شدة الغضب عند الأطفال: أسبابها، ومظاهرها، وطرق علاجها

إنَّ الكثير من الآباء يُعانون جداً من شدة غضب أبنائهم، ولقد بيَّنت الدراسات والإحصاءات أنَّ هناك طفلاً من بين ثلاثة أطفال يُعاني أمراضاً عصبية ونفسية في الفئة العمرية التي تتراوح أعمارها من عام إلى ثلاثة أعوام، وفي هذا المقال أعزاءنا القراء سنقدم لكم أهم أسباب شدة الغضب عند الأطفال، وما هي مظاهرها، وطرائق علاجها، فتابعوا معنا السطور القليلة القادمة.



أسباب الغضب عند الأطفال:

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى شدة الغضب عند الأطفال، ومن هذه الأسباب نذكر لكم:

1. شعور الطفل بالعجز:

إنَّ شعور الطفل بأنَّ خياراته محدودة، وعدم سماح الأهل له باختيار وفعل ما يرغب فيه، وكثرة التعليمات والتوجيهات كل يوم يخلق لديه شعوراً بالعجز والضعف؛ لذا فالطفل يعبر عن رفضه ذلك بشدة الغضب والصراخ، ومن أجل سيطرة الأبوين على توتر الطفل، والتقليل من نوبات الغضب لديه، الناتجة عن هذا السبب، يُنصَح بجعل الطفل يشعر بالقوة والسيطرة؛ وذلك من خلال منحه الحرية في بعض الاختيارات اليومية في حياته.

2. تأثر الطفل بسلوك الأبوين:

إنَّ الأطفال يميلون إلى تقليد آبائهم فهم القدوة بالنسبة إليهم؛ إذ إنَّ معظم الأطفال يراقبون تصرفات آبائهم وردات أفعال الآباء تجاه المواقف المختلفة التي يمكن أن يتعرضوا لها، وبالتالي فإنَّهم عندما يتعرضون لمواقف مشابهة فإنَّ ردة فعلهم تكون مشابهة لما يفعله الآباء.

إنَّ الغضب هو رد فعل طبيعي؛ لكن ومع ذلك يجب على الآباء أن يكونوا حريصين تجاه استجاباتهم للمواقف، وأن يكبحوا لجام غضبهم قدر المُستطاع لكي لا يتعلم أطفالهم شدة الغضب.

3. القلق:

في بعض الأحيان لا يستطيع الآباء معرفة السبب الحقيقي وراء نوبة الغضب التي يبديها طفلهم، والتي يمكن أن يكون سببها بعض المواقف التي تسبب له الخوف أو القلق، والتي لا يمكنه التعامل معها بالشكل الصحيح، فيُظهرها عن طريق الغضب.

4. إهمال الأطفال أو تعرضهم للصدمة:

عندما يشعر الطفل بأنَّه لا يحصل على القدر الكافي من الاهتمام، والرعاية، والحب، والحنان، وعندما يكون الإحساس المسيطر عليه هو إهمال الوالدين، فإنَّه يقوم بلفت انتباه الكبار من خلال التصرف بعدائيةٍ، وغضبٍ، داخل المنزل وخارجه، كما أنَّه يلجأ إلى هذا التصرف عندما يفقد شعوره بالأمان مع والديه، كما أنَّ بعض الأطفال يمكن أن يعانوا من الضغط العاطفي نتيجة تعرضهم لصدمة بسبب بعض الأحداث والتغيرات التي تحدث في حياتهم؛ ومن هذه الأحداث نذكر: (ظروف المنزل غير المستقرة، أو التعرض لخسارةٍ ما)، الأمر الذي يُشعرِهم بالحزن الذي لا يمكنهم التعبير عنه إلا من خلال نوبات شدة الغضب التي تنتابهم.

إقرأ أيضاً: 6 مشاكل نفسيّة يتعرض لها الأطفال بسبب صراخ آبائهم

5. حاجات الطفل الجسمية:

عندما يشعر الطفل بالجوع فإنَّ مستوى السكر سينخفض في الدم، الأمر الذي يجعلهم يشعر بشدة الغضب، كما أنَّ جسم الطفل ودماغه ينموان بشكلٍ سريع، بالإضافة إلى أنَّ يومه المزدحم بالدوام، والنشاطات، والواجبات المدرسية، وقضاء الأوقات العائلية، وأوقات اللعب، كلُّها تسبب التعب والإرهاق لجسم الطفل؛ لذا فإذا لم يحصل الطفل على ساعات نومٍ كافية فإنه سيشعر بالغضب الشديد؛ لذا يجب على الأبوين لكي يحسنوا مزاج طفلهم الغضوب توفير جميع الحاجات الجسمية له مثل: توفير الغذاء الصحي والمفيد لنموه، والسماح له بالنوم لساعات كافية.

6. التحدّيات العاطفية:

من التحديات والضغوط العاطفية المرهقة التي يمكن أن يعاني منها الطفل، ظاهرة التنمُّر التي يمكن أن يتعرض لها من أحد الأطفال الموجودين معه في المدرسة، الأمر الذي ينعكس بشكلٍ مباشر وسلبي على تصرفاته وشخصيته التي سيغلب عليها شدة الغضب؛ لذا يجب على الأهل تخصيص وقت لطفلهم ومعرفة الأسباب التي تجعله غاضباً أو غضوباً ومناقشتها معه ومحاولة مساعدته لتعديل سلوكات استجابته تجاه الأحداث والمواقف التي تعترضه.

7. أسباب نفسية:

هناك بعض الأسباب النفسية التي يمكن أن يرجع إليها سبب شدة الغضب عند الأطفال ومن هذه الأسباب نذكر:

  1. صعوبة التعلم: هناك بعض الأطفال يعانون من صعوبات في تعلم بعض المواد، مثل: فهم مسائل الرياضيات، أو الفيزياء، أو غيرها من المواد العلمية وحلها، الأمر الذي يجعلهم في حالة توتر وغضبٍ دائم.
  2. اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط: إنَّ الأطفال المُصابين بهذا النوع من الاضطراب؛ يعانون من صعوبة الخضوع للتوجيهات والأوامر التي يتلقونها؛ لذا يظهرون نوعاً من رد الفعل الغاضب والعدائي تجاهها.
  3. اضطراب طيف التوحد: يسبب هذا النوع من الاضطراب بضعف مهارات الاتصال، وضعف في اللغة، الأمر الذي يسبب شيئاً من فقد الأمان، ويقلل إمكانية وقدرة الطفل على التعبير عن مشاعره.
  4. اضطراب خلل التكامل الحسي: أو ما يدعى باضطراب المعالجة الحسية. يمكن أن يتعرض الطفل لانهيارات عصبية مفاجئة؛ إذ يسبب هذا الاضطراب حساسية شديدة، أو يمكن أن يجعل الطفل غير حساس للمحفزات، الأمر الذي يؤدي إلى إثارة مشاعر التشتت، والقلق، والارتباك لديه.

مظاهر شدة الغضب عند الأطفال:

تتفاوت مظاهر شدة الغضب عند الأطفال تبعاً لمستواها ونذكر لكم منها:

  1. الإضراب عن الطعام.
  2. قلة الثقة بالنفس.
  3. قضم الأظفار.
  4. هز الكتفين.
  5. التخريب.
  6. تحريك الفم.
  7. رمش العين.
  8. التبول غير الإرادي.
  9. الشعور بالنقص.
  10. سوء الهضم.
  11. ضعف التحصيل الدراسي.
  12. الاعتماد على الآخرين.
  13. العدوان اللفظي واستخدام التهديدات المهينة.
  14. العدوان الجسدي على الآخرين، مثل: (الرفس، أو الضرب، أو العض، أو استخدام أي أداة حادة).
  15. إيذاء الحيوانات الأليفة.
  16. إيذاء الطفل نفسه بضرب رأسه بالجدار أو الأرض.
  17. الغضب السريع.
  18. السرحان.

طرق علاج الغضب عند الأطفال:

1. أن تكون الأوامر المطلوبة من الطفل واضحة:

إنَّ عدم فهم الطفل للأوامر الموكلة إليه وعدم وضوحها، يُعدُّ سبباً من أسباب عدم تمكنه من تنفيذها كلها؛ لذا يجب أن تكون هذه الأوامر صريحة وواضحة ومتسلسلة تبعاً لأهميتها، ومن الأسباب التي تجعل الطفل يرفض تنفيذ المهام، كثرة هذه المهام؛ لذا فإنَّه يَعدُّ أنَّ الطريق الأسهل له هو رفض تنفيذ ما تطلبه؛ لذا:

  • أولاً: إذا أردت أن تُطاع فاطلب المُستطاع.
  • وثانياً: اطلب من الطفل إعادة قول ما سمعه من الطلبات لكي تتأكد بأنَّه فهم تماماً ما تريده منه.

2. تعريف المشاعر للأبناء:

يجب على الأهل منح أطفالهم حرية الإحساس بكل المشاعر بما فيها الضيق والغضب؛ لكي يكون لديهم فرصة تعلم كيفية التصرف وردة الفعل عند كل موقف وعند كل شعور ينتابه؛ لذا يجب على الأهالي ألا يقفوا عائقاً أمام الإحساس بهذه المشاعر مهما كانت، وكل ما عليكم فعله بوصفكم أهلاً هو تحديد مشاعر الأطفال وتعريفها والتعاطف معها، وإعطائهم الثقة بمشاعرهم والحلول التي يجدونها.

3. الانتباه إلى سلوكات الطفل الإيجابية:

غالباً ما يدقق الآباء ويكون معظم انتباههم منصباً إلى تصرفات الطفل السيئة وغير المرغوب فيها؛ لذا يعمد الأطفال إلى تكرار هذه الأفعال؛ لكي يلفتوا انتباه آبائهم، بينما لو كان انتباه الآباء يتمحور على تصرفات الطفل الجيدة والإيجابية، عندها سيكرر كل التصرفات ذات الطابع الجيد والمميز، للفت الانتباه الدائم لوالديه، وليصبح محور الاهتمام لجميع من حوله؛ لذلك يعدُّ الاهتمام الإيجابي هو أحد أهم الطرائق وأبسطها في تعديل سلوكات الأطفال وأكثرها فعالية.

4. الاستقرار والدفء الأسري:

إنَّ الاستقرار والدفء الأسري يُساهم بشكلٍ كبير في نمو مشاعر الأطفال الإيجابية وتنظيمها، كما أنَّه يعلم الطفل كيفية التعامل مع المواقف المختلفة التي يمكن أن تؤثر فيه، ويؤدي دوراً كبيراً في استقرار سريرته وهدوء نفسه الدائم، الأمر الذي يؤدي إلى تعليمه كيفية إدارة غضبه، بينما البيوت غير المستقرة والتي تعاني من الفقر العاطفي، والمليئة بالعنف والقسوة، فإنَّها تؤثر بشكلٍ سلبي في انفعالات الطفل وعواطفه وتدفعه ليكون أكثر غضباً وعنفاً.

إقرأ أيضاً: 6 طرق بسيطة تحقيق الاستقرار الأسري

5. الاسترخاء والهدوء:

يمكن للأبوين أن يعلِّموا طفلهما كيفية كبح جماح غضبه، وإعادة التحكم بأعصابه واسترخائها، والتحكم بانفعالاته، والوصول إلى حالة الهدوء، من خلال تخصيص ركن في المنزل وتسميته ركن الهدوء والاسترخاء، ويجب أن يحرص الوالدان على أن يحتوي هذا الركن كل ما يحبه طفلهما وما يرغب في ممارسته، فيمكن أن يحتوي على: (ألوان وأوراق للرسم، أو آلة موسيقية مفضلة للطفل، أو قصص، أو مجلات للأطفال)، أو تجهيز الركن بطريقة يستطيع الطفل فيها ممارسة هوايته الرياضية المفضلة كالملاكمة، وبعد أن يهدأ الطفل ويحصل على القدر الكافي من الاسترخاء، عندها يمكن للأبوين معرفة أسباب غضبه ومناقشته ومساعدته على إيجاد الحلول المناسبة.

6. اتباع نظام المكافآت:

يُعدُّ نظام المكافآت إحدى الطرائق الفعالة في مساعدة الأطفال على الحصول على الراحة والهدوء والتحكم في الغضب، وعلى وجه الخصوص للأطفال الذين يعانون من فرط نشاطٍ زائد؛ ولا يمكنهم البقاء وفق المسار الصحيح؛ لذا يمكن للأهل تحديد بعض السلوكات التي يجب على الطفل أن يلتزم بها، وذلك مقابل مكافأة جيدة ويجب ألا تكون المكافأة مادية، وإنَّما من الجيد أن تكون معنوية مثل: (حصول الطفل على وقت إضافي في قراءة القصة، أو منحه وقتا إضافياً للعب بلعبته الإلكترونية، أو قضاء وقت للعب معه بألعابه المفضلة، أو الذهاب معه للتنزه).

7. اتباع سياسة التشجيع لما يفعله من أمورٍ جيدة:

يجب على الآباء تشجيع الأفعال الجيدة لأولادهم مثل قولهم للعبارات التالية: "إنَّ هذه هي أفعال الأبطال"، أو "هذا فعل الفتى الشجاع"، "هذا ما يفعله الفتى الكريم"، وتجنب مدح الأبناء مثل قولهم: "أنت شجاع"، أو "أنت بطل" أو "أنت عبقري"، أو "أنت أذكى طفل"، فذلك يمكن أن يصيبهم بالغرور وحب العظمة.

8. تجاهل الآباء لبعض سلوكات أبنائهم:

من الأمور التي تجعل الأطفال أكثر توتراً، وأسرع غضباً، هي شعورهم بأنَّهم مراقبون بشكلٍ دائم من قِبل آبائهم؛ لذا يجب على الآباء تجاهل بعض السلوكات لأطفالهم وترك بعض المساحة من الحرية لهم، والسماح لهم بالخطأ، وترك المجال مفتوحاً أمامهم لتصحيح أخطائهم، بالاعتماد على أنفسهم بعيداً عن أبائهم.
 

وبذلك أعزاءنا الآباء نكون قد قدمنا لكم أهم أسباب شدة الغضب عند أطفالكم، ومظاهرها، وأهم الطرائق والأفكار لمعالجتها.

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة