المدراء الجيدون هم الاستراتيجية الأفضل للحفاظ على صحة الموظفين

إنَّ الاعتماد على برنامجٍ للصحة في الشركات بِوصفه استراتيجيةً رئيسةً لتحسين صحة الموظفين يشبه إعطاء قرصٍ مدمَجٍ ليتعلم شخصٌ يغرق السباحة؛ ففي كلتا الحالتين، يكون التركيز على المرحلة الخطأ من المشكلة.



يدرك معظم المديرين التنفيذيين أنَّ معالجة ضغوطات العمل - وهي السبب المباشر وغير المباشر لعديد من المشكلات الصحية - يجب أن تكون جزءاً من أي استراتيجيةٍ لتحسين صحة الموظفين وتقليل تكاليف الرعاية الصحية.

كيف يمكن للمديرين المساعدة؟

عدَّ المشاركون في استطلاع "البقاء في العمل" (Staying@Work) الذي أجرته شركة "تاورز واتسون" (Towers Watson) - بما في ذلك كبار المديرين في الموارد البشرية - الإجهاد هو الخطر الأكبر على صحة الموظف، لكن بدلاً من فهم أسباب التوتر ومعالجتها، تعتمد معظم المؤسسات، خاصةً الشركات الكبيرة، على الحلول البرمجية، وتتطلَّب هذه البرامج عادةً من الموظفين تولِّي مسؤولية صحتهم.

وَفقاً لدراسة مؤسسة "راند" (RAND)، تركِّز ما بين 70 و80% من برامج إدارة نمط الحياة لأرباب العمل على الحفاظ على وزنٍ صحيٍّ للجسم، والإقلاع عن التدخين وتحسين اللياقة البدنية، ويشتمل نصفها على عنصر إدارة الإجهاد، وحتى إنَّ عبارة "إدارة الإجهاد" تؤكِّد المشكلة.

لذا يجب على الشركات التي ترغب في تقليل نفقات الرعاية الصحية التركيز على طرائق تقليل التوتر والتخلُّص منه بدلاً من توقُّع أن يتعامل الموظفون معه تعاملاً أفضل، وهنا يأتي دور المديرين.

التخلص نهائيَّاً من التوتر:

إنَّ الإجهاد منتشرٌ في كل مكان، فهو بمنزلة أعشابٍ ضارةٍ بالنسبة إلى الحياة العملية، وإنَّ القضاء التام على الضغوطات في بيئة العمل يُعَدُّ هدفاً غير عملي، ومع ذلك، يمكن للمديرين تقليل الضغوطات، وإنشاء ظروفٍ تُخفِّف من التوتر في مكان العمل، ومن خلال القيام بذلك، يمكنهم تحويل ما يعيشه الموظفون من ضغطٍ مدمِّرٍ، إلى شكلٍ أكثر إنتاجيةً، ويُشار إليه باسم "الضغوطات المفيدة" (Eustress).

يقلِّل هذا التحوُّل من الآثار غير الصحية للضغط في مكان العمل، ويزيد أيضاً من رضى الموظفين وإنتاجيتهم، ويُطلَق مصطلح "الرضى" على النتيجة التي يقدِّمها التوتر الإيجابي.

وقد حدد استطلاعٌ حديثٌ أجرته شركة "تاورز واتسون" (Towers Watson) عن المديرين والتوتر وبيئة العمل أهم ستة أشياءٍ يمكن للمديرين القيام بها لبناء هذا الشعور بالإنجاز:

  1. معاملة الموظفين باحترام.
  2. تعيين المهام المناسبة تماماً لمهارات وقدرات كل فرد.
  3. التصرف بودٍّ مع الآخرين والاتفاق معهم.
  4. دعم الموظفين دعماً كاملاً في وظائفهم.
  5. ضمان تمتُّع الموظفين بالحرية لتحديد أفضل السُبُل للقيام بعملهم.
  6. وضع مواعيد نهائية معقولة لإنجاز المهام.

شاهد بالفيديو: 8 طرق للتخلص من التوتر

السعي إلى بلوغ الوضع المثالي:

عندما يقدِّم المديرون أداءً جيداً وَفقاً لهذه المعايير الستة، يكونون قد بلغوا الوضع المثالي؛ إذ تعني الظروف المثالية في مكان العمل إيجاد المزيج الصحيح من الطاقة والتوتر والدعم والاستقلالية والراحة والاتساع، وعندما تكون بيئة العمل مُرضية، يؤدي الموظفون عملاً مُلهِماً وهادفاً لكلٍّ من الفرد والمؤسسة، وقد لا يكون هناك متَّسعٌ من الوقت المُتاح لإكمال المهام، لكن يكون لدى الموظفين الوقت الذي يحتاجون إليه لتقديم أداءٍ جيد.

لا يتطلَّب العمل منهم استعمال أعلى مهاراتهم؛ بل يوفِّر أيضاً فرصاً للنمو الإضافي ويؤدي إلى ذلك، ويتمتَّع الموظفون بالاستقلالية والمسؤولية لتحديد أفضل طريقةٍ للتعامل مع مجموعةٍ من المهام؛ إذ لا يُتوقع منهم تقديم الأداء الجيد وحدهم، ولكنَّهم يتلقَّون الدعم اللازم - لوجستياً وتعاونياً واجتماعياً - من مديريهم وأقرانهم.

وعندما يبني المديرون بيئات عملٍ ذات إجهادٍ أقل تدميراً، يصرِّح الموظفون عن حصول انخفاضاتٍ كبيرة في العوامل المُثبِّطة المرتبطة بالإجهاد لكلٍّ من الإنتاجية والصحة، ففي استطلاع المدير وبيئة العمل المُشار إليه آنفاً، قال الموظفون إنَّهم في البيئات منخفضة الضغط:

  1. تقل احتمالية تغيُّبهم عن العمل بنسبة 30% أربعة أيامٍ أو أكثر مقارنةً بالعام الماضي.
  2. تقل احتمالية أن يقولوا إنَّ صحتهم تعوق إنتاجيتهم بنسبة 52% في بعض الأحيان أو في كثيرٍ من الأحيان.
  3. تقل احتمالية انخفاض أدائهم في العمل بنسبة 6% بسبب المرض أو الملل أو المشكلات العاطفية.
إقرأ أيضاً: 3 أسرار للسعادة في الحياة

الآثار الاقتصادية الكبيرة:

حسب بعض التقديرات، يذكر الموظفون الذين يُبلِّغون عن ضغوطات شديدةٍ أنَّ تكاليف الرعاية الصحية تبلغ أكثر بنسبة 46% مقارنةً بتكاليف الموظفين غير المجهَدين، وتُعزى نسبة تتراوح بين 60 و90% من زيارات الطبيب إلى الأمراض والأعراض المرتبطة بالتوتر، وتشير هذه الأنواع من البيانات إلى ضرورة أن يُفعَل شيءٌ حيال التوتر والضغط في مكان العمل.

وَفقًا لدراسة مؤسسة "راند" (RAND)، يعرب أرباب العمل عن ثقتهم المطلَقة في أنَّ برامج الصحة تُقلِّل من التكلفة الطبية والتغيُّب عن العمل والخسائر المتعلِّقة بالصحة في الإنتاجية؛ إذ يمكن لبرنامج الصحة ذي التصميم والتنفيذ الجيد أن يحسِّن الصحة النفسية والجسدية للموظف.

لكن، كالشخص الغارق الذي يستفيد من طوق النجاة أكثر من درس السباحة، يحتاج الموظفون أيضاً إلى تركيز مؤسساتهم ومديريهم على مرحلةٍ مختلفةٍ من المشكلة المتعلقة بالإجهاد والصحة، وبدلاً من افتراض الشركات أنَّ الإجهاد المُدمِّر هو الوضع الطبيعي في مكان العمل، يجب عليهم تجهيز المديرين لإنشاء بيئات عملٍ مُرضية.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن للموظفين المبادرين المساعدة على زيادة صافي أرباحك؟

المشرفون هم مفتاح القوى العاملة السليمة:

بالإضافة إلى حثِّ المنظمات الموظفين على الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، أو حضور أحدث دورة تدريبية عبر الإنترنت عن المرونة أو تعلُّم التأمُّل، يجب عليهم إيجاد طرائق لاستباق آثار الضغوطات في مكان العمل، ويتطلَّب القيام بذلك أن يدرك قادة الشركة أنَّ كفاءة وأداء المشرفين والمديرين هي المفتاح لتحقيق الفوائد الاقتصادية للقوى العاملة السليمة.

المصدر.




مقالات مرتبطة