عاملان أساسيان لتصبح الوظيفة مصدر سعادة

إنَّ وضع قوائم تصنيف للوظائف من حيث مقدار تحقيقها للسعادة، يجعل الأشخاص الذين يعتمدون هذه القوائم يعتقدون أنَّ في مقدورهم الإجابة عن هذا السؤال، لكن لسوء الحظ، وفقاً للأستاذ "آرثر سي بروكس" (Arthur C. Brooks) في "جامعة هارفارد" (Harvard University) فإنَّ هذه القوائم لا معنى لها، فقد تكون وظيفة أحلام شخص ما كابوساً بالنسبة إلى شخص آخر.



قد تكون لاحظتَ عند قراءة بعض هذه القوائم أنَّ المهن التي تتصدر قائمة ما، تكون في أسفل قائمة أخرى، ويتَّضح أنَّه يوجد اختلاف في المنهجية بين مصممي هذه القوائم، لكنَّ "بروكس" (Brooks) يصر على أنَّ المشكلة ليست في تصميم الاستبيان؛ إنَّما في الطبيعة الأساسية لما يجعل الوظيفة تحقق السعادة.

يقول "بروكس": "الباحثون الذين حاولوا اكتشاف علاقة واضحة بين الرضا الوظيفي وأنموذج الوظيفة التي يشغلها شخص ما، قد أخفقوا إخفاقاً كبيراً"، والسبب أنَّ وظيفة حارس حديقة مثلاً قد تمثل وظيفة الأحلام بالنسبة إلى شخص، بينما قد يرفضها شخص آخر؛ حيث يختلف انجذابنا نحو الوظائف اختلافاً كبيراً؛ فالوظيفة التي تجعل شخصاً سعيداً قد تكون كابوساً بالنسبة إلى شخص آخر.

لكن يبقى لدى العلم رأي يمكننا الاستفادة منه بشأن ما يجعل من وظيفة ما مصدراً للسعادة، فقد لا يكون لتحديد الوظائف بعينها ومجالات العمل علاقة موثوقة بازدياد السعادة، لكنَّ صفات الوظيفة هي التي تؤدي دوراً في هذا المجال.

أظهرت الأبحاث أنَّ زيادة الأجور تزيد من السعادة في العمل، لكنَّ هذا الإحساس بالرضا مؤقت، وتكشف الدراسات عن روابط أكثر ديمومة بين العمل والسعادة، فعندما يشعر الموظف بتنامي أهميته تبعاً لارتفاع أهمية شركته وزملائه، فإنَّه يشعر بالسعادة، كما أنَّ الحفاظ على التوازن بين الحياة والعمل والحد من المظاهر والغرور في ممارسة دور القيادة قد يجعل من وظيفة ما مصدراً للسعادة.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعالة لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية

ليس غريباً أنَّ الاحترام والأجور اللائقة تجعل الناس أكثر سعادة في عملهم، لكنَّك قد لا تبحث عن مجرد وظيفة جيدة؛ بل وظيفة تجعلك سعيداً؛ لذا عندما يقصد الشباب "بروكس" طلباً للنصيحة بشأن المهنة، فإنَّه يطلب منهم ألا يفكروا في المسمى الوظيفي والمكانة وقطاع العمل؛ بل أن يبحثوا عن هاتين الصفتين في الوظيفة:

1. تحقيق النجاح:

توجد بضعة أشياء تجعل الناس أكثر سعادة من الإحساس بأنَّ عملهم الجاد أتى ثماره من خلال التقديرات والمكافآت؛ لذلك ابحث عن وظيفة يكون فيها لجهودك ثمار ملموسة.

يقول "بروكس": "أرباب العمل الذين يقدمون إرشادات وتغذية راجعة واضحة ويكافئون الموظف الجدير ويشجعونه على تطوير مهاراته هم الخيار الأفضل؛ لذلك ابحث عن رب عمل يتصرف بهذه الطريقة، وإذا كنت رب عمل فتصرَّف بهذه الطريقة".

إقرأ أيضاً: 10 أمور تساعدك على توليد السعادة الحقيقة بداخلك

2. تأثير عملك في الآخرين:

لست بحاجة إلى أن تكون موظفاً في جمعية خيرية كي تساعد الآخرين، يقول "بروكس": "أظهرت أبحاثي أنَّ العمل غير الربحي لا يحقق الرضا مثل العمل الربحي أو الوظيفة الحكومية، لكن مع ذلك، يمكنك إيجاد فرصة لخدمة الآخرين في أيَّة وظيفة تقريباً سواء أكنت بواباً أم مديراً تنفيذياً، وإذا كنت قادراً على رؤية أنَّ عملك يجعل العالم أفضل، فعلى الأرجح ستحقق لك وظيفتك السعادة".

كيف تستفيد بصفتك ربَّ عملٍ من هذه المعلومات؟

يشير "بروكس" إلى أنَّ تقريره العلمي عن كيفية الشعور بالسعادة في العمل لا يحاكي فقط اهتمامات خريجي الجامعات والمهنيين المجتهدين الذين يرغبون في تغيير مهنتهم؛ فالعاملان اللذان ذكرهما "بروكس" يساعدان على الحصول على وظيفة أفضل، وأيضاً يساعدان أرباب الأعمال على تصميم الوظائف في شركاتهم لتكون أفضل.

لذلك، إذا كنتَ تتطلع إلى الاحتفاظ بالموظفين واستقطاب المواهب، فإنَّ الراتب والترقيات هي حتماً عوامل جذب هامة، لكن للحفاظ على المواهب والاستفادة منها احرص على منح الموظف شعوراً بأهمية إنجازاته وخدماته.

المصدر




مقالات مرتبطة