خاصية (NFC): كل ما تحتاج معرفته عن تقنية الاتصال قريب الأمد

سأكشف في هذا المقال ماهية هذه الخاصية، وكيف تستفيد منها بأمان، وكيف تصلح هاتفك لاستخدامها فوراً باحترافية وسهولة.

ما هي خاصية (NFC)؟

خاصية (NFC) أو الاتصال قريب الأمد (Near Field Communication) هي تقنية اتصال لاسلكي متقدمة تتيح تبادل البيانات بين الأجهزة عندما تكون على مسافة قصيرة جداً لا تتجاوز عادةً 4 سنتيمترات. تعتمد هذه التقنية على الموجات الكهرومغناطيسية لتمكين التواصل الفوري بين هاتفك الذكي وجهاز آخر مزود بشريحة (NFC)، مثل بطاقات الدفع أو الأجهزة الذكية أو حتى الملصقات الرقمية.

تنفِّذ بفضل خاصية (NFC) عمليات متعددة دون لمس، مثل الدفع الإلكتروني في المتاجر، أو مشاركة الملفات بسرعة، أو توصيل سماعة لاسلكية في لحظة. أصبحت جزءاً أساسياً من الحياة اليومية الرقمية، خصيصاً مع انتشار خدمات الدفع من خلال الهاتف، مثل (Google Pay) و(Apple Pay) التي تعتمد اعتماداً رئيساً على هذه التقنية.

تتميز خاصية الاتصال قريب الأمد بسهولة الاستخدام وأمانها العالي؛ إذ لا تحتاج إلى إدخال رموز أو الانتظار للاتصال كما في البلوتوث؛ بل يكفي تقريب الهاتف من الجهاز الآخر ليتَّصل فوراً. يبحث كثير من المستخدمين اليوم عن الهواتف التي تدعم (NFC) للاستفادة من هذه الإمكانيات العملية في الدفع الذكي والوصول السريع للبيانات.

كيفية عمل خاصية (NFC)

تعمل تقنية الاتصال قريب الأمد أو خاصية (NFC) بذكاء يجمع بين البساطة والدقة. تحتوي الأجهزة التي تدعم (NFC) على ملفات نحاسية صغيرة تُعرف باسم (coils)، وعند تقريب جهازين من بعضهما (في نطاق لا يتجاوز عادةً 4 سم)، تنشأ بينهما موجات كهرومغناطيسية ضعيفة تُستخدم لنقل البيانات بأمان وسرعة. هذه العملية تُعرف بالحثِّ الكهرومغناطيسي، فيُنشِئ أحد الجهازين ويُسمَّى “الفعال” المجال، بينما يستقبل الجهاز الآخر “السلبي” الإشارة.

عند تفعيل خاصية (NFC) في الهاتف، يبحث النظام عن إشارات قريبة، مثل بطاقات الدفع أو أجهزة (NFC) الأخرى، وبمجرد حدوث الاتصال، تُتبادَل البيانات، مثل أرقام البطاقات أو الروابط أو ملفات التعريف فوراً دون الحاجة إلى اقتران أو إدخال كلمة مرور، وهو ما يجعل خاصية الاتصال قريب الأمد أكثر سهولة مقارنة بالبلوتوث أو الواي فاي.

تعتمد التقنية من جهة الأمان على معايير عالمية، مثل (ISO/IEC 14443) و(ISO/IEC 18092)، التي تُستخدم أيضاً في البطاقات المصرفية الذكية. كما تدعم بروتوكولات تشفير متقدمة تضمن أنَّ البيانات المتبادلة، لا يمكن اعتراضها أو نسخها بسهولة، ما يجعل خاصية (NFC) خياراً آمناً في المدفوعات الإلكترونية والتذاكر الرقمية وأنظمة الدخول الذكية.

الفرق بين خاصية (NFC) والبلوتوث

رغم أنَّ كلاً من خاصية (NFC) والبلوتوث، يُستخدمان للاتصال اللاسلكي ونقل البيانات بين الأجهزة، إلَّا أنَّ بينهما اختلافات جوهرية في آلية العمل، وسرعة الاتصال، واستهلاك الطاقة، ومدى التغطية. صُمِّمَت خاصية الاتصال قريب الأمد للاتصالات السريعة جداً والمباشرة بين الأجهزة القريبة للغاية، بينما يُنشِئ البلوتوث روابط أطول مدى وأكثر استمرارية بين الأجهزة المختلفة.

المعيار	خاصية (NFC) (الاتصال قريب الأمد)	البلوتوث
سرعة الاتصال	بطيئة نسبياً (حتى ~424 كيلوبِت في الثانية) مناسبة لنقل بيانات قصيرة كالمعاملات المالية أو التعريف بالأجهزة.	أعلى بكثير، تصل إلى عدة ميغابِت في الثانية وفق الإصدار (مثل بلوتوث 5.0)، مما يجعلها مثالية لنقل الملفات الصوتية والفيديوهات.
استهلاك الطاقة	منخفض جداً؛ لأنها تُفعل فقط لحظة التقارب، مما يجعلها مثالية للأجهزة الذكية التي تعمل بالبطاريات الصغيرة (مثل البطاقات والمفاتيح الرقمية).	تستهلك طاقة أكثر، خصيصاً في الاتصالات المستمرة، مثل بث الصوت أو مشاركة الملفات الكبيرة.
مدى التغطية	قصير جداً، لا يتجاوز عادةً 4 سم، ما يمنحها ميزة أمنية كبيرة ويمنع الاتصال العرضي.	أطول بكثير، من 10 إلى 100 متر وفق نوع الجهاز وقوة الإشارة.

يتَّضِح من خلال المقارنة أنَّ خاصية (NFC)، لا تهدف إلى استبدال البلوتوث؛ بل تُكمله، فهي مثالية للتفاعل السريع والآمن في الأمد القريب، بينما البلوتوث يظل الخيار الأفضل للاتصالات المستمرة أو بعيدة الأمد بين الأجهزة.

الهواتف التي تدعم (NFC)

تمثِّل الهواتف التي تدعم (NFC) في الوقت الحالي الغالبية العظمى من الأجهزة الذكية الحديثة، سواء العاملة بنظام أندرويد أم (iOS)، نظراً لازدياد اعتماد المستخدمين على خدمات الدفع الإلكتروني والاتصال الذكي. تدعم أغلب الهواتف الرائدة والمتوسطة خاصية الاتصال قريب الأمد (NFC) افتراضياً، حتى إن لم تكن الخاصية مفعلة في إعدادات النظام.

مثلاً جميع أجهزة (iPhone) بدءاً من (iPhone 7) وحتى أحدث الإصدارات مزودة بخاصية (NFC)، مع تطوير قدراتها في الأجيال اللاحقة لتشمل قراءة العلامات الذكية (NFC Tags) واستخدامها في تطبيقات الدفع من خلال (Apple Pay). أمَّا في عالم أندرويد، فمعظم الشركات الكبرى، مثل سامسونغ وجوجل وهواوي وون بلس ونوكيا تدمج شريحة (NFC) في أجهزتها لتدعم ميزات، مثل (Google Pay) وفتح الأقفال الذكية والاقتران السريع بالأجهزة الأخرى.

حتى بعض الهواتف الصديقة للبيئة، مثل (Fairphone 5) تأتي بشريحة (NFC) مدمجة، ما يؤكد أنَّ هذه التقنية، لم تعد حكراً على الهواتف الفاخرة فقط؛ بل أصبحت معياراً أساسياً في معظم الأجهزة الذكية الحديثة.

تجدر الإشارة إلى أنَّ تفعيل خاصية (NFC)، يختلف من نظام إلى آخر، لكنها غالباً ما تكون مفعلة ضمنياً في أجهزة آيفون، بينما يمكن تشغيلها يدوياً في هواتف أندرويد من الإعدادات. هذه المرونة جعلت خاصية (NFC) أحد أهم المعايير التي يبحث عنها المستخدمون عند شراء هاتف جديد، خصيصاً أولئك المهتمين بالدفع الإلكتروني والأتمتة الذكية.

كيفية تفعيل خاصية (NFC) في الهواتف الذكية

يعد تفعيل خاصية (NFC) في الهواتف الذكية خطوة بسيطة لكنها تفتح لك عالماً واسعاً من المزايا، بدءاً من الدفع الإلكتروني ووصولاً إلى التحكم بالأجهزة الذكية. سواء كنت تستخدم هاتفاً بنظام أندرويد أم (iOS)، فإنَّ تفعيل خاصية الاتصال قريب الأمد، لا يستغرق سوى لحظات، وهو آمن تماماً عند اتباع الخطوات الصحيحة.

على نظام أندرويد

تتيح معظم هواتف أندرويد الحديثة، مثل سامسونغ وجوجل بيكسل وهواوي وشاومي إمكانية تفعيل خاصية (NFC) مباشرة من الإعدادات. كل ما عليك فعله هو:

1. الدخول إلى الإعدادات (Settings).
2. اختيار الاتصالات أو (Connected Devices) وفق واجهة الهاتف.
3. الضغط على خيار (NFC) وطرائق الدفع (أو NFC & contactless payments).
4. تفعيل المفتاح بجانب خيار (NFC) لبدء استخدام خاصية الاتصال قريب الأمد.
5. اختيار التطبيق المفضل، مثل (Google Pay) أو (Samsung Pay) من قائمة التطبيقات المدعومة لتفعيل الدفع الافتراضي.

تمرر بعد تفعيلها الهاتف فوق أجهزة الدفع أو بطاقات (NFC) لقراءة البيانات أو إجراء المعاملات فوراً. المميز أنَّ خاصية (NFC) تظل خاملة ولا تستهلك طاقة إلَّا عند التقارب مع جهاز آخر، ما يجعلها عملية وآمنة.

على نظام (iOS)

أمَّا في هواتف آيفون، فالأمر أبسط، فابتداءً من (iPhone 7) فصاعداً، تُفعَّل خاصية (NFC) تلقائياً دون الحاجة لأي إعداد يدوي. كل ما تحتاج إليه هو تقريب الهاتف من جهاز أو بطاقة تدعم الاتصال قريب الأمد، وسيتعرف عليها النظام تلقائياً.

للمهتمين بالأتمتة الذكية، يمكن استخدام تطبيق (Shortcuts) لإنشاء مهام مخصصة تعتمد على علامات (NFC) مثل تشغيل الإضاءة أو فتح تطبيق معيَّن بمجرد تمرير الهاتف على ملصق (NFC) مبرمج مسبقاً. هذه الإمكانية جعلت الهواتف التي تدعم (NFC) أكثر تكاملاً مع المنازل الذكية والتقنيات الحديثة.

الأسئلة الشائعة

1. كيف أعرف إذا كان جهازي يدعم (NFC)؟

التحقق من دعم الهاتف لخاصية (NFC) أمر بسيط للغاية. ادخل إلى الإعدادات في هاتفك، ثم ابحث عن خيار (NFC) أو "الاتصال قريب الأمد". إذا وجدت إمكانية تفعيلها أو إعدادات تتعلق بها، فهذا يعني أنَّ جهازك مزود بهذه الخاصية فعلاً.

كما يمكنك ببساطة كتابة اسم طراز هاتفك متبوعاً بكلمة "NFC" في محرك البحث لتتأكد ما إذا كانت الخاصية متاحة في جهازك أم لا.

2. هل خاصية (NFC) آمنة للاستخدام؟

تُعد خاصية الاتصال قريب الأمد (NFC) من أكثر تقنيات الاتصال اللاسلكي أماناً؛ لأنها تعمل في نطاق لا يتجاوز بضعة سنتيمترات، مما يقلل احتمالية اعتراض الإشارة. ومع ذلك، لا يمكن عدَّها مناعة كاملة.

للحفاظ على أمانك في استخدام خاصية (NFC)، يُنصح بما يأتي:

1. استخدِم فقط أجهزة معترفاً بها رسمياً وتحدَّث بانتظام للحصول على آخر تحديثات الأمان.
2. تجنَّب استخدام بطاقات أو ملصقات (NFC) مجهولة المصدر.
3. عطِّلْ خاصية (NFC) في هاتفك عندما لا تحتاجها، خصيصاً في الأماكن العامة، لتجنب أية محاولات اتصال غير مصرح بها.

تعد خاصية (NFC) آمنة وموثوقة عند استخدامها ضمن بيئة مؤمَّنة ووفق الممارسات الصحيحة، وهي التقنية المعتمدة عالمياً في أنظمة الدفع الذكي، مثل (Apple Pay) و(Google Pay).

استعرضنا في هذا المقال خاصية (NFC) بتفصيل عملي: ما هي، وكيف تعمل، والفرق بينها وبين البلوتوث، والهواتف التي تدعمها، وكيف تفعِّلها في هاتفك، بالإضافة إلى أجوبة عن الأسئلة الأعلى شيوعاً. إذا كنت تستخدم الدفع من خلال الهاتف أو تفعل أقفالاً ذكية أو تبادل البيانات تبادلاً فورياً، فإنَّ تفعيل خاصية (NFC)، هو خطوة بسيطة وستفتح لك آفاقاً كثيرة.

ابدأ الآن، وافتح إعدادات هاتفك، فعِّل خاصية (NFC)، ومرِّر هاتفك فوق بطاقة أو قفل ذكي. جرِّب بنفسك كيف يمكن لتقنية صغيرة كهذه أن تُحوِّل تجربتك مع الأجهزة إلى سلاسة فورية.