حاضنات الأعمال: مفهومها، وأنواعها، وأهدافها

البيئة الاقتصادية الجيدة والمتناسبة مع شروط الإنتاج والتسويق هي عاملٌ هامٌّ جداً في تطوير أي مشروع اقتصادي، أو لنقُل إنَّها الأساس الرئيس في انطلاق ونجاح أي مشروع؛ لذا أضحى توفير بيئة العمل المناسبة للمشاريع من أولويات الباحثين الاقتصاديين، والذين أفردوا اهتماماً خاصاً بطريقة تأمين هذه البيئة، وهذا ما أعطانا مصطلحاً اقتصادياً اسمه حاضنات الأعمال، وسوف نرى معاً في هذا المقال بعض الإضاءات على تعريف حاضنات الأعمال وأنواعها الرئيسة والمختلفة وما هو الهدف من إنشائها.



مفهوم حاضنات الأعمال:

تملك حاضنات الأعمال كثيراً من التعريفات والشروح التوضيحية، لكن جميع هذه التعريفات تصب في خانة واحدة، وهي أنَّها مؤسسة أو تجمع إداري قد يكون حكومياً أو قد يكون خاصاً، مهمته الأولى والأساسية هي دعم المشاريع الناشئة والمشاريع الصغيرة قيد النمو، ومساعدتها إدارياً ومالياً وتقديم المشورات الاقتصادية؛ وذلك لمساعدتها على إطالة عمرها في سوق الإنتاج ما أمكن.

ومن الشروح التوضيحية لمفهوم حاضنات الأعمال أيضاً، أنَّها البيئة المناسبة لانطلاق المشاريع الاقتصادية الحديثة؛ إذ إنَّها سوف توفر جميع ما يلزم هذه المشاريع للوقوف والانطلاق في دنيا الأعمال، فهي توفر خدمات مكتبية عدة، كما توفر دعماً لوجستياً للمشاريع على الأرض، كوسائط النقل وآلات الإنتاج وتقنيات الإدارة.

وإنَّ مفهوم حاضنات الأعمال يشتمل على دعم المشاريع القائمة ومساعدتها على الاستمرار في التطور والنجاح، عن طريق تبنِّيها مادياً وتنظيمياً وتأمين عملاء جدد لها، كما تقدم حاضنات الأعمال مؤتمرات تدريبية وتعقد ورشات للعمل وتطوير الأفكار، ويضم أيضاً مفهوم حاضنات الأعمال التخصص في المساعدة على تبنِّي الأفكار الجاهزة للمشاريع الاقتصادية وتحويلها لأمر واقع، والتبني المعنوي من نصح ومتابعة وتقييم.

أنواع حاضنات الأعمال:

ظهر مفهوم حاضنات الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حديثاً، ولكنَّه موجودٌ في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1959 تقريباً وتحديداً في "ولاية كاليفورنيا" التي تُعَدُّ العصب الاقتصادي الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ نشوئها تفرعت إلى عدة أنواع وأشكال سوف نذكرها ونضيء عليها فيما يأتي، وتتنوع أشكال حاضنات الأعمال بتنوع الخدمات المقدَّمة من قِبلها للمشاريع الاقتصادية الناشئة، وتكون مدة احتضان المشاريع عادةً من شهرين إلى سنتين.

من أنواع حاضنات الأعمال نذكر:

  1. الحاضنات الدولية: وتكون مهمة هذا النوع من أنواع حاضنات الأعمال تشجيع رأس المال الخارجي على الاستثمار في الداخل لتشجيع المشاريع الوطنية الناشئة، والعمل على مساعدتها على التوسع واقتحام الأسواق العالمية، ومن ثمَّ مساعدتها على زيادة ربحها، كما يساهم هذا النوع من الحاضنات في تنمية التعاون بين الدول وزيادة المشاركة الاقتصادية بين الشركات العالمية العملاقة.
  2. الحاضنات دون جدران: وهي الحاضنات التي تتخصص في تقديم الدعم للمشاريع القائمة بشكل مسبق؛ إذ تتركز هذه الحاضنات في التجمعات الصناعية الكبيرة ومتعددة المجالات، وتستفيد من الخيارات العديدة المتاحة حولها لتقديم الدعم التقني والمادي للمشاريع القائمة.

يسهم هذا النوع من أنواع حاضنات الأعمال في الرقابة على الجودة، وتسريع عمليات البيع والشراء بين الشركات عن طريق الوساطة التجارية، وكذلك الدعم الاستشاري القانوني والاقتصادي.

أما بقية الأنواع:

  1. حاضنات الأعمال الإقليمية: وهي من أنواع حاضنات الأعمال التي تتخصص في منطقة محددة من العالم، قد تكون عدة دول صغيرة أو عدة كيانات اقتصادية متجاورة، وهي تتجه اتجاهاً رئيساً إلى دعم رأس المال المحلي ومساعدة الأيدي العاملة على إيجاد الفرص المناسبة وربطها بمشاريع الإنتاج.
  2. حاضنة الأعمال الصناعية: تنشأ هذه الفئة من أنواع حاضنات الأعمال بشكل رئيس في مراكز المدن الصناعية وتعمل على تقديم وتبادل الخدمات والتسويق بين الشركات الصناعية الكبيرة والمشاريع الصغيرة التي تنضوي تحت لوائها، فتُعَدُّ الحاضنة هنا هي المركز المسؤول عن الإنتاج والتسويق.
  3. حاضنة الأعمال التقنية: وهي الحاضنة القائمة على تبنِّي الأفكار والتصميمات لمنتجات وبرامج، ومساعدتها على التحول إلى مشاريع قائمة؛ وذلك من خلال دعمها بالآلات والأجهزة المتنوعة.
  4. حاضنة الأعمال البحثية: يتركز هذا النوع من أنواع حاضنات الأعمال في مؤسسات الأبحاث ومراكز الجامعات، ويختص في تبنِّي تصميمات ومشاريع الطلاب والكادر التعليمي في الجامعة والعمل على تطويرها ومعالجتها والبدء بتنفيذها.
  5. حاضنة الإنترنت: وهي من أنواع حاضنات الأعمال المتخصصة في تبنِّي المواقع الإلكترونية وشركات تطوير البرامج المتعلقة بالحاسب والأجهزة الذكية، وتساعدها على الوصول إلى مرحلة الإنتاج الفعلي وبيع البرامج، وتساندها في الوصول إلى سوق عالمي لتُروِّج بضاعتها دولياً.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لتحقيق النجاح في إدارة الأعمال

أهداف حاضنات الأعمال:

فيما يأتي أهم أهداف حاضنات الأعمال:

  1. تسهم حاضنات الأعمال في توفير فرص العمل المتنوعة والجيدة للأيدي العاملة الشابة؛ وهذا يؤدي تلقائياً إلى الحد من ظاهرة البطالة والبطالة المقنعة، وكذلك تسهم في دفع الجيل الصاعد للبدء بمشاريعه وأفكاره الاقتصادية الذاتية، ومن ثمَّ صناعة رجال أعمال جدد قادرين على دفع العجلة الاقتصادية للأمام.
  2. تقوم حاضنات الأعمال بتلقين رجال الأعمال أسس المعاملات الصحيحة في إنشاء مشروع اقتصادي رائد، كما تساعدهم على اقتراحات مشاريع جيدة وأفكار خلاقة للبدء بمشاريعهم الذاتية.
  3. البحث عن احتياجات المجتمع الذي نشأت فيه، والعمل على إنشاء المشاريع التي تناسب هذا المجتمع وتلبي حاجاته ورغباته الاستهلاكية المختلفة؛ وذلك من خلال طرح الأفكار وتقديم الدعم اللازم لتحويل هذه الأفكار إلى مشاريع قائمة.
  4. توفير عمليات الإشراف المستمرة على سير العملية الاقتصادية لجميع الشركات والمنشآت التي تنضوي تحتها، ومن ثمَّ تأمين الحماية اللازمة لها للاستمرار وعدم الوقوع في المشكلات التي من عادتها أن توقِف سير أي منشأة اقتصادية.
إقرأ أيضاً: 9 أماكن عمل قليلة التكلفة لتنطلق في ريادة الأعمال

نشاطات حاضنات الأعمال:

  1. تأمين جميع احتياجات المشروع التقنية والتنفيذية، والعمل على سد الثغرات في أثناء إنشاء المشروع.
  2. جذب العملاء الهامين، والعمل على إنشاء أعمال مشتركة معهم من أجل قيام مشاريع اقتصادية كبيرة.
  3. إدارة الإنتاج إدارة مثالية للمشاريع الجديدة وتوفير سوق تصريف كبير لضمان عدم الكساد.
  4. العمل على تأسيس نموذج اقتصادي يكون قدوةً أو مثالاً ناجحاً لكل المشاريع الجديدة.
  5. تمكين الموظفين الجدد والعمل على تلقينهم أساليب العمل والإدارة وتقديم التوجيه والإرشاد.
  6. توفير المكان الواسع والاستراتيجي لاستيعاب كمية الموظفين الجدد والزبائن المحتملين.
  7. ومن نشاطات حاضنات الأعمال أيضاً العمل على توفير مصدر مالي احتياطي، مثل بنك أو مجموعة تمويل، يكون رافداً حقيقياً للمشروع في أثناء إنشائه ويحميه من السقطات المالية التي يمكن أن يواجهها.

الأهمية الاجتماعية والاقتصادية لحاضنات الأعمال:

أثر حاضنات الأعمال كبير جداً في تنمية الشركات الجديدة والعناية بها وحثها على التطور الإيجابي عن طريق مدها بكل الاحتياجات الرئيسة التي تستلزم عملية البناء والاستمرار، ولحاضنات الأعمال دور هام في الناحية الاقتصادية وتنمية الوسط المحيط، ودعم الصناعات الإلكترونية وشركات صناعة البرمجيات.

تعمل حاضنات الأعمال بشكل رئيس على الحد من احتمالية فشل الشركات الصغيرة التي لا تمتلك أي حاضن لها أو موجِّه متخصص يرشدها إلى مجابهة تحديات السوق.

وتنعكس الأهمية الاجتماعية والاقتصادية لحاضنات الأعمال في كثير من الجوانب ومنها:

  • الخدمات القانونية: في العادة تكون الشركات حديثة الإنشاء أو التي تكون قيد الإنشاء بحاجة إلى عدة معاملات قانونية، مثل أوراق الإنشاء والتراخيص اللازمة لتفعيل الإنتاج والأبنية المستخدمة، وهذا ما توفره حاضنات الأعمال؛ إذ تعمل على التوفيق بين أصحاب الشركات قيد الإنشاء التي تتبناها وبين الشركات القانونية ومكاتب المحاماة المتخصصة في هذه القضايا الاقتصادية.

وتساهم حاضنات الأعمال في منح الشركات الجديدة وثائق لحماية الملكية الفكرية لاسمها ومنتجاتها، وكذلك العمل على تيسير الحصول على الأوراق اللازمة من أجل امتلاك براءات الاختراع.

  • الخدمات الاستشارية والتدريبية: تتمثل الخدمات الاستشارية التي يمكن أن تقدمها حاضنات الأعمال في تعيين الأهداف المحتملة، وانتقاء الموظفين الذين يقومون بمهمة الإدارة التنفيذية، وكذلك تعيين السياسة التي يجب أن تتبعها الشركة، كما تأخذ حاضنات الأعمال دور المراقب على المشاريع الناشئة التي تنتمي إليها.

وتساهم حاضنات الأعمال في تقديم الخبرة اللازمة للموظفين الجدد والعاملين على خطوط الإنتاج، وتساعدهم على فهم طبيعة العمل والمساعدة على إدراك مفاهيم الإنتاج والتسويق والصيانة.

  • مصادر الدعم المالي: تساهم حاضنات الأعمال في تيسير الاتصال بين الشركات الناشئة وبين الأشخاص أو الشركات التي تريد أن تستثمر أموالها في مشاريع جديدة، ويمكن لها أن تقوم بنفسها بتمويل المشاريع الجديدة؛ وذلك مقابل حصة من الأسهم أو مقابل نسبة من الأرباح، وهنا يمكن أن نلاحظ بعض التشابه بين ما تفعله حاضنات الأعمال وبين الخدمات التي يمكن أن تقدمها الحكومات لدعم المشاريع الجديدة والشركات الناشئة.
  • المساهمة في بناء المجتمع المحلي: تقوم حاضنات الأعمال من خلال نشاطاتها ودعمها بالإسهام في بعث روح النشاط والعمل في المجتمع الموجودة فيه.

وتسهم بطريقة أو بأخرى في توفير البيئة المناسبة للقيام بالنشاطات الاقتصادية، وتعمل أيضاً على دعم المشاريع الصغيرة التي من شأنها تطوير المجتمع وجعله متمتعاً بمكانة اقتصادية، وبهذا تكون حاضنات الأعمال قد جعلت من كيانها مركزاً للانطلاق الصحيح نحو أي مشاريع اقتصادية أو تنموية جديدة.

إقرأ أيضاً: مصطلحات ريادة الأعمال تحت المجهر

في الختام:

يجب أن نؤكد أنَّ دعم المشاريع الناشئة وتحويلها إلى مشاريع كبيرة ومنتجة وناجحة ومد يد العون للشركات الصغيرة هو المساهمة العظيمة التي يمكن أن يقدمها أي شخص أو أيَّة شركة؛ لأنَّه بذلك يبني أساسات صحيحة للاقتصاد، ويعمل أيضاً على إنشاء مجتمع صحي ومعافى اقتصادياً وقادر على الوقوف في وجه الأزمات الاقتصادية التي يمكن أن تضرب المجتمع أو العالم بأسره.

المصادر:1،2،3،4




مقالات مرتبطة