تحقيق الأهداف: تعرف إلى 6 احتياجات إنسانية أساسية للنجاح

لماذا نفعل الأشياء التي نفعلها؟ لماذا نقيس النجاح والقيمة وَفق الاهتمام الذي نتلقَّاه والمكانة الاجتماعية، ونستهجن التراخي واللامبالاة؟ ما هي القوة التي تحرِّك وتشكِّل كل عواطفنا وأفعالنا ونوعية حياتنا ومصيرنا في النهاية؟ يمكن شرح الإجابات عن هذه الأسئلة جميعاً من خلال التعرُّف إلى الاحتياجات البشرية الستة.



إذ إنَّ سبب الخلل في سلوكاتنا هو عدم قدرتنا على تلبية هذه الاحتياجات الأساسية باستمرار، لكنَّ هذه الاحتياجات ليست سبب القرارات السيئة التي نتخذها فحسب، بل أيضاً سبب كل الأشياء العظيمة التي ينجزها البشر؛ إذ قد يساعدك فهم احتياجاتك وحالتك النفسية على تجنُّب السلوكات والعادات السامَّة في تحقيق أهدافك.

كيف نطوِّر احتياجاتنا الأساسية؟

كلُّ واحد منَّا فريد من نوعه، وتكوَّنت شخصيته نتيجة أحداث حياته الفريدة والعواطف التي رافقتها؛ إذ تتطوَّر معظم أعمق احتياجاتنا في مرحلة الطفولة، عندما تستقبل عقولنا كل المعلومات المُمكنة، وهذه المعلومات سواء كانت إيجابية أم سلبية، تشكِّل معتقداتنا وقيمنا، وتلك بدورها تكوِّن عالمنا بأكمله، كما ثبت أنَّ التوتر في مرحلة الطفولة له تأثيرات دائمة في الدماغ ونموه.

إذ يحدِّد كل منَّا أولويات احتياجاته بأسلوب مختلف، وتستند قراراتنا إلى الاحتياجات التي نمنحها الأولوية، وفي حين أنَّ الاحتياجات البشرية الستة متجذِّرة بعمق، تذكَّر أنَّ ماضيك ليس مستقبلك، وأنَّه يمكنك اختيار تلبية احتياجاتك بطريقة صحية، وكذلك تحقيق التوازن في حياتك من خلال تطوير قدرتك على تلبية جميع احتياجاتك على قدم المساواة.

شاهد بالفيديو: كيف تحدد أهدافك في الحياة؟

ما هي الاحتياجات الإنسانية الستة؟

  1. اليقين، ويعني التأكُّد من أنَّه يمكنك تجنُّب الألم والحصول على المتعة.
  2. عدم اليقين والتنوع، وهو الحاجة إلى المجهول والتغيير والمحفزات الجديدة.
  3. الأهمية، وهي الشعور بأنَّك فريد أو هام أو مميز أو ضروري.
  4. الارتباط والحب، أي الشعور بالقرب أو الارتباط مع شخص أو شيء ما.
  5. النمو، ويعني زيادة الإمكانات أو القدرة أو الفهم.
  6. المساهمة، وتعني الشعور بأنَّك تفيد الآخرين والتركيز على مساعدتهم ودعمهم.

يصنِّف كل شخص هذه الاحتياجات البشرية بأسلوب مختلف، وتُفسِّر طريقة ترتيبك لها طبيعتك بصفتك شخصاً؛ إذ تشكِّل الاحتياجات الأربعة الأولى في القائمة أعلاه شخصيتنا، في حين أنَّ آخر حاجتين تشكِّلان احتياجاتنا الروحية، ويمكن تلبية هذه الاحتياجات بعدة طرائق؛ إذ نسعى إلى تحقيق الرضى من خلال علاقاتنا ووظائفنا واهتماماتنا الشخصية وغيرها.

إليك شرحاً أكثر تفصيلاً عن احتياجات الإنسان الأساسية وما تعنيه:

1. اليقين:

إذا كان اليقين هو أحد احتياجاتك الأساسية، إذاً تحتاج إلى أن تشعر بالأمان واليقين بشأن المستقبل، فعندما تتلقَّى مديحاً فقد تصحبه الحاجة إلى التأكُّد من أنَّه صادق وسيستمر.

فلكي تعيش حياة مليئة باليقين، يجب أن تظل حياتك كما هي، وهو أمر شبه مستحيل، لذلك فأنت تتحكَّم بطريقة أخرى في بيئتك عن طريق تغيير توقعاتك، أو عن طريق تجنُّب المواقف الجديدة، أو تجنُّب التعامل مع أشخاص جدد، وهكذا تُطمئِنك هذه العملية أنَّ أفعالك إمَّا ستجنِّبك الألم أو تكسبك المتعة، وهو ما يلبِّي حاجتك الأساسية إلى اليقين.

كيف تعرف ما إذا كان اليقين هو أحد احتياجاتك الأساسية: إذا كنت جديراً بالثقة وتفعل دائماً ما تقول إنَّك ستفعله، وتستمتع بالتخطيط، وتقدِّم أفضل أداء حين تعمل وَفقاً لجدول زمني، فأنت شخص منظَّم جداً، ومن ناحية أخرى قد تتردَّد في المجازفة وعيش تجارب جديدة، وقد تدمن على ممارسة سلوكات معينة.

كيفية تلبية حاجة اليقين: ابحث عن النشاطات التي تستمتع بها، لكنَّها تدفعك أيضاً إلى خارج منطقة راحتك، واتبع روتيناً صحياً، وساعد الآخرين لتعزيز النمو والمساهمة باستمرار.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح مهمة تساعدك على تحقيق أهدافك وطموحاتك

2. التنوع أو عدم اليقين:

على الرَّغم من أهمية فهم جمال عدم اليقين، إلا أنَّ أولئك الذين يعدُّونه أحد أهم احتياجاتهم الإنسانية الأساسية يمكن أن يبالغوا في الأمر؛ إذ يغيِّرون وظائفهم أو علاقاتهم كثيراً من أجل التنوع، أو يُقدِمون على مجازفات غير ضرورية للوصول إلى نشوة الأدرينالين التي يتوقون إليها، لكن إذا كان عدم اليقين هو أحد أهم احتياجاتك، فلن تخشى المجازفة ولن تتجنَّب المواقف أو الأشخاص الجدد.

كيف تعرف ما إذا كان التنوع هو أحد احتياجاتك الأساسية: إذا كنت اجتماعياً عموماً سترغب في مقابلة أشخاص جدد، وستكون دائماً على استعداد لفعل شيء جديد، ولديك عدة اهتمامات، ومن ناحية أخرى يمكن أن تجد صعوبة في التركيز وتفتقر إلى مهارات التخطيط، وربما تفشل في إقامة علاقات وطيدة مع الآخرين.

كيفية تلبية الحاجة إلى التنوع: غذِّ عقلك بانتظام بمجموعة متنوعة من المعلومات الجديدة، وغيِّر روتينك في التمرين، وتناول أطعمة جديدة، وانضم إلى دورات تعليمية مع أشخاص جدد، وتعلَّم كيفية إثارة الشغف في حياتك وعلاقاتك.

3. الأهمية:

إذا كانت الأهمية من بين أهم اثنتين من احتياجاتك البشرية الستة، فإنَّ جزءاً من تلبية هذه الحاجة يتضمَّن تلقي التقدير، وهذا يعني الرغبة في أن يراك الناس ويسمعوك؛ أي باختصار تريدهم أن يلاحظوا وجودك، وتقيس الأهمية من خلال ما تعتقد أنَّه يجعلك فريداً مقارنة بأي شخص آخر من حولك.

إذ يمنحك التقدير إحساساً بقيمتك ويجعلك تشعر بأنَّك مميَّز أو ضروري، ويُعَدُّ التقدير قوة دافعة رئيسة وراء السلوك البشري، لأنَّه يوفِّر لنا نظاماً لتقييم أهميتنا وتحليلها وتتبُّعها، كما يُعَدُّ جزءاً هاماً جداً من الحفاظ على إنتاجية الموظف.

قد ينتهي الأمر بأولئك الذين لا يجدون طريقة إيجابية للشعور بالأهمية في اتخاذ إجراءات صارمة ليشعروا بالرضى، مثل اللجوء إلى الكحول، أو الدخول في نقاشات متكررة، أو قد يحيطون أنفسهم بأشخاص يعتقدون أنَّهم أقل مهارة أو إنجازاً منهم ليبدوا أفضل عند مقارنتهم بأنفسهم، ويمكن أن يؤدي أي من الخيارين إلى زيادة في شعور الأهمية، لكن كلاهما غير صحي.

كيف تعرف ما إذا كانت الأهمية هي أحد احتياجاتك الأساسية: إذا كنت متحمِّساً جداً لتكون ناجحاً وتحب تحديد الأهداف وتحقيقها، وكنت ملتزماً بقضية أو أكثر، ويخبرك الآخرون أنَّك متميز، فيمكن أن تكون تنافسياً جداً أو تسعى إلى الكمال في عملك.

كيفية تلبية الحاجة إلى الأهمية: وجِّه طبيعتك التنافسية إلى نشاطات صحية من خلال تعلُّم رياضة أو مهارة جديدة أو عن طريق التطوع، وطوِّر مهاراتك في التعامل مع الناس لتصبح قائداً أكثر شمولاً، والتزم بالإتقان التام لمهنتك أو عملك.

إقرأ أيضاً: الفرق بين وضع الأهداف وتحقيقها: 3 خطوات لتبدأ بتحقيق أهدافك

4. الارتباط والحب:

إذا كان الارتباط والحب أهم احتياجاتك الإنسانية الأساسية، فأنت تبحث باستمرار عن علاقة وثيقة مع شخص ما أو شيء ما، وتدرك أنَّ الحب هو نعمة الحياة، إذ يحتاج الناس إلى الحب، وهذا يمكن أن يؤدي إلى بعض العلاقات المُرضية جداً، لكنَّه قد يدفعك أيضاً إلى التضحية برعاية نفسك من أجل رعاية الآخرين أو الحفاظ على علاقة.

كيف تعرف ما إذا كان الارتباط هو أحد احتياجاتك الأساسية: إذا كانت أهم قيمك الولاء والكرم تجاه من تحبهم، وإن كنت تعطي بسخاء ويعدُّك الآخرون جديراً بالثقة، سيكون لديك علاقات اجتماعية قوية، لكن يمكنك أحياناً أن تنسى نفسك، وقد تجد صعوبة في رفض الناس.

كيفية تلبية الحاجة إلى الارتباط: كن على استعداد لأن تُظهِر ضعفك، وأنشِئ صداقات أعمق وأقوى، وأخبر شريكك باحتياجاتك لتحسين علاقتكما، وأشبع حاجاتك الروحانية من خلال الصلاة أو التأمل أو التواصل مع الطبيعة.

5. النمو:

أولئك الذين تتمثَّل حاجتهم الأساسية في النمو، يسعون دائماً ليكونوا أفضل ولتعلُّم المزيد، فهم جيدون جداً في وظائفهم، لكنَّهم يميلون إلى المضي قدماً بسرعة بمجرد اعتقادهم أنَّهم حقَّقوا كامل إمكاناتهم، فمع أنَّ سعيهم المستمر إلى التحسين يضمن أنَّهم لن يشعروا بالملل أبداً، فإنَّهم قد يخطئون في سعيهم إلى الكمال، فيهملون الراحة والاسترخاء، ليتمكَّنوا من التعامل مع الضغوطات.

كيف تعرف ما إذا كان النمو هو أحد احتياجاتك الأساسية: إذا كنت دائماً تتخطَّى الحدود، سواء التي وضعتها أنت أم تلك التي وضعها لك الآخرون والمجتمع، فأنت مستقل تماماً ولست مرتبطاً بأشياء مادية، لكن قد تجد صعوبة في التواصل مع الآخرين وتجد تخطي العلاقات ونسيانها سهلاً جداً.

كيفية تلبية الحاجة إلى النمو: طوِّر طريقة تفكيرك الموجهة نحو النمو أكثر من خلال تحدي نفسك، ليس فقط للتعلم، لكن لإتقان مهارة صعبة حقاً، ولا تنسَ النمو العاطفي والروحي أيضاً، راجع معتقداتك المُقيِّدة، وتعلَّم التحكم بعواطفك وابدأ بممارسة التأمل.

6. المساهمة:

سِرُّ الحياة هو العطاء، وأولئك الذين يعدُّون المساهمة من أهم احتياجاتهم البشرية يعرفون هذا أفضل من أي شخص آخر، فإذا كنت أحدهم فمن المحتمل أن تحدث فرقاً كبيراً في مجتمعك، لكن قد تغفل عن حقيقة أنَّ العطاء يبدأ بأقاربك، وربما تهمل أقرب الأشخاص إليك وتحاول تغيير العالم.

كيف تعرف ما إذا كانت المساهمة من احتياجاتك الأساسية: إذا كنت شخصاً شديد التعاطف والرحمة، وتستمتع برد الجميل ومشاركة ما لديك، وتريد ترك بصمة على العالم، لكن قد تصل إلى الإرهاق بسهولة أو قد يستغلك الآخرون.

كيفية تلبية الحاجة إلى المساهمة: العطاء هو أفضل طريقة لتلبية هذه الحاجة، لا تنضم فقط إلى مجموعة تطوعية، بل ابدأ مجموعةً بنفسك، وكلما كانت القضية تعني لك أكثر، زاد شعورك بالرضى.

شاهد بالفيديو: سبع مهارات أساسية تساعدك على تحقيق أهدافك

أهمية تلبية الحاجات البشرية الستة:

تستند معظم سلوكاتك إلى أي من احتياجاتك المُلبَّاة أو غير المُلبَّاة، اعتماداً على أي من الاحتياجات الإنسانية الأساسية التي تناسب شخصيتك، فيمكن أن تقضي كثيراً من الوقت بوعي أو بغير وعي في محاولة تلبيتها، لكن إذا لم تنجح، فقد يؤثر ذلك سلباً في شعورك العام بالعافية.

فإنَّ معرفة أي من احتياجاتك البشرية الستة هو دافعك الأساسي، وكيف يؤثر ذلك في قدرتك في التواصل مع الآخرين، وتطوير علاقات صحية أمر بالغ الأهمية، لفهم ما يمدك بالطاقة ويثير حماستك، ويمكن أن يساعدك أيضاً على فهم محفزاتك وإدارتها، ولتتحكَّم بمشاعرك بأسلوب أفضل.

في الختام:

يمكنك تحديد أهدافك واتباع السلوكات الإيجابية المناسبة، من خلال معرفة أي من الاحتياجات الإنسانية الأساسية هي دافعك، لمساعدتك على تحقيق تلك الأهداف، ويمكن أن يساعدك فهم هذه الاحتياجات، وتلك التي تريد تلبيتها في أي لحظة معينة، على استثمار قوة النمو وإنشاء أنماط جديدة تؤدي إلى شعور مستدام بالرضى.

المصدر




مقالات مرتبطة