تعزيز التقدير في مكان العمل

عندما ينصح خبيرٌ بإدماج الموظفين والمديرين ومديري الموارد البشرية وقادة الفِرق بتقدير الموظفين، يقولون عادةً إنَّهم يشكرون موظفيهم، ويشعرونهم بالتقدير الكافي؛ إذ لعلَّهم مُتفائلون، ويظنون أنَّ الشكر الذي يقدمونه كافٍ لإرضاء الجميع. قد يكونون مُحقِّين، ولكنَّ الأمر ليس كذلك دائماً.



لذا إليك فيما يأتي الأسباب التي تجعلنا نغفل عن شكر الآخرين:

  1. نحن ننسى أن نشكر الآخرين؛ لأنَّ مَن نرغب في شكرهم مشغولون؛ إذ أصبح التواصل مع الآخرين بالمكالمات الهاتفية أصعب بكثيرٍ مُقارنة بإرسال رسائل نصية.
  2. يشعر كثير منَّا بالخجل من شكر الآخرين، أو لأنَّ مَن نريد شكرهم خجولون أيضاً.
  3. تعتاد جميع الكائنات الحية، ومن ذلك البشر، على الأمور الجيدة التي يقدمها الآخرون لهم، ويستخفون بقيمتها.

هل يشعر فريقك بالتقدير؟

هل يُمكنك إعطاء أول إجابة تخطر على بالك لهذا السؤال: ما هي النسبة المئوية للأشخاص في فريقك الذين يشعرون بتقدير على عملهم بالقدر الذي يستحقونه؟

إذا كانت لديك إجابة، فيمكنك أيضاً إجراء استطلاعٍ مع فريقك عن هذا الموضوع لكي تحصل على وجهة نظرهم في الأمر أيضاً، أمَّا الآن، فإليك بعض الإحصاءات التي جُمِعَت من دراساتٍ مختلفة:

  1. تقول إحدى الدراسات إنَّ 82% من الموظفين لا يظنُّون أنَّهم يُقدَّرون على عملهم بالقدر الذي يستحقونه.
  2. أظهرت دراسةٌ أخرى أنَّ 61% فقط من الموظفين يشعرون أنَّ الإدارة تقدِّرهم بما يكفي.

يوجد كثيرٌ من الدراسات الأخرى التي تقدِّم أرقاماً مُختلفة، ولكنَّها جميعاً فوق 50%، ومن ناحيةٍ أخرى، قال 82% من الموظفين إنَّه سيكون لديهم دافع أكبر إن حصلوا على مزيدٍ من التقدير في عملهم، فإنَّ الأرقام مُقلِقَةٌ ويبدو من الغريب أنَّ المُديرين لا يفعلون شيئاً حيال ذلك.

شاهد: طرق تعامل المدير الناجح مع الموظفين

الاستخفاف بقيمة الأمور الجيدة التي تُقدَّم لنا:

تُظهِر الإحصاءات أنَّ مشاعر المديرين مختلفة تماماً عن مشاعر الموظفين؛ إذ تفيد دراساتٌ مختلفةٌ بأنَّ نحو 80% من المديرين يظنُّون أنَّهم يُقدِّرون موظفيهم بما فيه الكفاية، فمن أين يأتي هذا الاختلاف الكبير بوجهات النظر؟

أظنُّ أنَّ هذا يرجع أساساً إلى السبب الأخير المذكور آنفاً؛ وهو قلَّة الامتنان للأمور الجيدة التي تُقدَّم لنا؛ فنحن نميل إلى الاعتياد على الأشياء الجيدة بسرعةٍ كبيرة، ومن ثمَّ الاستخفاف بها.

تخيَّل كيف ستشعر إن لم تتمكَّن من الحصول على الماء الدافئ الليلة؛ إذ لن يكون ذلك جميلاً، لكن هل تشعر بالامتنان عادة على النعمة هذه؟ فعندما نتلقى فعلاً إيجابياً، نقدِّم امتناننا للآخرين عند توفر الظروف الآتية:

  1. عندما يكون الشخص موجوداً أمامك مباشرةً أو على الأقل يمكن الوصول إليه بسهولة.
  2. قدَّم الآخر شيئاً مميزاً جداً.
  3. أثَّر الحدث فيك شخصياً.
  4. عندما لا نكون غاضبين أو متوترين أو في عجلةٍ من أمرنا.

لكن هل تظن أنَّ الشخص الذي يقوم بالعمل الجيد لا يتوقَّع أن يتلقَّى التقدير إن كنت متوتراً أو تواجه مشكلة في الاتصال بالإنترنت أو تمَّ القيام بالعمل لمصلحة عميلٍ أو الفريق بأكمله؟

بالطبع لا؛ فنحنُ كائناتٌ اجتماعيةٌ تحب التقدير؛ فمعظم الأمور التي نقوم بها في العمل هي لمصلحة الفريق أو الشركة، ونريد التقدير على ذلك، ويمكن حتى أن نقول إنَّنا غالباً ما نقوم بأعمال جيدة للحصول على التقدير والإعجاب من الآخرين، ومن هنا يأتي الاختلاف الكبير بين التوقُّعات والواقع.

إقرأ أيضاً: 6 طرق تُحفّز الموظفين على العمل

ماذا عن العلاقات الأخرى؟

لا نعرف على وجه اليقين ما إن كانت الحيوانات تشعر بالحاجة إلى تقدير عملها، لكن قد يكون الأمر كذلك، ولا سيَّما الحيوانات الأكثر اجتماعية؛ كالكلاب والقردة والفيلة وهلُمَّ جرَّاً، لكن لا يوجد أحدٌ يحتاج ذلك بقدر الإنسان؛ فكل البشر توَّاقون للتقدير، وإن لم يكونوا كذلك، فإذاً، هم يعيشون في مكانٍ ما بعيداً عن الآخرين وليس لديهم علاقات.

ينطبق الأمر على جميع علاقاتنا؛ سواء مع والدينا أم شركاء حياتنا أم أطفالنا أم أصدقائنا؛ إذ علينا أن نقدِّم في العلاقة للشخص الآخر ضعف ما نشعر أنَّه يُقِدّمه لنا؛ فالفائض الذي نقدِّمه يعوِّض عن الأمور التي لا نلاحظها حتى، وسننشِئ توازناً بطريقة لن يشعر من خلالها أحدٌ بأنَّه لا يتلقَّى التقدير.

إقرأ أيضاً: كيف تكافئ موظفيك وتظهر لهم امتنانك؟

كيف تزيد الشعور بالتقدير؟

أهم ما يمكنك فعله هو أن تكون واعياً لهذا التناقض بين التوقعات والواقع؛ وهذا يعني أن تقدِّم الشكر أكثر، وبالقدر الذي تستطيعه، وحاول أن تجعل من التعبير عن الامتنان عادةً لديك، وينطبق الأمر ذاته على فريقك:

  1. التشجيع على الامتنان في اجتماعات الفريق على أساسٍ منتظم.
  2. الثناء على الإنجازات الكبيرة والصغيرة.
  3. جعل تقدير الشكر أسهل.
  4. قياس التقدير ومكافأة الناس الذين يقولون شكراً، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يُشكرون.

المصدر




مقالات مرتبطة