تقسيم الوقت: تقنية لزيادة التركيز والإنتاجية

عندما تهتم بمهمَّةٍ ما، ستفعل كل ما بوسعك لإنجازها، وسترفض كل ما يطلبه منك الآخرون، وستزيح كل المهام الأخرى جانباً، وستركز الاهتمام على إنجاز أهم عمل؛ أنت في هذه الحالة تقسِّم وقتك وتخصص جزءاً منه لإنجاز هذه المهمة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب شون ليم (SHAWN LIM)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تقنية تقسيم الوقت لزيادة التركيز والإنتاجية.

لم يَعُد لدينا الوقت الكافي لاستيعاب كل شيء، مع هذا الكم الهائل من المعلومات وسرعة وصولها إلينا؛ إذ نحتاج إلى قضاء بعض الوقت في عملنا، وممارسة الرياضة، و تنمية علاقتنا مع الأشخاص الذين نهتم بهم، والاطلاع على المستجدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من الأمور، ومع ذلك، يمكِننا توفير الوقت للتعامل مع كل هذه الأمور من خلال تقسيم الوقت، فإن كان هناك مهارة واحدة تحتاج إلى إتقانها لتحقيق نتيجة استثنائية في الحياة، فهي مهارة تقسيم الوقت، ويكمن سبب نجاح هذه التقنية في أنَّها تضمن إنجاز ما يجب إنجازه دونما تأجيل أو تأخير، فعندما تقسِّم وقتك وتخصص كل قسمٍ منه لإنجاز إحدى المهام، فإنَّك تُركِّز كل طاقتك وتبذل جهدك لإنجاز العمل، والأهم من ذلك، سوف تحرص على إنجاز العمل في الوقت المُخصَّص، ومعظم الناس لا يستفيدون من هذه التقنية الفعَّالة لأنَّها بسيطة للغاية لدرجة أنَّهم يَستخفُّون بفاعليتها.

يُخصِّص الكتَّاب الناجحون وقتاً للكتابة لأنَّها أهم نشاط يمنحهم النتيجة التي يريدونها، ويُخصِّص الرياضيون المتميزون وقتاً من أجل تدريبهم، لأنَّ التدريب سيُحِّسن مهاراتهم ويؤهلهم للفوز بالمنافسة والبطولة.

بصفتي مدوناً، أُخصِّص وقتاً للكتابة أيضاً؛ حيث أكتب مقالات وأُنشِئ محتوىً كل صباح، من الساعة 10 صباحاً حتى الساعة 12 ظهراً، ولأنَّني خصَّصتُ هاتين الساعتين لإنشاء محتوى كل يوم، أصبح لديَّ حوالي 500 مقالة منشورة على مدوَّنتي يُشاهدها عشرات الآلاف من الأشخاص كل شهر.

بغضِّ النظر عما تريد تحقيقه، يمكِنك ذلك من خلال فاعلية تقسيم الوقت.

تقسيم الوقت بين أهم أولوياتك:

إذاً، عليك تقسيم الوقت بين أهم أولوياتك التي ستمنحك أفضل النتائج، فإن كنتَ ترغب في تحقيق نتائج مذهلة في الحياة والعمل، فيجب عليك تحديد أهم أولوية بالنسبة إليك أولاً، والتي قد تكون مهمةً، أو مشروعاً، أو عملاً، أو هدفاً يُحقِّق لك النجاح أو النتيجة التي تسعى إليها في عملك وحياتك، فاسأل نفسك الآن، ما هي أولويتك التي يمكِنك فعلها الآن والتي ستعطيك أفضل نتيجة؟

إذا كنتَ كاتباً، فأولويتك هي الكتابة، وإذا كان هدفك تخفيف وزنك، فأولويتك هي ممارسة الرياضة واتباع حمية غذائية، وإذا كنتَ ترغب في بناء علاقة متينة مع عائلتك، فأولويتك هي قضاء المزيد من الوقت معهم، وبمجرد تحديد أولويتك، تبدأ الخطوة التالية، وهي تقسيم الوقت لها؛ لذا احرص على تحقيق هذا الأمر من خلال تقسيم الوقت في برنامجك اليومي.

شاهد بالفيديو: 8 طرق للعمل بشكلٍ أذكى وزيادة الإنتاجية

كيف تقسم وقتك وتزيدَ إنتاجيتك؟

أنت تعرف الآن أهمية تقسيم الوقت، ولكن ما هي المهام التي تحتاج فيها إلى تقسيم الوقت، وكيف ستفعل ذلك؟

إجمالاً، هناك 3 مهام تحتاج فيها إلى تقسيم الوقت، وقد تحدَّثنا عن واحدة منها وهي المهمة التي تُعَدُّ أولويةً بالنسبة إليك:

1. تقسيم الوقت وتخصيص قسمٍ منه للاسترخاء والمرح:

يُعدُّ المرح من أهم النشاطات التي يجب على الجميع وضعها ضمن خططهم؛ إذ يجب أن تُنظِّم حياتك حول المرح والمتعة، وليس العكس؛ لأنَّك عندما تعلم أنَّ هناك وقتاً للمرح، ستعمل بجدية أكبر وتتطلع إليه، أما إذا كانت حياتك تتمحور حول العمل الجاد وتخلو من المرح، فسوف تشعر بالملل وتفقد الحافز، في النهاية، العمل لا ينتهي أبداً.

قد يقول بعض الناس: إنَّ عملهم يجلب لهم المرح والمتعة، ربما يكون هذا صحيحاً إلى حد ما، لكنَّني أعتقد أنَّه يجب عليك الابتعاد عن عملك من حين إلى آخر لتنشيط ذهنك، ورفع معنوياتك؛ فعندما تعمل لساعات طويلة، ستنخفض إنتاجيتك، وكذلك قوة إرادتك، وستشعر بصعوبة التركيز خاصة إذا احتاج عملك إلى الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر لساعات طويلة، مثلي.

حتى لا تعاني الإنهاك، وتحافظ على طاقتك، وتتمكن من تقديم أفضل أداء في عملك، خصِّص وقتاً للاسترخاء كل يوم، حيث يمكِنك الحصول على إجازة أسبوعية وشهرية وحتى سنوية إذا كنتَ ترغب في ذلك.

2. تقسيم الوقت وتخصيص جزءٍ منه لأهم أولوياتك:

الخطوة التالية هي تقسيم الوقت وتخصيص جزءٍ منه لأهم أولوياتك التي ستعطيك أفضل نتيجة، ولقد أشرنا فعلاً إلى أنَّه يجب عليك تقسيم وقتك وتخصيص كل قسم منه لمهمَّةٍ محددة.

عليك اتِّباع قاعدة 80/20 لاكتشاف أهم النشاطات التي ستعطيك أفضل نتيجة، فالانشغال لا يعني أنَّك منتج؛ إذ يقضي بعض الأشخاص ساعةً في عمل مثمر يعطيهم نتائج مذهلة، بينما يقضي آخرون ثلاث ساعات دون تحقيق أيَّة نتائج تُذكر.

ما يُحدِّد إنتاجيتك هو العمل الذي تختاره، وليس مقدار الوقت الذي تقضيه في إنجازه؛ فإن كنتَ تريد أن تكون منتجاً وتُحقِّق نتائج أفضل في الحياة، فعليك أن تتذكر هذا دائماً: "ليست كل المهام متساوية"؛ فبعض المهام ضرورية لكنَّها لا تمنحك النتائج التي تريدها، وبعض المهام ليست مُلحة ولكنَّها هامة لأنَّها تُحقِّق النتائج المرجوة، وتزيد من فرص نجاحك.

عليك قضاء الوقت في إنجاز المهام التي تُحقِّق نتائج مثمرة، فأهم أمرٍ هو تقسيم الوقت لإنجاز أهم أولوياتك في أقرب وقت ممكن؛ لذا حاوِل قضاء 30 دقيقة إلى ساعة في إنجاز أولوياتك الصباحية، ثمَّ انتقِل مباشرة إلى أهم أعمالك، وبمجرد الانتهاء منها، سترى نتائج مذهلة.

إذا لم يكن لديك فكرة عن أهم مهامك، فاسأل نفسك هذا السؤال:

  • "ما هو الشيء الوحيد الذي يمكِنني فعله بحيث يصبح كل شيء آخر أسهل أو غير ضروري؟".

ويمكِنك طرح هذا السؤال بطريقة تتناسب مع ما تريد تحقيقه في الحياة:

  • "ما هو الشيء الوحيد الذي يمكِنني فعله لتحسين مهاراتي الوظيفية بحيث يصبح كل شيء آخر أسهل أو غير ضروري؟".
  • "ما هو الشيء الوحيد الذي يمكِنني فعله لإظهار تقديري لمن أحبهم بحيث يصبح كل شيء آخر أسهل أو غير ضروري؟".
  • "ما هو الشيء الوحيد الذي يمكِنني فعله لجعل منتجنا الأفضل بحيث يصبح كل شيء آخر أسهل أو غير ضروري؟".

إذاً، المفتاح هو تحديد المهمة التي تُحقِّق نتائج مثمرة بحيث يمكِنك تنفيذها لتحقيق النتيجة الاستثنائية التي تريدها.

إقرأ أيضاً: الدليل الكامل لتقسيم الوقت من أجل إنتاجية أكبر

3. تقسيم الوقت وتخصيص قسمٍ منه للتخطيط:

يُعدُّ التخطيط أحد أهم الأنشطة التي يستهين بها معظم الناس ولا يمارسونها أبداً؛ فهم يعتقدون أنَّهم طالما يعون بوضوحٍ ما يريدون تحقيقه في الحياة، سيكون كل شيء على ما يرام.

وهذا تحليل خاطئ، لأنَّنا مشغولون وهناك الكثير من الأشياء التي تُشتِّتُ انتباهنا، فكلما أردنا العمل على هدفنا، يرن الهاتف ونحتاج إلى الرد على المتصل، ويحتاج أطفالنا إلى اهتمامنا، ونقضي الوقت في مشاهدة مقاطع الفيديو التي يشاركها أصدقاؤنا على يوتيوب (YouTube)، ونريد الاطلاع على آخر المستجدات من خلال تطبيق فيسبوك (Facebook)، وعلينا قضاء بعض الوقت في أداء عملنا أيضاً، كل هذه الأمور في الوقت نفسه.

إذاً، هناك الكثير من الأمور التي تتطلب اهتمامنا، وإذا لم نُخصِّص وقتاً للتخطيط لها، فسوف ننسى ما يتعين علينا القيام به، وخاصة أهدافنا.

ثِق تماماً، إذا لم تُخصِّص وقتاً لأهدافك، فلن تشرع بإنجازها أبداً، ولن تتخذ أي إجراء بشأنها، لأنَّ هناك دائماً مهمَّةً تبدو "أكثر أهميةً وإثارة للاهتمام" تحتاج إلى اهتمامك، وهذا هو السبب في أنَّنا نحتاج إلى تقسيم الوقت للتخطيط أيضاً، فإن كنتَ جاداً بشأن تحقيق نتائج مذهلة ومثمرة، فهذا ما يجب عليك فعله.

اجعل تقسيم الوقت عادةً تمارسها باستمرار، ولا تنساها أبداً.

حماية الوقت المُقسَّم:

عليك حماية الوقت المُقسَّم، فهو أهم وقت، وإن التزمتَ به، فستُحقِّق النتائج المنشودة، وإليك بعض النصائح لحماية وقتك المُقسَّم:

1. تعلَّم الرفض:

عليك رفض أي شيء آخر عند عملك على إنجاز المهمة الأكثر أهميةً، وتأجيل جميع المهام الأخرى التي تأتي إليك في تلك اللحظة؛ إذ يجب ألا تُشتِّتَ انتباهك عندما يلجأ إليك الناس ويطلبون مساعدتك، فقط ابحث عن طريقة لإخبارهم أنَّك ستساعدهم، ولكن ليس الآن، وأعتقد أنَّ الناس سيتفهمونك ويمتثلون لرغبتك.

لا يمكِنك أن تكون ناجحاً بمحاولة إرضاء الجميع، وعليك تنظيم عملك بما يناسب الوقت المُقسَّم، وليس العكس.

2. خصِّص مكاناً للعمل:

خصِّص مكاناً هادئاً حيث يمكِنك العمل على أهم مهمة لديك كل يوم، وتذكَّر أنَّ الطريق إلى الإتقان يكون من خلال الممارسة الواعية؛ وبالتالي، عليك قضاء بعض الوقت في العمل، وتنمية مهاراتك كل يوم من خلال العمل في المكان الذي اخترتَه حتى تتمكن من التركيز كلياً على مهمتك.

احبِس نفسك في غرفتك إن أمكن، وأطفِئ هاتفك، وأبعِد عنك مصادر تشتيت الانتباه.

عندما يتعلق الأمر بإنجاز شيء واحد، كن جاداً لأنَّ ذلك سيُحسِّن جودة حياتك إلى حدٍّ كبير، ناهيك عن أنَّه سيساعدك أيضاً في الوصول إلى هدفك وتحقيق النتائج التي ترغب بها؛ لذا افعل ما بوسعك لخلق بيئة تدعمك وتدعم هدفك.

إقرأ أيضاً: 12 طريقة لتنظيم جدول أعمالك وإدارةِ وقتك

3. حافِظ على طاقتك:

هناك الكثير من الطرائق التي يمكِنك من خلالها الحفاظ على طاقتك، فالمفتاح هو الحفاظ على طاقتك عند المستوى الأمثل حتى تتمكن من تقديم أفضل أداء.

تعمل طاقتنا تماماً مثل مستوى بطارية الهاتف، ففي الصباح، تكون مشحونةً بالكامل ونستخدمها في كل ما نقوم به خلال اليوم.

وعندما يكون مستوى طاقتنا منخفضاً، نشعر بالنعاس والتعب، ويتشتتُ انتباهنا بسهولة، ونواجه صعوبةً في التركيز على العمل؛ فنختار التحدُّث إلى الناس، وتصفُّح الإنترنت، والقيام بأشياء أخرى غير هامة.

فيما يلي بعض الاقتراحات حول كيفية الحفاظ على طاقتك:

  • الاحتفاظ ببعض الوجبات الخفيفة والأطعمة الصحية في مكان العمل لاستهلاكها عند الضرورة فقط.
  • تطبيق تقنية البومودورو (Pomodoro Technique) في أثناء عملك في الأوقات المُقسَّمة.
  • شرب الماء للحفاظ على رطوبة جسمك.
  • النوم لفترات قصيرة في النهار لتبقى منتعشاً.

الخلاصة:

لقد وجدتُ أنَّ تقسيم الوقت هو أحد أقوى التقنيات التي يمكِن لأي شخص استخدامها ليكون منتجاً، وينجز عملاً هاماً، ويكتسب عادةً مثمرة، ويُطوِّر المهارات التي يستخدمها.

بالطبع، إنَّها تقنية بسيطة وسهلة التطبيق، ومع ذلك، لن ينجح تقسيم الوقت إلا إذا التزمتَ به.

إن لم تَحمِ وقتك المُقسَّم، وقمتَ بعمل آخر في الوقت المُخصَّص للقيام بأهم أعمالك، فستكون هذه التقنية عديمة النفع.

يتطلب الأمر التزامك وتفانيك لتحقيق النتيجة المرجوة من تقسيم الوقت.

 

المصدر




مقالات مرتبطة