العلاج بالصوت وتردداته قد يكون هو الدواء

بات أغلبنا يعاني من الضغط النفسي بسبب إيقاع الحياة السريع الذي نعيشه اليوم وكثرة الأشغال والمهام اليومية المطلوب إنجازها، وأصبحت الضوضاء هي السمة العامة لحياتنا، ومعظم أمراضنا العضوية هي نتيجة التوتر والقلق؛ وهذا ما يجعلنا بحاجة إلى أيَّة وسيلة أو تقنية يمكنها أن تساعدنا على التخلص من هذا الضغط.



لا بد أنَّك لاحظت كيف يتغير مزاجك عند الاستماع لصوت ما سواء كان جميلاً أم مزعجاً، فللأصوات قدرة سحرية على تغيير الحالة المزاجية للإنسان، ولعلَّك ستتفاجأ عندما نخبرك أنَّ ثمة تقنية تستخدم الصوت في العلاج وتحسين الحالة النفسية، وهي ليست اختراعاً جديداً؛ بل من أقدم العلاجات الطبيعية؛ إذ يصل عمرها إلى 5 آلاف عاماً، واستخدمتها أغلب الحضارات القديمة وخاصة شعوب آسيا الوسطى، وباسم "العلاج بالصوت أو حمام الصوت"، دعنا نتعرف في هذا المقال إلى هذه التقنية المثيرة للفضول.

أولاً: مفهوم العلاج بالصوت "حمام الصوت"

1. يُعتقد أنَّ القبائل الشامانية الموجودة في جبال الهيمالايا وفي نيبال والهند والصين (منطقة التبت):

هم من أوائل من استخدم "العلاج بالصوت"؛ إذ كان الرهبان البوذيون يستخدمون الأطباق التبتية في تعزيز الاسترخاء.

2. تُستخدم اليوم هذه التقنية في الهند ونيبال والتبت وعدد من دول القارة الأوروبية وفي تركيا وأمريكا:

وفي الفترة الأخيرة بدأت تنتشر في الإمارات العربية المتحدة.

3. "العلاج بالصوت":

هو تعريض الإنسان لموجات واهتزازات صوتية بدرجات متفاوتة لمعالجة ما يُعرف بالطيف أو الهالة أو الطاقة السلبية؛ وذلك عن طريق استخدام أطباق مصنوعة يدوياً من معادن مختلفة، ويتم الطرق عليها فتُصدر أصواتاً واهتزازات معينة تسري داخل جسم الإنسان وتُغير مجال طاقته وتُحسنها.

4. تكون هذه الأطباق والأواني عبارة عن:

أجراس وبلورات كريستال والطنين والرنين والهزازات والطبول الشامانية وشوك رنانة والمخشخشة وأوعية الغناء التبتية المستخدَمة في التبت التي تقع غرب الصين والمصنوعة من سبعة معادن (النحاس والفضة والذهب والقصدير والزئبق والرصاص والحديد، وكل معدن منها يتوافق مع أحد الشاكرات السبع وفق التقاليد التبتية).

5. يُفسِّر اختصاصيو العلاج بالصوت الأمر بأنَّ جسم الإنسان يتكون من نحو 70% من الماء:

لذا فإنَّ ضرب وعاء حول الجسم أو عليه يجعل الماء يعمل بوصفه مُوصلاً للاهتزازات إلى كافة أنحائه.

يوجد تفسير آخر بأنَّ الجسم يُصدِر مجالاً كهرومغناطيسياً؛ وهذا يجعل كل عضو فيه يهتز، لكن في حال المرض أو التوتر تختل هذه الاهتزازات، ويقوم العلاج بالصوت بفضل الاهتزازات التي يُحدثها للجسم بإصلاح اختلال اهتزازات الأعضاء وإعادتها إلى حالتها الطبيعية.

6. توجد أنواع عدة لعلاج الصوت:

وكل نوع منها يعالج حالة ما سواء نفسية أم جسدية؛ وذلك حسب الوعاء المستخدَم في العلاج والاهتزاز الذي يُحدِثه.

7. العلاج بالصوت كغيره من علاجات الطاقة الأخرى:

مثل العلاج بالزيوت العطرية والعلاج بالطاقة المهدئة للكريستال وتقنية الريكي، فكل هذه التقنيات تقوم على فكرة تبديل طاقة الجسم من سلبية إلى إيجابية، والشعور بالاسترخاء والتخلص من القلق والتوتر لدرجة أنَّ بعض الأشخاص ينامون في أثناء جلسة العلاج بالصوت على الرغم من أصوات الجرس والأواني المعدنية.

8. يرى اختصاصيو العلاج بالصوت:

أنَّ أكثر من 95% من الأمراض العضوية مرتبطة بالإجهاد والحالة النفسية السيئة.

9. لا يكون العلاج بالصوت مناسباً:

لمرضى الصرع والحوامل والأشخاص الذين لديهم حساسية تجاه أصوات المعادن.

ثانياً: العلاج بالصوت والعلاج بالموسيقى

يخلط بعض الناس بين العلاج بالصوت والعلاج بالموسيقى، ويُعتقد أنَّهما العلاج ذاته، والحقيقة أنَّهما يختلفان عن بعضهما، ففي عام 1896 بدأ الاهتمام بالموسيقى بوصفها وسيلة للعلاج والصفاء الذهني؛ وهذا ما لفت الانتباه إلى إمكانية العلاج بالغناء ثم بالترنيم والتنغيم، وفي النهاية تم التوصل إلى تقنية العلاج بالصوت.

يكمن الفرق بينهما في أنَّ العلاج بالموسيقى يستخدم أنواعاً مختلفة من الموسيقى، أما العلاج بالصوت يصنع أصواتاً خاصة بإيقاع معين مدروس ومقصود من خلال أواعٍ وأجراس معينة، فهو علاج بالاهتزازات الصوتية.

ثالثاً: جلسة العلاج بالصوت أم حمام الصوت؟

تمتد الجلسة إلى نحو 60 دقيقة ويُطلب من الشخص التمدد على فراش غالباً ما يكون موضوعاً على الأرض ومُحاطاً بمجموعة من الطاسات المعدنية ذات الأحجام المختلفة، ويقوم الاختصاصي بالنقر على هذه الأوعية من خلال مطرقة خشبية أو تدويرها حول محيط الوعاء وتوجيهها على أنحاء مختلفة من الجسم مع تدليك الجسم أو جانبي الرأس، والغاية من التدليك هي الشعور بالاسترخاء وتغلغل الأصوات والاهتزازات في الجسم، وفعلاً يبدأ الشخص بالشعور بالذبذبات تسري عميقاً في جسمه وعلى وجه الخصوص في يديه وقدميه.

يُفسِّر الدكتور "محمد المخزنجي" في كتابه "عن الطب البديل" تأثير العلاج بالصوت من خلال ثلاث نظريات، هي:

1. النظرية الأولى:

هي حسب الفيزياء الحديثة؛ فلكل جزء من المادة ذبذبة محددة تُمثل الحالة الطبيعية له، ولأنَّ جسم الإنسان في النهاية مُكوَّن من ذرات، فإنَّ لكل من أعضائه وأجزائه تردداً موجياً بعينه هو حالته الطبيعية السوية، وتكون هذه الترددات في منتهى الخفوت لدرجة لا يمكن سماعها، وعند إصابة الإنسان بالمرض أو الضغط النفسي، تختل هذه الترددات السوية ويختلف نمطها، فيأتي العلاج بالصوت ويُوجه موجات ذات تردد فعال لتعديل اختلال الموجات في أجزاء الجسم المصابة وإعادتها إلى حالتها السوية.

2. النظرية الثانية:

حسب الأسس الميكانيكية؛ فعندما تصل الموجات الصوتية إلى الأذن تتحوَّل إلى نبضات وتمر في الأعصاب وتصل إلى المخ الذي يقوم بتفسيرها ليتفاعل الجسم معها، أما العلاج بالصوت فهو يبعث موجات ترتطم بالجسم مُسببة ارتجاجات ميكروسكوبية وخافتة جداً، ولكنَّها كافية لتنشيط الدورة الدموية والخلايا الدقيقة في المكان الذي ارتطمت به من الجسم.

3. النظرية الثالثة:

حسب مفهوم الطاقة وتبعاً لطب "الأيوروفيدا" الهندي، توجد في جسم الإنسان 8 مراكز تسمى "الشاكرات" تتوزع على طول الجسم، وهي مسؤولة عن تدفق الطاقة إلى أعضاء الجسم، ولكل "شاكرا" ذبذبة معينة لها علاقة بالسلم الوظيفي، وتختل هذه الذبذبات عند المرض والضغوطات، ويُعيد لها العلاج بالصوت ترددها السوي.

رابعاً: فوائد العلاج بالصوت

ما تزال فوائد العلاج بالصوت بحاجة إلى مزيد من الأبحاث، فما تزال الأدلة العلمية عنها شحيحة، ووفقاً لبعض الدراسات وما قاله الأشخاص الذين اختبروا التجربة:

  1. يفيد الصوت في إزالة الطاقة السلبية والسماح للطاقة الإيجابية بالتدفق في جميع أنحاء الجسم.
  2. تعزيز الثقة بالنفس.
  3. التخلص من مشاعر القلق والخوف والاكتئاب.
  4. التخلص من الإدمان.
  5. التخلص من السلبية العاطفية.
  6. تعزيز الحدس والإبداع.
  7. المساعدة على تنظيم النوم والتخلص من الأرق.
  8. المساعدة على تحسين صحة الجسم وعلاجه من الأمراض، مثل تخفيف ارتفاع ضغط الدم وتنظيم عمل الغدة الدرقية ومعدل ضربات القلب ومعدل التنفس وتحسين المناعة وتخفيف آلام العمود الفقري.
  9. كما بيَّنت إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة (Psycho-Oncology) أنَّ العلاج بالصوت عزز الوظائف المعرفية لدى مرضى السرطان بعد مرحلة العلاج الكيميائي، وتحسنت الصحة العقلية والروحانية لهم.

خامساً: تأثير العلاج بالصوت وتردداته في الدماغ

يؤثر العلاج بالصوت تأثيراً مباشراً في الدماغ؛ إذ تتزامن ترددات الأصوات المختلفة مع موجات الدماغ وتجعلها تنتقل إلى موجات "ألفا" الواقعة بين تردد 8 و12 هرتز التي تحقق للإنسان حالة الاسترخاء العميقة، بخلاف موجات "بيتا" بين 12 و20 هرتز التي تتوافق مع حالة التركيز واليقظة، ثم يحقق العلاج بالصوت الوصول إلى موجات "ثيتا" بين تردد 4 و7 هرتز وهي حالة الاسترخاء والنوم، ومن ثم موجات "دلتا" بتردد أصغر من 4 هرتز وهي حالة النوم العميق.

إقرأ أيضاً: 5 حلول تخلص مدمني العمل من الإحساس بالتوتر

سادساً: تطور العلاج بالصوت

  1. قام العديد من الباحثين بدراسة تأثير الصوت في الإنسان ومنهم "ألفريد توماس" الذي أجرى أبحاثه على مدى خمسين عاماً وتوصَّل إلى أنَّ الأذن تتحكم بكامل الجسم.
  2. ليؤكد بعده كل من "فايبر مان" و"جويل سترينمر" أنَّ لكل جزء من جسم الإنسان نظاماً اهتزازياً خاصاً، ومن ثمَّ فإنَّ الصوت يؤثر في الإنسان.
  3. بدأ يتجاوز "العلاج بالصوت" فكرة صنع الأصوات بالمطرقة والوعاء لإحداث الاهتزازات المرغوبة في جسم الإنسان إلى حدِّ إنتاج أجهزة إلكترونية متخصصة بإطلاق هذه الترددات والاهتزازات.
  4. بعد ذلك بدأ الأطباء باختراع أجهزة تعتمد على تقنية "العلاج بالصوت"؛ فمثلاً قام الطبيب البريطاني "بيتر مانرز" بابتكار جهاز يُطلِق موجات صوتية للعلاج الموضعي، وتجعل هذه الموجات خلايا الجسم تتذبذب لتصل إلى التردد الصحي لها، وعُرفت طريقته باسم المعالجة السيمية.
  5. قام الطبيبان واختصاصيا الأذن الفرنسيان "د. جاي بيرار" و"د. ألفريد توماتي" بابتكار أجهزة مخصصة لإطلاق أصوات ذات موجات محددة بدقة تساعد أطفال التوحد والمصابين باللعثمة على سماع الأصوات والتواصل بشكل أفضل.
  6. قام الأطباء الفنلنديون في العقد الأخير من القرن العشرين بابتكار كرسي طبي يجلس فيه المريض ويتم إخضاعه إلى موجات صوتية من جهاز حاسوب وبثها عبر سماعات مثبتة في الكرسي، والغاية من هذه الطريقة هي خفض ضغط الدم المرتفع والتخلص من التوتر العصبي والوقاية من أمراض القلب والشرايين.
  7. ابتكر مُدرِّب الترنيم العلاجي "جيل بوريس" في نهاية القرن العشرين ما يُعرَف بـ "النغم المغولي الفائق"، وهي طريقة علاجية يتم تعليم الشخص فيها كيف يستخلص من صوته وإحداث نغمة عالية النقاوة تُدخله في حالات التأمل التي توصله إلى السلام الداخلي.
  8. عام 1999 قام عالم الأورام الشهير في أمريكا الشمالية "د. ميتشل إل جاينور" بدراسة قوى الصوت، وخصص مرجعاً باسم "أصوات الشفاء" يتحدث عن فضل الأطباق التبتية في دعم العلاجات الدوائية لمرض السرطان.

في نفس الفترة قام المهندس الفيزيائي "بيتر هيس" برحلة إلى نيبال ودرس كيفية عمل الأوعية الغنائية وتأثيرها في الإنسان، ثم قام بافتتاح أول مدرسة في شمال ألمانيا لتعليم العلاج بالصوت.

  1. عام 2011 بدأ مستشفى جامعة "سانت إتيان" باستخدام العلاج الصوتي في الرعاية التلطيفية للمرضى.
  2. يتم اليوم الترويج لتسجيلات علاجية تسمى "موسيقى الأواني" مصدرها التبت، لتصل إلى أوروبا وأمريكا، ويتم استخدام هذه الأصوات في جلسات التأمل العلاجي، بهدف إزالة التوتر والضغط العصبي وتفعيل مضادات الألم الطبيعية (الأندروفينات) التي تُحفز الشعور بالاسترخاء.
إقرأ أيضاً: 4 نصائح من الطب البديل لتنمية الذكاء العقلي لدى الإنسان

في الختام:

عِش التجربة ودع الصوت يمارس سحره:

يمكن عَدُّ "العلاج بالصوت" إحدى التقنيات العلاجية التي تساعدنا على التنفيس عما يختلج في صدرنا من مشاعر قلق وتوتر، وعلى استعادة سلامنا الداخلي وتوازننا النفسي ونقلنا إلى عالم آخر؛ حيث الشعور بالسكينة والهدوء، وتؤكد التجارب القصصية لمن اختبر العلاج بالصوت على حصوله على تجربة رائعة أشبه بعملية تنظيف للداخل وإثارة المشاعر المُقفلَة وتحريرها ومنحه طاقة سعادة.

لا بد أنَّ الأمر أثار فضولك؛ لذا نصيحتنا لك بالبحث عن مركز علاجي يقدم هذه التقنية، وخوض هذه العوالم لعلها تكون مُخلِّصك من تعبك وقلقك، وكل ما عليك هو أن تدع نفسك لاهتزازات الصوت لتمارس سحرها عليك.

المصادر: 1،2،3،4




مقالات مرتبطة