طاقة الأنوثة والذكورة بين المرأة والرجل

هل كنت شاهداً في يومٍ من الأيام على جدالٍ حامي الوطيس بين زوجين؟ هل تناهى إلى مسمعك كلمات الزوج وهو يقول لزوجته: "أنا لا أفهمك، أنتِ سبب غضبي واستيائي من الحياة". لترد الزوجة عليه قائلة: "أنتَ لا تشعر ولا تهتم بي فحياتي معك أشبه بالجحيم". فتلوذَ أنتَ بالفرار من هذه الحرب الشعواء عائداً إلى منزلك متسائلاً عن الأسباب الكامنة وراء سوء الفهم الذي يُخيّم على العلاقة بينهما؟ لماذا لا يفهم الرجل المرأة؟ وهل ثقافة المجتمع تؤثّر على علاقتهما؟ وماذا عن الطاقة؟ وهل عدم فهمها يشوّش هذه العلاقة؟ وكيف نصل إلى التوازن في العلاقة بين الرجل والمرأة؟ هذا ما سنتعرف إليه بين سطور هذا المقال.



1. "ذكر وأنثى" أم "رجل وامرأة"؟

تعدّ المصطلحات مثل: "ذكر وأنثى"، مُعبّرة عن جنس الشخص، في حين أنّ مصطلحي "الرجال والنساء" مُعبّران عن السّمات الشخصية.

يحدث التّوازن في البيت الأسري عندما يتفنّن الذكر والأنثى في تبادل أدوار الرّجال والنّساء. على سبيل المثال: يتولّى أحد الذكور أمور المطبخ في منزله، فهو المسؤول عن شؤونه فتكون صفته رجل. من جهةٍ أخرى، تتولّى أنثى أمور الطفل في منزلها، فهي المسؤولة عن شؤونه، فتكون صفتها رجل. إذاً تعني صفة الرجال مَن يحمل مسؤوليّة الشيء، بغضّ النظر عن كونه ذكراً أم أنثى.

دعونا نتفق على أنّ كلّ الألفاظ التي فيها "القَوَامَة" هي ألفاظٌ ذكوريّة، وتكون صفتها "رجال" بغض النظر عن الجنس (ذكر أم أنثى) فعلى سبيل المثال: لفظة "وليّ الأمر" تعني "الذي يُمسِك زمام أمور شيءٍ ما، سواءً أكان ذكراً أم أنثى"، فقائد الطائرة نسمّيه "وليّ الأمر" حتى لو كان أنثى؛ فالمسؤولية صفة "رجال" وهي تدلّ على العطاء.

فالصفات الذكورية هي تلك التي فيها عطاءٌ لا أخذ، في حين أنَّ الصفات الأنثوية هي الصفات التي فيها أخذٌ وليس عطاء (بغضِّ النظر عن الجنس "ذكر أم أنثى").

2. طاقة الأنوثة وطاقة الذكورة:

يوجد طاقة أنوثة وطاقة ذكورة، وحتى تكون الأنثى متوازنة في الطاقة؛ يجب أن يكون لديها (70%) طاقة أنوثة و(30%) طاقة ذكورة. في حين يكون لدى الرجل المتوازن في الطاقة (70%) طاقة ذكورة و(30%) طاقة أنوثة.

ستُواجه الأنثى العديد من المشكلات إذا كانت طاقة الذكورة لديها مرتفعة، وبالمقابل سيُعاني الرجل كثيراً إذا كانت طاقة الأنوثة لديه مرتفعة.

3. علامات عدم توازن الطاقة لكلٍّ من الذكر والأنثى:

يوجد العديد من العلامات التي تُنذِر بوجود اضطرابٍ في الطاقة بين الطرفين، منها:

3. 1. الاضطراب النفسي:

كأن يكون الذكر أو الأنثى غير مستقرين نفسيّاً، ويضطربان ويغضبان على أصغر تفصيلٍ من تفاصيل الحياة، ويحتاجان إلى وقتٍ كبيرٍ جداً لكي يعودا إلى هدوئهما واستقرارهما.

3. 2. صعوبة تحقيق الأهداف:

ستشعر عند وجود خللٍ في الطاقة بأنّ الحياة تحتوي على الكثير من العوائق وأنّك تميل إلى تصعيب الأمور، بينما ستصل في حالة التوازن إلى أهدافك بأسهل الطرق وستكون ممن يُهوّنون الأمور الصعبة.

3. 3. جذب أشياء سلبية إلى الحياة:

في حال عدم استقرار الطاقة فإنّ كلا الطرفين سيجذبان الشخص غير المناسب إلى حياته، فعلى سبيل المثال: ستجذب أنثى -طاقتها الأنثوية غير متوازنة- إلى حياتها ذكراً غير مخلصٍ لها، أو ذكراً يستخدم القوّة والشدّة كتعبيرٍ عن عدم توازن طاقته، مُستخدماً القسوة في سبيل إحداث توازن في طاقته.

ويجذب رجلٌ -طاقته الذكورية غير متوازنة- أنثى لا تحترمه، ولا تهتمّ به، وتستخدم طاقة الشدة معه عوضاً عن طاقة اللّين.

3. 4. ظهور علامات ذكورية لدى الأنثى:

في حال كانت طاقة الأنثى غير متوازنة، فستظهر بعض من علامات الذكورة عليها كظهور الشعر في منطقة الذّقن؛ وتكون هذه المظاهر نتيجة خللٍ في هرمونات الجسم الناتج عن عدم توازن الطاقة.

إقرأ أيضاً: 7 تصرّفات خاطئة تفقد المرأة احترام زوجها

4. مُسبّبات تشويش الطاقة الأنثوية:

4. 1. الأنوثة ضعف:

تعدّ القناعة القائلة بأنّ "الأنوثة ضعف" من أكبر القناعات التي تصيب طاقة الأنوثة في مقتل، وتُدمّر النساء في عالمنا العربي؛ ففي تجربةٍ عالميّةٍ أُجرِيَت على عددٍ من الفتيات الصغيرات حيث قِيل لهنَّ: "اركضنَ مثل الإناث"، فقد ركضنَ بمنتهى القوة والحيوية.

ثمّ أُعيدت التجربة على الفتيات نفسهنَّ وهنَّ في عمر العشرين، وطُلِبَ منهنّ الطلب ذاته، فركضن بدلع وميوعةٍ وبطء؛ فقد عُزِّزت لدى تلك الفتيات قناعة أنّ الأنوثة ضعف وهشاشة، والحقيقة أنّ الأنوثة قمّة القوّة والعنفوان، وأنّ "الله" وضعَ القوّة لدى الذكر والأنثى بذات القدر؛ لكن بشكلٍ مختلف: فقوّة الأنثى ليست بعضلاتها وإنّما بذكائها وحكمتها وقدرة استيعابها للمواقف. وبالأنوثة تستطيع المرأة الوصول إلى أهدافها بيسرٍ ووضوح.

4. 2. المجتمع الذكوري:

عندما تُسيطر على المرأة فكرة أنّ المجتمع ذكوري، يتنشّط لديها لاإرادياً "حبّ المنافسة" وهذه صفةٌ نجدها عند جميع الذكور، مما يؤدي إلى حدوث تشويشٍ في طاقتها. فكلّما تمسّكتِ بأنوثتك، زادت مناعتكِ ضدَّ أيّ أحدٍ يُحاوِل اقتحامها، ورفضكِ أنوثتك هو ما يُشوِّش طاقتك؛ فالأنوثة قوّة واكتمال.

فمثلاً: يوجد زوجٌ يُسِيء معاملة زوجته، حيث أنّه لا يهتمّ بها ولا يحنّ عليها. تزوّج هذا الشخص امرأةً أخرى بعد انفصاله عن الأولى، والمدهش أنّه أصبح حَسَن المعاملة مع الأخرى، حيث اهتمّ بها كثيراً وعاملها بِوُدٍّ. فما سبب ذلك التّغير؟

في الحقيقة إنّ اختلاف طاقة كلّ أنثى قد أثّر على العلاقة ككل؛ فطاقة المرأة الثانية طاقةٌ أنثويّةٌ مُكتمِلة، فتمكّنت من احتواء الرجل والعيش معه بسعادةٍ وهناء.

4. 3. طبيعة النّظام الغذائي:

يؤثّر الطّعام غير الصحّي والمُعدّل وراثياً على الهرمونات، وبالتالي ينعكس سلباً على توازن الطاقة. لذا يجب الانتباه إلى أنّ أيّ طعام يُخالِف الفطرة (أي الذي اعتدنا عليه) هو طعامٌ غير صحي.

إقرأ أيضاً: 5 علامات تدل على أنّك تتناول الطعام الصحي

4. 4. السّلوكات:

يعدّ السّلام من سلوكات الأنثى، أمّا التّحدّي وحبّ المخاطرة فهي سلوكات تطغى على معظم الذكور. فكلّما خاطرت الأنثى أكثر، زادت طاقة الذكورة لديها، فإن تجاوزت نسبة (30%) سبّبَ ذلك الكثير من المشكلات النّفسية والعضوية.

ومن جهةٍ أخرى، كلّما لجأت الأنثى إلى السّلام؛ زادت طاقة الأنوثة لديها، وزاد إحساسها بالرّاحة والمتعة.

تعدّ الرّعاية من سلوكات الأنثى، في حين أنّ الحماية من سلوكات الذّكر. فإذا تحوّل سلوك الأنثى إلى الحماية بنسبة تجاوزت (30%)، فإنّها تفقد طاقتها الأنثوية.

5. الوصول إلى توازن الطاقة الأنثوية:

يوجد العديد من الممارسات العملية التي تساعد على الوصول إلى توازن الطاقة الأنثوية:

5. 1. الابتعاد عن الانتقاد:

تعدّ القدرة على إعطاء الثقة للطرف الآخر والتعامل مع المشكلات برويّة وحكمة وسلام من أهم مميزات الطاقة الأنثوية.

فعلى سبيل المثال: تحدّث زوجٌ بغضبٍ وانفعال مع زوجته عند وصوله إلى المنزل، ولأنّ المرأة لديها القدرة على الاحتواء واستيعاب الموقف -حكمةً وليس ضعفاً- لجأت إلى الحوار مع زوجها بطريقةٍ مسالمةٍ وراقية، فقالت له: "كم كان أجمل لو أنّك تصرّفتَ معي بهدوءٍ أكبر وصارحتني بما يُزعجك، وأوضحت لي ما الذي تريده مني لكي أستطيع مساعدتك".

في هذه الحالة -وبدلاً من انتقاده- قد لفتت انتباهه إلى أمرٍ إيجابي، وبيّنت له نموذج التعامل الراقي الذي يجب أن يسود بينهما. وعندما تقوم المرأة بذلك، ستتعدّل طاقة الرجل تلقائياً ويتصرّف بِوُدّ.

الجميل هنا أنّ اتباع المرأة لهذه السلوكات يؤدي إلى تحوّلٍ نوعيٍّ في العلاقة في مدّةٍ أقصاها شهرين.

5. 2. التركيز على الطاقة الأنثوية:

يجعل تقبُّلكِ الأمر والتعامل معه طاقتكِ مُكتملة، في حين يُفقِدك الرفض والانتقاد طاقتك الأنثوية.

على سبيل المثال: إذا كان زوجكِ يشعر بفتورٍ معك فيلجأ إلى امرأةٍ أخرى لكسر هذا الفتور؛ عليكِ عندها تقبُّلُ الأمر لكي تحافظي على طاقتك الأنثوية؛ لأنّ رفضكِ له وثورتكِ ستفقدكِ طاقتكِ، فالأكثر حكمةً أن تركّزي على طاقتك وأن تتأكّدي أنّ العيب يكمن في الرجل، "فالرجل الذي يخون زوجته رجلٌ هشٌّ للغاية، وعلاجه للموضوع بهكذا طريقة دلالةٌ قصوى على ضعفه".

لذا اهتمّي بنفسك لأنّك أنثى تستحقّ أفضل ما يمكن، وإيّاكِ أن تهتمّي بنفسكِ من أجل لفت انتباهه؛ لأنّكِ عندها ستفقدين طاقتك، وقولي لنفسك دائماً: "أنا أنثى، مُكتمِلة ومُشبعة بربِّي، وليس بشيءٍ خارجي"، فالأنثى التي تذهب إلى عيادات التجميل لكي تزيد من أنوثتها، هي أنثى رافضةٌ وغير مُقتنِعة بأنّها أنثى مُكتملة بالفعل، فهي تطمح إلى الوصول إلى حالة القبول من خلال الأشياء الخارجية.

5. 3. كوني مسالمة:

يعدّ السلام من صفات الأنوثة حيث تعدّ طاقة اللّين أكثر قوة، أمّا الشدّة والحزم والقسوة فمن صفات الرّجولة غالباً. لذا كوني على فطرتك؛ لأنّ رفضكِ لها سيشوّش طاقتك الأنثويّة ويُضعِفكِ كثيراً.

5. 4. كوني أنتِ الصفات التي تريدينها في الطرف الآخر:

أنتِ تضعين كأنثى مواصفاتٍ لشريك حياتكِ، وتنتظرين بعدها سنوات حتى يأتي، وقد يأتي بمواصفاتٍ مختلفة أو قد لا يأتي مطلقاً. فعوضاً عن الانتظار، لمَ لا تكوني أنتِ كالمواصفات التي تطلبينها؛ لذا ابدئي بنفسكِ:

  • إن كنتِ تطلبين الحنان، فأنفِقي الحنان على مَن حولكِ.
  • إن كنتِ تطلبين الثقافة، فأنفِقي من اهتمامك على علمكِ وثقافتكِ.
  • إن كنتِ تطلبين الرّقي، فأنفِقي الرّقي على مَن حولكِ.
  • إن كنتِ تطلبين الالتزام، فكوني مُلتزمةً بكلّ أمور حياتك.

عندها فقط؛ سيأتيكِ شريك الحياة المناسب الذي سيسعدك ويحبّك الحب الذي تريدين.

إقرأ أيضاً: 10 صفات يجب أن تتحلّي بها لجذب الرجل

الخلاصة:

تنعدم الخلافات بين الرجل والمرأة، إذا وعى كلّ طرفٍ حقيقة الأمور الكامنة وراءها، واكتشفا سحر طاقة كلٍّ منهما، وعَرِفا كيف يستثمرانها بشكلها الفطري الذي خُلِقت من أجله، وعاشا حالةَ التّقبل الناضج، وكشفا سلبية تأثير المعتقدات والقناعات الموروثة بحق كلٍّ منهما، وأدركا أنّهما شركاء لحياةٍ متوازنةٍ وسعيدةٍ وممتعة.




مقالات مرتبطة