تعريف التنمر الاجتماعي وأشكاله وطرق علاجه

هل حاول فلان من الناس إشعارك بالإهانة والاستخفاف بك في موقف ما؟ وهل هناك من انتقد مظهرك أو شكلك بطريقة جارحة؟ وهل تعرضت للتوبيخ في أمر ما؟ وهل قام شخص ما بضربك أو دفعك؟ من منا لم يسمع شتيمة بحقه يوماً ما؟ ومن منا لم يتعرض لانتقاد لاذع لفعل من أفعاله ولو لمرة واحدة خلال حياته؟ هل حاولت طلب المساعدة بعد تعرضك لأحد تلك المواقف؟



إنَّ تعرضك لموقفٍ واحد من تلك المواقف يعني تعرضك للتنمر الاجتماعي الذي يُعَدُّ واحداً من أساليب السلوك العدواني وغير المتوازن الذي انتشر في الفترة الأخيرة انتشاراً كبيراً في مختلف المجتمعات وأصبح يهدد أمنها واستقرارها.

لقد أصبحت هذه الظاهرة حديث الساعة، ونرى العديد من المهتمين الذين يحاولون تحديد أسبابها وسبل علاجها رغبة في تحسين حياة الفرد أولاً وأسرته ثانياً والمجتمع عموماً ثالثاً؛ لذا سنتعرف في هذا المقال إلى تعريف التنمر الاجتماعي ونحدد أشكال التنمر الاجتماعي ومختلف انواع التنمر الاجتماعي وكيفية علاجها.

ما هو التنمر الاجتماعي؟

لا يوجد تعريف واحد للتنمر، إلا أنَّه يمكن القول إنَّ التنمر هو سلوك غريزي غير واعٍ؛ وذلك لأنَّه يقوم على مبدأ أنَّ الشخص المتنمر لا يشعر بلذة الانتصار والاعتزاز بنفسه دون أن يصغِّر الآخرين من حوله سواء باستخدام السخرية أم العنف أم أساليب أخرى تسبب الألم النفسي والجسدي للطرف المتلقي.

عرَّف معاوية أبو غزال في بحثه "الاستقواء وعلاقته بالشعور بالوحدة والدعم الاجتماعي" التنمر بأنَّه "شكل من أشكال العدوان، يحدث عندما يتعرض طفل أو فرد ما باستمرار لسلوك سلبي يسبب له الألم، وينتج عن عدم التكافؤ في القوى بين فردين، يسمى الأول متنمِّر والآخر ضحية، وقد يكون التنمر جسمياً أو لفظياً أو انفعالياً".

يُعرَّف أيضاً بأنَّه شكل من أشكال العدوان يقوم على استقواء شخص ما "المتنمِّر" على شخص آخر "الضحية" ومضايقته جسدياً أو نفسياً، ومن ثمَّ يُعرف الفرد المتنمِّر بأنَّه الفرد الذي يقوم بتهديد أو مضايقة أو إخافة أو تهديد الآخرين.

التنمر الاجتماعي ليس حكراً أو خاصاً بفرد ما أو يحدث في مكان مخصص؛ بل يحدث في أي مكان يوجد فيه تفاعل إنساني سواء كان مكاناً واقعياً مثل مدرسة أو نادٍ أو مطعم أو جامعة وسواها، أم افتراضياً مثل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وسواها.

أشكال التنمر الاجتماعي:

أصبحت أشكال التنمر الاجتماعي سائدة بشكل متزايد في مجتمع اليوم بسبب ظهور الاتصالات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، وقد تتخذ هذه السلوكات الضارة أشكالاً مختلفة وربما تكون لها عواقب وخيمة على الأفراد المعنيين، وفيما يأتي سوف نتعرف إلى الأشكال المختلفة للتنمر الاجتماعي وتأثيرها في الضحايا.

1. التنمر المباشر والتنمر غير المباشر:

  • التنمر المباشر: يحدث مباشرة بين الأشخاص المعنيين مثل تمرير الشتائم.
  • التنمر غير المباشر: هو عبارة عن إلحاق الضرر بشخص ما دون الحديث المباشر معه، مثل تشويه سمعته ودفعه باتجاه عدم احترامه لذاته وانخفاض تقدير ذاته.
  • التنمر العلني: وهذا النوع شائع جداً، ويُطلق عليه التنمر التقليدي، ويشمل كل ما يقوم به الشخص المتنمر، ويمكن ملاحظته ورؤيته مباشرة، مثل الضرب أو الركل أو إطلاق الشتائم أو التنابز بالألقاب.
  • التنمر السري: وهو النوع الذي لا يمكن للأشخاص غير المشاركين به معرفته أو رؤيته مباشرة، مثل النظرات الغريبة؛ كأن يعبس شخص في وجه شخص آخر.
  • التنمر اللحظي: يحدث في أيَّة لحظة ولا يكون المقصود شخصاً بعينه؛ بل هو تعبير عن فعل متأصل لدى الفرد؛ أي فعل روتيني بالنسبة إليه، مثل التنمر على المارة في الشارع.
إقرأ أيضاً: ظاهرة التنمّر: أنواعها، أسبابها، وطرق علاجها

2. التنمر العلني أو السري:

  • التنمر العلني: وهذا النوع شائع جداً، ويُطلق عليه التنمر التقليدي، ويشمل كل ما يقوم به الشخص المتنمر، ويمكن ملاحظته ورؤيته مباشرة، مثل الضرب أو الركل أو إطلاق الشتائم أو التنابز بالألقاب.
  • التنمر السري: وهو النوع الذي لا يمكن للأشخاص غير المشاركين به معرفته أو رؤيته مباشرة، مثل النظرات الغريبة؛ كأن يعبس شخص في وجه شخص آخر.

3. التنمر اللحظي والتنمر بعيد الأمد:

  • التنمر اللحظي: يحدث في أيَّة لحظة ولا يكون المقصود شخصاً بعينه؛ بل هو تعبير عن فعل متأصل لدى الفرد؛ أي فعل روتيني بالنسبة إليه، مثل التنمر على المارة في الشارع.
  • التنمر بعيد الأمد: هو النوع الذي يُقصد به شخص بعينه دون سواه وغايته الأساسية أذية ذلك الشخص.

أنواع التنمر الاجتماعي:

تعد أنواع التنمر الاجتماعي مشكلة منتشرة قد يكون لها آثار خطيرة وطويلة الأمد في الصحة العقلية للأفراد، ويمكن أن يتخذ التنمر الاجتماعي أشكالاً مختلفة، من نشر الشائعات والقيل والقال إلى الاستبعاد والتسلط عبر الإنترنت، وفيما يأتي سنتعرف إلى أنواع التنمر الاجتماعي، وتأثيرها في الضحايا، واستراتيجيات الوقاية والتدخل.

  • التنمر الجسدي: هو تعرض الفرد لأنواع معينة من السلوكات العدوانية التي تسبب لجسمه الألم، وقد تترك آثاراً عليه، مثل الضرب المبرح أو الركل أو دفعه ومزاحمته في مكانه.
  • التنمر اللفظي: هو إهانة الفرد الآخر والاستخفاف به وبمكانته والتقليل من احترامه عبر استخدام الألفاظ، مثل الشتائم أو تهديده أو نعته بألقاب محددة لتصغيره.
  • التنمر العاطفي "الانفعالي": هو محاولة الشخص السيطرة على شخص آخر من خلال التلاعب النفسي للتأثير في الضحية ودفعه للشعور بانخفاض تقدير الذات.
  • التنمر الأسري: قد يكون المتنمر في الأسرة أباً على أسرته أو أُماً على أولادها، أو أبناء متنمرين على الوالدين أو على إخوتهم الصغار أو ضمن الأسرة والأقارب.
  • التنمر المدرسي: سلوك عدواني من قِبل طالب أو مجموعة من الطلاب تجاه طالب آخر يتضمن أنواع الإيذاء كافة؛ الإيذاء النفسي أو الجسدي ويكون في كافة المراحل الدراسية المدرسية.
  • التنمر في العمل: التنمر الذي يحدث بين زملاء العمل أو بين رؤساء العمل وبين المرؤوسين.
  • التنمر السياسي: يحدث عند سيطرة دولة على دولة أخرى باستخدام القوة والتهديد والتعذيب.
  • التنمر الإلكتروني: هو الذي يتم عبر المواقع الافتراضية باستخدام تقنيات الاتصال والمعلوماتية ومواقع التواصل الاجتماعي.
  • التنمر الجنسي: هو إيذاء شخص لشخص آخر عبر استخدام ألفاظ جنسية مؤذية تسبب له الحرج والعار.
  • التنمر العنصري: يقوم على أساس الكره والحقد تجاه شخص أو مجموعة أو جماعة كاملة سواء من حيث العرق أم الجنس أم الدين أم غير ذلك، ومحاولة التقليل من شأنها عن طريق الاستهزاء بها والتقليل من شأنها ومحاولة تلبيسها بلباس الخطأ.

شاهد بالفديو: أعراض التنمر المدرسي وعلاجه

أسباب التنمر الاجتماعي:

1. أخطاء في طريقة التنشئة الأسرية للفرد منذ الصغر:

يوجد كثير من الآباء الذين يدربون أبناءهم على شتم الآخرين وضربهم والنيل منهم في كل فرصة تسمح لهم.

2. المشكلات الأسرية:

وجود ظروف أسرية صعبة مثل حالات الطلاق وكثرة المشكلات داخل المنزل وغياب الأب عن المنزل، والحماية الزائدة للأبناء، والنزاعات الأسرية المختلفة بالشكل الذي ينعكس على نفسية الأفراد انعكاساً سلبياً وتدفع بهم للتنفيس عن الطاقات لديهم عن طريق التنمر على الآخرين.

3. وسائل الإعلام:

التأثير السلبي لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في طريقة تعاطي الفرد مع الأحداث؛ إذ تشجع على حرية التعبير عن الرأي وأساليب التعبير المختلفة حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين.

4. التباهي بالنفس:

رغبة الفرد في إظهار قوَّته والتباهي بنفسه عن طريق تصغير الآخرين ودفعهم للتفكير بأنَّه الأفضل، فيستخدم أساليب التنمر المختلفة لتحقيق ذلك.

5. الغيرة:

التنمر الاجتماعي هو طريقة الأفراد في التعبير عن غيرتهم من شخص آخر لا يستطيعون تحقيق ما يحققه في حياته.

6. ضحايا التنمر:

عندما يكون الفرد قد تعرض في وقت سابق للتنمر ويريد الانتقام لنفسه والتنفيس عن غضبه عبر التنمر على الآخرين ممن هم أضعف منه.

7. العوامل النفسية للفرد:

كأن يكون لدى الفرد أحد الأمراض النفسية، مثل الاكتئاب أو الإحباط أو معاناة الفرد من الوحدة وليس لديه أصدقاء أو أشخاص يتحدث إليهم ويثق بهم أو يكون معدوم الثقة بنفسه وغيرها من هذه الأسباب.

8. أسباب متعلقة بالبيئة:

فمثلاً البيئة المدرسية، فقد يكون من أسباب وجود التنمر غياب سلطة المعلم وعدم قدرته على فرض سيطرته على التلاميذ وضبطهم، وعدم اتباع المدرسة نظام عقوبات رادع، وافتقار المدرسة لوجود مرشدين نفسيين واجتماعيين للطلاب، وكذلك الأمر بالنسبة إلى البيئات الأخرى مثل بيئة العمل، فقد لا يكون هناك نظام عقوبات لمسببي الأذى لغيرهم أو بيئة تشجع الأقوى فقط وما إلى ذلك.

9. العوامل التكنولوجية:

مثل ميل الأفراد لتقليد ما يشاهدونه عبر الوسائل التكنولوجية المختلفة، وإدمان الألعاب الإلكترونية العنيفة، ومشاهد العنف التي يشاهدها الفرد على التلفاز وغيرها.

إقرأ أيضاً: أخطر أنواع الشخصيات وأهم طرق التعامل معها

آثار التنمر الاجتماعي:

إنَّ التنمر الاجتماعي هو نوع من أنواع العنف النفسي، ويتمثل في الممارسات السلبية والمتكررة التي يتعرض لها الشخص من قِبل زملائه في المدرسة أو العمل أو الحياة الاجتماعية، وإنَّ آثار التنمر الاجتماعي النفسية والاجتماعية سلبية ومؤلمة جداً على ضحاياه.

من أبرز آثار التنمر الاجتماعي الشائعة نذكر:

1. القلق والاكتئاب:

يمكن أن يتسبب التنمر الاجتماعي في شعور الشخص بالقلق والاكتئاب، وزيادة خطر إصابته بالأمراض النفسية.

2. الانعزال:

من آثار التنمر الاجتماعي ميل الشخص الذي تعرَّض للتنمر الاجتماعي للانعزال، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض مستوى التفاعل الاجتماعي والشعور بالإحباط.

3. انخفاض مستوى الثقة بالنفس:

من آثار التنمر الاجتماعي انخفاض مستوى ثقة الإنسان بنفسه، وشعوره المستمر بالتشويش الذهني.

4. العداء والعنف:

قد تكون المبادرة بالعداء والعنف من آثار التنمر الاجتماعي، فتطبِّق الضحية على أفراد آخرين تصرفات التنمر التي تتعرض لها، كما يمكن أن يؤدي التنمر الاجتماعي إلى زيادة خطر الانتحار أو الهجوم على الآخرين.

5. انخفاض مستوى التحصيل الأكاديمي والأداء المهني:

يمكن أن يؤدي التنمر الاجتماعي إلى انخفاض مستوى التحصيل العلمي الأكاديمي والأداء المهني، فهو يشتت ذهن الفرد عن الاهتمام بواجباته الأكاديمية والمهنية، وهذا بدوره يؤدي إلى تأخُّر في النمو الشخصي والمهني.

يمكن أن تؤدي آثار التنمر الاجتماعي إلى مشكلات في العلاقات الاجتماعية والحياة العامة والصحة النفسية والجسدية، ويمكن أن تؤثر في جودة الحياة بشكل عام؛ لذا من الهام التوعية بأهمية التحرك لمكافحة التنمر الاجتماعي وتقديم الدعم للأشخاص الذين يتعرضون له.

كيف يمكن علاج التنمر الاجتماعي؟

  • وضع برامج علاجية خاصة بالمتنمرين: ويكون ذلك عبر بناء شراكة خاصة مع المرشدين النفسيين والاجتماعيين وأطباء علم النفس، وكذلك برامج خاصة بضحايا التنمر لتخليصهم من آثار التنمر وتعليمهم أساليب التعامل مع حالات التنمر وكيف يمكنهم تجاوزها.
  • وضع القواعد وتشديد العقوبات على المتنمرين بما يناسب كل بيئة عمل؛ بمعنى العقوبات التي يمكن أن تُستخدم في بيئة المدرسة مع الطلاب لا تناسب بيئة العمل التي تحتوي على الأفراد الناضجين.
  • تشجيع الأشخاص الذين يتعرضون للتنمر على طلب المساعدة من الآخرين والمقربين منهم وكذلك اللجوء إلى طبيب نفسي للحفاظ على تقدير ذواتهم.
  • إبعاد الأفراد ولا سيما الأطفال عن وسائل الإعلام والقنوات التي تتبع منهج التنمر في برامجها وتعاطيها مع الأحداث.
  • تنظيم النشاطات والبرامج التي تدعم الأفراد وتزيد من ثقتهم بأنفسهم.
  • الحرص على تنشئة الأفراد تنشئة اجتماعية سليمة وفي ظروف صحية بعيدة عن العنف بأشكاله وبناء علاقة صداقة وودية بين الآباء والأبناء منذ الصغر.
  • حث الأطفال وكذلك الأفراد الكبار الذين يحبون الألعاب على اختيار الألعاب التي تنمي القدرات العقلية والبعد عن الألعاب العنيفة أو التي تدعو للعنف.
  • مراقبة سلوك الأبناء على مواقع التواصل الاجتماعي للوقوف على أي سلوك للتنمر ومعالجته فور ملاحظته.
  • عقد الندوات والاجتماعات للتعريف بالتنمر ومساوئه على الفرد والأسرة والمجتمع.

في الختام:

إنَّ سلوك التنمر الاجتماعي هو سلوك منتشر في جميع المجتمعات وفي جميع بلدان العالم، لكن من الجيد معرفة أنَّ كلاً من المتنمر والضحية هما عرضة للوقوع في المشكلات والإصابة بالأمراض النفسية والاجتماعية وربما الجسدية أيضاً، وهذه الأمراض والمشكلات سوف تعوق تقدم الفرد وتقف عائقاً في طريق تحقيقه النجاح وأحلامه؛ لذا من واجب جميع الأفراد في المجتمع على اختلاف ثقافتهم وتعليمهم وأعمارهم وجنسهم الوقوف معاً لمحاربة هذه ظاهرة التنمر والحد من أشكال التنمر الاجتماعي، ومختلف انواع التنمر الاجتماعي.




مقالات مرتبطة