حيل لارتداء ملابس أنيقة بميزانية محدودة

اعتدت أن أكون مهملاً في لباسي، ولا أحبُّ أن أرتدي ملابس بطريقة معينة للحصول على الاحترام الذي اعتقدت أنَّني أستحقه، أو لجعل الناس يستمعون إلي؛ إذ كنت أقول لنفسي: "يجب أن يحترمني الناس؛ وذلك لأنَّني أعرف عمَّا أتحدث، ليس لأنَّني أرتدي جوارب باهظة الثمن"، لكن بعد ذلك واجهت شيئاً غيَّر رأيي تماماً.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب تايلر ترفورين (Tyler Tervooren)، ويُحدِّثنا فيه عن سيكولوجية ارتداء الملابس الجيدة.

قبل سنوات كنت في الحافلة متوجهاً إلى منزل أحد الأصدقاء؛ إذ كنت أعرف الحي ولكنَّني لم أكن متأكداً من المحطة التي يجب النزول عندها، ولاحظ الرجل الجالس بجواري أنَّني أنظر إلى النافذة كل بضع ثوانٍ في محاولة لتحديد الوجهة التي سأسلكها، وسألني عمَّا إذا كنت أحتاج إلى المساعدة، وأخبرتَه بمأزقي وأخبرني بثقة أنَّني يجب أن أخرج بعد محطتين، فشكرتَه على النصيحة.

بعد لحظة، انحنى رجلٌ آخر في الممر سمع حديثي وقال: "في الواقع، يجب أن تنزل في المحطة التالية"، فشكرته، وخرجت كما قال لي متجاهلاً نصيحة الرجل الأول، فما الفرق بين الرجلين؟ ولماذا اخترت الاستماع لأحدهما دون الآخر؟

عندما طرحت نفس السؤال على نفسي وأنا أسير إلى منزل صديقي، وصلت إلى عدة نتائج:

كيف تغير الملابس التي ترتديها نظرة الناس إليك؟

عندما غادرت الحافلة، أدركت في لحظة لماذا استمعت إلى شخص واحد دون الآخر، إذ كان الرجل في الممر يرتدي ملابس أنيقة فبدا وكأنَّه في طريقه إلى المنزل من العمل في مكتب فاخر في وسط المدينة، أمَّا الشخص في الكرسي الذي بجواري يرتدي بنطالاً رياضياً، وكان لديه بقعة داكنة على قميصه، وبدا وكأنَّه لم يستحم في ذلك اليوم.

في هذه اللحظة أدركت عدد الأفكار والقوالب النمطيَّة المسبقة التي استخدمتها في افتراضاتي الخاصة بالأشخاص الآخرين؛ إذ كنت أشكو كيف حكم الناس علي من خلال ملابسي؟ بينما فعلت نفس الشيء معهم، فهل يمكنني الوثوق بتعليمات شخص لا يمكن الوثوق به حتى لإبعاد الطعام عن ملابسه؟ ولم أقصد إصدار هذا الحكم.

لقد نَجَم هذا عن سنوات من التكيف الاجتماعي؛ إذ أصبحت عملية اتخاذ القرار بديهية، فإذا كنت تريد أن يستمع الناس لك فهناك درس هام؛ ارتدِ ملابساً أنيقة؛ إذ ستغير الملابس التي ترتديها، والطريقة التي تعتني بها بنفسك، الطريقة التي يسمع بها الآخرون ما تقوله، وسيخبرهم بطريقة لا شعورية ما إذا كنت مثلهم أم أنَّك مختلف، وسيحدد هذا ما إذا كانوا سيستمعون لك أو يتجاهلونك، والثقة بك أو عدم الثقة.

لقد تعلُّمت الدرس نفسه مرة أخرى عندما كنت أتسلق جبلاً في روسيا؛ إذ أغلق الجبل أمام الأشخاص جميعهم باستثناء السكان المحليين وفريق الإنقاذ الجبلي، ولقد تسلَّقناه بسهولة، لكن في طريق العودة صادفنا نقطة تفتيش للشرطة، وكان سائقنا جزءاً من فريق الإنقاذ الجبلي، لكنَّنا لم نكن كذلك.

قال لنا سائقنا: "لا تخف فقط ضع هذه في حضنك، ولا تقل كلمة واحدة"؛ إذ سلَّمَ كل منَّا بدلة زرقاء عليها شعار إنقاذ الجبل، وعندما أوقفنا الشرطي عند الحاجز ونظر مباشرة إلى وجهي الذي يؤكد بوضوح هويتي الأميركية، ومن ثمَّ نظر إلى البدلة الزرقاء في المقعد المجاور لي، وأشار لنا للعبور على الفور؛ إذ لم يكن أي شيء واضح أنَّني في فريق الإنقاذ الجبلي باستثناء البدلة؛ فقد تبين أنَّها كانت كل ما احتاجه.

هذا هو نفس السبب الذي يجعل كل شركة أدوية تُعيِّن الممثلين، فنحن نعلم أنَّهم ممثلون في معاطف المختبر البيضاء لعرض الأدوية الخاصة بهم في إعلاناتهم التلفزيونية، إلَّا أنَّنا نحكم بهم على الفور على أنَّهم أطباء؛ ولذلك تختار بعض الأمهات ألوان ملابس أطفالهن، فمن الصعب معرفة جنس المولود الجديد، لكن إذا رأيت أحدهم يتدحرج بملابس زرقاء، فأنت تعلم أنَّه صبي، وكذلك الوردي للفتيات، فاختيار ملابسك يغير من تكون ويغير قيمة ما تقوله، على الأقل للأشخاص الذين ينظرون ويستمعون.

ثلاث نصائح للمتسوقين ذوي الميزانيَّة المحدودة:

سواء كنت ترغب في الحصول على وظيفة أفضل أم الخروج من زحمة السير أم نشر فكرةٍ في أنحاء العالم، فإنَّ الملابس التي ترتديها والطريقة التي تقدم بها نفسك ستؤدي دوراً رئيساً، وقد لا تعجبك هذه الحقيقة، لكن تذكَّر أولئك الذين نجحوا ليسوا أولئك الذين يشتكون من واقع الحال؛ بل هم الذين يقبلون الواقع على ما هو عليه، ويستخدمون هذا الواقع لمصلحتهم.

لكن ماذا لو كنت تعمل بموارد محدودة أو مثلي تريد أن تتبع هذا الواقع مع الحفاظ على مكانتك بصفتك أكثر المتسوقين اقتصاداً في العالم؟

فيما يأتي بعض النصائح لارتداء ملابس أنيقة بميزانية محدودة، بصرف النظر عن هدفك:

1. ضع الجمهور والرسالة في الحسبان:

فكر جيداً فيمن تحاول التأثير فيه والسبب الذي يدفعك إلى ذلك؟ ولماذا يهتمون؟ ولماذا هو هام بالنسبة إليهم؟

عندما تحدد هذه الأمور يمكنك تقديم نفسك بطريقة تركِّز على هذه الأمور؛ إذ تختلف الملابس في مؤتمر عمل مليء بأشخاص في منتصف العمر عن الطريقة التي ترتديها في الألعاب الرياضية في المدرسة الثانوية؛ لذا فكر في الأشخاص الذين تتحدث عنهم وما الذي يجعلهم يثقون بك، فأغلى طريقة ليست دائماً أكثر فاعلية.

2. ابحث عن خياط خبير:

الملابس الأنيقة باهظة الثمن، لكن الملابس التي تناسبك ويمكن إصلاحها ببعض الخياطة البسيطة، يمكن أن تكون رخيصة الثمن؛ لذا ابحث عن الصفقات والعروض على الملابس عالية الجودة التي تناسبك لكن يمكن تغييرها قليلاً، ولا يجب أن تكون الخياطة باهظة الثمن أيضاً، كما تُجري محلات غسيل الألبسة غالباً تعديلاتٍ سهلة على أجزاءٍ من الألبسة مثل: الأكمام، والحواف، مقابل القليل من المال.

3. ارتدِ الألوان الداكنة:

يمكنك شراء ملابس أرخص بألوان داكنة؛ لأنَّ جودة القماش وشكله لا يظهران بسهولة كُلَّما كان القماش غامقاً، ويأتي هذا أيضاً مع فائدة إضافية للأشخاص مثلي الذين يسكبون الطعام دائماً على أنفسهم، فالملابس الداكنة تخفي البقع.

في الختام:

مهما كانت الرسالة التي تحاول إرسالها إلى العالم، لا تنس أبداً أنَّ الملابس التي ترتديها في هذه الرسالة تحدد طريقة تلقيها.

المصدر