دلالات تحديد موقع الصداع

يوجد 300 نوع مختلِف للصداع تتداخل أماكن الألم الخاصة بكل نوع منها في الرأس بصورة كبيرة، ومع ذلك توجد فروقات دقيقة في موضِع الصداع والأعراض الأخرى التي ترافقه تساعد على تمييز أنواع الصداع عن بعضها؛ ويُعَدُّ تحديد نوع الصداع الذي يعاني منه الشخص هاماً للغاية للحصول على العلاج المناسب في وقت مبكِّر.



رغم أنَّ الموقع ليس هاماً عند الإصابة بالصداع، إلَّا أنَّ تحديد مكانه يبقى مفيداً، وسنعرض فيما يأتي دليلاً لدلالات أماكن توضُّع الألم:

الألم المتوضِّع حول العين:

الصداع العنقودي

يمكن أن يكون ألم الرأس الذي يتركَّز داخل العين وحولَها علامة نموذجية على الصداع العنقودي، وقد سُمِّي كذلك لأنَّه يميل إلى الحدوث على شكل عدة نوبات مجتمِعة طوال أسابيع أو أشهر قبل أن يختفي لفترة من الزمن، وتُصاب عادةً عين واحدة فقط خلال النوبة، إلَّا أنَّ كلا العينَين معرَّضتَان إلى الإصابة بالنوبات اللاحقة، وقد يطرأ على العين المُصابة بنوبة صداع عنقودي أيضاً احمرار، أو دُماع، أو انتفاخ، أو تدلِّي للجفن الذي يعلوها.

قد تنتشر آلام الصداع العنقودي بشكل شعاعي للأسفل نحو الرقبة، أو الخد، أو الأنف، أو الصَّدغ - وهو المنطقة الواقعة خلف العين وأمام الأذن في كل جانب، ويوجد تحت جلدها العظم الصدغي وهو أحد عظام الجمجمة - أو الكتف، وكالعادة يكون الانتشار في جانب واحد فقط من الجسم، وقد يترافق أيضاً مع سيلان أو انسداد الأنف والغثيان - وهو إحساس بالضيق وعدم الراحة في الجزء العلوي من المعدة مع رغبة غير إرادية في التقيُّؤ وغالباً ما يُتبَع به - والحساسية تجاه الأصوات والضوء.

غالباً ما يُخلَط بين الصداع العنقودي والشقيقة أو الصداع النصفي؛ وذلك بسبب توضُّعه في جانب واحد، وترافُقه أحياناً مع الحساسية تجاه المنبِّهات.

قد تتراوح مدة نوبات الصداع العنقودي بين نصف ساعة وساعات عدَّة، وتحدث عادةً في الوقت نفسه من اليوم، وغالباً ما تبدأ النوبة في أثناء النوم؛ ولذلك يُلقَّب الصداع العنقودي بالصداع المنبِّه، ورغم أنَّه من أشد أنواع الصداع إيلاماً؛ إلَّا أنَّه أيضاً من أندر الأنواع حدوثاً.

يُعبِّر عنه الدكتور "مارك غرين" (Mark Green) قائلاً: "إنَّ الصداع العنقودي مؤلم للغاية، ويشبه الوخز بإبرة ساخنة في العين"؛ وهو المتحدِّث الرسمي للمؤسسة الوطنية للصداع، والمسؤول عن طب الآلام والصداع في مدرسة "إيكاهن" (Icahn) الطبية في "نيويورك" (New York).

تساعد بعض الأدوية في أثناء حدوث نوبة الصداع العنقودي على تسكينها؛ ومنها التريبتانات القابلة للحقن "وهي عائلة دوائية طُوِّرَت لعلاج الشقيقة"، وبعض أدوية التخدير الموضعية، واستنشاق الأوكسجين بنسبة 100% من خلال القناع، بينما يمكن للأدوية الأخرى التي تُؤخَذ على نحو مُنتظَم أن تمنع حدوث الهجمات المستقبلية قبل وقوعها؛ ومن ضمنها الكورتيكوستيروئيدات، وحاصرات أقنية الكالسيوم، والميلاتونين؛ لذا يجب استشارة الطبيب للحصول على العلاجات الوقائية في حالة الإصابة بالصداع العنقودي.

الألم المتوضِّع في الرقبة:

قد لا يكون الألم الرقبي أوَّل ما نفكر فيه عند التحدث عن الشقيقة، إلَّا أنَّه ميِّزة شائعة لها؛ إذ يقول الدكتور "غرين": "يعاني 75% من الأشخاص المصابين بالشقيقة من الألم الرقبي، وهو ما لا يدركُه العديد من الناس".

يمكن لبعض الأشخاص تفادي الإصابة بنوبة شقيقة من خلال الابتعاد عن العوامل المحرِّضة لها، ورغم اختلاف هذه المحرضات من شخص إلى آخر؛ إلَّا أنَّ المحرضات الشائعة لها تتضمن المشروبات الكحولية، والتوتر والإجهاد، وبعض أنواع الأطعمة.

كما قد تساعد بعض الأدوية المُوافَق عليها لحالات مرضية أخرى على منع حدوث نوبات الشقيقة؛ ومنها حاصرات بيتا، ومضادات الاكتئاب، والأدوية المُضادة للصَّرَع، وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء (FDA) على الدواء الأول للوقاية من الشقيقة وهو الإيمو فيغ أو الإيرينوماب.

إن كنتَ مُعرَّضاً إلى نوبات الشقيقة المتكررة؛ فإنَّ الوقاية هي الخيار الأمثل بالنسبة إليك، أمَّا إن كانت تصيبك بين الحين والآخر على فترات متباعدة؛ فيمكنك علاجها عن طريق أنواع عدَّة من الأدوية؛ ومن ضمنها مسكنات الألم البسيطة التي تُصرَف دون وصفة طبية كالإيبوبروفين وصولاً إلى التريبتانات وغيرها من الأدوية التي تحتاج إلى استشارة طبية ووصفِها من قبل الطبيب.

الألم المتركِّز في فروة الرأس:

الصداع التوتري

لا يسبب الصداع التوتُّري ألماً حقيقياً في فروة الرأس؛ بل على الأغلب يسبب شعوراً بالشَّدِّ فيها كما لو أنَّ حزاماً يُربَط بقوةٍ حول الرأس.

ويعبِّر الدكتور "غرين" عن الصداع التوتري بقوله: "على عكس الشقيقة والصداع العنقودي، يسبب الصداع التوتري عادة ألماً في كلا جانبَي الرأس؛ يتمركز خصوصاً في الجبهة، والصَّدغَين، ومؤخرة الرأس، وأحياناً يصيب الرقبة والكتفَين، وعادةً ما يكون ألمُه على شكل إحساس ضاغطٍ".

يُعَدُّ التوتر والإرهاق السبب الرئيس والأشيع للصداع التوتري، ومع ذلك قد تساهم المشكلات التي تصيب العضلات والمفاصل في حدوثه.

إن كان الصداع التوتري يصيبك بين الحين والآخر بفترات متباعدة؛ فعليك بمسكنات الآلام البسيطة التي تُصرَف دون وصفة طبية، أمَّا إن أصبح مزمناً؛ فيجب عليك استشارة الطبيب بخصوصه.

الألم المتوضِّع في الجيوب الأنفية:

الصداع الجيبي

إنَّ العديد من الآلام المُلقَّبة بالصداع الجيبي هي في الواقع صداع توتري أو شقيقة، وهما أول وثاني أشيع أنواع الصداع على التوالي.

يقول الدكتور "غرين": "في الواقع ربَّما لا يوجد حقيقةً ما يُسمَّى بالصداع الجيبي؛ إذ تنتشر آلام معظم أنواع الصداع ممتدَّةً نحو منطقة الجيوب الأنفية، إلَّا أنَّ الإصابة المرضية الحادة بالجيوب الأنفية قد تسبب الصداع؛ وعندَها من المُحتمَل ترافقه مع الحُمَّى، والسيلان القيحي.

في الختام:

لابدَّ من استشارة الطبيب في حال تحوُّل الصداع إلى مزمن وإعاقته لحياتك اليومية مهما كان موقعه في الرأس، أو في حال تغيُّر طبيعة الصداع التي اعتدْتَ عليها، أو في حال حدوثه فجأة، أو في حال ترافقه مع الحمى أو التخليط الذهني - وهو مُصطلَح يعبر عن حالة التشويش التي تصيب الفرد أو فقدان التوجُّه أو فقدان القدرة على تحديد الموضع الصحيح حسب الوقت والموقع والهوية ولها العديد من الأسباب - أو تصلُّب الرقبة أو الرؤية المُضاعَفة؛ أي رؤية صورتين لشيء واحد بعض أو كل الوقت، أو الاختلاجات؛ وهي انقباض لا إرادي لمجموعة من العضلات بشكل سريع ومتكرر مما يسبب انتفاضات لا إرادية في كل أنحاء الجسم.

المصدر




مقالات مرتبطة