القيادة الفعالة وأساليب تحسين الإدارة والتنظيم

عند دخولي إلى أي مكان ناجح سواء كان شركةً أم محلَّاً تجارياً أم إحدى مؤسَّسات الدولة أم ما شابه ذلك من أماكن أثبتت تميُّزها عن غيرها وتركَتْ بصمة في المجتمع وأثراً إيجابياً في نفس كل مَن تعاملَ معها؛ أُفكِّرُ فقط في كميَّة الجهد المبذول للوصول إلى هذه النتيجة، فالنجاح يحتاج إلى تعب وسهر واجتهاد وتنظيم مهما كان مجال العمل، فمَن المسؤول عن النجاح هل الموظَّف أم المدير؟



بالطبع الموظَّف الملتزم بعمله الذي يؤدي واجباته على أكمل وجه وينجز مهامه في الوقت المطلوب له الفضل الكبير في تسيير أعمال الشركة التي يعمل لديها، ولكنَّ التزامه بالعمل أتى من راحته وسعادته بوجود الجو الملائِم المساعِد على خروج أفضل ما يُوجَدُ لديه من خبرات وقدرات ومهارات؛ وهذا يعني أنَّ نجاح أيَّة شركة صغيرة كانت أم كبيرة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقيادة الفعَّالة التي تحسِّن تنظيم الأعمال وإدارتها، فما هي القيادة الفعَّالة؟ وما هي أفضل طرائق القيادة والإدارة التي تُمكِّن الفرد من أن يصبح مديراً ناجحاً ومميزاً؟

مفهوم القيادة الفعَّالة:

القيادة الفعَّالة هي التي تجعل الموظف يعمل ويؤدي مهامه برغبة حقيقية في القيام بذلك دون انتظار نتائج معيَّنة؛ بل لأنَّه يشعر بأهميته وأهمية الرسالة التي يؤديها في المجتمع، فمهما واجه صعوباتٍ أو تعباً وإرهاقاً عند إنجازه لمَهمَّة ما، فسيعود إلى العمل ويبذل قصارى جهده ليُحقِّقَ نجاحاً أكبر في المَهمَّة التالية؛ أي القائد الفعَّال هو القائد المُلهِم للموظفين وهو مَن يضمن وجود الشخص المناسب في المكان المناسب؛ وهذا يوفِّر بيئة عمل تجعل الإنتاجية مضاعفة.

أساليب القيادة الفعَّالة في تحسين الإدارة والتنظيم:

يتمتَّع القائد الفعَّال بالعديد من المهارات والصفات التي تضمن حسن الإدارة وتنظيم الأعمال؛ فتضمن نجاح الشركة على الأمد الطويل، وأهمها ما يأتي:

1. الوجود الدائم في مكان العمل:

استلام المهام والمناصب الهامَّة والحسَّاسة يتطلَّب من أصحابها التزاماً كاملاً خلال ساعات العمل، ولا تعتقد أنَّه أمر بديهي؛ فالكثيرون من المديرين يخرجون خلال ساعات العمل فلا يدركون ما يحدث ضمن الشركة؛ لذلك لا يحسنون اتِّخاذ القرارات عند مواجهة مشكلة ما، أمَّا القائد الفعَّال فهو مَن يكون على اطِّلاع دائم على جميع الأحداث ويمتلك فكرة واضحة عن عمل كل فرد من أفراد المؤسَّسة، ومن ثم يمكنه تحديد أسباب أيَّة مشكلة تحدث في العمل، فتحديد الأسباب ومعالجتها جذرياً هو الطريقة المثلى لإيجاد الحل الأفضل، فلا تتعرَّض الشركة إلى نفس المشكلة لاحقاً.

2. مهارات الاتِّصال:

هي المهارات التي تجعل المدير قادراً على التحدُّث إلى الآخرين وإيصال أفكاره وطلباته بأسلوبٍ راقٍ بعيداً عن الصراخ أو الانتقاد، فحتى عندما يريد إيصال ملاحظة سلبيَّة للموظف؛ يقوم بذلك دون إحراجه أو جعله يشعر بالإهانة أو تأنيب الضمير.

3. التواصل المستمر مع الموظفين:

يرغب الموظف دائماً في أن يَشعُرَ بأهمية رأيه في العمل؛ فلا يأخذ الأوامر من مديره فقط؛ بل يستمع إليه مديرُهُ ويهتم بما يطرحه من أفكار، فالقائد الناجح هو مَن يَسمَح للموظفين بمشاركة أفكارهم معه ويتلقى الملاحظات المتعلقة بسير الأعمال، فتلك الملاحظات تساهم في تحسين الإنتاجية وتصبُّ في مصلحة العمل، كما أنَّ التواصُل الفعَّال يساهم في مساعدة الموظفين على فهم استراتيجية الشركة وفهم دورهم في تحقيق الأهداف العامة للعمل، ويمكن ذلك مثلاً من خلال تنظيم اجتماع مع الموظفين مرة واحدة أسبوعياً أو تخصيص ساعة يومياً بعد انتهاء ساعات العمل، فمَن يريد التحدُّث إلى المدير يمكنه ذلك.

4. الذكاء العاطفي:

الذي لا تقل أهميته عن تمتُّع الإنسان بالقدرات التقنيَّة والعلميَّة؛ وذلك ما جعلَ كثيراً من الشركات تُجري الاختبارات التي تقيس الذكاء العاطفي قبل قبول الموظفين في الوظيفة، ويمكن تعريفه بأنَّه القدرة على فهم المشاعر الخاصة وأثرها في الآخرين، فيصبح فهم مشاعر الآخرين - حتى غير الواضحة منها - أسهل؛ وهذا يزيد من القدرة على إدارة الأشخاص وإدارة العلاقات بالشكل الأمثل، وهذا ما يضمن حسن تعامُل المدير مع الموظفين ومع العملاء.

شاهد بالفيديو: 7 طرق يستطيع التواضع من خلالها أن يجعل منك قائداً

5. الصبر والمحافظة على الهدوء:

النجاح يتطلَّب الهدوء؛ وذلك لأنَّ طريقَهُ ممتلئٌ بالصعوبات التي تجعل الإنسان متوتراً؛ فلا يستطيع التفكير بشكل صحيح، والقيادة الفعَّالة تحتاج إلى حضور ذهني كامل ويقظة في المواقف الصعبة والتحلِّي بالصبر الكافي لضبط الأعصاب والتحكُّم بالمشاعر وأخذ الوقت الكافي قبل اتِّخاذ أي إجراء أو القيام بخطوة جديدة.

6. الجدارة بالثقة:

الإنسان لا يمكنه الالتزام بالعمل في مكان لا يشعر بالتزام مديره فيه؛ بل سيحفِّزه ذلك على التسيُّب والإهمال، ولتكون جديراً بالثقة؛ عليك التحلِّي بالنزاهة والإخلاص والتفاني في العمل، فتكون أعمال المدير دائماً تحت المنظار، وإن وعدَ موظفيه بأمر معيَّن، فيجب أن يسعى جاهداً إلى تحقيقه ليؤمنوا بصدقه وأمانته.

7. التعبير عن الشكر والامتنان:

يعتقد بعض المديرين أنَّ الموظف يحتاج إلى المال فقط من عمله، ولكنَّ تحفيز الموظَّف على الإبداع في عمله يتطلَّب جعله يشعر بالشكر والتقدير وبأنَّ جهده المبذول في العمل مُقدَّر ومرئي، ويمكن ذلك من خلال الثناء باستمرار على عمل الموظفين وذكر إنجازاتهم؛ وذلك لأنَّ تسليط الضوء على هذه الأمور يحفِّز الموظفين الآخرين، وتُصرَف مكافآت مادية عندما تسمح ميزانية الشركة بذلك أو تتم دعوتهم إلى حفل وتنظيم حفل في الشركة في المناسبات؛ حيث يساهم ذلك أيضاً في توطيد العلاقات بين الموظفين؛ فيشعرون كأنَّهم عائلة واحدة تربطهم الأهداف الواحدة؛ وهذا يزيد من اندفاعهم إلى العمل والتزامهم به.

8. التفكير الاستراتيجي:

من أهم صفات القائد الناجح أن يكون قادراً على رؤية الصورة واضحة أمامه؛ فيحدد أهداف العمل بناءً على ذلك، ومن ثم يحدد المهام اليومية والخطة التي سيتم السير وفقها للوصول إلى الأهداف النهائية التي قد تبدو في البداية أنَّها صعبة التحقيق، ولكنَّ دراسة الوضع ومعرفة القدرات والإمكانات بدقة ومدى قدرة الشركة على تطوير إمكاناتها وما الذي تحتاج إليه لتطوِّرَ الإمكانات يساعد على تحقيق الأحلام التي ستميز الشركة عن غيرها.

9. الإدارة الجيِّدة للميزانية:

المال هو أساس نجاح الأعمال؛ وهذا يعني أنَّ إدارته بالطريقة الصحيحة تساعد على تنظيم العمل في الشركة، والقائد الفعَّال هو مَن يمتلك فكرة واضحة عن كافة الأموال التي تتدفَّق إلى حساب الشركة أو التي تخرج منه، ويمتلك وثائق توضِّح كيفية سير الأمور المالية بدقة، والتمكُّن من إدارة الميزانية بشكل جيد يجعل الموظفين بأمان فلا تضيع حقوقهم، كما أنَّ الشركة ستكسب سمعة جيِّدة تشجِّع الناس على التعامُل معها.

10. تنظيم الوقت:

يجب أن يتعامل القائد مع الوقت على أنَّه من ذهب وأنَّ كل تأخير سيتسبَّبُ بآثار سلبية للشركة، فإن لم يتعامل كذلك، فلن يهتم الموظفون بالوقت أبداً؛ لذلك فإنَّ مَهمَّة القائد هي تحديد الوقت اللازم لإنجاز كل مَهمَّة، فلا يتأخَّر على العملاء ولا يحدُثُ تراكم للأعمال في الشركة؛ فيشعر الموظف بالحيرة بشأن العمل الذي سيبدأ به.

11. توزيع المسؤوليات بأفضل شكل:

تحقيق النجاح في العمل يتطلَّب من المدير تحديد الصفات والمهارات التي يجب أن يمتلكها العاملون في الشركة، فتأسيس بيئة عمل مميزة يتطلَّب وجود الأفراد المناسبين ممَّن يمكنهم القيام بالمهام التي يطلبها العمل، ويتطلَّب أيضاً مراعاة المستويات المختلفة في الكفاءات والخبرات بين أفراد فريق العمل، ومن الأفضل القيام بتبادل الأدوار والمهام من وقت إلى آخر لإبعاد الروتين والملل الذي يقلِّل من نشاط العاملين.

إقرأ أيضاً: دليلك الشامل لإتقان تفويض المهام بفاعلية

12. الإيجابية:

القائد الفعَّال هو المُلهِم كما قلنا سابقاً، وهذا يعني أنَّه لا يمكنه أن يكون سلبياً أبداً؛ بل عليه التحلِّي بالتفاؤل مهما كانت الظروف التي تعيشها الشركة، فلا يستسلم ولا ينتظر التحفيز من أحد؛ بل هو مَن سينشر الإيجابية بين أفراد فريق العمل ليحفِّزهم على الاستمرار في بذل الجهد ومحاولة تجاوز الصعوبات وحل المشكلات التي تواجه عملهم.

إقرأ أيضاً: فن القيادة ومهارات القائد الناجح

13. الجرأة:

بعض المشكلات التي تواجه العمل تتطلَّب التعامل معها بطريقة غير روتينية لحلِّها وتجاوزها؛ لذلكَ فإنَّ القائد الناجح هو مَن يستطيع الخروج من التفكير الروتيني الذي اتَّبعه القادة السابقون والتفكير بطريقة إبداعيَّة أكثر والجرأة عند اتِّخاذ القرارات وتجربة أشياء جديدة، لكنْ بعدَ التفكير جيداً وقبل فوات الأوان، وحتى إن لم يواجه العمل أيَّة مشكلات؛ فيجب أن يكون القائد مرناً ويرغب في التغيير والتطوير باستمرار كي لا تصل الشركة إلى مرحلة ركود، وعندها لن تستطيع تلبية متطلبات السوق؛ وذلك لأنَّنا في زمن التغييرات السريعة.

في الختام:

القيادة الفعَّالة هي التي تجعل الموظَّف يبذل قصارى جهده ليُحقِّقَ أهداف الشركة التي يعمل لديها، وينبع اندفاعه للعمل من داخله فلا يشعر بأنَّه مجبر؛ بل يسعى برضى إلى مضاعفة إنتاجية الشركة التي يعمل لديها، وليكون الإنسان قائداً فعَّالاً يجب أن يتمتَّع بالعديد من المهارات والصفات التي تجعله يُحسِن إدارة العمل وتنظيمه؛ كحضوره الدائم في مكان العمل ومتابعة مختلَف تفاصيل العمل.

يجب أن يمتلك القدرة على إيصال ما يريده بأسلوب راقٍ ومحترمٍ، ويتواصل بشكل مستمر مع الموظفين ويشكرهم على جهودهم المبذولة، كما أنَّ القيادة الفعَّالة تتطلَّب صبراً وهدوءاً عند مواجهة الصعوبات، وتتطلَّب تفكيراً إيجابياً يحفِّز الموظفين على الإبداع في العمل.

القائد الناجح هو مَن يستطيع كسب ثقة الآخرين من خلال التزامه بأسلوب حياة أخلاقي، ويستطيع أيضاً رؤية المستقبل بوضوح من خلال تفكيره الاستراتيجي، فيُحدِّد المهام التي يجب إنجازها ويُنظِّم الوقت فلا يضيع سدى، كما يُنظِّم العمل من خلال توكيل المهام إلى الأشخاص المناسبين وإدارة أموال الشركة بالشكل الذي يضمن حصول الموظفين على حقوقهم ويضمن تحقيق الأرباح العالية.




مقالات مرتبطة