فوائد زراعة النباتات في المنزل

يلجأ أغلبنا إلى التنزه في الطبيعة أو الحديقة عندما يشعر بالضيق أو الحاجة إلى وقت مستقطع من ضجيج الحياة وتسارعها، وإذا ما أمعنَّا النظر في تفاصيل حياة كبار السن نجدهم يميلون إلى الاعتناء بالنباتات ميلاً غريباً؛ فمنهم من يزين شرفته بالأزهار الملونة، ومنهم من يحوِّل حديقة منزله إلى بستان صغير يبذره بالخضروات والحشائش، كأنَّهم يعوِّضون أنفسهم عن السنوات التي قضوها بعيداً عن أمهم الطبيعة.



وإنَّه لمن اللافت حقاً التعلُّق الذي يبديه الإنسان تجاه غراسه، تلك التي يبذل من أجلها جهده ووقته، فتصبح كأنَّها طفل من أطفاله.

يتفق الجميع على التأثير الإيجابي للون الأخضر والنباتات في الصحة النفسية للإنسان ومزاجه، وهذا التأثير يبدو بجلاء في الأشخاص الذين يملكون نباتات زينة في منازلهم، أو حديقة غنية بالشتول، يتسم هؤلاء بالصبر والرقة والهدوء فضلاً عن تمتعهم بصحة نفسية وجسدية جيدة، فهل كل هذه الميزات هي من فوائد زراعة النباتات في المنزل؟ لنكتشف معاً في هذا المقال.

فوائد زراعة النباتات في المنزل:

قد تبدو فوائد زراعة النباتات في المنزل بديهية أو بسيطة وأقل من أن تُذكر، إلا أنَّ من يتعمق حقاً في تعداد فوائد زراعة النباتات في المنزل، فإنَّه سيتجه إلى أقرب مشتل ليبدأ هذه الرحلة والتجربة التي تُحدِث تأثيراً إيجابياً عظيماً في النفس البشرية، وهذا ما سنوضحه فيما يأتي.

1. تعويد الإنسان على الصبر والمثابرة:

من فوائد زراعة النباتات في المنزل أنَّها تُحدث تغييرات جذرية في طبع الإنسان، وتجعله أكثر هدوءاً وصبراً ومثابرة على سعيه، وغالباً ما يُستعان بزراعة النباتات من أجل تنمية هذه الخصال لدى الطفل، فيعلِّمونه في المدرسة إنتاش الحبوب، من أجل أن يعتاد مهارات الصبر حتى تنمو وتثمر، والملاحظة في اكتشاف التغيرات التي تطرأ عليها كل يوم، وتعزيز مشاعر الإنجاز التي يحصدها عندما ينمو برعم للبذرة التي زرعها، ويستحيل ساقاً تحمل أوراقاً وثماراً فيما بعد، يتذوقها بنفسه ليتعرَّف أنَّ للصبر والمواظبة على العناية ثماراً حلوة سينالها كل مجتهد.

إنَّ الفائدة الأولى من فوائد زراعة النباتات في المنزل هي تعويد الإنسان على الصبر وعدم الكلل في تقديم العناية؛ لأنَّ النتائج الجميلة قادمة لا محالة، وتستحق كل الانتظار والصبر الذي بذله، وهذا ما تعلَّمته من نبتة الصبَّار التي أهدتني إيَّاها والدتي، والتي انتظرتها عاماً كاملاً من أجل أن أرى زهرتها البديعة، فكانت درساً ثميناً لي.

2. فوائد طبية وعلاجية:

أذكر تماماً عندما انسكب إبريق الشاي الساخن على يدي وأنا أحضِّر الفطور، لقد هرعت أمي إلى نبتة الألوفيرا القريبة، واقتطعت ورقة منها، ووضعت عصارتها على الجزء المصاب من يدي، أذكر جيداً الاحمرار البسيط الذي ظهر، والذي كان بالتأكيد سيتطوَّر إلى فقاعات مائية لولا هذا الإسعاف الأولي الطبيعي، والذي بفضله لم يبقَ أيَّ أثر لهذا الحادث.

عندما تصفحت مواقع الإنترنت من أجل معرفة فوائد هذه النبتة السحرية عرفت أنَّ لعصارتها فوائد عظيمة إذا ما طُبِّقت على البشرة؛ فهي تشد الوجه، وتخفِّف من ظهور التجاعيد، وتمدُّه بفيتامينات ضرورية، وهذا ما جعلني أُدرك سبب وجود صورة هذه النبتة على مستحضرات العناية بالبشرة، إشارة إلى المكون السحري الداخل في تركيبها.

إنَّ من فوائد زراعة النباتات في المنزل أنَّها تكوِّن حقيبة إسعافات أولية، فمنها ما يخفِّف المغص، ومنها ما يقلِّل هيجان الجلد، ومنها ما يكبح التقيؤ، ومنها ما يساعد على التشافي من السعال والأمراض الصدرية وغير ذلك الكثير.

النباتات المنزلية

3. رفع نسبة الأوكسجين في الهواء:

لقد عرفنا جميعاً في المرحلة الابتدائية دور النبات الهام في تنقية الهواء من ثنائي أكسيد الكربون، وطرح الأوكسجين في نتاج عملية التركيب الضوئي؛ لذا فإنَّه من البديهي أن تكون فوائد زراعة النباتات في المنزل تصب في هذا السياق؛ فزراعة النباتات في بيوت المدن خاصة يُظهر تأثيراً كبيراً في تحسين نوعية الهواء ورفع نسبة الأوكسجين فيه، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على صحة الأفراد القاطنين في المنزل.

إنَّ تنفس الهواء الغني بالأوكسجين بفضل النباتات المنزلية يشبه في تأثيره أخذ نفَس عميق؛ ففي الحالتين كلتيهما يأخذ الجسم كمية عالية من الأوكسجين في عملية الشهيق، ممَّا يحسِّن وظائف الجسم الحيوية.

4. رفع مستوى الرطوبة:

من فوائد زراعة النباتات في المنزل رفع مستوى الرطوبة فيه، كون النبات يطرح بخار الماء إضافة إلى الأوكسجين في مخرجات عملية التركيب الضوئي، الأمر الذي يُعدُّ حلاً سحرياً في الطقس الجاف، والذي ينعكس إيجاباً على الصحة الجسدية للإنسان، فهو يقلِّل جفاف الجلد ويحسِّن صحة الجهاز التنفسي، ويحمي من الإصابة بأمراض التحسُّس الناتجة عن الجفاف، ومن نزلات البرد والتهاب الحلق والسعال الجاف أيضاً.

5. تفريغ الطاقة السلبية:

من فوائد زراعة النباتات في المنزل أنَّه يساهم إسهاماً كبيراً في تفريغ الطاقة السلبية، وإنَّ الاعتناء بالنبات شأنه شأن التأمل وممارسة الرياضة في التأثير السحري في تفريغ المشاعر السلبية، فعند عودة الإنسان من عمله مُحمَّلاً بضغوطات الحياة والمهنة والزملاء، يتجه إلى الحديقة التي تحتاج إلى الرعاية والعناية، فإنَّ تركيزه سيتحوَّل عن التفكير في المشكلات الشخصية والمهنية إلى التركيز في متطلبات النبات؛ فهذه النبتة تحتاج إلى حفر، وتلك تحتاج إلى سماد وأخرى حان وقت تقليمها، كما أنَّ تحريك عضلات الجسم كما في الحفر والتقليم والري من شأنه أن يساعد أيضاً على تفريغ المشاعر السلبية، واستبدالها بأخرى إيجابية على رأسها الشعور بالرضى والإنجاز.

إقرأ أيضاً: الطاقة السلبية: مصادرها وكيفية التغلب عليها

6. إضافة قيمة جمالية:

إنَّ الوصف المتعارف عليه للجنة التي يجزاها من يعمل صالحاً من بني البشر أنَّها أرض خضراء وارفة، وهذا الأمر يعكس أهمية زراعة النباتات في المنزل وفوائدها، فعندما يقوم شخص ما بملء بيته بنباتات الزينة أو النباتات المثمرة، فإنَّه يكون بذلك أشبه بمن يصنع جنته الخاصة، وإنَّ الاستيقاظ صباحاً والتأمل في منظر النبات اليانع وأوراقه الخضراء يضيف لمسة من الجمال والطمأنينة إلى الحياة، ولنا أن نتخيل حجم السعادة والراحة النفسية التي يضفيها الجلوس في مكان مليء بالنباتات، والذي يُعدُّ الدافع الأهم للبشر نحو زيارة المنتزهات والحدائق والغابات.

يمكن بوضوح إدراك القيمة الجمالية التي تضيفها زراعة نباتات في المنزل عن طريق ملاحظة المساحة المخصَّصة لنبات الزينة في الديكورات والتصميمات العصرية إلى المكاتب والصالونات في المتاجر الضخمة مثل أيكيا وغيرها، الأمر الذي يدعم نظرية القيمة الجمالية المضافة التي يمنحها وجود نبتة في المكان.

7. تحسين الحالة المزاجية والنفسية:

إنَّ فوائد زراعة النباتات في المنزل تنعكس على الصحة النفسية للإنسان، كون منظر النبات يبعث على التأمل وتصفية الأفكار والتخلص من الضغوطات النفسية، كما أنَّ زراعة النباتات في المنزل تخفِّض إلى حد كبير من مستويات القلق والتوتر، الأمر الذي يعود على الإنسان بصحة نفسية جيدة تكون أساساً لتمتعه بصحة جسدية أيضاً، كما أنَّ لوجود النباتات المنزلية تأثيراً كبيراً في رفع مستويات التركيز اللازم لأداء المهام الحياتية جميعها، وتحقيق النجاح في مجالات الحياة كافة.

إقرأ أيضاً: ما هو تأثير الورد على الصحة النفسية؟

8. فوائد اقتصادية:

الفوائد الاقتصادية هي أيضاً ضمن فوائد زراعة النباتات في المنزل، والتي في الحقيقية لا يمكن الاستهانة بها إذا ما كانت المساحة المزروعة كبيرة نسبياً، إنَّ زراعة النباتات الموسمية وخاصة الخضار من شأنه أن يخفِّف من نفقات الأسرة الاقتصادية، ولا سيما أنَّ لكلِّ فصل نباتاته الموسمية التي تنمو فيه بأقل مستوى من العناية، وفي معظم البلدان يمكن الاستعانة بحديقة المنزل أو أحواض كبيرة من أجل زراعة البصل الأخضر والنعنع والبقدونس والجزر والفجل والورقيات، الأمر الذي يمكِّن الأفراد من توفير تكاليف شراء هذه الحاجيات، فضلاً عن تمكنهم من تناول منتجات "أورغانيك" بعيدة عن أنواع الهرمونات، التي تسبِّب هيجان النمو وإنتاج ثمار قد تكون غير صحية.

النباتات المنزلية

9. تحسين التعافي والتشافي:

أثبتت الدراسات بأنَّ المرضى الذين تطل غرفهم على الحديقة أو يملكون نباتات زينة في غرفهم يتعافون أسرع من أقرانهم في الغرف الخالية من النباتات، الأمر الذي يؤكِّد فوائد زراعة النباتات في المنزل في تحسين تشافي المصابين بالأمراض من أفراده، كما أنَّ التشافي لا يقتصر على الجزء الجسدي؛ بل يمتد إلى التشافي من الاضطرابات النفسية والضغوطات العقلية وتحسين الرفاهية الحياتية والعاطفية.

10. تعطير الأجواء:

من فوائد زراعة النباتات في المنزل الحصول على أجواء مليئة بالأوكسجين ومعطرة بأزكى الروائح بعيداً عن المستحضرات الكيميائية؛ فبعض النباتات ذات الخصائص العطرية تضيف إلى المكان نفحة من العطر بأوراقها وأزهارها الفوَّاحة، ونذكر منها الريحان والنعنع والزنبق والياسمين والحبق وغيرها من النباتات، التي تغنيك عن استخدام المعطرات الكيميائية ذات التأثير السلبي في البيئة عامة، وصحة الجهاز التنفسي خاصة.

11. الحصول على نوم هادئ:

تثبت الدراسات أنَّ النوم في المنازل التي تحتوي على أنواع محددة من النباتات يكون أكثر هدوءاً وعمقاً؛ وذلك لأنَّ لروائح هذه النباتات وخاصة اللافندر والياسمين تأثيراً ملحوظاً في تحسين عملية النوم ومنح الجسم ساعات متواصلة من الراحة والاسترخاء بعد نهار طويل وشاق مليء بالضغوطات والتعب الجسدي والنفسي.

في الختام:

إنَّ فوائد زراعة النباتات في المنزل كثيرة وعديدة، وتطال جوانب صحة الإنسان جميعها الجسدية والنفسية والعقلية، وإنَّ وجود حوض لنبات الزينة في المنزل أو حديقة صغيرة حوله يعدُّ سبباً من أسباب السعادة ومفتاحاً من مفاتيح الوصول إلى التوازن الداخلي، وسراً من أسرار الحياة الوادعة البعيدة عن التوتر والقلق.




مقالات مرتبطة