ما زالَت محاولة تطبيق طب الأسرة وتوسيع نطاق انتشاره في السعودية في البدايات، والحقيقة أنَّ إدخال هذا المفهوم إلى المجتمعات العربية هام جداً على الصعيد الصحي؛ وذلك نظراً للدور المحوري الذي يقوم به طب الأسرة في تقديم الرعاية الصحية، والحدِّ من انتشار الأمراض السارية، والكشف المبكر عن الأمراض الخطيرة.
يتناول طب الأسرة الحالات المَرَضية العامة والمعروفة والشائعة الموجودة لدى الجنسين ولمختلف الأعمار داخل الأسرة الواحدة، وبذلك فإنَّ طبيب الأسرة يكون على دراية كاملة بكل ما يتعلق بوضع أفراد الأسرة الصحي، فهو المسؤول الأول عن حالتهم الصحية، لدرجة أنَّ حوالي 90% من الحالات الصحية تُعالَج من قبل طبيب الأسرة ودون الحاجة إلى مراجعة طبيب متخصِّص إلا في حالات قليلة تصل نسبتها لـ 10% فقط.
ماذا عن دراسة طب الأسرة في السعودية المستقبل والرواتب، هذا ما ستكتشفه من خلال قراءة هذا المقال.
تخصُّص طب الأسرة في السعودية:
يعدُّ تخصُّص طب الأسرة في السعودية من التخصُّصات الجديدة في المملكة، وكان الهدف الأساسي منه تطوير منظومة الرعاية الصحية وتقديمها لجميع أفراد المجتمع على حدٍّ سواء، إضافةً إلى تعزيز صحة الفرد والمجتمع، فيهتم هذا التخصُّص بتقديم الرعاية الشاملة لجميع أفراد الأسرة وعلى اختلاف أعمارهم، وفي مختلف الجوانب سواء الجوانب النفسية أم الجسدية.
المبدأ الأساسي لتخصُّص طب الأسرة هو الوقاية من مختلف الأمراض والكشف المبكر عنها، إضافة إلى مرافقة الأم بكل ما تمر به من حمل وأمومة وغيرها، وفي كثير من الدول لم يُحدَّد سنٌّ لتقاعد طبيب الأسرة وتُرِكَ ذلك خياراً له.
الجدير بالذكر أنَّ تخصُّص طب الأسرة السعودية لم يُطبَّق بالطريقة الكافية والصحيحة كما هو الحال في الدول الغربية؛ أي إنَّه لم يصل بعد إلى النتائج المتوقعة منه.
دخل مفهوم طب الأسرة إلى المملكة العربية السعودية على مرحلتين، فقد بدأت الفكرة من خلال مشروع للرعاية الصحية الأولية شمل عدة مدن من المملكة، ثم تطوَّر ليصل إلى بقية المملكة، وكان الأطباء فيه من حملة شهادة البكالوريوس؛ أي الأطباء غير المتخصِّصين، فكان بإمكانهم الالتحاق بهذا المشروع فور تخرُّجهم، وتطوَّر الأمر فيما بعد ليصبح الطبيب المسؤول عن تقديم الرعاية الصحية الأولية متخصِّصاً في طب الأسرة من خلال الانخراط بعد التخرج في برنامج تدريبي لمدة لا تقل عن أربع سنوات.
فيما يأتي سنذكر أهم المبادئ التي تميز تخصُّص طب الأسرة وتجعله من التخصُّصات الهامة في المملكة، والتي يجب العمل على تطويرها أكثر؛ أسوة بالدول المتقدِّمة التي تعتمد على تخصُّص طب الأسرة اعتماداً أساسياً داخل القطاع الصحي لديها، وهذه النقاط هي:
- يقدِّم طب الأسرة في السعودية الرعاية الصحية الأولية الهامَّة والضرورية لأفراد المجتمع عامة.
- يهدف برنامج طب الأسرة إلى رفع مستوى الرعاية الصحية المقدَّمة للأسرة؛ وهذا ما ينعكس على صحَّة الفرد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.
- طب الأسرة في السعودية اختصاص كبقيَّة الاختصاصات الطبية، فمن يزاول هذه المهنة طبيب متخصِّص يحمل شهادة الاختصاص السعودية أو ما يعادلها من مؤهلات وشهادات أخرى، يحصل عليها الطبيب بعد فترة تدريب تستمر لمدة أربع سنوات.
- يقع على عاتق طبيب الأسرة في السعودية كما في معظم دول العالم مسؤوليات ووظائف كثيرة منها: تقديم الرعاية الصحية الدائمة للأسرة التي تشمل وقايتهم من الأمراض وتعزيز مناعتهم وما إلى ذلك من مهام، كما أنَّ الاكتشاف المبكر للأمراض الخطيرة كالسرطانات يعدُّ من مسؤوليات طبيب الأسرة؛ وهذا من شأنه زيادة فرص العلاج والشفاء.
- يقوم طبيب الأسرة بتحويل المرضى الذين يخضعون لإشرافه إلى أطباء اختصاصيين في حال كانت الحالة تحتاج إلى تدخُّلات علاجية ليست من صلاحيات طبيب الأسرة، أو في حال احتاجت الحالة إلى تدخُّل جراحي لا يمكن إجراؤه في المراكز الصحية.
- إضافة إلى تلك الوظائف فإنَّ طبيب الأسرة يقوم بإجراء بحوث صحية متعلقة بصحة الفرد والمجتمع، كما يشارك في التخطيط الصحي وتحديد الأولويات الصحية.
- يؤدي تطبيق تخصُّص طب الأسرة في أي بلد إلى الرقي بالنظام الصحي، وتقليل الوفيات، وتحسين جودة الحياة، ومساعدة الأفراد على تبني سلوك صحي سليم، فيعدُّ هذا التخصُّص الأساس في أي نظام صحي فعال ومتطور؛ ولذلك وكما أسلفنا سابقاً، نلاحظ أنَّ الدول المتطورة من الناحية الصحية تعتمد على هذا النظام.
مثلاً نلاحظ أنَّه في بريطانيا تصل نسبة أطباء الأسرة إلى 50% من إجمالي عدد الأطباء، أما في كدا فتصل إلى 45%، وبالنسبة إلى الإقبال على تخصُّص طب الأسرة في السعودية، فقد أشارت دراسات قامت بها الهيئة السعودية إلى أنَّ عدد الأطباء الموجودين في السعودية بتخصُّص طب الأسرة هم 1890 من بينهم 559 طبيباً سعودياً، كما أنَّ نسبة أطباء الدراسات العليا الذين اختاروا متابعة دراستهم بتخصُّص طب الأسرة قد وصلت إلى 11.7%.
دراسة طب الأسرة في السعودية:
إنَّ دراسة طب الأسرة في السعودية ورغم الحاجة الكبيرة إلى هذا التخصُّص ما زالت فقيرة، فقد كشفت الدراسات أنَّ نسبة أطباء الأسرة في السعودية لا تزيد عن 2%، والحقيقة أنَّ هذا مؤشر ليس بجيد، ويمكن أن يكون مرده إلى عدم إقبال الطلاب على دراسة هذا التخصُّص إضافة إلى عدم اهتمام الجامعات بحدِّ ذاتها بدراسة طب الأسرة في المملكة، فلا توجد دراسات عليا في طب الأسرة إلا في جامعة الملك سعود وجامعة الدمام؛ أي جامعتين فقط في المملكة.
يُضاف إلى هذا فقر الكادر التدريسي الذي لا يشمل أطباء أسرة، وقد أشار أحد المتخصصين إلى أنَّ تخصُّص طب الأسرة هو تخصُّص دراسات عليا في مختلف دول العالم وهذا ليس متاحاً في المملكة.
بالنسبة إلى دراسة طب الأسرة في السعودية، فقد بدأت برامج الزمالة في طب الأسرة حين أنشئت الهيئة السعودية للتخصُّصات الطبية، فتم تنفيذ التدريب في مراكز مخصصة لذلك، وربما كان هذا أحد أسباب غياب الدراسات العليا عن تخصُّص طب الأسرة في السعودية لأنَّ الدراسات العليا هي برامج أكاديمية وليست تطبيقية.
تخصُّص طب أسنان الأسرة:
تخصُّص طب أسنان الأسرة هو تخصُّص حديث في مجال طب الأسرة، يشمل كثيراً من العلاجات المتقدمة، ومنها:
- إزالة التسوسات.
- تجميل الأسنان.
- علاج الجذور وعصب الأسنان.
- خلع الأسنان والجراحات المتعلقة بها.
مستقبل طب الأسرة في السعودية:
سنتناول حقيقة مستقبل طب الأسرة في السعودية من جانب هام جداً، وهو كيف ستقوم الدولة مستقبلاً بإعطاء هذا التخصُّص الأهمية التي يستحقها، وبشكل يشجع الأطباء للتخصُّص في هذا المجال.
في الواقع على الدولة التي بدأت مؤخراً محاولة السير على خطا الدول الغربية من ناحية تطبيق طب الأسرة، أن تقدِّم القدر الكافي من الرعاية لهذا التخصُّص، فيقول بعض المهتمين إنَّ عدد الأطباء في السعودية ليس كافياً وهذا ما يعوق السير بخطوات حقيقية بهذا الاتجاه، والحقيقة أنَّه في السعودية ما يقارب خمسين ألف طبيباً؛ وهذا يعني أنَّ لكل ألف نسمة طبيب، وهذه الإحصاءات إن دلَّت على شيء فهي تدلُّ على أنَّ عدد الأطباء ليس المشكلة في تطبيق برنامج طب الأسرة.
المشكلة هي في توزيع هؤلاء الأطباء وفي تخصُّصاتهم، فللأسف يوجد عدد كبير من الأطباء الذين يعملون في المستشفيات وحتى يقومون بالأعمال الإدارية، وهذا ما يجب العمل على تلافيه مستقبلاً، إضافة إلى أنَّ نسبة الأطباء الذين توجهوا نحو الرعاية الصحية الأساسية والتي لم تتجاوز 20%، لا يشعرون بالراحة بل تجدهم محبَطين بسبب عدم الاهتمام بهم؛ وهذا يعني أنَّه في المستقبل على الدولة أن تضع خططاً حقيقية لتطوير هذه التجربة.
سنذكر فيما يأتي بعض النقاط التي يجب وضعها بالحسبان:
- إعادة توزيع الأطباء وتقديم الحوافز وتحسين الرواتب وتغيير أوضاعهم ومنحهم المسؤولية والصلاحيات بهدف تشجيعهم لاختيار هذا التخصُّص.
- زيادة عدد المراكز الصحية.
- تحفيز أطباء الأسرة، وتطوير مراكز الرعاية الصحية الأولية، وتوفير سلة من الخدمات الصحية والتأمينية، والإنفاق بسخاء بهدف تحسين هذا التخصُّص، فكل ريال يُنفَق على طب الأسرة يوفر على الدولة أضعاف.
طبعاً هذا لا يعني أنَّ مستقبل طب الأسرة في السعودية ضبابي وغير واضح؛ بل على النقيض من ذلك تماماً، لأنَّ وزارة الصحة بدأت بالعمل على إجراء تحوُّل صحي في المملكة، وأبرز هذا التحول كان في الاعتماد على الرعاية الصحية الأولية التي يقودها أطباء الأسرة؛ وهذا يعني تزايداً في الحاجة مستقبلاً إلى أطباء الأسرة المؤهلين للعمل في القطاعين العام والخاص.
راتب الطبيب المتخصِّص في طب الأسرة في السعودية:
يتراوح راتب طبيب الأسرة بين حد أدنى هو 19000 ريالاً، وراتب أعلى 54000 ريالاً؛ أي بمعدل وسطي 35000 ريالاً شهرياً.
في الختام:
يساهم تطبيق برنامج طب الأسرة في السعودية في رفع سويَّة الرعاية الصحية في المملكة، فيقوم طبيب الأسرة بالإشراف على الوضع الصحي لكل أفراد الأسرة وعلى اختلاف المراحل العمرية التي يمرون بها، وهذا ما يجعله على معرفة بالوضع الصحي للأسرة والتاريخ المَرَضي لمختلف الأمراض التي يعانون منها، إضافة إلى الدور الكبير الذي يؤديه طبيب الأسرة في الكشف المبكر عن الأمراض؛ وهذا ما يساهم في تسريع علاجها وما ينعكس على صحة المجتمع بشكل عام.
أضف تعليقاً