دليلك الشامل حول أدوية القلق: كل ما تود معرفته حول البنزوديازيبينات

تُعَدُّ البنزوديازيبينات من أشهر الأدوية المستخدمة في علاج القلق، وهي أكثر الأدوية التي يقوم الأطباء النفسيون بوصفها حول العالم للتخفيف من أعراض اضطرابات القلق؛ وذلك بسبب مفعولها السريع في تخفيف القلق.



فلا تستغرق سوى نصف ساعة إلى ساعة ليبدأ تأثيرها الرائع في تعديل القلق، وهذا ما دفع الأطباء إلى عَدِّها الخيار الأول في أثناء نوبة الهلع أو غيرها من نوبات القلق الحادة، لكن من جهة أخرى توجد آثار سلبية لاستخدامها لفترات طويلة، وأهمها الإدمان الجسدي.

نظرة عامة عن اضطرابات القلق:

تتميز اضطرابات القلق المختلفة بأشياء مشتركة، مثل التهيج الزائد والخوف المبالغ به والعصبية، بشكل يؤثر تأثيراً هاماً في النشاط اليومي وفي كفاءة أداء الأعمال الاعتيادية؛ إذ إنَّ ترك هذه الأعراض تتفاقم دون أي علاج، يجعل المريض في حالة سيئة، وبحاجة إلى أدوية بجرعات عالية، وإلى أشواط علاجية طويلة.

تشير الأبحاث والدراسات الحديثة إلى أنَّ 2% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من اضطراب القلق، وتشمل أعراض اضطراب القلق العام الخوف المستمر الذي يصعب السيطرة عليه، ومن أهم اضطرابات القلق:

  1. اضطراب الهلع.
  2. اضطراب القلق الاجتماعي.
  3. الرهاب، مثل رهاب الأماكن المغلقة أو المفتوحة.
  4. اضطراب الوسواس القهري.
  5. اضطراب ما بعد الصدمة.

ما هي آلية عمل أدوية البنزوديازيبينات؟

تعمل زمرة البنزوديازيبينات على إبطاء السيالات العصبية في الدماغ؛ وهذا يساعد المريض على الاسترخاء سواء من الناحية النفسية أم حتى الجسدية، كما له بعض الآثار الجانبية التي تزداد بزيادة الجرعة المعطاة، على الرغم من وجود بعض المرضى الذين عانوا من بعض الآثار الجانبية عند استخدام جرعات منخفضة جداً.

فيجب الانتباه إلى أنَّ هذه الزمرة من الأدوية قد تسبب مشكلات في العمل أو المدرسة أو الجامعة، وأكثر ما يجب الانتباه إليه هو قيادة السيارة؛ إذ يمكن أن يمتد تأثير البنزوديازيبينات إلى اليوم التالي، فقد تسبب بعض النعاس أو خللاً في التنسيق بين عضلات الجسم أو ما يسمى بالرؤية الضبابية، وهذه الأعراض تتعارض بشكل كامل مع قيادة السيارة، ويمكن أن تسبب حوادث مروعة تنتهي بوفاة الكثير من الأشخاص.

ما هي أهم الآثار الجانبية لأدوية البنزوديازيبينات؟

  1. خلل في التنسيق بين عضلات الجسم.
  2. الخمول والنعاس والرغبة في النوم.
  3. دوار.
  4. حديث غير واضح، قد يكون بسبب خلل التنسيق بين عضلات الكلام.
  5. مشكلات في التركيز.
  6. صعوبة في استرجاع بعض الأحداث.
  7. الرؤية الضبابية.
  8. الصداع.

ما هو تأثير البنزوديازيبينات في الاكتئاب؟

تؤكد الكثير من الأبحاث والدراسات على ضرورة تجنب زمرة البنزوديازيبينات خلال فترة الاكتئاب، إلا في حالة الضرورة القصوى؛ إذ وجدت الأبحاث أنَّ لهذه الزمرة دوراً سلبياً في مرض الاكتئاب؛ وذلك من خلال التأثيرات الآتية:

  1. تفاقم البنزوديازيبينات أعراض الاكتئاب السلبية، مثل التثبيط ونقص الحافز وغيرها.
  2. تشير الأبحاث إلى أنَّ البنزوديازيبينات قد تؤدي إلى اكتئاب معند على العلاج؛ أي لا يستجيب للأدوية المضادة للاكتئاب.
  3. تزيد البنزوديازيبينات من الضعف العاطفي والمزاج المنخفض وتنميل الجسم.
  4. توصي إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة تحري وجود الأفكار الانتحارية قبل وصف البنزوديازيبينات؛ وذلك لأنَّها قد تزيد من الأفكار والمشاعر الانتحارية.

ما هي الفترة الزمنية التي تستغرقها أدوية البنزوديازيبينات لإحداث الإدمان الجسدي؟

في حال تم تناول البنزوديازيبينات بانتظام وعلى فترات طويلة، فإنَّها قد تؤدي إلى الاعتماد الجسدي أو ما يسمى بالإدمان، ويصبح الجسم في حاجة إلى عيار أعلى من الدواء للحصول على الفاعلية نفسها، وتختلف المدة التي قد يحصل فيها الإدمان أو الاعتماد بحسب طبيعة الجسم، ولكنَّها عموماً تحدث خلال فترة قصيرة قد تكون شهرين، لكن سُجِّلَت حالات حدوث إدمان بعد بضعة أسابيع من تناول البنزوديازيبينات.

شاهد بالفديو: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

ما هي الأعراض التي يمكن أن تظهر على المريض في حال قيامه بإيقاف البنزوديازيبينات فجأة؟

في حال توقف المريض عن تناول البنزوديازيبينات فجأة دون إيقافه تدريجياً، فقد تظهر عليه أعراض انسحاب شديدة، مثل:

  1. نوبة قلق شديدة.
  2. رجفان شديد في الجسم.
  3. زيادة الأرق أو قلة النوم.
  4. نقص الطاقة والاكتئاب.
  5. آلام في المعدة واضطرابات معوية.
  6. تحريض نوبات هلع شديدة.
  7. تعرُّق وتسرعات شديدة في دقات القلب.
  8. سكتة قلبية.
  9. قد تحدث نوبات اختلاجية في الحالات الشديدة.

يرى معظم الأشخاص أنَّ أعراض الانسحاب لها علاقة بحالة القلق الأصلية الموجودة لديهم؛ وهذا يجعلهم يشعرون بحاجتهم إلى استخدام الدواء من جديد، وعلى كل حال، فإنَّ أفضل طريقة لتجنب أعراض الانسحاب هي الإيقاف التدريجي والبطيء لهذه الأدوية.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع القلق حينما يصيبك بشكل مفاجئ؟

ما هي العقاقير التي لا يجوز تناولها حنباً إلى جنب مع البنزوديازيبينات؟

تُعَدُّ البنزوديازيبينات من الأدوية الآمنة نوعاً ما في حال تناولها بجرعات صغيرة وفترات قصيرة تحت إشراف طبي نفسي متخصص، ولكنَّها قد تكون مميتة في بعض الحالات التي تُمزَج فيها مع عقاقير أخرى ذات تأثير مثبط للجهاز العصبي المركزي؛ على سبيل المثال:

  1. إياك أن تمزج بين البنزوديازيبينات والكحول، أو تتناولهما ضمن فترات متقاربة، فيمكن أن يؤدي ذلك إلى جرعات زائدة تنتهي بالوفاة.
  2. لا يجوز تناول البنزوديازيبينات مع مسكنات الألم القوية أو الأدوية المنومة؛ وذلك لأنَّ هذه الأدوية لها تأثير تآزري قد ينتهي بالوفاة.
  3. تجنُّب تناول البنزوديازيبينات إلى جانب الأدوية المضادة للهيستامين التي توجد في الكثير من أدوية نزلات البرد والتحسس والنوم؛ إذ تزيد هذه الأدوية من تأثير البنزوديازيبينات؛ وهذا ما يلحق الضرر بجهازك العصبي.
  4. يجب الحذر عند تناول البنزوديازيبينات إلى جانب الأدوية المضادة للاكتئاب مثل مثبطات عود التقاط السيروتونين الانتقائية، مثل الزولوفت أو البروزاك؛ فإنَّها قد تؤدي إلى زيادة السمية الدوائية لأدوية البنزوديازيبينات.

ما هي التأثيرات المتناقضة المحتمل حدوثها في حال تناول أدوية البنزوديازيبينات؟

توجد عدة تأثيرات متناقضة لأدوية البنزوديازيبينات بشكل غير مفهوم حتى الآن؛ إذ تقوم هذه الأدوية في الحالة العادية بإبطاء السيالات في الجهاز العصبي المركزي، ولكنَّها قد تقوم بتأثيرات معاكسة عند بعض الأطفال أو المسنين أو الأشخاص الذين يعانون من مشكلات معقدة في النمو، وتشمل هذه التأثيرات:

  1. زيادة تفعيل القلق فجأة.
  2. تهيج على مستوى كامل الجسم.
  3. تفعيل زائد لمشاعر الغضب.
  4. قد يصبح المريض عدوانياً فجأة.
  5. سلوك اندفاع مبالغ به.
  6. هوس شديد.
  7. هلوسات سمعية أو بصرية أو حسية.

ما هي الفئات المعرضة لمخاطر أدوية البنزوديازيبينات أكثر من غيرها؟

أدوية البنزوديازيبينات

جميع الأشخاص معرضون بشكل أو بآخر للآثار الجانبية لأدوية البنزوديازيبينات، لكن يوجد بعض الفئات المعرضة بشكل أكثر من غيرها لهذه المخاطر:

  1. يعدُّ المسنون الذين يبلغون من العمر أكثر من 65 سنة أكثر حساسية للأدوية المهدئة، مثل البنزوديازيبينات؛ إذ يمكن للجرعات الصغيرة منها أن تسبب الكثير من الآثار الجانبية، مثل التخليط الذهني وضعف الذاكرة وضعف العمليات الإدراكية وخلل التوازن.
  2. يرتبط استخدام البنزوديازيبينات عند الكبار في السن بزيادة مخاطر السقوط وكسور الساقين والوركين وزيادة حوادث السيارات.
  3. تشير الدراسات الحديثة إلى أنَّ استخدام البنزوديازيبينات عند المسنين يزيد نسبة الإصابة بأمراض عصبية هامة مثل ألزهايمر والخرف.
  4. الأشخاص الذين لديهم قصة تعاطي المخدرات؛ وذلك بسبب استعدادهم الكبير لإدمان الجسدي، وكذلك بسبب بقاء نسب لا بأس بها من الكحول أو المواد المخدرة في أجسادهم؛ وهذا قد يؤدي إلى تفاعله مع البنزوديازيبينات التي تدخل إلى جسدهم؛ لذا يجب الحذر عند استخدامها.
  5. تُعَدُّ البنزوديازيبينات من الأدوية الخطيرة على النساء الحوامل، ويمكن أن يؤدي استخدامها خلال فترة الحمل إلى حدوث إدمان جسدي عند الجنين، وكذلك حدوث أعراض شديدة لتناذر الانسحاب بعد الولادة؛ لذا تجب مناقشة الأمر مع الطبيب المتخصص ومناقشة الفوائد والأضرار.
  6. كذلك لا يمكن استخدام البنزوديازيبينات عند المرأة المرضع؛ إذ تؤكد الدراسات والأبحاث إمكانية انتقال أدوية هذه الزمرة إلى الرضيع عبر حليب الثدي؛ لذا يجب إجراء نقاش مطول مع الطبيب حول فوائد ومساوئ استخدام هذا الدواء بحسب الحالة، وإمكانية تحويل الرضيع إلى الحليب الصناعي عوضاً عن الحليب الطبيعي.
إقرأ أيضاً: الاضطرابات النفسية حسب تصنيف الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين

ما هي العلاقة بين البنزوديازيبينات وحوادث السير؟

تسبب البنزوديازيبينات حالة تثبيط في الجهاز العصبي المركزي؛ وهذا يؤدي إلى النعاس أو ضعف التركيز أو اضطراب في الانتباه، بالإضافة إلى إضعاف قدرة القشر الدماغي على السيطرة على الحركات العضلية والتنسيق فيما بينها، فكل هذه الأمور تزيد نسبة وقوع حوادث السير في أثناء القيادة، وكذلك حوادث الوقوع داخل المنزل أو ضمن العمل؛ لذا يجب على من يتناول هذه الأدوية أن يتجنب القيام بأي مجهود يتطلب التنسيق العضلي أو البدني، ومن الأفضل الاعتماد على أحد الأقارب أو الأصدقاء في قيادة السيارة، حفاظاً على سلامته الشخصية، وحفاظاً على السلامة العامة.

في الختام:

تُعَدُّ الأمراض النفسية من الأمراض المنتشرة بشدة في جميع المجتمعات، وأكثر مما نستطيع أن نتصوره، لكن قد لا يظهر هذا الأمر على السطح بسبب الاعتبارات الاجتماعية والشخصية التي تحيط بالمرض النفسي، لكن أهم ما يمكن أن نقوله حيال المرض النفسي إنَّه حالة طبيعية من حالات اضطراب الإنسان، نعم من حقي بصفتي إنساناً أن أمرض نفسياً، ومن حقي أيضاً أن أطلب المساعدة من الطبيب النفسي أو المعالج النفسي، فهذا أمر لا علاقة له بموضوع الضعف أو القوة؛ بل على العكس الإنسان القوي هو من يتَّبع الطرائق العلمية الصحيحة لحل مشكلاته، ولا يلجأ إلى إخفاء الأوساخ تحت السجادة لإقناع نفسه بأنَّه قام بتنظيف المنزل.

المصادر:

  • أفكار الكاتب.
  • 1، 2



مقالات مرتبطة