طريقة بسيطة للتغلب على الشعور بالاستياء

كنت أنظف الصحون عندما فتحت باب الخزانة تحت المغسلة، وراعني منظر علب التونة الفارغة والأوعية البلاستيكية المتناثرة على أرضية المطبخ، فثرتُ غاضبة كالعادة من إهمال زوجي وفوضويته، فأدى هذا الإحباط البسيط إلى تذكُّر جميع الأمور الأخرى التي تستدعي التذمر والاستياء، والتي طال أمدها، وهكذا تدريجياً تعاظم استيائي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الطبيبة سوزان بيالي هاس (Susan Biali Haas)، والتي تُحدِّثنا فيه عن كيفية تخطيها مشاعر الاستياء تجاه زوجها الفوضوي.

هنا أيقنت أنَّ عليَّ الخروج من دوامة الأفكار هذه؛ لذا وضعت إسفنجة الجلي واتكأت بيدي على حافة المغسلة، وقلت لنفسي أنا التي دوماً أتحدث عن هذه الظاهرة لمرضايَ وعملائِي الكوتشز طوال الوقت، يجب أن أكون قدوة؛ حيث ينجر الكثيرون - وخاصة أولئك المعرضون للاكتئاب أو القلق - إلى الاجترار السلبي للأفكار، وفي الواقع، قد تؤدي بعض المواقف إلى اجترار الأفكار بزخم كبير، فيكون علينا محاربتها بكل ما أوتينا من قوة.

يتركز عملي السريري في مجال الصحة الذهنية، وتقديم العلاج الطبي النفسي للمرضى الذين يعانون في المقام الأول من القلق والاكتئاب، وبناء على تجربتي، قد تكون قيادة سيارتك واحدة من أكبر مسببات اجترار الأفكار السلبية، فكثيرون هم مرضاي الذين يسرحون بفكرهم بعيداً في أثناء تنقلاتهم، وربما يرجع السبب في ذلك إلى كون فعل القيادة لا يتطلب منك التركيز على كثير من الأشياء، فهؤلاء يغضبون من الظلم في العمل، ويصبوُّن جام غضبهم على شركائهم ويتذكرون مخاوفهم ويعيشونها مجدداً.

نحن نستخدم تقنيات مختلفة لمحاولة تجنب هذه العمليات الذهنية في أثناء قيادة السيارة بمفردنا، كالاستماعِ لبعض الموسيقى المفضلة لديهم، والغناء بالتزامن معها كنوع من الإلهاء.

شاهد بالفديو: 12 طريقة لتحسين مزاجك في أقل من 10 دقائق

بالنسبة إلي، أكثر ما يثير اجترار الأفكار السلبية في ذهني هو غسل الأطباق؛ وذلك ربَّما لأنَّه لا يتطلب مني تركيزاً عالياً، والأطباق تذكرني بالالتزامات المختلفة المتعلقة بالأعمال المنزلية، لقد تعلَّمت السيطرة على أعصابي عندما يأخذ الاستياء بالتصاعد، وتحويل تركيزي إلى ما يحدث في الوقت الحاضر كالشعور بدفء الماء وشمِّ رائحة سائل الجلي، والشعور بالرضا عن الأطباق النظيفة، لكنَّ هذه المرة، لم يكن ذلك كافياً، وأدركت أنَّ استيائي أصبح عادة دائمة، ولم يعد كسر هذه الحلقة في بدايتها حلاً كافياً بعد الآن.

لأكون أكثر وضوحاً معكم، لا يتعلق هذا الحديث بإيجاد حل للأمور التي تسبب لنا الإحباط سواءً في المنزل أم في العمل، فإن كان هناك شيء ما يزعجك باستمرار في علاقة أو موقف، فقد لا يكفي تجاهله أو تشتيت انتباهك عندما تجد نفسك تفكر فيه؛ وإنَّما قد تحتاج إلى التحدث بالأمر ومناقشة ما يزعجك.

وجهة نظري هنا مختلفة، لقد وجدت طريقة مدهشة للخروج من هذا النمط، وأثارت اهتمامي حقاً؛ حيث خطر ببالي أنَّني أستطيع محاربة الاستياء المتزايد بالامتنان، وقد يبدو هذا واحداً من الاقتباسات المبتذلة التي نقرأها على منصات التواصل الاجتماعي، لكن توجد طريقة فعالة لتطبيقه، فكل ليلة، قبل وضع قائمة الامتنان المعتادة للأمور التي جرت على نحو جيد - واستناداً إلى البحث الذي أجراه الدكتور مارتن سيلغمان (Martin Seligman)، مؤسس علم النفس الإيجابي - سأضع قائمة امتنان لزوجي.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك

كان عليَّ البحث جيداً في يومي لاكتشاف الأشياء الإيجابية التي فعلها زوجي أو الصفات الإيجابية التي أظهرها، وعندها شعرت بالخجل، فصحيح أنَّه ينسى كثيراً إخراج القمامة؛ لكنَّه يقدم مساعدة كبيرة لي ولأسرتنا في نواحٍ عدة، فهو قادر على إيجاد حلول عملية لا تُعدُّ ولا تُحصى لما يواجهني من مشكلات مستعصية، فيجعل حياتي أسهل وأفضل في شتى النواحي الكبيرة والصغيرة.

كنت في بعض الليالي، بعد أن أفرغ من "القائمة" التي أضعها في ذهني، أشعر بأنَّه من الواجب عليَّ مراجعة أحداث يومي، آملة في العثور على دليل يثبت أنَّني كنت قادرة على تقديم المساعدة نفسها أو ما يشبهها كما فعل هو، وهذا ما جعلني أشعر بالسخف، وعندها أخبرت زوجي عن عادتي الجديدة والاكتشافات المرافقة لها.

خدعني قصر نظري والتقليل من شأن مساهماته، وكيف لم أكن بتلك المثالية التي اعتقدتها، لقد بدأت بالمساعدة على إخراج القمامة، ووضعها في الحاويات المخصصة لإعادة التدوير كلَّما تكدَّست في المنزل، ولم تَعُد تراودني أية أفكار سوداوية بعد الآن عند غسل الأطباق، أنا أشجعك على تجربة هذه الطريقة، إن كان هناك شخص يُشعرك بالإحباط كثيراً، وتصيبك تصرفاته بالغضب الشديد. 

إقرأ أيضاً: ما بين التَقبُّل وتحييد المشاعر: كيف نتحكم بمشاعرنا؟

استخدم قائمة الامتنان لمواجهة الأفكار السلبية التي تراودك حول أي شخص أو موقف يثير استياءك، وكرر العملية بقدر ما تحتاج، فقد لا تجد قدراً كافياً من الإيجابية؛ لكنَّك ستجد حتماً بعض الجوانب الجديرة بالامتنان.

عندما نعلق في دوامة من الإحباط والاستياء؛ حيث تتعاظم الأشياء التي نكرهها، وتحجب عنا رؤية الخير الحقيقي الموجود، وكل ما عليك فعله هو البحث جيداً وتخصيص الوقت الكافي، وستجد كثيراً من الأمور الإيجابية التي تستحق التركيز عليها.

أنا في هذا المقال لا أوصي باستخدام هذه الأداة لتحمُّل الإساءة أو التصرفات القمعية؛ وإنَّما تنطبق هذه الاستراتيجية على المواقف السلبية متوسطة الشدة لعلاقة أو ظرف، فإن اعتدت البحث عن الخير في الأشياء والناس، ستجد أنَّ جزءاً كبيراً من استيائك يتلاشى وستتغاضى عن الأمور المستفزة.

المصدر




مقالات مرتبطة