ثقافة شركتك هي الدافع الرئيسي لاختيارها من قبل الموظفين

يُعَدُّ "ديفيد بيزر" (David Bizer) رائداً في مجال التوظيف العالمي عبر الإنترنت؛ إذ يكتشف مواهب عدة من كل أنحاء العالم، ما بين وادي السيليكون في الولايات المتحدة إلى مراكز التكنولوجيا في أوروبا. كان أول مسؤول توظيف أوروبي في شركة "غوغل" (Google)؛ إذ عمل هناك لمدة سبع سنوات، وهو الآن أحد الشركاء في مؤسسة "تالنت فاونتين" (Talent Fountain)، وقد قاد "ديفيد" جهود التوظيف لأكثر من 4000 مرشح من ذوي الكفاءات العليا في جميع أنحاء العالم.



لقد ألقى مؤخراً خطاباً مثيراً للاهتمام عن الثقافة التنظيمية في الشركات، والذي كان جزءاً من افتتاحية مؤتمر "إنوفيشن نيست" (Innovation Nest) في "كراكوف" (Krakow) في "بولندا" (Poland)، وكانت رسالته واضحة من طريقة تقديمه، وهي: "عليك خلق ثقافة تنظيمية رائعة جداً".

إنَّ العرض التقديمي الذي أجراه "ديفيد" ليس له مثيل آخر، فكلٌّ من أسلوبه في التحدث والتعليم كان جريئاً في مخاطبة الحضور، ولكنَّه ممتع وآسر في الوقت نفسه؛ وقد تكون هذه الوسيلة الأفضل ليجعل صوته مسموعاً، فإذا سمعت حديثه المُلهِم وتحدثت معه، فستتأكد أنَّ كل رجل أعمال ومدير يحتاج إلى معرفة تأثير الثقافة التنظيمية وأهميتها.

تمتلك معظم الشركات الثقافة التنظيمية نفسها:

بدأ "ديفيد" عرضه التقديمي بقوله: "إنَّ معظم الشركات الناشئة سينتهي بها المطاف بالفشل"، ولكن لحسن الحظ، كانت الشريحة التالية في عرضه تروي قصة شركة ناشئة وصلت إلى قيمة مليار دولار، وهو برأيه ما تهدف إليه كل الشركات، وللقيام بذلك، يتعين عليها بذل كثيرٍ من الجهد والوقت لبناء ثقافتها.

بحث "ديفيد" في العديد من الشركات الأوروبية الناشئة التي فازت بالجوائز العالمية، وافترض أنَّها يجب أن تتمتع بقيم وثقافة تنظيمية عظمى، لكنَّها ليست كذلك في الواقع؛ فمعظم صفحات الويب التي تحمل المعلومات الأساسية لهذه الشركات كانت تنطوي على عبارات تقليدية مثل: "يمكنك إحداث تأثير"، أو "إنَّنا نقوم بأشياء ممتعة".

بعد عرض نحو 4 أو 5 أمثلة، استنتج سريعاً أنَّها جميعها مملة؛ فمعظم الشركات لها الثقافة التنظيمية نفسها؛ فكيف يمكنهم إذاً التميُّز عن منافسيهم؟ يشير "ديفيد" إلى أنَّ المشكلة الأساسية هي أنَّ الناس لا يفهمون ذلك؛ فهم لا يفهمون ثقافتك ولا يعملون في شركتك، وذلك ليس ذنبهم.

لذا يجب على منظمتك أن تشارك عن طريق المواد المرئية والإجراءات الملموسة كل ما يجعل ثقافتك التنظيمية مميَّزة. على سبيل المثال، ناقشت منصة "بافر" (Buffer)، وهي أداة لإدارة وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، الكلمات التي تُحدد ثقافتها، وجمعت القيم العشر لـ "بافر" في عام 2013 عندما كان لديها سبعة موظفين فقط. وحتى تجعل ثقافتك مميَّزة، عليك أن تفي بهذه الوعود أيضاً.

ينصُّ البند الثاني من هذه القيم العشر على ما يأتي: "اعمل بشفافية دوماً"، وقد نشر موقع "بافر" رواتب موظفيهم عبر الإنترنت؛ إذ يُعَدُّ ذلك وفقاً لـ "ديفيد" غاية في الشفافية.

يتعين على الشركات تخصيص الوقت لبناء الثقافة التنظيمية:

الأفراد هم المحرك الأول للنجاح في كل شركة، وبالإضافة إلى ذلك، إذا كانت لدى الشركات ثقافة تنظيمية واضحة جداً، فستتمكن من فرز الأفراد غير المناسبين بسهولة، لكنَّ المشكلة الكبرى في الشركات الصغرى هي ضيق الوقت؛ وذلك لأنَّ الجميع مضطرون إلى القيام بـ 3 أو 4 مهام مختلفة في وقت واحد.

لقد وجد "ديفيد" حلاً لذلك؛ فعلى سبيل المثال، أمضى مؤسسو شركة "غوغل" والرئيس التنفيذي "إريك شميدت" (Eric Schmidt)، عصر كل يوم أحد في الحديث عن رؤية الشركة وقيمها وثقافتها؛ لذا يسألك "ديفيد": "كيف تقضي ظهر آخر يوم من أيام العطلة؟".

لا يعني "ديفيد" بذلك أنَّه يتعين على الجميع العمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ولكنَّ وجهة نظره هي أنَّه يجب عليك تخصيص الوقت لبناء ثقافة تنظيمية لشركتك؛ وذلك من أجل توظيف أفضل المواهب التي ستحقق لها النجاح في النهاية.

شاهد: 6 أسباب وراء فشل فريق العمل

من أين تبدأ؟

إن تحدثتَ إلى "ديفيد" فستُدرك بسرعة شغفه بالثقافة التنظيمية، وقد قدَّم بعض النصائح الرئيسة عن كيفية البدء ببناء قيم شركتك:

1. خصص وقتاً كافياً:

سواء في ظهيرة أيام الأحد أم في الاجتماعات الأسبوعية أم في غيرها من الأوقات.

2. ابحث عن الإلهام:

من الرائع أن تبدأ البحث عن الإلهام من تركيز "نيتفليكس" على ثقافة الحرية والمسؤولية.

3. ابدأ بطرح السؤال الأكثر أهمية عندما تجتمع مع جميع المؤسسين:

"كيف نريد أن يصف الآخرون شركتنا؟ وكيف نحقق الثقافة التنظيمية المرجوة؟".

عندما يعمل لديك الأفراد المناسبون، فإنَّ جزءاً كبيراً من الثقافة التنظيمية يتعلق فقط بكيفية إدارة الأشخاص ومعاملتهم؛ إذ يتعيَّن على الشركة دائماً الاستثمار في ثقافتها.

إزالة الحواجز تقود إلى التحسين:

تتمثل إحدى طرائق القيام بذلك في عقد اجتماعات فردية أسبوعية مع موظفيك، لكن من ناحية أخرى، تبقى الاجتماعات مصدر إزعاج للموظفين، فكيف نجعلها بنَّاءة؟

أوضح "ديفيد" أنَّه قبل كل شيء، يحتاج المديرون إلى الاقتناع بأنَّهم مدينون للموظفين بوقتهم الثمين للمبادرة إلى مساعدتهم، وأفضل طريقة للاستعداد لذلك هي التحقق مما كان يفعله كل موظف مؤخراً، والتفكير ملياً في كيفية مساعدتهم للاستمرار في المضي قدماً، وبالإضافة إلى ذلك، يجب على المديرين مساعدة موظفيهم على إزالة الحواجز التي تقف في وجههم ليتمكنوا من التحسن.

يشير "ديفيد" أيضاً إلى طريقة أخرى لإدارة الموظفين، تتمثل في استعمال أداة إدارة الأداء التي تساعد على الحفاظ على مستوى إنتاجية موظفيك؛ إذ يقترح موقع "ويك دان" (Weekdone) بوصفه أداة سهلة وفعالة، وتقدِّم كثيراً من الدعم للثقافة التنظيمية في الشركة.

ونظراً لعمله سابقاً في شركة "غوغل"، فهو يُحبُّ حباً خاصاً نظام "الأهداف والنتائج الرئيسة" (Objectives and key results) الذي تستعمله الشركة؛ إذ يَعُدُّ السبب الرئيس لنجاح هذا النظام هو أنَّه يحسن الأداء والإنتاجية في جميع أنحاء الشركة.

شاهد أيضاً: 10 مهارات أساسية لتصبح قائد فريق ناجحاً

طرائق سهلة لتعزيز الثقافة والأداء:

لعل أول ما يتبادر إلى ذهنك عندما تسمع عن ثقافة العمل الرائعة في "غوغل" هو غرف التدليك الشهيرة، ووجبات الغداء المجانية، وغيرها من المزايا التي ذاع صيتها، لكن بصفتك رئيس شركةٍ صغرى، في أغلب الأحيان لا تمتلك الموارد اللازمة لتقديم كثيرٍ من المزايا.

ومع ذلك، يقول "ديفيد" إنَّ ثقافة العمل لا تتعلق فقط بالامتيازات ووجبات الغداء المجانية؛ بل يتعين على الشركات بدلاً من ذلك توفير طرائق تساعد الموظفين على أن يكونوا أكثر إنتاجية ونجاحاً في وظائفهم، وفيما يأتي بعض الأمثلة الواقعية عن كيفية إحداث تأثير كبير في ثقافتك:

1. حرية الانضمام إلى فرق ومشاريع جديدة:

يمكن لأي مهندس يعمل في شركة "فيسبوك" لمدة معينة من الزمن، الانضمام إلى فريق آخر أو مشروع لمدة شهر؛ ويمنح ذلك المهندسين الحرية والفرصة لمعرفة ما إذا كانوا يرغبون في العمل على شيء آخر.

إقرأ أيضاً: أساسيات التدريب الناجح

2. بناء الفخر في العمل الجماعي:

يحصل كل موظف يقدِّم ابتكاراً جديداً في شركة "بالانتير" (Palantir)، على قميص احتفالاً بهذا المشروع بالذات؛ إنَّها طريقة غير مكلفة للاحتفال بالإصدار الجديد، وتُمكِّن الناس من الاحتفال بعملهم والفخر به، وإضافةً إلى ذلك، فإنَّ القمصان التي أُصدِرَت مبكراً تصبح عناصر ثمينة لهواة جمع القطع النادرة.

3. تقديم هدايا ترحيبية للموظفين الجدد:

في شركة "أير بي أن بي" (AirBnB)، تقع على عاتق آخر موظف عُيِّن مسؤولية تقديم حزمة الترحيب للموظف الجديد التالي؛ إنَّها طريقة شخصية ورائعة جداً لإضفاء بعض الإثارة على الوظيفة الجديدة للموظف، فضلاً عن منحه الوسائل الضرورية للنجاح في يومه الأول.

إقرأ أيضاً: كيف تتفاوض مع رب عملك على مواصلة العمل من المنزل؟

4. إشراك الجميع في التدريب:

تعمل شركة "غوغل" وفق برنامج يُمكِّن أي موظف في الشركة من تقديم التدريب لأي موظف آخر مهما اختلف الموضوع، ويمكن أن تكون دورة مكثفة عن تقديم عروض تقديمية أفضل، أو جداول برنامج إكسل أو حتى التأمل، ومن السهل جداً بناء منصة لتقديم مثل هذه التدريبات، والأهم من ذلك، أنَّها تُمكِّن الأفراد من التعلم ومشاركة معارفهم مع الآخرين.

الشعور بالقيمة كل يوم:

لخَّص "ديفيد" عرضه من خلال حث الجميع على إنشاء بيان ثقافي خاص بهم، والعمل بجديةٍ على مساعدة الناس على الشعور بهذه القيم كل يوم، بدلاً من مجرد وضعها على ملصق حائط، وأكَّد أنَّ ذلك يُعَدُّ علامة على ثقافة تنظيمية ناجحة في مكان العمل.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة