحدث مرةً أخرى إلى أشخاصٍ آخرين حتى لو كان ذلك حول مواضيع أخرى.

5. ابقَ في المكان بعد انتهاء الخطاب:

حينما تقدم خطاباً أو حديثاً ابقَ بعده في المكان واعرض على الموجودين أن تتحدث مرةً أخرى حتى وإن كان عن موضوعٍ مختلف. من المذهل حجم العمل الذي تحصل عليه حينما تبقى قريباً من الناس، وتحتسي شراباً معهم، وتتحدث إليهم، فذلك يزيد من احتمال أن يأتوا إليك ويطلبوا منك الحديث في منظماتهم. وقد طوَّر العديد من المتحدثين هذا الأمر إلى درجة أنَّهم يحجزون لأنفسهم مكاناً في خطبتَين في كل خطبة يلقونها.

فيقولون أثناء حديثهم: "لقد قدمت أشكالاً مختلفةً من هذا الحديث لمنظماتٍ مختلفة تعمل في مجالاتٍ مختلفة وتواجه مشكلات مختلفة"، فيأتي إليهم الناس بعد ذلك ويحدِّثونهم عن شركتهم ويستفسرون منهم عمَّا إذا من الممكن أن يكون حديثهم مفيداً لها. فإذا كنت تريد ممارسة الحديث أمام الجمهور حول العالم بعد أن يصبح اسمك مشهوراً اتبع هذه الخطوات:

6. ركز اهتمامك على بلدٍ واحدٍ خارج بلدك:

بعد أن أثبَتُّ نفسي في الولايات المتحدة انتقلْتُ إلى ألمانيا حيث كانت نقطة انطلاقي نحو ممارسة الحديث أمام الجمهور حول العالم، فانتقلت بذلك إلى الخطوة الآتية – وهي تثبيت أقدامي في بلدٍ خارج الولايات المتحدة لأبدأ عملي في الحديث أمام الجمهور حول العالم.

7. تعلَّم اللغة:

يجب عليك بعد ذلك تعلم لغتهم، إذ بعد بضعة أعمال قمت بها في ألمانيا بدأت مباشرةً في حضور دروس لتعليم اللغة الألمانية، فكان ذلك فرصةً لتطوير العمل بصورةٍ كبيرة من خلال ندواتي، وبرامجي، وكتبي. فلم يكن من المدهش أن أُستدعى إلى إلقاء 5-15 حديث في ألمانيا كل عام في النهاية، فأنا اليوم أستطيع أن أتحدث الألمانية بطلاقةٍ تقريباً. الكلمة الأهم في الحصول على عمل في مجال إلقاء الخطابات هي "اسأل".

 

اقرأ أيضاً: 8 نصائح تساعدك على تعلّم اللغات الأجنبية بسهولة

 

ثامناً: أقوال تحفيزية حول الحديث أمام الجمهور

في النهاية أريد أن أقدم لك بعض العبارات المفضلة بالنسبة لي والتي تتكلم عن الحديث أمام الجمهور:

  • "يقضي العديد من الناس الكثير من الوقت في محاولة إتقان الشيء قبل أن يقوموا به بالفعل. عوضاً عن انتظار الإتقان ابدأ بما بين يديك وطوِّره شيئاً فشيئاً" - "بول أردين" (Paul Arden).
  • ثمَّة عذرٌ واحدٌ فقط للمتحدث الذي يطلب من الجمهور أن ينتبه إليه: يجب إمَّا أن يكون لديه حقيقة يريد أن يوصلها لهم وإمَّا أنَّ ثمَّة أمراً مسلياً يريد أن يخبرهم به" - "ديل كارينجي" (Dale Carnegie).
  • "التخطيط والاستعداد المُناسبَيْن يمنعان تقديم أداءٍ سيء" - "ستيفن كيج" (Stephen Keague).
  • "يجب ألَّا يبحث المتحدث أثناء الاستعداد عمَّا يريد أن يقوله بل عمَّا يريد أن يتعلمه" - "تود ستوكر" (Todd Stocker).
  • "إذا كنت لا تستطيع أن تعبِّر عن رسالتك بجملة واحدة فأنت لا تستطيع أن تقولها خلال ساعة" - "ديانا بوهير" (Dianna Booher).
  • "إنَّ الخطاب الذي تلقيه دائماً هو ثلاثة خطابات في الواقع: الخطاب الذي تدرَّبت عليه، والخطاب الذي ألقيته، والخطاب الذي تمنيت أنَّك ألقيته" - "ديل كارينجي" (Dale Carnegie).
  • "الخطيب الجيد هو الخطيب الذي يتحدث بأسلوب واضحٍ ومفعمٍ بالشغف" - "ماركوس ت. سيسيرو" (Marcus T. Cicero).
  • "ثمَّة نوعان فقط من المتحدثين في العالم: المتوترون والكاذبون" - "مارك تواين" (Mark Twain).
  • "أثمن ما في الخطاب هي لحظات التوقف" - "رالف رتشاردسون" (Ralph Richardson).

تاسعاً: انطلق

هل أنت متحمسٌ إلى نشر رسالتك، وترك أثرٍ يبقى إلى وقتٍ طويل، وجني المزيد من المال من خلال الحديث والتواصل بأسلوب فعال؟ هذه المعلومات التي ذكرناها هي لك فقط إذا كنت متحدثاً محترفاً ومثيراً للإلهام وإذا كنت:

  • شخصاً يسعى إلى تحقيق الأهداف، ويركز اهتمامه على النتائج، ويسعى سعياً جدياً إلى أن يمارس الحديث أمام الجمهور بأسلوب ناجحٍ وفعال.
  • جادَّاً بشأن دمج خبرتك التي تعبت في اكتسابها مع استراتيجيات التحدث الفعال لترك أثر في مجال عملك وفي العالم.
  • شخصاً متفائلاَ بمستقبلك ومستعداً لفتح أبواب جديدة أمام نفسك سواء في الحياة المهنية أم الشخصية.
  • تتطلع إلى بناء مستقبل بعيداً عن القلق عبر تكوين ثروة من خلال العمل في مجال إلقاء الأحاديث المسلية، والمثير، والمفيدة في الوقت نفسه على الجمهور.

ليس من السهل أن تصبح متحدثاً بارعاً وفعالاً يسعى الجمهور إلى الحصول على خدماته، فذلك يتحقق بوضع خطةٍ مُحكمةٍ عالية التخصص. فالخطأ ليس خطأك إذا لم تكن شخصاً قادراً على التواصل بأسلوب فعال مثلما تريد، إذ إنَّ فن الحديث ليس من الفنون التي يكتسبها الجميع أكتساباً فطرياً، ومن دون التجربة والخبرة من الصعب أن تعرف كيف تحوِّل فن الحديث إلى تجارةٍ ناجحة وتنشر رسالتك بأسلوب فعال.

 

المصدر




مقالات مرتبطة