الكوليسترول لدى النساء: مستوياته وأسبابه وأهميته

يمكن للأطعمة التي قد تبدو جيدة للصحة ظاهرياً، مثل: اللبن بالفواكه أو كعك النخالة أن تساهم في إحداث مستويات غير طبيعية من الكوليسترول والشحوم الثلاثية إن احتوَت في تركيبها على كثير من الدهون المُشبَعة أو السُّكَّر المُكرَّر، وذلك وفق الدكتورة "إيرين مايكوس" (Erin Michos)، وهي مديرة مساعدة في مركز "سكارون" (Ciccarone) الخاص بالوقاية من الأمراض القلبية الوعائية.



إنَّ معظم النساء مُعرَّضات لخطر الإصابة بارتفاع الكوليسترول، ولا يُدرِكْنَ ذلك، ووفق الدكتورة "مايكوس": "يبلغ مستوى الكوليسترول الكلِّي لدى 45% من النساء تقريباً اللواتي تزيد أعمارهن عن 20 سنة 200 ملغ/ ديسيليتر وما فوق، وهو ما نعده مرتفعاً، إلَّا أنَّ الجمعية الأمريكية لأمراض القلب (American Heart Association) أجرَت استطلاعاً وجد أنَّ 76% من النساء لا يعلَمْنَ حتَّى ما هي قيم الكوليسترول لديهنَّ".

الأكثر رُعباً أنَّ الشحوم الثلاثية - وهي نمط من الشحوم في الدم تُقاسُ قيمتُها إلى جانب الكوليسترول عادةً - أكثرُ خطراً على صحة النساء بالموازنة مع الرجال، ويشكِّل هذا مشكلةً بسبب تعرُّض مستويات الكوليسترول لدى المرأة لبعض التقلُّبات البسيطة في مرحلة ما بعد سن اليأس، وكذلك ميلِها إلى الارتفاع مع التقدُّم في العمر ممَّا يزيد كثيراً خطر إصابتهنَّ بالأمراض القلبية، والسكتة الدِّماغية، ولذلك تُعَدُّ معرفة أرقام الكوليسترول لديكِ، وكيفية السيطرة عليها لتبقى ضمن المجال الطبيعي خطوةً كبيرة نحو البقاء بصحة جيدة.

مفهوم الكوليسترول عالي الكثافة ومنخفض الكثافة:

الكوليسترول هو مادة شمعيَّة تُوجَد في كلِّ خلية من خلايا الجسم، وقد يكون مصدره التصنيع داخل الجسم أو امتصاصَه من الأطعمة؛ إذ يحتاجه الجسم لتصنيع الهرمونات الستيروئيدية الهامَّة (وهنا رابط لشرح المُصطَلح ستيرويد - ويكيبيديا)، ومنها: الإستروجين، والبروجسترون - الإستروجين هو هرمون أنثوي يُفرَز من المبيضين، ويكون مسؤولاً عن النمو الجنسي الطبيعي وتنظيم الدورة الشهرية، أمَّا البروجسترون فيُفرَز من الجسم الأصفر، ويرتفع في مرحلة معيَّنة من الدورة الشهرية ليحرِّض حدوث الإباضة - والفيتامين د، كما يستخدم الجسمُ الكوليسترول لصناعة الأحماض الصفراوية داخل الكبد؛ وهي المسؤولة عن امتصاص الشحوم من الأطعمة في عملية الهضم في الأمعاء.

يُعَدُّ بعضُ الكوليسترول ضرورياً للوظائف الحيوية في الجسم، إلَّا أنَّه يمكننا الاستغناء عن الكوليسترول السيئ؛ إذ يمكن لمستويات الكوليسترول السيئ الفائضة أن تترسَّب داخل الشرايين؛ وتُدعَى هذه الترسُّبات باللُّويحات التي تسبب التصلب العصيدي - وهو أحد أنماط تصلُّب الشرايين تحدُث فيه تشوهات في جدران الشرايين تؤدي إلى تضيُّقها بسبب تراكم اللويحات الشحمية، ولا تبدأ أعراضه حتَّى منتصَف العمر - أو تصلُّب الشرايين، وهي تُعدُّ السبب الرئيسي للنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وغيرِها من الأمراض الوعائية.

إنَّ مستوى الكوليسترول الكُلي هو قياسٌ للكمية الكُليَّة من الكوليسترول التي تجول في الدوران الدموي، وتتضمَّن عدة مكوَِنات:

1. الكوليسترول "LDL" أو البروتين الشحمي منخفض الكثافة:

يُعرَف أنَّه الكوليسترول السيئ؛ إذ يساهم بطريقة مباشرة في تراكم اللويحات الشحمية داخل الشرايين، ويوجد نوع آخر له هو الكوليسترول "VLDL" أو البروتين الشحمي منخفض الكثافة جداً، وهو أيضاً المُركَّب السَّلَف الذي يُصنَّع منه الكوليسترول "LDL".

2. يتكوَّن الكوليسترول الكُلي في الجسم من ثلاثة أنواع للكوليسترول:

"HDL"+"VLDL"+"LDL".

3. الكوليسترول "HDL" أو البروتين الشحمي عالي الكثافة:

ويظنُّ الخبراء أنَّه عندما يصل إلى مستوياته المُثلى بمقدار 50 ملغ/ ديسيليتر ربَّما يساعد الجسم على التخلُّص من الكوليسترول السيئ "LDL".

عندما تنتشر أجزاءٌ من الأنواع الثلاثة السابقة في كلِّ أنحاء الجسم، يحدث ما يأتي، تميل جزيئات الكوليسترول السيئ "LDL" إلى الالتصاق ببطانة الشرايين كما عندما تتجمَّع رغوة الصابون في أنابيب الصرف الصحي، وعندما تلتصق بها فإنَّها تحرِّض على حدوث استجابة التهابية ردَّاً على وجودِها ليبدأ الجسم بتحويلها إلى لُوَيحات؛ والتي يسبب وجودها داخل الأوعية الدموية زيادة صلابة الأوعية، وتضييق جوفِها، ممَّا يعوق الجريان الدموي نحوَ الأعضاء الحيوية في الجسم مثل الدماغ، وعضلة القلب، ويؤدِّي بدوره إلى ارتفاع الضغط الدموي.

إضافة إلى ما سبق، يمكن أن تنفصل قطعٌ شحمية صغيرةٌ عن تلك اللويحات، وتسير مع الجريان الدموي لتستقرَّ في الشرايين الفرعيَّة الأصغر في الجسم مسبِّبةً نوبة قلبية أو سكتة دماغية، وتجدر الإشارة إلى أنَّ هذا التراكم للكوليسترول السيئ داخل الشرايين يبدأ منذ أوائل العشرينات من العمر.

ما ينبغي معرفتُه عن الشحوم الثلاثية:

الشحوم الثلاثية هي نوعٌ آخر من الشحوم الموجودة ضمن الدوران الدموي، والتي يجب أن تعيرَها النساء اهتماماً خاصاً؛ إذ تقول الدكتورة "مايكوس": "يبدو أنَّ المستويات العالية من الشحوم الثلاثية تتنبَّأ بخطورة أعلى للأمراض القلبية لدى النساء بالموازنة مع الرجال".

عندما يحتوي النظام الغذائي على كمية من الحُرَيرات أكبر من حاجة الجسم لها، يقوم الجسم بتحويل الحُرَيرات الإضافية إلى شحوم ثلاثية تُخزَّن داخل الخلايا الشحمية؛ إذ تُستخدم الشحوم الثلاثية استخداماً طبيعياً لتوليد الطاقة من قبل الجسم، إلَّا أنَّ الأشخاص الذين يعانون من زيادة مفرِطة في الشحوم الثلاثية معرَّضون لخطر أكبر للإصابة بمشكلات صحية من ضمنها الأمراض القلبية الوعائية.

يمكن لتناول المشروبات الكحولية بكثرة، والأطعمة الحاوية على السكريات البسيطة مثل الأغذية السكرية، والنشوية، والدهون المُشبَعة، والمتحوِّلة أن تساهم في رفع مستويات الشحوم الثلاثية، وكذلك يمكن لبعض الأمراض أن تسبب ارتفاعاً بها مثل: السكري، وقصور الغدة الدرقية، والبدانة، والأمراض الكلويَّة، ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات.

تَدُور الشحوم الثلاثية كذلك ضمن المجرى الدموي على شكل جزيئات، وهي تساهم أيضاً في تراكم اللويحات الشحمية داخل الشرايين، وتملك نساء عديدات يُعانين من ارتفاع الشحوم الثلاثية عوامل خطر إضافية للإصابة بالتصلب العصيدي، مثل: ارتفاع مستويات الكوليسترول السيئ "LDL"، أو انخفاض مستوى الكوليسترول الجيد "HDL"، أو مستويات غير طبيعية للغلوكوز أو سكر الدم، وقد أظهرَت الدراسات الوراثية أيضاً بعضَ الترابط بين الشحوم الثلاثية، والأمراض القلبية الوعائية.

الوقاية من ارتفاع مستويات الكوليسترول وعلاجُها:

الكوليسترول هو مركَّب طبيعي يوجد في الدوران الدموي لكلِّ البشر، ولكنَّكِ عندما تملكين مستويات عالية من هذه المادة الشحمية، فإنَّك تُعدَّين مصابةً بفرط شحوم الدم أو فرط كوليسترول الدم؛ والتي تُعَدُّ عامل خطر رئيسي للإصابة بالنوبات القلبية، والأمراض القلبية والسكتات الدماغية، إذ يُعاني 71 مليون شخص من الأمريكيين من ارتفاع الكوليسترول.

ما معنى مستوى الكوليسترول؟

يقيس الفحص الدموي المعياري للشحوم عادةً تركيزَ الكوليسترول الكُلي، والكوليسترول الجيد "HDL"، والشحوم الثلاثية، بينما يُقدَّر مستوى الكوليسترول السيئ "LDL" نموذجياً بالاعتماد على القيم السابقة باستخدام مُعادَلة ثابتة، وقد راجعها الباحثون في الآونة الأخيرة، وطوروها في مركز "جون هوبكينز" (Johns Hopkins) الطبي.

وفقاً للدكتورة "مايكوس" يجب أن يكون المستوى المثالي للكوليسترول السيئ "LDL" أقل من 70 ملغ/ ديسيليتر، كما يجب أن يُقارب مستوى الكوليسترول الجيد "HDL" لدى المرأة بصورة مثالية 50 ملغ/ ديسيليتر، وينبغي المحافظة على الشحوم الثلاثية بمستوى أقل من 150 ملغ/ ديسيليتر، وكما تشير "مايكوس"؛ فإنَّ مستويات الكولسترول الكلِّي الأدنى بكثير من 200 ملغ/ ديسيليتر هي الأفضل.

أسباب تأثير الكوليسترول بصورة مختلفة في النساء:

في العموم، تتمتع النساء بمستويات أعلى من الكوليسترول الجيد "HDL" بالموازنة مع الرجال؛ وذلك بفضل الإستروجين، وهو الهرمون الأنثوي الذي يعزز تصنيع هذا الكوليسترول الجيد، إلَّا أنَّ جسم المرأة تطرأ عليه كثير من التغييرات في سن اليأس؛ إذ تختبر معظم النساء حدوث تغيُّر في مستوى الكوليسترول لديهنَّ في هذه المرحلة؛ إذ يرتفع مستوى الكوليسترول الكلِّي والسيئ "LDL"، وتنخفض قيم الكوليسترول الجيد "HDL".

لذلك فإنَّ النساء اللواتي تمتَّعْنَ بمستويات مناسبة من الكوليسترول في سنوات الإنجاب، قد ينتهي بهنَّ المطاف بارتفاع مستوياته في السنوات اللاحقة، كما يمكن للعوامل الوراثية، وأسلوب الحياة الذي تتَّبعه السيدة أن يؤدي دوراً كبيراً في ذلك أيضاً.

شاهد: فوائد صحية لا تعرفونها عن أكل السمك

كيفية تخفيض مستويات الكوليسترول:

1. الوسائل الدوائية:

اعتماداً على نسبة الخطر الكلِّي لإصابتكِ بالأمراض القلبية الوعائية يمكن أن تُعالَجي بدواء مخفِّض للكوليسترول، مثل: الستاتينات، ويتعلق القرار باستخدام هذه الأدوية بنسبة الخطورة الكلية لدى المرأة للإصابة بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية مع الأخذ بالحسبان جميع عوامل الخطر، وقيم الكوليسترول السيئ "LDL" لديها.

وفقاً للدكتورة "مايكوس" يُوصَى بقوة بإعطاء الستاتينات، مثل: دواء وقائي من ارتفاع مستويات الكوليسترول في حال الإصابة المُسبَقة بمرض وعائي، أو وجود دليل على الإصابة بالتصلب العصيدي، أو في حال كنتِ معرَّضةً لخطر كبير للإصابة بأمراض قلبية وعائية، وذلك لأنَّ الستاتينات تعمل على معالجة اللويحات الشحمية داخل الشرايين، وتخفيض مستويات الكوليسترول السيئ "LDL".

إقرأ أيضاً: 10 أطعمة تخفّض نسبة الكوليسترول في الدم

2. الحمية الغذائية ونمط الحياة الصحي:

تُحدِّثنا الدكتورة "مايكوس": "تُعَدُّ الحمية الغذائية المتوازِنة واتباع نمط حياة صحي أموراً هامةً للغاية للمحافظة على مستويات صحية وملائمة للكوليسترول، وحتَّى بالنسبة إلى النساء المُوصَّى بإعطائهنَّ أدوية خافضة للكوليسترول؛ فإنَّ اتباع أسلوب حياة صحي ومتوازن، يساعد تلك الأدوية على أداء عملِها".

للمحافظة على أسلوب حياة صحي يعزِّز المستويات الملائمة للكوليسترول، عليكِ القيام بما يأتي:

  1. الحفاظ على وزن صحي لجسمكِ.
  2. عدم التدخين.
  3. ممارسة التمرينات الرياضية 30 دقيقة على الأقل لمدة خمسة أيام في الأسبوع أو أكثر.
  4. إغناء نظامِكِ الغذائي بالفواكه، والخضراوات، والبروتين الخالي من الدهون، وكميات كبيرة من الألياف القابلة للذوبان، والتي تُوجَد في الفاصولياء، والشوفان؛ إذ يمكنها إنقاص مستوى الكوليسترول السيئ "LDL".
  5. تجنَّبي المشروبات وعصائر الفواكه المُحلَّاة بالسكر، واختاري الماء والشاي غير المُحلَّى بدلاً منها، وقلِّلي من تناول السكريات البسيطة الأخرى كما في الخبز والكعك والمُعجَّنات والحلويَّات.
  6. الامتناع عن احتساء المشروبات الكحولية.
  7. حاولي اتِّباع حمية البحر الأبيض المتوسِّط والتي تتضمن كثيراً من الفواكه، والخضراوات، والأسماك، والخبز المصنوع من حبات القمح الكاملة، واستخدمي زيت الزيتون بدلاً من الزبدة، والبهارات والتوابل عِوَضاً عن الملح.
  8. أدخِلي الدهون غير المُشبَعة الأحادية والمتعدِّدة في نظامك الغذائي؛ مثل التي تُوجَد في زيت الزيتون، والمُكسَّرات، والأسماك الدهنية، مثل سمك السلمون؛ إذ تشير "مايكوس" إلى تأثيرها بصورة إيجابية في مستويات الكوليسترول بتقليل كمية الكوليسترول السيئ "LDL" في الدم، وتخفيف التفاعل الالتهابي في جدران الشرايين، وخصوصاً عند التوقُّف عن استهلاك الدهون المُشبَعة في النظام الغذائي واستبدالها بها.

قومي بإضافة ما يأتي إلى لائحة التسوق الخاصة بكِ:

  1. الأسماك الدهنية، مثل: سمك السلمون، والسلمون المُرقَّط، والإسقُمري، والسردين، والتونة البيضاء.
  2. المكسرات وتتضمن الجوز، واللوز، والبندق.
  3. زيت الزيتون وإضافة قليل منه إلى السلَطات والخضراوات.
إقرأ أيضاً: أعراض كوليسترول الدّم وطرق علاجه

في الختام:

لا يريد أيٌّ منا أن يعاني من ارتفاع الكوليسترول، وتوجد عدة طرائق لإبقائه تحت السيطرة، وتقول "مايكوس": "يمكن السيطرة على مستويات الكوليسترول والشحوم الدموية الأخرى لديكِ عن طريق الفحوصات المُنتظَمة، والانتباه لنظامكِ الغذائي للمحافظة على صحة قلبِكِ".

المصدر




مقالات مرتبطة