صعوبة اتخاذ قرار الاستقالة من العمل

في أثناء قراءتي لمقالٍ في أحد الأيام، صادفت مقالاً قديماً حول استقالة البابا بندكت السادس عشر. لقد كان ذلك حدثاً هاماً في عام 2013، فقد مضى 600 عامٍ منذ أن استقال أحد البابوات، الذي كان البابا غريغوري الثاني عشر حين استقال في عام 1415؛ لذا يُعَدُّ ما سبق رقماً قياسياً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدير العام "رون توماس" (Ron Thomas)، ويُحدِّثُنا فيه عن تجربته حول الاستقالة من عملٍ ما.

كلما فكرت في الأمر، طغت عقلية الموارد البشرية على تفكيري؛ فعلى الرغم من ورود أنباءٍ عن استقالة البابا لأسبابٍ صحية، إلا أنَّني كنت مركزاً على "فن الاستقالة"؛ فنحن نمر جميعاً في وقتٍ ما من حياتنا المهنية بوظائف لا نطيق عليها صبراً حتى نستقيل منها.

اتخاذ قراري بالاستقالة:

تذكرت إحدى الوظائف التي لم أعد أستطيع القيام بها بعد الآن، وقد أدركت ذلك في إحدى عطل نهاية الأسبوع. وعلى الرغم من عدم وجود وظيفةٍ أُخرى في الأفق، وصلت إلى عملي في بداية الأسبوع التالي وقدمت استقالتي. لقد كانت فكرة تلك الاستقالة تحوم فوقي مثل سحابةٍ مظلمةٍ لما يقارب العام قبل أن أتجرأ على فعل ذلك في النهاية. وكانت محاولة تحديد ما يجب القيام به ومحاولة العثور على وظيفةٍ أخرى، أمراً شاقاً للغاية.

لكنَّني أدركت متأخراً أنَّ تلك كانت أفضل خطوةٍ قمت بها على الإطلاق في مسيرتي المهنية. وبالتأكيد، كان الأمر مخيفاً ولكنَّني كنت أملك خطة، ومع بعض التعديلات نجحت بالفعل على الرغم من أنَّ نجاحي ذاك لم يكن بالطريقة التي كنت أتوقعها تماماً. ومع ذلك، فقد كانت خطوةً مهنيةً ناجحةً عموماً. وفي الأيام التي سبقت استقالتي، كنت أتردد كثيراً. ولكن في النهاية كان لا بد من اتخاذ قرار.

شاهد بالفديو: 5 نصائح قبل تقديم الاستقالة

قرار الاستقالة ليس بالقرار السهل:

أنا متأكدٌ من أنَّ العديد من الموظفين الذين كنت أعرفهم هناك، كانوا قد تمنوا لو أنَّ بإمكانهم أن يحذوا حذوي ويسيروا ويعلنوا استقالتهم كما فعلت، كي يُرفَع ذاك الحمل الثقيل عن أكتافهم. ولكن بما أنَّني مررت بتلك التجربة، لم يكن من السهل اتخاذ مثل هذا القرار؛ إذ إنَّه يتراكم على طول فترةٍ من الزمن. وفي بعض الأحيان، نكافح مراراً وتكراراً في إعادة النظر في الإيجابيات والسلبيات. وفي بعض الأيام نرى الأمور بوضوح، وفي أيامٍ أخرى، تكفهر السماء في وجوهنا من جديد.

عندما كنت أعمل في قسم الموارد البشرية في الشركة، كانت إحدى الأسئلة المحددة التي كنت أطرحها والتي من شأنها أن تفتح الباب على مصراعيه هي: "أخبرني عن اليوم الذي اتخذتَ فيه قرارك بالمغادرة، وضِّح لي الأمر لو سمحت".

إنَّ ما كنت أبحث عنه هو الدافع الكامن وراء اتخاذهم قرارهم؛ لأنَّ الجميع يتخذون القرار النهائي في مرحلةٍ معيَّنةٍ خلال سير العملية. وبالنسبة إليَّ، خطر الأمر في بالي عندما كنت جالساً في الفناء الخلفي للمنزل، بعد أن كنت قد انتهيت للتو من قراءة جريدة "ذا نيويورك تايمز" (The New York Times). أتذكر ذلك كما لو كان في الأمس.

إقرأ أيضاً: 12 إشارة تدل على أنَّك مستعدٌّ ماليَّاً لترك عملك

عندما يصبح المرء عاطلاً عن العمل من الناحية العقلية:

لقد أصبحت عاطلاً عن العمل عقلياً؛ إذ كنت بسهولة أذهب إلى العمل وأقوم بالأعمال الروتينية المعتادة حتى نهاية اليوم، وقد وجدت أنَّني لم أكن وحدي في ذلك؛ إذ تتكون القوى العاملة اليوم من الكثير من الموظفين العاطلين عقلياً، والذين استقالوا بالفعل وانفصلوا عقلياً في أثناء محاولتهم معرفة كيف يمكن لهم أن يتركوا وظائفهم، وباتوا ينتظرون فحسب مكالمةً هاتفيةً أو بريداً إلكترونياً لتخليصهم من وظائفهم الحالية.

هم لا يمكنهم الاستقالة لأسبابٍ عديدةٍ بعضها منطقيٌّ وبعضها الآخر لا، وإنَّ الدوران في مثل هذا المدار ليس بالأمر اللطيف؛ إذ يمكن لليالي الأرق وفقدان الطاقة والاكتئاب المستمر أن تؤثر جميعها في صحة المرء.

نعم، يستمر الكثير من الموظفين في الذهاب إلى عملهم كل يوم، ولكن يصبح من الصعب تقديم الاهتمام والالتزام بنسبة 100%. يخبرهم قلبهم بالإقدام على الاستقالة وتكريس الوقت في البحث عن وظيفةٍ جديدةٍ قد تُشعِرهم ببعض الرضى الوظيفي، لكنَّ هذا الصوت يقول أيضاً إنَّ ترك وظيفةٍ ثابتةٍ في ظل اقتصاد اليوم أمرٌ خطير، وإنَّ الذين يُجرون مقابلات العمل قد يرفضون منح وظيفةٍ جديدةٍ لشخصٍ عاطلٍ عن العمل.

إقرأ أيضاً: 6 طرق هامة لإيجاد فرصة عمل مناسبة

أنت بحاجةٍ إلى خطةٍ للقيام بذلك:

قبل الاستقالة، ضع في حسبانك كيف ستتعامل مع كونك عاطلاً عن العمل. قد يكون من المريح أن تُخرِج نفسك من حالةٍ غير منتجة، لكنَّك ستفقد أيضاً إحساسك بالهدف والتنظيم، إلا إذا كنت تستطيع التعامل مع شعورك حين تستيقظ صباحاً وتسأل نفسك: "ماذا سأفعل اليوم؟".

من الناحية الاستراتيجية، يجب أن تملك خطةً ما إذا قررت البدء باتخاذ خطوتك؛ إذ يمكن للبطالة أن تكون مرهِقةً عقلياً، أو قد تشعر أنَّ إحساسك بالضيق قليلاً هو ثمنٌ ضئيلٌ تدفعه مقابل فرصة الهروب من وظيفتك الحالية؛ لكنَّ المفتاح يكمن في شعورك بالرضى عن نفسك وعن قرارك؛ لذا، إذا كنت تتمتع بعقليةٍ كعقلية البابا، فأنا أعرف ما تخوضه. أتمنى لو كنت أستطيع إخبارك أنَّ الأمر سيصبح أسهل، لكنَّه في الواقع لن يكون كذلك.

لا توجد طريقةٌ سهلةٌ للقيام بذلك مثلما فعل البابا، إلا إذا كان لديك شيءٌ ينتظرك بعد أن تأخذ قرارك؛ فإذا لم تقم بذلك، فأنت مثل العديد من الأشخاص الآخرين الذين يحاولون معرفة كيفية القيام بالانتقال إلى الضفة الأخرى بسلاسة.

المصدر




مقالات مرتبطة