فوائد التحلِّي بالإيجابية

تؤثر جائحة "كوفيد-19" (COVID-19) تأثيراً عميقاً في حياة الناس والمجتمعات والأمم؛ وذلك لأنَّها أحدثت تغييراً كبيراً في حياتنا اليومية، فقد يشعر بعضنا بالحزن والضغط نتيجة هذا التغيير، بينما يتفاءل بعضنا الآخر ويشعر بأمل تجاه المستقبل.



لقد توصَّل مشروعٌ بحثيٌّ دوليٌّ فحص استجابات الأشخاص لجائحة "كوفيد-19" (COVID-19) إلى أنَّ معظم المشاركين يعتقدون أنَّ هذه الجائحة قد تساعدنا على التمتُّع بحياة أفضل، وقد جمع الاستطلاع الذي يحمل عنوان "الوضع الطبيعي الأفضل" (The Better Normal) استجابات من أكثر من 2500 شخص من 24 دولة، وأشارت النتائج إلى أنَّ معظمنا يشعر بالتفاؤل، ويشارك بنشاط من النشاطات التي تساعد على بناء وتعزيز المشاعر الإيجابية.

والآن، بعد أن دخلنا في مرحلة التعايُش مع الجائحة، حان الوقت لتسخير هذا التفاؤل الكبير، حتى نتمكن من جني فوائد التغييرات الإيجابية، وجعل الأمور أفضل على الصعيدَين الفردي والمجتمعي، فالتفاؤل ببساطة هو التفكير في أنَّ الأمور ستؤول إلى نتيجة إيجابية في النهاية، ولكنَّه لا يعني التغاضي عن المشكلات أو عدها غير موجودة.

في الواقع، تشير الدراسات إلى أنَّ الأشخاص الذين يتمتعون بالتفكير المتفائل، يكونون أفضل في التعامل مع المواقف الصعبة والمِحَن من الأشخاص المتشائمين، كما يعزِّز التفاؤل الفضول الذي يدفعك إلى إيجاد سُبُل للخروج من المشكلة، وإذا لم يتمكَّن الأشخاص المتفائلون من تغيير الموقف، يوجِّهون جهودهم وطاقتهم إلى مكان آخر، وفي كلتا الحالتين، يمضون قدماً ويتحلُّون بالحيوية ويحاولون تحسين الأمور، وفي ظل الجائحة، يتطلَّع المتفائلون إلى جعل "الوضع الطبيعي الجديد" أفضل، ويحاولون تحسين مرونتهم وتعزيز صحتهم.

لقد تبيَّن أنَّ التفكير بإيجابية وتفاؤل يحسِّن صحتك، ويعزز إحساسك بالعافية؛ إذ يميل المتفائلون إلى المشاركة في نشاطات لحماية صحتهم؛ وذلك لأنَّهم يدركون أنَّهم هم المسيطرون والمسؤولون عن صحتهم وسلامتهم، كما يميلون إلى ممارسة التمرينات الرياضة، واتِّباع نظام غذائي جيد، والنوم جيداً، واتِّباع النصائح الطبية التي تقيهم من الأمراض.

إقرأ أيضاً: نصائح فعّالة لتزرع التفاؤل في حياتك

يتوقَّع المتفائلون أيضاً مستقبلاً صحياً أفضل، ويتَّخذون الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك، بالإضافة إلى ذلك، يعزِّز الشعور بالإيجابية جهاز المناعة، وتشير الدراسات إلى أنَّ الأشخاص المتفائلين والإيجابيين، يعيشون لمدَّة أطول.

تشير الأبحاث إلى أنَّه يمكننا تنمية وتطوير نظرة متفائلة وإيجابية على الرغم من اختلاف أمزجتنا وميولنا التي وُلدنا بها، وأيضاً تجاربنا التي تعلَّمناها في الطفولة المبكرة؛ إذ تشير التقديرات إلى أنَّ التفاؤل قابل للانتقال عبر المورثات بنسبة 25% فقط، وربما تُعزى النسبة نفسها إلى عوامل أخرى خارجة عن سيطرتنا، ولكن تعتمد النسبة الباقية على كيفية معيشتنا ورؤيتنا لتجاربنا الحياتية.

أبسط شيء تفعله لتصبح إيجابياً ومتفائلاً هو تخصيص الوقت والطاقة للتركيز على الأشياء الإيجابية، والبحث عن المُتَع، والتركيز على كل ما هو جيد، وإذا كان هذا يبدو صعباً للغاية، ففكِّر في كل الأشياء التي تريد لها أن تظل كما هي، وبدلاً من الاستخفاف بقيمتها، ابدأ في تقديرها، وتتمثل الحيلة البسيطة الآتية في العثور على مغزى العمل والحياة، وقد يعني ذلك تغيير طريقة التفكير في الأشياء التي تقوم بها حالياً، أو منحها مزيداً من التقدير.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لجعل التفكير الإيجابي عادة من عاداتك

تشير الأبحاث التي أجراها مركز التفاؤل (Optimism Centre) خلال جائحة "كوفيد-19" (COVID-19) إلى أنَّ الإجراءات الإيجابية الأكثر شيوعاً التي عزَّزت التفاؤل، تمثَّلت في المشاركة في محادثات إيجابية منتظمة، والتعبير عن الامتنان، ومشاركة قصص إيجابية عن الأمل والتفاؤل، وممارسة اليوجا والتمرينات الرياضية، والتبسُّم للناس، كما أظهرت أبحاث علم الأعصاب أنَّ الحالة المزاجية مُعدية؛ لذا يساعدك قضاء الوقت مع الأشخاص الإيجابيين على الشعور بالتفاؤل والإيجابية.

وقد أشارت أبحاث علم الأعصاب أيضاً إلى أنَّ الدماغ يتغيَّر بتغيير طريقة تفكيرنا، ويُعدُّ التغيير أحد الأشياء التي يقوم بها البشر جيداً، حتى لو لم نحبه، ومن ثمَّ يمكننا التكيُّف كما كان يفعل البشر دائماً، فلا تنسَ أنَّ البشر قد نجوا من العصور الجليدية من العديد من الأوبئة؛ ممَّا طوَّر بداخلنا القدرة على إدارة التغيير، وإذا استطعنا التفاؤل والتحلِّي بالإيجابية، سنبلغ الواقع الذي نريد.

المصدر




مقالات مرتبطة