فوائد الامتنان للصحة العقلية والجسدية

من المعروف أنَّ الصحة العقلية والجسدية مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً، ولكن تشير الأدلة إلى أنَّ موقفك قد يكون له تأثير كبير في خطر الإصابة بنوبة قلبية؛ إذ يكشف العلم الحديث أنَّ "القلب الممتن" هو قلب سليم.



الأبحاث العلميّة:

أجرى الدكتور "بول ميلز" (Dr. Paul Mills) من كلية الطب "بجامعة كاليفورنيا" (University of California) في "سان دييغو" (San Diego School of Medicine) أبحاثاً حول العلاقة بين الصحة العقلية وصحة القلب لعقود؛ إذ يرتبط السلوك الإيجابي بانخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب لأنَّه يقلل من التوتر والقلق والاكتئاب؛ إذ يساهم كل ذلك في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

أجرى الدكتور "ميلز" دراسة للإجابة عن السؤال حول علاقة القلب بالامتنان؛ فأَشرَك 186 رجلاً وامرأة يعانون من أمراض القلب وخرج باستبيان الامتنان.

ما تعلَّمه هو أنَّه كلَّما زاد امتنان الناس، أصبحوا أكثر صحة، كما أجرى "ميلز" اختبارات الدم لقياس مستويات الالتهاب؛ إذ يرتبط الالتهاب ارتباطاً وثيقاً بتراكم اللويحات الشريانية وتطور أمراض القلب، ومن المثير للاهتمام أنَّ أكثر الأفراد امتناناً أظهروا أقل علامات للالتهاب.

تعمق "ميلز" بشكل أكبر في دراسة متابعة تضمنت تدوين يوميات الامتنان، وبعد شهرين تمتع الأفراد الذين لديهم تاريخ من أمراض القلب، والذين ثابروا على تدوين الامتنان في اليوميات بانخفاض في مخاطر الإصابة بأمراض القلب عموماً، في حين أنَّ المجموعة التي لم تُدوِّن، لم تشعر بالتحسن نفسه. لم يتأكد "ميلز" من الكيفية التي يساعد بها الامتنان القلب ولكنَّه يعتقد أنَّ المفتاح هو تقليل التوتر.

هذه النتائج ليست مفاجئة في ضوء الدراسات السابقة التي ربطت بين الحالات العاطفية السلبية وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية، فقد خَلُصَت مراجعة أُجريَت عام 2012 لـ 200 دراسة أجرتها "كلية هارفارد للصحة العامة" (Harvard School of Public Health) إلى أنَّ التفاؤل والسعادة يقللان بالفعل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك

فوائد الامتنان للقلب والجسم:

يقود الطبيب النفسي "روبيرت أ. إيمونس" (Robert A. Emmons) مشروعاً بحثياً طويل الأمد مصمماً لإنشاء ونشر البيانات العلمية حول طبيعة الامتنان وأسبابه والعواقب المحتملة على صحة الإنسان وسلامته، كما تعمل عالمة الأعصاب "إميليانا سيمون توماس" (Emiliana Simon-Thomas)، "مديرة العلوم بمركز العلوم الجيدة الكبرى" (Greater Good Science Center) في "جامعة كاليفورنيا" في بيركلي (UC–Berkeley)، جنباً إلى جنب مع "إيمونس" في دراسة الامتنان؛ إذ يقول تقرير "توماس":

"بعد ثمانية أسابيع من الممارسة، يكون مسح الدماغ للأفراد الذين يمارسون الامتنان له بنية دماغية أقوى للإدراك الاجتماعي والتعاطف، بالإضافة إلى جزء الدماغ الذي يعالج المكافأة".

لاحظت "توماس" أيضاً أنَّ الامتنان يخفف أعراض إجهاد ما بعد الصدمة ويساعد الأفراد المصابين باضطراب ما بعد الصدمة على التعافي بسرعة أكبر، ووجدت الدراسات التي شملت ناجين من الصدمات - قدامى المحاربين في فيتنام و11 أيلول/ سبتمبر - أنَّ الامتنان عامل هام في الشفاء من الصدمات.

الامتنان يجلب السعادة:

تقول مجلة "غريت جود" (Great Good) الإلكترونية التابعة لـ "جامعة كاليفورنيا في بيركلي" (UC–Berkeley) في ترويجها للبرنامج الإذاعي "علم الامتنان (The Science of Gratitude): إنَّ وصفة السعادة يمكن اختصارها في توصية واحدة سهلة؛ "قل شكراً لك"؛ ولكنَّ السعادة ليست سوى غيض من فيض؛ إذ تكشف الأبحاث أنَّ الامتنان يترافق مع مجموعة رائعة من الفوائد، بما في ذلك ما يأتي:

  • تحسين العلاقات الشخصية والعملية.
  • تحسين الصحة البدنية.
  • المزيد من التعاطف والحساسية والترابط مع الآخرين.
  • ارتفاع احترام الذات وزيادة السعادة.
  • تحسين الرعاية الذاتية.
  • زيادة القوة العقلية والمرونة.
  • زيادة مستوى التفاؤل.
  • تحسين جودة النوم.
  • تقليل التوتر والقلق.
  • تخفيف حدة الغضب.
  • تركيز أقل في الأمور المادية.

شاهد أيضاً: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك.

وصفة للقلب الممتن:

أنا مغرم بشكل خاص بالطريقة التي يصف بها المحرر "جيريمي آدم سميث" (Jeremy Adam Smith) الامتنان في مقال في مجلة "غريت جود" (Great Good):

"الامتنان هو الأداة العقلية التي نستعملها لتذكير أنفسنا بالأشياء الجيدة؛ إذ إنَّها عدسة تساعدنا على رؤية الأشياء التي لا تدخل في قوائم المشكلات التي يتعيَّن حلها، فنحن نسلط الضوء على الأشخاص الذين يقدمون لنا الأشياء الجيدة في الحياة".

اعتقاداً منه أنَّه يفتقر إلى القليل من الانضباط في موضوع الامتنان؛ وضع "سميث" قائمة من ست سمات يعتقد أنَّها تميز "الأشخاص الممتنين" عن الآخرين:

  1. التفكير في الموت والخسارة، من حين إلى آخر: يُعرَف أيضاً باسم "الطرح الذهني"، ويتضمن هذا الاعتراف بما نمتلكه من خلال التفكير فيما لا نمتلكه؛ إذ لا يتعلق الأمر بالموت والكآبة؛ وإنَّما بتطوير التقدير من خلال النظر في جميع الاحتمالات.
  2. بذل الجهد للاستمتاع بالحياة والجمال: تذوق التجارب الإيجابية يجعلها تعلق أكثر في الدماغ، فهل سبق لك أن لاحظت أنَّ أول رشفة من القهوة مذاقها يكون الأفضل؟ لدينا ميل إلى التكيف مع الأشياء الممتعة، والاستمتاع بها بشكل أقل مع مرور الوقت، وهي ظاهرة تنتمي إلى "مذهب اللذة"، والعلاج هو التخلي مؤقتاً عن هذه الأشياء وجعلها جديدة مرة أخرى.
  3. عَدُّ الأشياء الجديدة كهدايا، وليس كحقوق: الحقوق هي نقيض الامتنان، والانشغال بالنفس سيقضي سريعاً على أيِّ مشاعر امتنان.الامتنان للناس، وليس فقط للأشياء: يقوي التعبير عن الامتنان تجاه الآخرين الروابط الاجتماعية ويزيد الثقة والتعاطف والمودة.
  4. الاعتراف بالجميل والنوايا الحسنة: الأشخاص الممتنون يعبرون تعبيراً دقيقاً عن الامتنان؛ وهذا يجعل تعبيراتهم أكثر أصالة، على سبيل المثال: سيقولون: "أحبك لأنَّك حضَّرتَ لي الفطائر صباح يوم السبت عندما عرفتَ أنَّني مررتُ بأسبوع صعب"، بدلاً من: "أنا أحبك لأنَّك رائع".الشكر خارج الصندوق: هذا ليس إنكاراً للسلبية؛ ولكنَّه طريقة تفكير بالعالم تُحوِّل العقبات إلى فرص.

ممارسة الامتنان:

تتمثل ممارسة الامتنان في التمهل والنظر بعمق في حياتك "الماضي والحاضر والمستقبل"، بالإضافة إلى البحث عن الهبات والعطايا في الوقت الحاضر، وتُنمَّى فرص الامتنان الإضافية من خلال استعادة الذكريات من الماضي وتطوير نظرة إيجابية للمستقبل.

فيما يأتي بعض الاقتراحات لتطوير ممارسة الامتنان:

  1. التلفظ بعبارات الشكر: اكتب ملاحظات شكر قصيرة دائماً للحصول على تأثير أكبر، اكتب خطاب امتنان واحد مفصَّل شهرياً، وضع في حسبانك كتابة واحدة لنفسك من حين إلى آخر.
  2. اشكر شخصاً ما بذهنك: لا تقلل أبداً من شأن قوة أفكارك.
  3. تدوين الامتنان في يومياتك: اقضِ بضع دقائق قبل النوم في تدوين الأشياء التي تشعر بالامتنان لها مرة أو مرتين في الأسبوع. لقد ثبت أنَّ التركيز في العلاقات الشخصية - على عكس الأشياء المادية - يكون أكثر تأثيراً.
  4. تخصيص صندوق للامتنان: اكتب ما تشعر بالامتنان له كل يوم على قصاصة من الورق وضعها في صندوق، وعندما تمرُّ بيوم صعب اسحب وأعد قراءة القليل منها كتذكيرٍ بالامتنان.
  5. الشكر في أثناء تناول الطعام: تدرَّب على مشاركة الامتنان اليومي مع عائلتك في أثناء تناول وجبة العشاء.

المصدر




مقالات مرتبطة