طرق للحفاظ على علاقة الصداقة

علاقة الصداقة علاقة مقدسة جداً لا تقل أهمية عن علاقة الإنسان بعائلته، والأصدقاء الحقيقيون تشعر تجاههم بالمحبة والمودة كمحبَّتك لإخوتك، فيمكن عدُّ الأصدقاء من أغلى الكنوز التي يحصل عليها الإنسان في حياته؛ وذلك لأنَّ الصداقات الجيدة تؤثر إيجاباً بشكل كبير في صحة الإنسان النفسية وحتى الجسدية، فخلال مواجهة ضغوطات الحياة والظروف المختلفة نحتاج إلى وجود أشخاص داعمين لنا نفسياً يشاركونا الأفراح والأحزان لنستطيع أن نكون أقوى أمام صعوبات الحياة.



مفهوم الصداقة:

الصداقة هي العلاقة الاجتماعية التي تجمع بين شخصين أو عدَّة أشخاص معاً، وتملأ هذه العلاقة المحبة والتفاهم والثقة والإخلاص والصدق والتعاون في مختلف مجالات الحياة، والإنسان لا يمكنه العيش دون أصدقاء يفرح معهم ويتقاسم معهم الهموم؛ وذلك لأنَّ الصديق الحقيقي هو الداعم الأول في السراء والضراء، ومن فوائد الصداقة ما يأتي:

  1. تقلل من توتر الإنسان الناتج عن ضغوطات الحياة والعمل، وتعزز شعور السعادة والفرح لديه، ومن ثم وجود الأصدقاء إلى جانبك في المواقف الصعبة يساعدك على اتخاذ قرارات أكثر صحة.
  2. وجود الأصدقاء إلى جانب الإنسان عند التعرُّض إلى الصدمات النفسية، مثل فقدان أحد أفراد أسرته أو انفصاله عن شريكه أو غيرها من الأزمات يساعده على التعامُل مع الصدمة ومواجهتها وتجاوزها بشكل أسرع من مواجهتها وحده.
  3. تعزيز ثقة الإنسان بنفسه وإيمانه بقدراته وتحفيزه على القيام بخطوات إيجابية في حياته ليصلَ إلى النجاح والتفوُّق ويتغلَّب على كافة المصاعب، والصديق الحقيقي هو أكثر الناس اهتماماً بنجاحك وفرحاً لتفوقك، فلا تقلُّ فرحته بنجاحك عن فرحته بنجاحه الشخصي.
  4. الأصدقاء هامين للحفاظ على صحة الإنسان النفسية والعقلية؛ وذلك لأنَّ وجود الصديق يبعده عن الوحدة ومن ثم وجودهم يقلل من الاكتئاب كثيراً على الرغم من أنَّ كثيرين من الناس يفضلون البقاء وحدهم أكثر من وجودهم مع الأصدقاء، ولكنَّ هذا الخيار خاطئ والصحيح هو وجود صديقك إلى جانبك من أجل التقليل من وحدتك.

شاهد: 7 أنواع من الأصدقاء ابتعد عنهم تماماً

طرائق لاستمرار علاقة الصداقة مع الأصدقاء الذين تفصلك عنهم مسافات:

خلال مراحل حياة الإنسان في الدراسة أو العمل قد يتعرَّف إلى الكثيرين من الناس فيصبح لديه عدَّة أصدقاء، لكن يضطر الإنسان أحياناً إلى الابتعاد عن أصدقائه وتكثر هذه الحالة خلال فترة الدراسة الجامعية، فقد يسافر الشخص إلى مكان بعيد بقصد الدراسة والحصول على شهادة جامعية فيجتمع بأصدقاء يصعب عليه فراقهم عند انتهاء فترة الدراسة وعودة كل شخص إلى مسقط رأسه، ولكنَّ هذا الأمر لا مفر منه ويوجد وداع في نهاية رحلة الدراسة الجامعية، أو قد يسافر أحد الأصدقاء مبتعداً لمسافات كبيرة بغرض العمل في دولة أخرى مثلاً، فهل يعني ذلك انتهاء هذه العلاقة؟

كلَّا، يمكن المحافظة على علاقات الصداقة طوال الحياة مهما بعدُت المسافات، فقد يبدو الأمر صعباً في البداية ولكنَّ الإنسان يعتاد تدريجياً على بُعد المسافات، والهام في الأمر ألَّا يتخلى عن أصدقاء يُشعِرونه بالراحة والسعادة ويدعمونه في هذه الحياة الصعبة، ويمكن ذلك من خلال اتِّباع ما يأتي:

  1. إرسال الرسائل إلى الصديق عبر البريد الإلكتروني بشكل دائم؛ يمكن للإنسان تخصيص وقت محدد لإرسال رسالة بريد إلكتروني؛ إذ تتيح لك رسائل البريد الإلكتروني إجراء محادثة طويلة خلال أي وقت وفي أي مكان، فيمكن المحافظة على إجراء محادثة واحدة طويلة ضمن سلسلة رسائل البريد الإلكتروني، وهذا الأمر ليس صعب التعلُّم؛ إذ يمكن لأي شخص أن يتعلَّم إرسال رسائل عبر البريد الإلكتروني.
  2. إرسال رسائل نصية إلى الصديق باستمرار؛ إذ تُعَدُّ الرسائل النصية طريقة رائعة وسهلة كي يبقى الشخص على تواصل مستمر مع صديقه، فيمكن من خلالها مواكبته بكل الأحداث بشكل فوري فيشعر صديقك بوجوده الدائم معك في كل خطوات حياتك على الرغم من المسافة البعيدة بينكما.
إقرأ أيضاً: ما هي صفات الصديق الحقيقي؟ وما هي أهمية الصداقة؟

من الممكن أيضاً إرسال صور مميزة التقطتها إلى صديقك في أي وقت أو إرسال صورة شخصيَّة لك كل فترة والطلب منه أيضاً أن يرسل لك صور جديدة له كطريقة للبقاء على تواصل دائم.

  1. متابعة أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي، ففي كثير من الأحيان لا تستطيع التواصل مباشرة مع الشخص الآخر، فبهذه الطريقة يمكنك الحفاظ على وجود صلة وصل بينكما دائماً؛ إذ تكون قادراً على مشاهدة لحظات من حياتهم شاركوها على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن تأكَّد أنَّ هذه الطريقة جيدة ولكنَّها لا تغني أبداً عن التواصل المباشر، ولا تحافظ على العلاقة بشكل دائم؛ فمع مرور الزمن تصبح العلاقة بينكما باردة جداً وتتحول من علاقة صداقة عميقة إلى علاقة سطحية جداً.
  2. إجراء المكالمات الهاتفية دائماً مع صديقك، وتُعَدُّ هذه الطريقة هامة جداً؛ وذلك لأنَّ التكلُّم مع صديقك يسمح لك بالتعبير بشكل أوضح عن مشاعرك والتحدُّث بشكل أفضل عن حياتك، وكثيراً ما يحتاج الإنسان إلى التكلُّم والإصغاء إليه فقط؛ وذلك لأنَّ بعض الناس لا يستطيعون التعبير جيداً باستخدام الكتابة ولا يمكنهم إجراء محادثات كتابية طويلة؛ لذلك تكون المكالمة الهاتفية هي أفضل طريقة في هذه الحالة.
  3. إجراء مكالمات الفيديو إن أمكن؛ وذلك لأنَّ هذه الطريقة تساعدك على التحدُّث إلى صديقك وكأنَّه يجلس معك فتشعر بقربك منه رغم المسافات وتسترجعان أيامكما السابقة وذكرياتكما لتصبح هذه العلاقة أمتن.
  4. إرسال الرسائل المكتوبة بخط اليد إلى أصدقائك على الرغم من وجود مواقع التواصل الاجتماعي والعديد من طرائق التواصل المذكورة آنفاً لكن تبقى الرسائل المكتوبة بخط اليد تحمل لمسة شخصية خاصة وطريقة مميزة لإنشاء ذكريات بينكما؛ إذ يمكن الاحتفاظ بالرسالة لسنوات طويلة لتبقى ذكرى مميزة من الصديق.
  5. إرسال هدية لصديقك كل فترة، مثلاً في عيد ميلاده كل سنة يمكنك إرسال هدية حتى لو شيئاً بسيطاً فالغاية من ذلك هي تذكيره أنَّك دائماً في حياته ولم يغيِّر البعد شيئاً من علاقتكما، ومن الهام أيضاً تذكُّرك دائماً لتواريخ هامة في حياته مثل تاريخ تخرجه من الجامعة أو تاريخ زواجه أو تاريخ بدئه في العمل لما لذلك من تأثير كبير في بقاء علاقتكما قوية.
  6. جمع أشياء تتعلَّق بذكريات شخصية بينكما وإرسالها إلى الصديق لتعطيه شعوراً جميلاً بتذكُّرك لكل ماضيكما الجميل وعدم نسيانك لمغامراتكما معاً رغم مرور الزمن ودخول المسافات بينكما.
  7. الاهتمام بتفاصيل حياة صديقك اليومية وليس فقط أخباره العامة فسؤالك عن روتينه اليومي، وعن كيفية إمضاء ساعات العمل، أو إمضاء وقت فراغه، أو ما هي خططه لليوم التالي، أو سؤالك عن الأشخاص الذين يقابلهم في عمله وحياته اليومية قد يُعَدُّ من التفاصيل البسيطة ولكنَّه يقوي العلاقة بينكما ويمنع تراجع مستوى صداقتكما.
  8. تجنُّب إلغاء وقت محادثتك المعتاد مع صديقك؛ وذلك لأنَّه قد تحدث صعوبات أحياناً بتنسيق الوقت بينكما بسبب الانغماس في مشاغل الحياة المختلفة، لكن يمكن وضع جدول لأعمالك اليومية والتنسيق مع صديقك لإيجاد وقت مشترك بينكما قادرين على التواصل فيه.
  9. إرسال إلى صديقك روابط لأشياء تجدها وتريد منه مشاهدتها، فمثلاً يمكنك مشاركته فيلماً تشاهده، أو مقاطع فيديو مضحكة أو مثيرة للاهتمام، أو أغنية أعجبتك وتريد أخذ رأيه بها، أو يمكنك إهداؤها له ليشعر بأنَّك ما زلت تشاركه اهتماماتك والبعد لم يغير شيئاً بينكما.
  10. ابحث عن أشياء يمكنك القيام بها معاً حتى مع بعد المسافات؛ إذ توجد نشاطات يمكنك مشاركتها إلكترونياً، مثل الألعاب التي يتم اللعب بها مع أشخاص بعيدين عنك بوجود الإنترنت.
  11. تفهُّم ظروف حياته الجديدة، فقد تكون معتاداً على وجود صديقك دائماً معك أو على استعداده إلى سماعك طوال الوقت ولكنَّ الظروف تتغير، فإن اضطر إلى السفر بعيداً عنك، لا يجب أن تُذكِّره دائماً بالماضي وكيف تغيَّرت علاقتكما أو أنَّه السبب بشعورك السيِّئ تجاه هذا التغيير؛ بل يجب أن تقدِّر وتتفهَّم ظروفه التي أدت إلى ابتعادكما عن بعض، فهو أيضاً يشعر بالضيق من التغيير الحاصل في علاقتكما وينتظر منك الدعم النفسي، وفي حال تأخَّر يوماً عن موعد محادثتكما أو بالرد على رسائلك يجب ألَّا تلومه وتظن أنَّ البعد غيَّر من طباعه؛ بل يجب أن تلتمس الأعذار له إلى أن يردَّ على رسائلك، كما أنَّ إخبارك لصديقك أنَّك عذرته بعد تقديمه للمبرر لك ضروري جداً لبقاء علاقتكما قويَّة دائمة.
  12. تذكُّر كل الأشياء التي جمعتكما منذ البداية وجعلتكما صديقين، فإنَّ البعد يقلل من المحبة؛ لذلك أعِد التفكير دائماً وفكر في كل الأمور التي تشاركتماها كي تبقى مكانة صديقك في قلبك كما هي ولا يغيِّر البعد من حسن معاملتك معه.
  13. طلب النصيحة دائماً من صديقك، فقد تعتقد أنَّه أصبح بعيداً ولا يمكنك أن تستفاد من نصائحه بعد الآن، ولكنَّ هذا التفكير خاطئ، وقد يكون سبباً في قطع العلاقة بينكما، وتذكَّر دائماً أنَّ مشاركة الأيام الصعبة والمشكلات والسماح له بتقديم المساعدة من خلال النصائح هو سبب رئيس لتوطيد العلاقة بينكما وليس المرح والتسلية.
  14. التخطيط للقاء إن أمكن ذلك على أقل حد مرة خلال السنة، وإن كان ذهاب أحدكما إلى الآخر صعباً، يمكنكم الذهاب إلى مكان مشترك بينكما من أجل اختصار المسافة؛ وذلك لأنَّ اللقاء ضروري جداً حتى لو كان لمدة قصيرة. كل ما ذكرناه آنفاً من طرائق ستنفع لفترة من الزمن قد تكون فترة طويلة، لكن لن تنفع لطوال الحياة، ويمكن القول إنَّ مجرد التخطيط للقاء سيخفف من الضغط النفسي الناتج عن ابتعادكما عن بعض حتى إن فشلتم في تحقيق الأمر.
  15. التصرُّف بعفوية دائماً مع الصديق؛ وذلك لأنَّ الصديق يختلف عن الناس الآخرين بقدرتك على التعامل معه ببساطة وراحة دون وجود حواجز بينكما وإخباره عن رأيك الصريح دون وجود مجاملات تجاهه؛ لذلك لا تجعل المسافات تضع هذه الحواجز وتجعل الحديث بينكما رسمياً نوعاً ما، فهذا يقلل من مصداقية العلاقة بينكما، ومن ثم يؤدي إلى قطع هذه العلاقة مع مرور الزمن.
  16. تقدير جهد صديقك المبذول في سبيل استمرار صداقتكما، ففي كثير من الأحيان يبذل طرف جهد أكبر من الطرف الآخر باستمرار، فإن لم يجد التقدير مقابل هذا الجهد، سوف تتراجع المحبة بينهما، فمن الممكن إن لم تستطع تقديم نفس الاهتمام بحياة صديقك وتفاصيله اليومية أن تخبره عن سبب انشغالك وعن ظروف حياتك بوضوح وصراحة، فالكثيرون من الناس يريدون فقط أن يعرفوا أنَّهم محبوبون من الطرف الذي يهتمون به ليستمروا بتقديم المحبة والاهتمام له.
إقرأ أيضاً: الصداقة بين الوظيفة النفسية والاجتماعية

في الختام:

الحديث إلى الصديق يغسل روحك ويخفف من الأحزان والأتعاب عن قلبك ويساعدك على إعادة شحن طاقتك لمواجهة صعوبات الحياة المختلفة؛ لذلك فإنَّ وجود الصديق ليس رفاهية بل ضرورة لاستكمال حياتنا بشكل أبسط وبقوة أكبر وبسعادة أكثر.

المصادر: 1،2،3،4




مقالات مرتبطة