طرق مجدية لزيادة الإنتاجية على الأمد الطويل

لطالما كان التغيير هو الأمر الوحيد الثابت في مكان العمل، وقد بدا هذا الأمر جلياً خلال الأشهر الستة الأولى من جائحة كوفيد-19؛ إذ واجه الموظفون تغييراً كبيراً في تكيُّفهم عندما بدؤوا العمل عن بعد، حين اعتمدوا أدوات تعاون افتراضية جديدة، وتعاملوا مع المخاوف المتعلقة بالأمن الوظيفي، ووفَّقوا بين حياتهم الشخصية والمهنية، وغيرها الكثير من الأمور الأخرى.



وفي حين أنَّ هذه الحالة من الشك والتغيير سببت الخوف لدى الموظفين، فمن المستغرب هنا أنَّ دوافع الموظفين لم تتأثر؛ بل على العكس، فقد دفعت الجائحة الناس إلى العمل بجد أكبر؛ إذ وجدت دراسة استقصائية أجراها "بنك دويتشه" (Deutsche Bank) مؤخراً أنَّ الأمريكيين يشعرون الآن بأنَّهم أكثر إنتاجية ممَّا كانوا عليه قبل الجائحة.

ولكن هناك سبب علينا التوقف عنده، فمن المحتمل جداً أن يكون الشعور بالخوف هو العامل المسبب لهذه الظاهرة، وقد يكون الشعور المفاجئ بالقلق المرتبط بالجائحة هو ما تسبب في الارتفاع الحاد في دوافع العمال؛ وهذت أدى إلى النتائج المبهرة فيما يتعلق بالإنتاجية في العمل.

وعلى الرغم من أنَّ الخوف كان حافزاً قوياً لفترة وجيزة من الزمن، فإنَّه ليس أمراً صحياً ولا مناسباً على الأمد الطويل. في الواقع، شعر العديد من العمال بالاحتراق الوظيفي في ظل انعدام الرؤية الواضحة لنهائية الجائحة؛ لذا على الأمد الطويل، من المرجح أن يؤدي استعمال مثل هذه الأساليب القائمة على سياسة التخويف إلى إعادة المنظمات خطوات للوراء، فيما يتعلق بجهودها الرامية إلى تحقيق الازدهار خلال الجائحة؛ إذ إنَّنا بحاجة إلى منظور جديد.

إنَّ إعادة إشراك القوى العاملة المنهكة ليست مهمة سهلة. ومع ذلك، فهي هامة للاحتفاظ بالمواهب ودفع العجلة لإنجاح الأعمال في الوقت الحالي. وعلى الرغم من عدم وجود حل مشترك يناسب الجميع لإعادة إشراك الموظفين، إلا أنَّ هنالك طرائق سليمة يمكن اتباعها لزيادة الإنتاجية؛ ومن هذه الطرائق لدينا:

1. الإنتاجية القائمة على المرونة:

لقد سلطت الجائحة الضوء على الأهمية الحاسمة للتوازن بين العمل والحياة؛ إذ أدى العمل عن بعد إلى طمس الخط الفاصل بين حياتنا الشخصية والمهنية، وأصبح الموظفون يشعرون بالحيرة بسبب عدم قدرتهم على معرفة ما إذا كانوا قد أنهوا مهامهم اليوم، أم أنَّه ستُطلَب منهم مهام جديدة. لقد أصبحت القوى العاملة اليوم أكثر عرضة للإرهاق، ومن ثمَّ، فإنَّ عروض العمل المرنة أصبحت أمراً بالغ الأهمية لإنجاح العمل.

في الآونة الأخيرة، أعلنت شركة البرمجيات "إلفانت فنتشرز" (Elephant Ventures) أنَّها ستقدم أسبوع عمل من أربعة أيام للموظفين الأمريكيين، بعد أن شهدت نجاحاً أولياً (زيادة في الإنتاجية بنسبة 20% إلى 30%) عند اتباعها لهذه الطريقة في الفلبين.

كما شهدت شركة "بيربيتول غارديان" (Perpetual Guardian) النيوزلندية للتخطيط العقاري، زيادة في الإنتاجية بنسبة 20% بعد تحديد أيام العمل خلال الأسبوع بأربعة أيام، إلى جانب انخفاضٍ بنسبة 27% في الإجهاد المرتبط بالعمل، وزيادة بنسبة 45% في التوازن بين العمل والحياة. توضِّح هذه الأمثلة التأثير المذهل الذي يمكن أن يُحدثه اتباع نهج مرن في إنتاجية الموظف.

ومع ذلك، لا يحتاج أرباب العمل إلى بذل كل هذه الجهود الشديدة لضمان المرونة في العمل؛ إذ تتيح بعض الفرص الأخرى للناس إمكانية اختيار أوقات بدء العمل وإنهائه؛ وذلك في سبيل ضمان صحة موظفيهم الجسدية والنفسية، وإتاحة الفرصة للاهتمام بالتزاماتهم الأسرية بشكل أفضل؛ إذ إنَّ تحديد ساعات عمل مُخفَّضة في الأيام التي قد يكون فيها العمل بطيئاً، أو تشجيع الموظفين على استعمال الإجازات مدفوعة الأجر، تُعَدُّ طرائق أخرى لدعم المرونة والتوازن.

يمكن لتقديم مثل هذه الخيارات، أن يُشكِّل حافزاً كبيراً على الأمد الطويل عند الموظفين، كما أنَّه قد يجذب مواهب جديدة أيضاً.

شاهد: 6 طرق مبتكرة لتعزيز إنتاجية الموظفين

2. الإنتاجية القائمة على التقدير:

يُعَدُّ التقدير وسيلةً أخرى تدفع بالموظفين إلى القيام بأعمالهم بشكل فعَّال خلال الأوقات الجيدة والصعبة على حدٍّ سواء. في الواقع، 90% من الموظفين قالوا إنَّ تقدير قيامهم بعملهم على أكمل وجه، يدفعهم ويحفزهم للمثابرة والقيام بجهد أكبر خلال العمل.

وقد أصبح التقدير خلال الجائحة أمراً بالغ الأهمية، بعد أن انتقل الناس إلى العمل عن بعد؛ إذ إنَّه في حال عدم تطبيق المؤسسات لاستراتيجيات الإصغاء والتقدير عن بعد، فقد يؤدي عدم التقاء الموظفين بالمديرين في المكاتب إلى غياب التغذية الراجعة التي يتوق الموظفون إليها.

وفي ظل غياب الأنظمة المناسبة، فيمكن لديناميكيات العمل عن بعد أن تجعل الموظفين يشعرون بقلة التقدير؛ وهذا يؤدي إلى انخفاض مستويات التحفيز والإنتاجية.

من الهام أن يمتد التقدير - خاصةً في أوقات الأزمات - إلى ما هو أبعد من الأساليب التقليدية الشفهية، مثل التنويهات في أثناء اجتماعات الموظفين أو في أثناء الدردشات الفردية؛ لذا لضمان أن يشعر الموظفون بالاعتراف بإنجازاتهم، يجب على أماكن العمل النظر بشأن إعداد قنوات تواصل إضافية عبر الإنترنت، تُمكِّن من إجراء محادثات وتقديم مكافآت في الوقت الفعلي.

وعلاوة على ذلك، ينبغي ألَّا نكتفي بالتقدير الموجه وحده؛ إذ اتخذت بعض المؤسسات استراتيجيات تقدير جديدة؛ وذلك بالبحث عن أساليب لتشجيع الثناء بين الموظفين أنفسهم؛ وهذا يساهم في تعزيز أداء الموظفين بنسبة تصل إلى 14%.

يمكن للمنظمات من خلال تنمية ثقافة التقدير باستعمال هذه الأساليب الإضافية، بناء قوة عاملة أكثر إنتاجية، تعمل على الأمد الطويل لتحقيق أهداف عملها.

المصدر




مقالات مرتبطة