ذكاء الشارع: 6 نصائح لتعزيز قدرتك على التعامل مع مواقف الحياة اليومية

يُعرَّف ذكاء الشارع على أنَّه الحنكة اللازمة للنجاة في بيئة حضرية، وهو يُكتسب من التجارب، سواء كان يُقصد بذلك إدارة الأفراد أم المشاريع أم الشركات، في حين أنَّ ذكاء الكتب من ناحية أخرى، يأتي من اطلاعك الواسع على الكتب والنظريات.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "سلستين تشوا" (Celestine Chua)، وتشرح من خلاله مفهوم ذكاء الشارع، وتقدِّم تجربتها في اكتسابه.

يُعَد خوض التجارب وتعلُّم كيفية التعامل مع الأمور، من أفضل الطرائق إذا كنت تطمح لامتلاك ذكاء الشارع؛ إذ في حين يمكن لقراءة الكتب أن تهيِّئك لمواجهة الظروف الصعبة، فإنَّ خوضها فعلياً هو الطريقة الوحيدة لتعتادها، ولتدرِّب حدسك على معرفة ما يجب قوله، وكيف ومتى تتصرف في المرة القادمة التي يتكرر فيها.

أتذكَّر كيف كانت المشاريع الجماعية الأولى التي نفذتها في المدرسة ضبابية؛ لم أكن أفهم ما يحدث، وكنت أتجاوب مع ما قيل لي ببساطة، بينما كانت المشاريع اللاحقة في الجامعة أكثر صعوبة، ما زادني خبرةً بالعمل مع الناس، والتعامل مع المواعيد النهائية.

عملت بوقتٍ لاحق في شركة "بروكتر آند جامبل" (Procter and Gambel)، وقد حظيت بفرصة لإدارة أعمالٍ بملايين الدولارات، ومبادراتٍ تبلغ قيمتها عشرات ومئات الملايين من الدولارات، كنت أتولى قيادة ثلاث مبادرات على الأقل وأحياناً خمس، في أيِّ وقتٍ من الأوقات، وكان عليَّ التعامل مع حوالي 30 أو 40 شخصاً من مختلف الناس كل أسبوع، لقد كان الوضع شديد التوتر حين تقترب المواعيد النهائية للتسليم كل أسبوع، وأيُّ قرار خاطئ تتخذه قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة.

كان من الصعب التصرف بشكل مناسب بالبداية؛ إذ تعيَّن عليَّ التحدث إلى كثير من الأشخاص، والقيام بكثير من الأمور، واتخاذ عديد من القرارات، ومع كل شخص، كانت ثمَّة فروق سلوكية يجب مراعاتها، ولم يكن كل ذلك أمراً قد تتعلمه في المدرسة؛ كان وضعاً معقداً، لا يمكن أن يعرف المرء كيف يتعامل معه حتى يخوضه.

هذا ما حدث بالضبط؛ إذ في حين كانت الأسابيع الأولى في العمل شديدة التوتر، ضاعفت من الجهد الذي بذلته، وتحسنت قدرتي على التعامل مع المتغيرات، ومع كل موقفٍ وقعت به في حيرة من أمري، كنت أدرس تفاصيله بدقة، وأحلل المتغيرات، وأحدِّد الإجراءات التي يجب اتخاذها وما عليَّ فعله، ثم أراقب سير الأمور، فإن لم تجرِ كما خططت لها، كنت أحاول فهم الخطأ الذي حصل، وكيف كان بالإمكان تلافيه؛ الأمر الذي ساعدني على التعلم بشكل أسرع مما لو أنَّني لم أخطئ من الأساس.

لقد جعلني التعامل المستمر مع المواقف شديدة الصعوبة أعتاد عليها، وطورت ذكاءً اجتماعياً أقوى، فأصبحت أعرف كيف أتصرف، وماذا أقول، وكيف أتعامل مع بعض الأمور، ومتى بالضبط يجب عليَّ التحدث أو التصرف للحصول على أفضل نتيجة؛ لقد كان ذكاءً مصدره التجارب الجديدة، والجمع بين الدروس المستفادة من تجربتي بصورة فعَّالة.

أمَّا اليوم، بعد أن قابلت جميع أنواع الأشخاص من جميع أنحاء العالم، وبعد الانخراط في سيناريوهات مختلفة بالغة الصعوبة ومليئة بالضغوطات وغريبة، من أصحاب العقارات الذين يصرخون في وجهك، إلى شركاء السكن الغدارين، إلى المتحرشين، إلى المنبوذين اجتماعياً، إلى الأشخاص العدائيين، إلى الموظفين المخبولين، إلى التعاملات التجارية التي لم تُلاقِ نجاحاً، إلى تدارك عواقب الخطوات الخاطئة؛ أستطيع القول إنَّني قادرة على تدبُّر أمري نوعاً ما.

إذ إنَّ بعض التجارب مثل انطلاقي برحلة بمفردي حول أوروبا والولايات المتحدة لمدة سبعة أشهر، وتعرُّضي لانتقادات المشككين والمعارضين، وتواصلي مع عدد كبير من الأشخاص من ثقافات وخلفيات مختلفة، وإجرائي عدة مقابلات إعلامية، ونجاحي بتأسيس حياة من صنع نفسي، إضافةً إلى أمورٍ أخرى؛ كان لها الدور الأكبر في أنَّني أسست بنجاحٍ كان عملاً نابعاً من شغفي، وحولته إلى مصدر دخلٍ يحقق لي اكتفاءً ذاتياً، وكل ذلك جعلني أكثر حنكةً في التعامل مع الأشخاص والمواقف.

لذا، فالمواقف الوحيدة التي من الممكن أن تربكني اليوم، هي إمَّا تلك التي لم أواجهها من قبل، وإمَّا المواقف الأكثر جنوناً بعشر مرات ممَّا رأيته في حياتي، وقد يشير بعض الأشخاص إلى هذا على أنَّه "ذكاء الشارع"، وقد يسميه بعضهم الآخر حكمةً بأمور الدنيا، أمَّا باعتقادي، فالأمر ببساطة أنَّك تصبح أكثر حكمةً بفضل تجارب الحياة، وينطبق الأمر عليك؛ إذ إنَّك تستطيع الوصول إلى ما وصلت إليه، من خلال التعرض للمواقف المذكورة بصورة مستمرة، وتعزيز قوة حدسك.

شاهد: 7 أمور يجب أن تتذكرها حينما تقسو عليك الحياة

إليك نصائح بسيطة لتعزيز قدرتك على التعامل مع مواقف الشارع اليومية:

1. لا تنسحب من المواقف المزعجة أو المسببة للتوتر:

بل على النقيض من ذلك؛ أقحم نفسك فيها، فهي العوامل المحفزة على النمو، وكلما واجهتها أكثر، اكتسبت مزيداً من الخبرة.

2. تعرَّف إلى طباع الناس وشخصياتهم:

لأنَّك عندما تعرف كيف يفكر الناس ويشعرون، ستعرف بطبيعة الحال ما يجب فعله وأفضل الطرائق للتعامل معهم، وسيساعد التواصل بشكل منتظم، وقضاء مزيد من الوقت معهم على تحقيق ذلك.

3. اجمع وجهات نظر مختلفة:

إذ يمنحك تبادل الآراء فكرةً أفضل عن طريقة تفكير الناس، وما يمرون به؛ لذا لا تحتفظ بالأمور لنفسك فحسب، واطلب من الناس تقديم مشورتهم وآرائهم، ثم اعمل على زيادة خبراتك، من خلال الاستفادة من خبراتهم.

إقرأ أيضاً: نصائح لمواجهة الأوقات الصعبة في حياتك

4. استخلص دروساً من كل موقف تواجهه لتطبيقها مستقبلاً:

اسأل نفسك عن سبب حدوث أمرٍ ما في حال كانت تجربةً سلبية، وما يمكنك فعله للحيلولة دون حدوثه أو تحسينه، والدرس الذي يمكن تعلمه من هذه التجربة، والطريقة لتحسين أدائك في المرة القادمة، ثم طبِّق هذه الدروس في المرات القادمة التي تواجه فيها موقفاً مماثلاً.

5. استمر حتى النهاية:

وإياك أن تتراجع، بصرف النظر عن الأمور التي تسير بشكلٍ خاطئ.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح للتعامل مع الأمور الخارجة عن سيطرتك

6. ركز على العمل فحسب:

إذ ستزيد كل تجربة ميدانية من ذكائك الاجتماعي؛ لذلك اجعل "التنفيذ" أسلوب عملك، ولا مانع من اكتساب المعرفة الاجتماعية من خلال الكتب، لكن تذكَّر أنَّ مواجهة الموقف ستطور من حدسك وذكائك الاجتماعي.

المصدر




مقالات مرتبطة