بصفتك مديراً: كيف تتخلص من عاداتك السيئة؟

القائد هو مجرد شخص واحد، ولكنَّ تصرفاته - الجيدة منها والسيئة - لها تأثير كبير في شركته، ففي حين أنَّ السلوك الإيجابي يمكن أن يساعد على تعزيز ثقافة الاحترام والثقة، فإنَّ السلوك السلبي يمكن أن ينتشر في الشركة؛ الأمر الذي يؤدي إلى فقدان الموظفين والفِرق الثقة والكفاءة والفاعلية.



لا شك أنَّ العادات السيئة للقائد لا تظهر في اليوم الأول الذي يستلم فيه أمور القيادة في المكتب؛ بل إنَّها تتطور تدريجياً مع مرور الوقت، ووفقاً لـ "إليزابيث لايل" (Elizabeth Layle)، الخبيرة في تشكيل فِرق عالية الأداء، فإنَّه من سوء الحظ أن تقوم المؤسسات بتعيين أشخاص لتولي منصب الإدارة، وتدفعهم إلى الفشل عندما لا يوضحون ما هي العادات التي ينبغي تغييرها عند ترقيتهم.

 تُوضِّح "لايل"، المديرة الإدارية والشريكة في تأسيس شركة "بي سي جي" (BCG) ومقرها "بوسطن" (Boston): "عندما تتولى دوراً جديداً، تخلَّ عن الدور القديم، ليس فقط فيما يتعلق بأدوارك ومسؤولياتك الفعلية؛ وإنَّما أيضاً من حيث السلوكات التي جعلَتك ناجحاً".

فيما يلي العادات التي يمكن أن تعوق القادة - والأشخاص في فرقهم - وكيفية تغييرها.

1. الحل بدلاً من التفويض:

مع ترقيتهم في العمل، فإنَّ العديد من الموظفين يُكافَؤون لكونهم أشخاصاً يمتلكون قدرة عظيمة على إيجاد الحلول لأيَّة مشكلة، ولكن بمجرد الحصول على الترقية، فإنَّهم غالباً ما يعتقدون أنَّ السلوك نفسه الذي أدى إلى ترقيتهم سيجعلهم ناجحين كقادة.

المشكلة: عندما يتدخل القائد لإصلاح كل مشكلة، فإنَّه يسلب من أعضاء فريقه الفرصة للتعلُّم والنمو.

كيفية التخلص من هذه العادة:

1. التخلي عن بعض الواجبات القديمة، وفعلها علانية:

تقول "لايل": "قبل أن نكون واضحين بشأن ما لن نفعله بعد الآن، لا يمكننا إفساح المجال لفِرقنا للارتقاء إلى مستوى الفرصة وأداء تلك المسؤوليات بالطرائق التي تناسبهم".

لذلك، أنت بحاجة إلى تسليم موظفين آخرين أيَّة مسؤوليات تتطلب إيجاد حلول لها، ويمكنك حتى تسليم المهام إلى موظفين آخرين بشكل رسمي؛ وذلك من خلال إقامة مناسبة رسمية لتسليم المسؤولية إلى مرؤوسيك المباشرين.

تقترح "لايل" التعهُّد بتقديم التزامات لنفسك ولفريقك بقول: "هذا ما فعلتُه من قبل، وهذا ما أتوقعه منك الآن" و"هذا ما سأفعله لاستكمال ودعم ما تفعله"؛ حيث عليك التأكُّد من إخبارهم: "لم أعد أنا الشخص المسؤول المباشر عن حل المشكلات؛ بل الشخص الذي يدقق الحلول المحتملة".

2. الارتياح لقول "لا أعرف":

تقول "لايل": "ونحن كقادة، نعتقد أنَّ القدرة المهنية هي الحل دائماً، لكن في الحقيقة ربما لا نعرف الإجابة أو ربما لم نفكر فيها حتى الآن".

في الواقع، كما تعتقد "لايل": "يجب على المنظمات فعلياً ألا تثق بالأشخاص الذين يجيبون بسرعة عن الأسئلة، والذين لا يفكرون في الأمر، والذين لا يصرون على الآخرين أن يختبروا طريقة تفكيرهم والمنطق الذي يتحدثون به".

علاوة على ذلك، يُقدِّم القادة مثالاً سيئاً عندما يقدمون إجابات غير مكتملة؛ وذلك لأنَّ موظفيهم يعلمون أنَّه ليس من المقبول قول: "لا أعرف"؛ مما يعني أنَّهم يُعَدُّوا ليصبحوا أشخاصاً يقدمون أيضاً إجابات غير مكتملة، وبدلاً من ذلك، يجب على القادة خلق بيئة يشعر الموظفون فيها بالتشجيع على طلب الآراء والمعلومات وتبادل الأفكار والحلول.

إذا طُرِحَ سؤال بشكل مباشر لا تعرف إجابته، فتجنَّب تخمين الإجابة؛ حيث تقول "لايل": "أُبالغ في التأكيد على "لا أعرف"؛ وذلك لأنَّه حتى قول: لستُ متأكداً، ولكن هذا ما أعتقده سيؤخذ على أنَّه كلام موثوق من قبل فريقك"، وتضيف: "هذا لا يجعلك غير مؤهل أو ضعيفاً؛ بل هذا يعني فقط أنَّك مسؤول".

إقرأ أيضاً: لماذا يواجه أرباب الأعمال صعوبة في التفويض؟

2. تثبيط الأخبار السيئة:

إنَّه من طبيعة البشر أن يحبوا الأخبار الجيدة ويكرهوا الأخبار السيئة، لكن في بعض الأحيان يلقي القادة اللوم على أعضاء فريقهم بسبب الأخبار السيئة، أو يعاقبونهم لأنَّهم تسببوا في تحويل المشكلة إلى القادة.

تقول "لايل": "التصرف بطريقة تجعل الناس لا يريدون أن يكونوا صادقين معك، يعني أنَّ المشكلات ستتحول إلى أزمات"؛ وذلك لأنَّهم سيتعلمون تأجيل إخبارك بسبب خوفهم من رد فعلك.

كما تقول "لايل"، ومع ذلك: "إذا كانوا يعلمون أنَّك سوف تتصرف بشكل جيد، فسوف تدرك بوضوح المشكلات التي لم تكن موجودة لديك من قبل، وستُتاح لك الفرصة لمساعدتهم على حلها قبل أن تتفاقم".

إقرأ أيضاً: كيف ينجح القائد في حل المشكلات؟

كيفية التخلص من هذه العادة:

عندما يتم إخبارك بأخبار سيئة، توقَّف لبرهة وقُل "شكراً":

تقول "لايل": "غالباً يكون ما يدفع القادة إلى القيام برد فعل سلبي، هو شعورهم بالذعر وتفكيرهم في أنَّه ينبغي عليهم أن يعملوا على حل المشكلة؛ ففكِّر في نفسك كجزء من الفريق، حتى لو كنتَ قائد هذا الفريق، وبدلاً من الشعور بالذعر، استجمع قواك وفكِّر في الأمر قبل الرد".

تقترح "لايل": إذا كنتَ شخصاً يبالغ في ردة فعله، "فحاول أن تعيد ترتيب إجابتك، وألزِم نفسك بأنَّ أول شيء تقوله سيكون: شكراً لك على إخباري بالأمر؛ لأنَّنا الآن نستطيع أن نحل هذه المشكلة قبل أن تتحول إلى أزمة"، وتشرح "لايل": عندما تقاطع هذه العادة بكلمة شكر، يبدأ عقلك فجأة إجراء نوع مختلف تماماً من المحادثة؛ إذ إنَّك قد اختصرتَ ردة فعلك، ولديك فرصة الآن لتتصرف بشكل مختلف في تلك المحادثة.

3. تجنب المشكلات المعقدة:

نادراً ما تكون التحديات التي تواجهها الشركات اليوم واضحة أو بسيطة، ولكنَّ الخطأ الشائع الذي يرتكبه بعض القادة هو محاولة مقاومة مشكلاتهم المعقدة.

تقول "لايل": "إنَّنا نزيل التعقيد من خلال عقد اجتماعات دبلوماسية عديمة الجدوى، وفي كثير من الأحيان نحاول تجنُّب المناطق الرمادية؛ حيث قد تظهر فيها الخلافات، ونتعامل مع ما يحتمل أن يكون محادثات غير مريحة ومعقدة".

كيفية التخلص من هذه العادة:

استخدام التعقيد لإلهام المناقشة والنقاش:

بدلاً من محاولة التعتيم على أيِّ قضايا مزعجة أو معقدة، اعمل مع فريقك لمعالجتها في الوقت المناسب.

تنصح "لايل": "خصص وقتاً في نهاية الاجتماع لتقول: "حسناً"، مع العلم أنَّ لهذا الشيء عيوباً، فكيف يمكننا أن نحاول إزالة الخطر قدر الإمكان؟" ادعُ فريقك للاعتراض على الاستنتاجات التي توصَّلتَ إليها، وتقول "لايل": "أسألهم: أين الثغرات؟" وإذا كنا في وضع مختلف أسألهم: ماذا يمكننا أن نفعل؟ أو ماذا سيقول عملاؤنا؟ وذلك من أجل جلب وجهات نظر أخرى إلى الاجتماع.

 طريقة أخرى لتوسيع تفكير الأشخاص ومعالجة الموضوعات الصعبة معاً هي كما تقول "لايل": "اطلب من ثلاثة أشخاص مختلفين تحديد خيار مختلف، ثم إجراء محادثة حول كل منها"، وفي كثير من الأحيان، يمكنك أن تكشف عن ثلاث طرائق مناسبة لحل مشكلة ما.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة في الإدارة و القيادة الحكيمة

4. عدم طلب التغذية الراجعة:

لقد سمعنا جميعاً أنَّ تقديم التغذية الراجعة أمرٌ هام، ولكنَّ الطريقة التي تطلبها من الآخرين ووقت هذا الطلب هو الأمر الأساسي؛ إذ من الهام أن تسأل عن التغذية الراجعة في وقت مبكر من حياتك المهنية، و"لايل" نفسها تعترف: "لم أُدرِك مدى أهمية ذلك حتى أصبحتُ أكبر من أن يكون أي شخص صادقاً معي".

هناك أمل في حياتك المهنية عندما يكون الناس مستعدين استعداداً أكبر لأن يكونوا صادقين معك، وكما تقول "لايل": "لأنَّك لستَ كبيراً جداً لدرجة تجعلهم خائفين، ابدأ مبكراً؛ لأنَّ ذلك سوف يساعدك على اكتساب سمعة كشخص يريد حقاً سماع التغذية الراجعة وسيعمل على تطبيقها، وبحلول الوقت الذي تصبح فيه كبيراً، سيعرف الناس أنَّك مستعد لسماع ما يفكرون فيه".

إذا كنتَ تخشى أن تكون قد فاتتك فرصة الحصول على تغذية راجعة صريحة، فلا تقلق؛ إذ إنَّه لم يفت الأوان بعد.

كيفية التخلص من هذه العادة:

الوضوح في كيفية طلب التغذية الراجعة:

للحصول على تقييمات مفيدة، لا يمكنك أن تكون غامضاَ؛ إذ تقول "لايل": "اطلب تغذية راجعة صريحة جداً، واطلبها مسبقاً"، فلا تقل: "كل أسبوعين أود الجلوس معكم وسأقدم لكم بعض التغذية الراجعة وأود أن تفعلوا الشيء نفسه".

وتوصي "لايل": "بدلاً من ذلك، اطرح مواقف محددة، على سبيل المثال: يمكنك أن تقول: في الاجتماع الذي عُقِد في ذلك اليوم، لم أقصد أن أكون أول من يتحدث، ولكنَّني فعلتُ ذلك على أي حال، وفي المرة القادمة التي نلتقي فيها، سأعيد الالتزام بألَّا أكون أول من يتحدث؛ لذلك يمكنني أن أصغي إلى الفريق أولاً، فهل يمكنكم إخباري إذا قمتُ بذلك؟ وما الذي يمكنني فعله أيضاً في الاجتماعات لتشجيع الآخرين على المساهمة؟" تشرح "لايل": "أنت تقول بشكل أساسي: سأتابع معكم آراءَكم حول ما أفعله".

من خلال تمكين مرؤوسيك بطلبات محددة، لن تحصل فقط على تغذية راجعة صادقة؛ وإنَّما ستُظهِر أيضاً أنَّك تريد التخلص من عاداتك السيئة وتُرحِّب بمساعدتهم للقيام بذلك.

المصدر




مقالات مرتبطة