تقنية "جيري ساينفيلد" للمواظبة على العادات التي تحقق لك النجاح

ربما الممثل الكوميدي "جيري ساينفيلد" (Jerry Seinfeld) ليس أول شخص يخطر في ذهنك عندما تحاول أن تكون مُنتجاً أو مُلتزماً بعادة، إلَّا أنَّه قدَّم عديداً من النصائح التي ألهمت كثيراً من الأشخاص ليستمرُّوا بالعمل حتى يحققوا أهدافهم، بصرف النظر عن العوائق التي تعترضهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة والمدوِّنة "كوني ماثرز" (Connie Mathers)، وتُحدِّثنا فيه عن كيف ساعدتها تقنية تقويم "جيري ساينفيلد" على المواظبة على العادات التي تحقق النجاح.

ومع أنَّ نصيحة "ساينفيلد" تتعلَّق بأولئك الذين يعملون في مجال الترفيه، فإنَّه يمكن تطبيق نصائحه في كافة المجالات؛ فعندما تحدَّث "ساينفيلد" إلى ممثلٍ كوميدي مُبتدئ أراد أن يصل إلى القمَّة، أخبره "ساينفيلد" أنَّه إذا أراد أن يكون ناجحاً، فيجب أن يخصِّص بعض الوقت يومياً في تطوير موضوعات جديدة، حتى لو شعر بعدم الرغبة في ذلك في أحد الأيام، وقد أكَّد في نصيحته على ضرورة عدم تفويت أي يوم أبداً، وهو ما سمَّاه "ساينفيلد" بالسلسلة، لمواصلة تحسين نفسه.

ومع أنَّك قد لا تكون كوميدياً مُبتدئاً، فإنَّ هذه النصيحة يمكن أن تساعدك على تحقيق أهدافك، وهذه الطريقة لن تجعلك تلتزم بعادة أو تتخلَّص من عادة سيئة فحسب؛ بل يمكن أن تساعدك أيضاً على التوقف عن المماطلة والبدء برؤية النتائج المتعلقة بأهدافك، ومن تجربتي الشخصية أُوكِّد لك أنَّ هذه النصائح فعَّالة.

فعندما بدأتُ بالجري، كان الشيء الوحيد الذي كنت أفتقر إليه غالباً في الصباح عندما يرنُّ المنبه هو قوة الإرادة، فكنتُ أجد صعوبة في النهوض، وارتداء ملابسي، والخروج في البرد، وممارسة الرياضة، في حين أنَّه من المُمكن أن أبقى في بيتي الدافئ وأستسلم للخمول.

وفي كثير من الأحيان، كان الخيار السهل هو الجلوس في المنزل والبقاء دافئاً، لكن بعد أن وضعت لنفسي "السلسلة" التي بدأَت تُظهِر لي نتائج جهودي بالتقدُّم الذي كنت أحقِّقه، امتلكت قوة الإرادة كل صباح لأستيقظ وأنطلق.

في هذا المقال، سنوضِّح كيف يمكن أن تساعدك هذه الممارسة على الالتزام بأي عادة، كما سنقدِّم بعض النصائح والأدوات عن كيفية إنشاء "سلسلتك" والمثابرة عليها.

ما هو المقصود بالسلسلة؟ وكيف تضمن عدم كسرها؟

ستساعدك تقنية القوة المُحفِّزة على تكريس أي عادة تهدف إلى الالتزام بها يومياً، فعندما تبدأ بعادة جديدة، فمن المُتوقَّع أن تلتزم بها لمدة قصيرة ثم تتوقَّف، وقد أظهرت الأبحاث أنَّ هذا صحيح؛ إذ اعترف الأطباء أنَّهم يتجنَّبون خوض بعض القضايا مع مرضاهم لاقتراح أو شرح تغييرات صغيرة في نمط الحياة يمكن أن تعود على المرضى بفوائد كبيرة.

والسبب هو أنَّ الاستراتيجيات التي سيقدِّمونها للمرضى، مثل: البدء بممارسة الرياضة يومياً، أو التقليل من تناول الوجبات السريعة، لا تحتوي على أي إجراءات تمكِّن المريض من المحافظة على اتباع العادة، فقد وجد الأطباء أنَّ المرضى قد يبدؤون أو لا يبدؤون بهذه العادة الجديدة، وحتى إن بدؤوا بممارسة العادة فلن يستمروا طويلاً.

هنا يأتي دور نصيحة "ساينفيلد"، فعندما كان يحاول تحقيق النجاح في عالم الكوميديا، وضع "ساينفيلد" تقويماً كبيراً في شقَّته وعاهد نفسه على كتابة نكتة واحدة على الأقل كل يوم، وبعد أن يكمل المهمة كان يضع علامة X حمراء على خانة اليوم في التقويم.

وبعد فترة وجيزة أصبح لديه سلسلة من علامات X التي كانت بمقام تذكير مرئي بمثابرته على العمل، وهذه من النصائح التي تُجنِّبك "كسر السلسلة" الخاصة بك، وتجعلك أكثر التزاماً بالعادة.

شاهد بالفديو: كيف تتعلم العادات الإيجابية؟

كيف تُنشئ سلسلتك الخاصة؟

أولاً، يجب تحديد العادة التي تريد أن تبدأ بممارستها، أو العادة التي تريد أن تُقلِع عنها، ثمَّ احصل على تقويم يمكن وضعه في مكان تراه، بحيث تضمن رؤية التقويم يومياً، وبعد أن تبدأ "سلسلتك" وتبدأ برؤية نتائج جهودك، سيصبح لديك الدافع اللازم لعدم كسر السلسة أبداً.

فقد أظهر عدد هائل من الدراسات وجود علاقة بين القصور الذاتي وتغيير العادة، والقصور الذاتي هو مصطلح علمي يقول إنَّ أي جسم غير متحرك سيبقى على هذا النحو ما لم يتغيَّر بالقوة، وبخلاف ذلك، أي جسم متحرك سيبقى في حالة حركة حتى تعمل القوى ضده لإيقافه.

نفس الشيء ينطبق على تغيير العادات، فبعد أن تبدأ عادة وتلتزم بها، فإنَّك ستستمر، على سبيل المثال، إذا كنت معتاداً على تناول الوجبات السريعة في طريقك إلى المنزل من العمل، فستستمر بالقيام بذلك؛ وذلك لأنَّه جزء من روتينك.

القوة الأولية لعادتك هي العَقبة الرئيسة في وجه التغيير، على سبيل المثال، لنفترض أنَّك تريد أن تبدأ بالتأمَّل، وستستخدم في سبيل ذلك طريقة عدم كسر السلسلة، ففي هذه الحالة، احصل على تقويم مناسب، وفي الجزء الخلفي منه، اكتب بعض الأسباب التي تجعلك ترغب في اكتساب هذه العادة.

اكتب هدفك النهائي، وما هي الفوائد التي سيجلبها التأمُّل لحياتك، وهذه الأهداف ستفيدك في الحصول على الحافز، وأيضاً ستفيدك في قياس تقدُّمك في أثناء إنشاء وبناء السلسلة الخاصة بك، على سبيل المثال، قبل أن تبدأ بالتأمُّل، قد تكتب أنَّ أحد أهدافك هو تقليل التوتر، وبذلك تقلِّل من الشجار الذي يحدث بينك وبين شريكك، وبعد عدة أسابيع قد تصل لهذا الهدف وتلاحظ أنَّك لم تتشاجر مع شريكك منذ أسبوع.

وهذا التقدَّم سيمنحك الحافز للاستمرار بممارسة التأمُّل، لكن احرص على أن تبدأ بأهداف صغيرة، بحيث لا يكون لديك عذر يمنعك من تحقيق هدفك منذ اليوم الأول.

وتذكَّر نصيحة "ساينفيلد" للكوميدي المُبتدئ: "عليك فقط أن تحرص على فعل شيء واحد على الأقل كل يوم؛ فاكتب نكتة جديدة أو قم بأي مهمة صغيرة تساعد على تحقيق هدفك النهائي"، فالإنجازات الصغيرة تتراكم لتتحوَّل إلى إنجازات نوعية بسرعة؛ وذلك لأنَّ الالتزام بالإجراءات يؤدي إلى مضاعفة النتائج.

لذلك لا تحاول أن تبدأ بالتأمُّل لمدة 30 دقيقة منذ اليوم الأول؛ بل جرِّب مبدئياً أن تتأمَّل لمدة 5 دقائق، وفي الأسبوع التالي، حاول أن تزيد المدة إلى 7 دقائق يومياً؛ إذ ستساعدك هذه الزيادة الضئيلة في الوقت على الاستمرار بممارسة العادة، كما ستجنِّبك الزيادة التدريجية أن تفقد إرادتك في بداية ممارستك للعادة الجديدة.

والخطوة التالية هي أن تبدأ حالاً؛ أي من اليوم، لا تؤجِّل هذه المهمَّة إلى الغد؛ لأنَّ هذا يناقض أحد الأهداف الرئيسة لهذه الاستراتيجية، وهو تقليل التسويف؛ لذلك، ابدأ الآن إذا كان في إمكانك فعل ذلك.

والشيء الآخر الذي يجب أن تفعله، هو أن تشعر بالمتعة عندما تضع إشارة على اليوم الذي أنجزت فيه المهمة في تقويمك؛ فعندما تفعل ذلك، تذكَّر أنَّك وضعت إشارةً على هذا اليوم لأنَّك حققت تقدُّماً، لقد تقدَّمت خطوةً نحو هدفك النهائي، وتخلَّصت من حالة الركود.

والخطوة التالية بسيطة، وتُسمَّى اليوم التالي؛ وتعني أنَّه بعد أن بدأت بممارسة العادة الجديدة، فيجب أن تواظب عليها، فكلما واظبت على العادة لمدة أطول دون كسر السلسلة أصبحت ممارستها في اليوم التالي أمراً سهلاً، وستصبح العادة جزءاً من روتينك اليومي، ولأنَّك بدأت تجني فوائد ممارسة هذه العادة، فسيكون من المُستبعد أن تتوقَّف عن ممارستها.

إقرأ أيضاً: حوار مع مؤلف كتاب العادات الذرية

المواظبة على العادة:

والآن، لنفترض أنَّك واظبت على هذه العادة لمدة 25 يوماً، لكن في هذا اليوم لم تُنجِز المهمة المطلوبة، وقد تأخَّر الوقت لتفعل ذلك؛ إذاً، ماذا يمكنك أن تفعل؟

بسهولة، اطلع على تقويمك، واقرأ الأسباب التي دوَّنتَها على ظهر التقويم في المكان الذي كتبت فيه الأسباب التي دفعتك للبدء بممارسة هذه العادة؛ إذ ستجد الدافع الأساسي لممارسة هذه العادة وهذا سيساعدك على المضي قدماً، ومن ثمَّ انظر إلى التقويم واستنتج مقدار التقدُّم الذي حققته إلى الآن بتتبُّع سلسلة علامات X التي وضعتها على الأيام التي أنجزت فيها المهمة، فستساعدك هذه الوسائل على الاحتفاظ بحماستك وإنجاز مهمتك.

وعندما تستخدم هذه الوسائل، ركَّز فقط على تحسين المسار الذي تثق بأنَّه يمكنك الاستمرار به؛ وهذا يعني أنَّه يجب الحذر من حرق المراحل بسرعة كبيرة، فقد تُصاب بالإرهاق، ومن ثمَّ تتوقف سريعاً كما بدأت سريعاً، وبدلاً من ذلك ابدأ بتروٍّ، وحافظ على وتيرة مقبولة ومستدامة في نفس الوقت.

شاهد بالفديو: 10 طرق لتمارس العادات الجيّدة يوميّاً

وسائل تساعدك على عدم كسر السلسلة:

يتطلَّب تطبيق هذه النصيحة بعض الوسائل، وسنقدِّم لك بعض الوسائل الأساسية التي يمكنك البدء بها.

كما قلنا آنفاً، أنت تحتاج إلى تقويم، ويمكنك استخدام التقويم المخصَّص لمهامك العائلية، ويمكنك أن تجرِّب التقويم الشخصي الذي يمكن تعليقه على الحائط حتى تتمكَّن من توثيق التقدُّم الذي تحرزه، كما ستحتاج إلى قلم أحمر لوضع العلامات على الأيام التي تُنجِز فيها المهمة، ويمكنك اختيار أي لون آخر ترغب فيه، فقد تساعدك هذه الوسيلة على رؤية علامات X التي تضعها على الأيام التي تُنجِز فيها المهمة، وعندما تتحوَّل هذه العلامات إلى سلسلة، فستساعدك لتتذكَّر دوماً التقدُّم الذي حققته.

أمَّا إذا كنت ترغب في استخدام التطبيقات، فيمكنك تجربة تطبيق "إيفرنوت" (Evernote) أو تطبيق "تشينز سي سي" (Chains CC) الذي صُمِّمَ خصوصاً للمساعدة على المواظبة على السلسلة، أمَّا إذا كنت تستخدم تطبيقاً آخر يساعدك على المواظبة على العادة وترى أنَّ هذا التطبيق يؤدي الغرض المطلوب، فاستمر باستخدامه لإنشاء سلسلتك.

وبصرف النظر عن الوسائل التي تستخدمها، فقط احرص على أن تكون قادراً على استخدامها بسهولة، وبهذا تضمن أن تُذكَّر يومياً بالسلسلة.

إقرأ أيضاً: العادات: تعريفها، وطريقة تشكلها، وكيفية التعرف على العادات الخفية

في الختام:

يظنُّ الناس غالباً أنَّ النجاح يتطلَّب جهداً عظيماً يُقدَّم دفعةً واحدةً، أو أنَّ الأهداف تُحقَّق نتيجة نوع استثنائي من قوة الإرادة والحماسة والحافز، لكنَّ الشيء الوحيد الذي تحتاج إليه لتحقيق أهدافك هو الاستمرار والمواظبة.

ولأنَّ العادات البسيطة يمكن أن تؤدي إلى نتائج مذهلة في حياتك؛ يجب ألا تتفاجأ من التأثير المذهل لتقنية ساينفيلد "عدم كسر السلسلة"، فمن المؤكَّد أنَّ هذه العادة ستكسبك الزخم، الأمر الذي سيحثُّك على تحديد أولويات مهمتك كل يوم، فالغرض الأساسي من "عدم كسر السلسلة" هو التخلُّص من الأعذار التي تؤدي إلى التسويف.

قد تكون مرهقاً، ولديك كثير من المشكلات، وقد تقول لنفسك إنَّك ستبدأ في اليوم التالي، لكن طالما أنَّك تقدِّم لنفسك هذه الأعذار فلن تبدأ أبداً، وبعد أن تبدأ برؤية السلسلة تتشكَّل، ستشعر بالحماسة للاستمرار، وهذا سيساعدك على المواظبة على تطوير العادة وجني فوائدها.

هذه التقنية فعَّالة؛ وذلك لأنَّها تساعد على تبنِّي عادات إيجابية، ولا تتطلَّب منك كثيراً من الجهد، وترى كل يوم التقدُّم الذي تحرزه، وتجعلك تشعر بالإنتاجية والإنجاز، حتى لو كان ما تفعله في يوم واحد بسيطاً، إلَّا أنَّك تعلم أنَّك تتقدَّم، وهذا التقدُّم سيتراكم ليؤدي في النهاية إلى النجاح.

المصدر




مقالات مرتبطة