تقوية الذاكرة وتحسينها

هل سبق أن عانيتَ من نسيان بعض الموضوعات والأمور؟ وهل نسيت أين وضعتَ أحد أغراضك؟ وهل نسيتَ أسماء أشخاص جمعتك بهم علاقات في يوم من الأيام؟



يختلف الناس عن بعضهم بعضاً في الكثير من الصفات والخصائص ومنها الاختلاف في تذكُّر المعلومات والأشياء ونسيانها، فالذاكرة الإنسانية هي مخزن معرفة الإنسان بنفسه وبالعالم، ومخزن المعلومات والمعارف والحقائق والأشياء، وبواسطتها يستطيع الفرد حفظ الأشياء التي تعلمها وتسجيل الخبرات التي يمر بها في أيَّة مرحلة من مراحله العمرية، فالإنسان يستقبل بشكل يومي مئات بل آلاف المعلومات عبر حواسه المختلفة، سواء أكان ذلك بشكل مقصود أم غير مقصود وتخزَّن في الذاكرة حتى يمكن استرجاعها عندما يحتاج إليها الفرد.

إنَّ آفة النسيان تعد من الظواهر التي تبعث على القلق لدى الإنسان، فعلى الرغم من عَدِّ نسيان الخبرات المؤلمة أمراً جيداً، إلا أنَّه في الوقت نفسه قد يكون نقمة كبيرة، فقد يصل إلى حدِّ نسيان أبسط الأشياء المعتادة التي يقوم بها الفرد بشكل يومي، فالنسيان هو الصورة المخالفة والسالبة للتذكر، ويتساءل الكثير من الأفراد بشكل دائم إن كان بالإمكان القيام بأفعال معينة من شأنها تحسين أداء الذاكرة وتقويتها، فهذا المقال سوف يمنح بعض المعلومات عن الذاكرة وكيفية تحسين عملها.

ما هي الذاكرة؟

الذاكرة هي أساس الحياة، فقد يبدأ الإنسان منذ ولادته بتعلم واكتساب الخبرات وتكوين حقائق ومعلومات ومعارف وما يصادفه خلال مراحل حياته المختلفة، فالإنسان ينمو ويتطور بفضل ما تحتويه الذاكرة من خبرات ومعارف وصور وغيرها، والتذكر عملية عقلية تقوم على أساس اكتساب المعلومات وتنظيمها والاحتفاظ بها واستدعائها والتعرف إليها، فعمليات الذاكرة يحتاجها الفرد في مظاهر الحياة اليومية وفي تعاملاته مع نفسه ومع الآخرين وفي كل موقف يمر به خلال يومه مهما كان بسيطاً أو معقداً.

الحديث والكتابة والقراءة والاستماع وممارسة المهارات والقيام بالأعمال المختلفة بدءاً من السير بالشارع مروراً بكيفية تناول الطعام وصولاً إلى الأعمال الأكثر صعوبة مثل ممارسة أعمال مهنة ما وغير ذلك كلها تعتمد على عمليات الذاكرة، فالذاكرة هي:

  1. معالجة المعلومات وتحويلها من مجرد المعلومات إلى معلومات قابلة للفهم والاستيعاب والاحتفاظ بها.
  2. قدرة الفرد على الاحتفاظ بما مر به من خبرات.
  3. مستودع يختزن فيه الفرد جميع الصور التي تمر أمام مخيلته.
  4. قدرة قائمة على أساس التعلم والتسجيل والاحتفاظ والاستدعاء والتعرف إلى الجسم الكلي للخبرة.
  5. نشاط عقلي يدل على معالجة المعلومات المدخلة واسترجاعها.
  6. تحتوي الذاكرة على أثر عميق في الحياة النفسية للإنسان فبواسطتها يدرك العادات ويتمكن من التخيل وإصدار الأحكام.
  7. ترتبط الذاكرة ارتباطاً وثيقاً بعملية التعلم فكلاهما يتطلب وجود الآخر.

شاهد بالفيديو: 7 نشاطات عليك أن تُمارسها لتتمتع بذاكرة خارقة

طرائق تدريب الذاكرة وتحسين عملها:

1. الانتباه:

إذا ما أردنا أن نتذكر شيئاً هاماً بالنسبة إلينا يجب أن نقوم بإيلائه الاهتمام المناسب، على سبيل المثال إذا أردت أن تتذكر معلومات شخصية عن شخص من الناس، فعليك أن تعاود الطلب إليه ليقول تلك المعلومات مرة ثانية إذا لم تتمكن من حفظها من المرة الأولى التي ذكرها أمامك.

2. الارتباط:

كثيراً ما نلجأ عندما نريد تذكر أمر معين إلى ربطه بأمر آخر أكثر تأثيراً، فهذا الربط في الواقع أكثر تأثيراً في الذاكرة ويدفعها إلى الاحتفاظ بالمعلومات لوقت طويل.

3. التركيز:

قوة تركيز الإنسان في معلومات الموضوع وتفاصيله تجعل من إمكانية الاحتفاظ بها أكبر من اهتمامنا الصحي بذلك الموضوع.

4. الإعادة:

مما لا شك فيه أنَّ ما من طريق أفضل من أجل الاحتفاظ بموضوع أو قضية أو فكرة في الذاكرة أكثر من تكرارها أكثر من مرة، فكلما ازداد عدد مرات تكرارها ازدادت معه فرصة بقائها أطول.

5. الحافز:

يملك الإنسان قدرات كبيرة ومهارات عالية تمكِّنه من نيل أكبر تحصيل علمي والنجاح في أيَّة مهنة يختارها وكل ما يحتاجه هو إيجاد الدافع والحافز لبلوغ ذلك.

إقرأ أيضاً: كيف تعالج الافتقار إلى الحافز بخمس خطوات بسيطة؟

6. التنظيم:

من المفيد لضمان الاحتفاظ بالمعلومات تقسيم المعلومات المراد اكتسابها إلى أجزاء عدة وصياغتها من جديد بأسلوب الفرد الخاص بحيث تصبح متوافقة مع ما يملكه من خبرات سابقة وتتدخل ضمن بنائه المعرفي بسهولة، ومن ثم يضمن بقاءها فترة أطول.

7. التصور الذهني:

أي استثمار الدماغ عن طريق تخزين الصور والأشكال في الجانب الأيمن منه وتخزين الكلمات والأفكار في الجانب الأيسر منه.

استراتيجيات عامة لتقوية الذاكرة وتحسين عملها:

1. جعل التمرينات الرياضية عادة يومية:

التمرينات الرياضية واحدة من الأشياء المتفق على فوائدها الكثيرة للجسم ولصحته عموماً، فممارسة النشاط البدني تتيح الفرصة لتدفق الدم إلى كافة أعضاء الجسم بما في ذلك الدماغ، وهذا يحسن بدوره الذاكرة، ومن أفضل التمرينات الرياضية التي تساعد على ذلك هي المشي السريع والهرولة ويمكن تقسيمها إلى فترات منتظمة خلال اليوم.

2. الاستمرار بالقيام بالنشاطات العقلية:

يجب الاستمرار بممارسة النشاطات المحفزة لعمل العقل، مثل ألعاب الألغاز وحل الكلمات المتقاطعة وقراءة الكتب وتعلم اللغات الجديدة وتعلم العزف على آلة موسيقية وسوى ذلك.

3. التفاعل الاجتماعي:

احرص على المشاركة في النشاطات الاجتماعية التي تقام في محيطك الاجتماعي سواء الأسرة أم المدرسة أم الجامعة، فهذه التجمعات تبعد الشعور بالعزلة والاكتئاب وتبعث في النفس الشعور بالمتعة والسعادة، ومن ثم تحفز العمليات العقلية وتنشط الذاكرة.

4. الترتيب والتنظيم:

كن إنساناً منظماً في كل شي؛ في منزلك وفي عملك وفي ترتيب أولوياتك وأفكارك، ودوِّن مواعيدك والأعمال التي يجب أن تقوم بها، وحدد مكان كل الأشياء الهامة التي تستخدمها، وراجع باستمرار كل شيء حتى تنشط ذاكرتك باستمرار.

5. النوم الكافي:

يحتاج جسم الإنسان البالغ من 7 إلى 9 ساعات من أجل راحة الجسم واستعادته لحيويته، فالنوم له دور أساسي في ترسيخ المعلومات التي تكون قد اكتسبتها خلال يقظتك؛ لذا احرص على الحصول على النوم الكافي حتى تتمكن من استدعاء ما تحتاج إليه من معلومات من ذاكرتك.

6. التغذية الجيدة:

تناول الأغذية التي تكون مصدر تغذية جيدة للجسم مثل الخضار والفواكه والحبوب واللحوم والأسماك والحليب والبيض وغيرها من الأغذية المفيدة التي تحافظ على صحة الجسم وقوَّته، كما يجب الابتعاد بشكل مطلق عن تناول كل الأشياء الضارة بالجسم مثل الكحول والمخدرات والسكريات التي تسبب التشويش للعقل وتسبب النسيان، ويجب ألا تنسَ إضافة المكملات الغذائية "أوميغا 3" إلى طعامك اليومي، إضافة إلى تناول المأكولات التي تحتوي على فيتامين "د" خاصة.

إقرأ أيضاً: التّغذية الصحيّة.. والأمراض النّاجمة عن سوء التغذية

7. عدم تناول الأدوية دون وصفة طبيب:

يجب علاج الأمراض المزمنة التي تؤثر في قوة الذاكرة مثل الاكتئاب والقلق وداء السكري وارتفاع ضغط الدم، فراجع كل ما تتناوله من أدوية مع طبيبك الخاص؛ إذ توجد أنواع كثيرة منها تسبب النسيان والضرر للذاكرة.

8. التأمل والاسترخاء:

مهما كنت إنساناً كثير الأعمال يجب أن تهتم بصحتك وتخصص جزءاً من الوقت من أجل القيام بالتأمل الذي أثبت فوائده في تقليل التوتر والقلق والتخلص من الضغوطات النفسية، وينعكس ذلك على تحسين عمل الذاكرة ويزيد من قوة التركيز.

9. الاهتمام بنفسك وتعلُّم شيء جديد باستمرار:

طريقة عمل الذاكرة تشبه طريقة عمل الجسم الذي كلما قمت بتدريب عضلاته أصبح أقوى، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الذاكرة، فكلما قمت بتنويع ما تقوم به من أعمال وما تتعلمه من أشياء أصبحت ذاكرتك أقوى.

10. تجنُّب الشاشات المضيئة قبل النوم:

سواء أكانت تلك الشاشات هاتفاً محمولاً أم حاسوباً أم تلفازاً أم أي جهاز آلي آخر فليس من الجيد العمل عليه قبل النوم، فقد يمنع ضوؤها الأزرق الصادر منها إنتاج الميلاتونين وهو الهرمون المسؤول عن النوم والاستيقاظ، فالخلايا العصبية الدماغية تحتاج إلى قسط جيد من النوم.

11. تجنُّب حالات الغضب والتوتر والقلق والضغوطات النفسية:

يتسبب التوتر بالكثير من المشكلات للدماغ مثل ضعف التركيز وتشتت الانتباه والرغبة في العزلة والبعد عن التفاعل الاجتماعي، كما قد يمنعنا من استرجاع الذكريات بشكل جيد.

12. شرب الماء بكثرة:

الماء هو المكون الأساسي لجسم الإنسان، فجفاف الجسم ولو قليلاً يؤدي إلى تعطيل القيام بوظائفه بشكل جيد؛ لذا يفضل أن تشرب من 8 إلى 10 أكواب ماء خلال اليوم وقسمها حسبما تراه مناسباً.

13. التخلص من الوزن الزائد:

ترى الدراسات العلمية أنَّ الأفراد الذين لديهم زيادة في الوزن لديهم أنسجة دماغية أقل من الأشخاص الذين لا يعانون من السمنة؛ لذا كلما زاد وزنك سوف تقل أنسجته الدماغية، ومن ثم تؤثر في ذاكرتك وقوَّتها.

شاهد بالفيديو: 7 طرق مثبتة لتقوية الذاكرة طويلة الأمد

في الختام:

يمثِّل النسيان آفة الإنسان التي تعكر صفو حياته، لكن من حسن الحظ أنَّه يمكن للإنسان مقاومته والتقليل من حدوثه والتخفيف من آثاره عبر القيام بأشياء معينة تقوي ذاكرته وتحسن عملها، فالذاكرة وظيفتها الأساسية هي معالجة المعلومات وجعلها منظمة ومرتبة وذات معنى للإنسان، فهي تعيد تشكيل نفسها بواسطة التعلم والتدريب؛ لذا يجب على كل فرد أن يكون إنساناً مسؤولاً وأن يعمل على الاهتمام بصحته وذاكرته بالقيام بكل ما هو جيد ومفيد.




مقالات مرتبطة