دليل الآباء لتعليم الأطفال من المنزل

هل تساءلت يوماً كيف يمكنك تدريس أطفالك في المنزل؟ هل هذه الفكرة ممكنة؟ وهل تريد تطبيقها؟ مع أنَّ مشاهدة طفلك وهو يكبر أمام عينيك هي فكرة سعيدة ومريحة - مع مراعاة الظروف الحالية - إلا أنَّه يُترَك للعديد من الآباء إدراك كيف يمكنهم مساعدة الطلاب في تحقيق التحسن الأكاديمي.



لقد درست العائلات بسعادة في المنزل وذلك لسنوات ولأسباب كثيرة؛ لكن هل هذا هو الخيار الصحيح لعائلتك؟ وبافتراض أنَّ المدارس المحلية لم تترك لك أي خيار، فكيف ستبدأ؟ لحسن الحظ، هناك العديد من الموارد المتاحة عبر الإنترنت هذه الأيام التي يمكن أن تجعل قرارك في تعليم أطفالك في المنزل أمراً سلساً أو على الأقل غير مستحيل.

تابع القراءة لمعرفة المزيد حول هذا الأمر، ويجدر الإشارة إلى أنَّه يجب عليك اتِّباع الخطوات وفق الترتيب المذكور أدناه:

1. تقبُّل فكرة التعلم المنزلي:

إذا كان لديك أطفال في مرحلة الروضة في المنزل، فربما لا تبدو فكرة التعليم المنزلي أمراً صعباً؛ فمن المحتمل أنَّك كنت تقرأ وتكتب وقضيت سنوات في التعاون مع أطفالك لتعزيز قدراتهم.

قد لا يكون التفكير في تنظيم صياغة الأحرف بشكل أفضل أو حفظ ترتيب الأرقام أو مجرد التفكير في طريقة تحرك أوراق الأشجار قفزةً كبيرةً؛ لذلك يجب أن تؤمن بفكرة تحقيق الأهداف التعليمية بشكلٍ تدريجي والتي لا تختلف كثيراً عن الكتب التي عرضتها لأطفالك منذ صغرهم؛ إذ بدأوا بكُتبٍ دون كلمات، ثم الكتب التي تحوي كلمات قليلة، ثم كتب بها صور أقل وكلمات أكثر، وهكذا دواليك!

هذه هي الطريقة التي يجب أن تبدأ بها رحلتك في التعليم المنزلي: يجب أن يفهم الأطفال أنَّه سيكون هناك بعض الأشياء التي يجب التركيز عليها بقليل من الاهتمام (كما سنتعلم في الخطوة الثالثة)، وإتاحة الكثير من الوقت للعب.

هل طفلك أكبر سناً؟ هل هو في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو حتى الثانوية؟ وهل تذكر كيف كانت الحياة عندما كانت المدرسة والتعليم خارج جدران منزلك؟ لقد تغيَّر هذا النوع من التعليم بسبب جائحة كورونا (COVID)؛ ومع ذلك لا تفقد الأمل ولا داعي للقلق، فكما سنلاحظ في الخطوة التالية، سيكون وضع جدول زمني مكسباً كبيراً لك، فأنت بحاجة إلى إجراء مناقشة مع طفلك حول بذل قصارى جهده معك خلال الأوقات التي تنوي قضاءها في التعليم.

لنتحدث عن هذا الجدول الزمني (السلامة العقلية)، فهذا من شأنه أن يريح عقلك قليلاً.

2. إنشاء جدول للسلامة العقلية:

لنبدأ مرة أخرى مع روضة الأطفال الجميلة والرائعة (أو بطالب في المرحلة الابتدائية إذا كان ذلك مفيداً لك أكثر).

هذه أفضل فترة للتعلم، فإذا كنت تفكر في الأمر فيجب عليك مساعدة طفلك في استكشاف كل الأمور الصغيرة والكبيرة، والبحث عن الحيوانات والحشرات، وخلط الألوان مع بعضها؛ وكل ذلك لمجرد الاستمتاع قليلاً.

التعلم جميل ويجب التشجيع عليه سواءٌ كنت تمارس التعليم المنزلي مع طفلك أم تلهو معه فقط في فترة ما بعد الظهر. والنقطة التي نؤكد عليها هنا هي أنَّ التعليم بصرف النظر عن الموقع، يجب أن يدور حول الاكتشاف، وذلك عن طريق صياغة المواضيع بطريقة مثيرة حقَّاً للاهتمام، وإضافة بعض التعريفات حول طريقة قياس هذا الفضول؛ لذلك يُعدُّ إنشاء جدول يومي هو الحل.

ليس ضروريَّاً أن تستخدم طريقة مونتيسوري (منهج تعليمي يعتمد على فلسفة تربوية تأخذ بمبدأ أن كل طفل يحمل في داخله الشخص الذي سيكون عليه في المستقبل) بالكامل في جميع الأوقات؛ فأنت لا تريد أبداً أن يتذمر طفلك أو يرفض فكرة التعليم؛ لذلك قد يكون التخطيط جيداً، والبعض يؤكد ضرورته.

هذا ليس معسكراً تدريبياً بالطبع؛ لكنَّك ستكون في حال أفضل إذا حددت طريقة سير كل يوم؛ فمثلاً قد يبدأ يومك مع طفلك بتناول طعام الفطور والاسترخاء، ثم قضاء بعض الوقت في التلوين وبناء أحجار الليجو، وتناول وجبة خفيفة، والتمرن على حفظ أيام الأسبوع وبعض الأرقام، ثم تناول طعام الغداء، ثم القيلولة، ثم اللعب في الخارج لفترة ما بعد الظهر أو ممارسة اللعب الإبداعي في الداخل إذا لم يكن الطقس مناسباً.

بالنسبة للطلاب الأكبر سناً، فهم لا يحتاجون تماماً إلى مساعدتك في كل شيء؛ إذ يمكنك التعاون في وضع جدول زمني معهم ونشره في مكانٍ عام مثل باب الثلاجة.

إنَّ اطلاع جميع أفراد العائلة على الجدول الزمني وتحمل مسؤوليته يسمح لهم بفهم ما يجري؛ كما أنَّك سترغب في أن يُعبِّر طفلك عن رأيه في جدول الأنشطة التي سيمارسها معك من أجل تكسب تأييده، وإذا كنت تفضل العمل إلكترونياً، فكن مبدعاً وضع جدولاً يومياً يتناسب مع هيكل أسرتك.

بعد ذلك، لنناقش ما ستفعله بالفعل خلال يومك في المنزل.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح تساعد الطفل على تنظيم وقته بين الدراسة واللعب

3. تحديد المناهج التي ستُتَّبع (أو التي لن تُتَّبَع):

قد يكون التعليم المنزلي مثل نظيره المدرسي تماماً، أو قد لا يشبهه في شيء، أو قد يكون مزيجاً من الطريقة التقليدية وشيء آخر، على سبيل المثال: إذا كنت قد سمعت عن طريقة اللامدرسية فستعرف ما نعنيه.

الفكرة هنا هي إزالة جميع الهياكل الرسمية التي قد تفرضها البيئة الأكاديمية النموذجية على الطفل.

أظهر ببساطة الاهتمامات المناسبة التي قد يملكها طفلك، ودعه يتقدم وفق وتيرته الخاصة مع الأدوات أو التجارب التي يراها مفيدة، ترتبط هذه الفكرة بطريقة مونتيسوري، حتى لو لم تكن مثلها تماماً.

بالنسبة للعائلات التي تريد قدراً أكبر من المساءلة الصارمة عما يتعلمه أطفالهم، تتوفر العديد من البرامج عبر الإنترنت بتكلفة قليلة أو مجانية، فمن المحتمل أن يكون تحديد برامج القراءة هو الأكثر أهمية، حيث تسمح مواقع مثل "ريد وركس" (ReadWorks.org) أو "نيوز إيلا" (NewsELA org) للطلاب بالوصول بسهولة إلى المحتويات التي تناسب مستوى قراءتهم، كما تُعدُّ أكاديمية خان (Khan Academy) استثنائية لتعليم الرياضيات والعلوم بوتيرة مناسبة للطالب.

إنَّ نوع المناهج الخاصة بك ليس كأهمية العقلية التي تؤكد بأنَّنا كائنات مبدعة في سعينا لمعرفة المزيد عن عالمنا الذي نعيش فيه، والجدول اليومي الذي تضعه مع عائلتك؛ إذ يمكن أن يوفر البحث البسيط عبر الإنترنت لك ولطلابك الفرص للاستكشاف، ولكن يجب تنمية هذه العقلية، وتذكر لا يمكن لجوجل (Google) إنشاء هذه الجداول.

أخيراً، دعنا نتعامل مع الدور الذي كثيراً ما يُتحدَّث عنه علناً وهو مراقبة تقدم تعلم طفلك في المنزل.

إقرأ أيضاً: منهج مونتيسوري التعليمي وأهم ميّزاته

4. مراقبة تقدم تعلم طفلك:

يتحمس الأطفال عندما يدركون أنَّهم يكبُرون؛ سواءٌ عندما يلاحظون تغير أطوالهم أم عندما يتعلمون طريقة تهجئة أسمائهم؛ وعندما تتمكن من وضع لوحة نتائج مُقنعة للإنجازات التي يحققونها، سيشعرون بالفخر والإحساس بأنَّ أهمية الحياة والعمل الجاد والتركيز تعادل أهمية النتائج الإيجابية؛ ولكن كيف تعرف بالضبط فيما إذا كانت قدرة الطالب الكلامية تتحسَّن وفق المعدل المناسب؟ أو أنَّ قدرته على الكتابة تتساوى مع الأطفال الآخرين في نفس المستوى الدراسي؟

الإجابة عن ذلك ليست بالأمر السهل؛ إذ يجب معرفة الطريقة التي ترى أنَّها تناسبك في التعليم المنزلي؛ إذا كنت تفضل عقلية "اللامدرسية"، فإنَّ ملاحظة بأنَّ طفلك يمتلك اهتماماً متجدداً بمجموعة متنوعة من الأشياء تكفيك، أما إذا كنت تعتمد منهجاً دراسياً محدوداً، فيجب عليك البحث عن دليل يؤكد بأنَّ طفلك يتحسن؛ لذلك، نقدم إليك بعض النصائح المفيدة:

قبل كل شيء، ربما تكون القدرة على المشاركة في مهمة ما هي أهم ميزة يمكن ملاحظتها وقياسها في التعليم المنزلي؛ وهناك قاعدة عامة جيدة حول المدة التي يمكن للطالب أن يبقى فيها مُركِّزاً على مهمة معينة دون الحاجة إلى أخذ استراحة بسيطة وهي: عمره مضروباً ب 4 دقائق.

يجب أن يكون طفلك البالغ من العمر ست سنوات قادراً على التركيز باهتمام شديد على مهمة لمدة 24 دقيقة (6 سنوات × 4 دقائق).

بالتأكيد لا يمكن تطبيق هذه القاعدة دائماً، لكن تُعدُّ بداية جيدة. وتذكر: ينطبق هذا الأمر على التركيز على المهام المثيرة للاهتمام، فقد يقودهم التحديق في جداول الضرب لمدة 24 دقيقة إلى شعورهم بالغضب.

بعد ذلك، ركز على المهمة التي طلبت منهم فعلها، وليس على مدى جودة أدائهم فيها؛ على سبيل المثال، ربما لا يجب أن تركز بشكل كبير على عدد الكلمات التي يمكن لطفلك قراءتها إذا لم تكن قد وضعت منذ البداية عادةً معينةً بأنَّه كل ليلة عند الساعة 6:00 مساءً يجب القراءة لمدة 20 دقيقة.

حدد العادة أولاً، ثم ابدأ بملاحظة تقدم طفلك؛ وفحص القراءة البسيط هو وقت قراءة طفلك لمدة دقيقة واحدة، والتركيز على الكلمات التي قرأها بشكل غير صحيح خلال تلك الدقيقة؛ يشير ذلك الفحص تقريباً إلى طلاقة طفلك في القراءة (الكلمات التي تُقرأ في دقيقة).

ومع تقدم طفلك في السن، ستكون قادراً على مراقبة المزيد من الأشياء مثل حقائق جداول الضرب وعمليات القسمة والقدرة على البحث وكتابة التقارير مع القليل من الأخطاء النحوية والأدلة الكاملة المقتبسة، استمتع بهذه العملية، وأدرك أنَّك في رحلة تعلم يجب أن تكون مثيرة للاهتمام.

الخلاصة:

عندما تفكر في هذا القرار الهام، تأكد من أن تُطلِع عليه كل فرد من أفراد عائلتك؛ حدد موعداً لمناقشة هذا القرار، حتى لو لم يكن الطالب على دراية كاملة بمفهوم التعليم المنزلي؛ واسمح له بطرح اهتماماته ومخاوفه وكن صريحاً معه أيضاً؛ ثم اتخذ الخطوة التالية، لكن تأكد من أنَّ ذلك يصب في مصلحة عائلتك، ولا سيما طفلك.

قد لا يكون لديك الوقت الكافي لهذا الأمر وقد تضطر إلى اتخاذ القرار؛ لذلك، نأمل أن تكون قد وجدت هذا الدليل مفيداً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة