العقلية التي تميز القادة العظماء

سنقابل العديد من الرؤساء والمديرين التنفيذيين طوال حياتنا المهنية، ولكن من النادر جدَّاً أن نقابل مديرين حقيقيين، فكل مَن عملَ في الدرجات الدنيا من هرم الشركات يَعرف كم القائد ثمين وكيف أنَّه يُعَدُّ نقطة تحوُّلٍ في المسار الوظيفي، على الرغم من أنَّ هؤلاء القادة قليلون إلا أنَّك إذا عملتَ في شركة يقود قادتها موظفيهم فعلاً ولا يقتصر واجبهم على الإدارة والإشراف، فستجني فوائد هذه الميزة التي قد تغير حياتك.



بعدما لمستَ تأثيرات القائد الحقيقي عليك، فقد حان الوقت لتسأل نفسك كيف يمكِنك أن تصبح هذا القائد، ويتصرف القائد واضعاً نصب عينيه الوصول إلى مبتغاه، ويلهم الجميع ليفعلوا الشيء نفسه، كما يعي القادة الذين يتقنون هذا إتقاناً مميزاً أنَّهم بحاجة إلى تنظيم عملية يمكِن اتباعها حتى تنجح الشركة بجميع مستوياتها، ويجب أن يشمل هذا النظام الوصول إلى المعرفة والموارد ذات الصلة، وخطوات العمل المناسبة التي تعتمد على بعضها بعضاً وتتيح مساحةً للمساءلة في كل المراحل، فالعنصر الأساسي لتحفيز القائد المختبئ بداخلك هو العقلية، إلا أنَّ "العقلية" ومنظمات التدريب التي تختص بها أضحت رديئةً إلى حدٍّ ما في السنوات الأخيرة، فهناك الكثير من الغموض المحيط بهذه المفاهيم، ولكنَّ تغيير الشخصية من منظور كلي وروحي وعملي بالكامل بمساعدة مدرِّب مختص، سيخلق تحوُّلات حقيقية يمكِنها أن تغير حياتك.

العقلية الشخصية وعقلية الشركة:

يتطلب اتِّباع طريقة تفكير مفيدة للجميع في مكان العمل التعمق في الأمور التي تؤثر في حياتك الشخصية، وهذا يعني أنَّ الأشخاص الذين يشغلون مناصب قيادية يستعينون غالباً بمدرب. ببساطة، لا ينبغي لأحد أن يتوقع التعلم من قائد ليس له قائد بدوره، فالعقلية ليست نقطة نهاية؛ بل رحلة، وغالباً ما تُحدِّد أفعال الناس مجموعةً من المشكلات الشخصية التي ستظهر في حياتهم العملية لاحقاً؛ وبالتالي تؤثر في الناس على كل المستويات، فنحن نعلم أنَّ القضايا الشخصية مثل: الطلاق، والنزاع الأسري، والاكتئاب، تؤثر تأثيراً مباشراً في الأداء في العمل، ولكن إذا لم تتمكن من رؤية مصدر مشكلتك، فلا يمكِنك تجاوزها، وهنا تكمن أهمية المدرب، وعندما تُزال العوائق العاطفية، ويصبح الشخص سعيداً في كل جانب من جوانب حياته، يصبح أكثر إنتاجيةً وابتكاراً وإبداعاً. باختصار، شفاء عقليتك الشخصية سيُظهر أفضل ما في عقلية شركتك.

عقلية المال:

تمنع طريقة التفكير الخاطئة المتعلقة بالمال آلاف القادة من إدراك قوة إمكانياتهم، فقد أصبحنا مبرمجين على الاعتقاد بأنَّ مُرتَّبنا الشهري هو ما يحدد قيمتنا، على الرغم من صعوبة التحرر من نظام الاعتقاد هذا، إلا أنَّ الأجر مجرد رقم، وهذا الرقم لا يحدد قيمتك كشخص أو كمحترف، لذلك فإنَّ اعتقادك بأنَّ قيمتك من قيمة راتبك هو طريقة تضمن تدمير الذات، حيث تجعلك تقنع نفسك بأنَّك لستَ هاماً بما يكفي لاقتراح أفكار مبتكرة تُحدِث تغييراً جذرياً ومن شأنها أن تدفعك نحو المرحلة الحاسمة التالية في حياتك المهنية.

استمرت هذه العقلية بسبب الاختلافات الموجودة بين الأجيال التي ينتمي إليها زملاؤنا في العمل وأقرب المقربين إلينا، فيُطلب من أفراد الجيل زد (Gen-Z) مثلاً أن يحلموا بالمستحيل وأن يشقوا طريقهم إلى مناصب تحظى بالتنافس والتي لم يكن من الممكن أن يحلم جيل الألفية (millennials) أو جيل طفرة المواليد (boomers) بكسبها في وقت مبكر من حياتهم المهنية لأنَّ عقليتهم لم تُدرب على القيام بذلك، فربما يكون رئيسك من النوع الذي يقنعك بأنَّك يجب أن تكون ممتناً لحصولك على وظيفة وأن تلزم حدَّك، وبأنَّك لا يجب أن تتحدث إلا عندما يُسمَح لك، لكنَّنا نعيش في عالم مختلف الآن، حيث أصبحت العقلية واحدة من أهم الاعتبارات في بناء الشركات التي يقودها القادة الذين يحدثون التغيير ويبتكرون النمو بدلاً من الاستلام للركود.

إقرأ أيضاً: 6 أمور تخلصك من العقلية التقليدية وتجعلك قائداً عظيماً

التواضع:

لكي تكون قائداً يرغب الناس في اتباعه، يجب أن تتعامل بأريحيَّة مع تلقِّي المنتورينغ مثلما تتعامل بأريحيَّةٍ مع العمل منتوراً، ويعني هذا غالباً التخلي عن غرورك، والسماح لنفسك بأن ينظر إليك موظفوك على أنَّك ضعيف حتى يعلموا أنَّك تدعوهم إلى المشاركة في عملية صنع القرار، فهذا الأسلوب بعيد كل البعد عن الهيكل التقليدي الذي كان في السابق، وهو يشير إلى الثورة الصناعية، حيث يشكل هيكلاً هرمياً مقلوباً، يجلس وفقه المدير التنفيذي في أسفل الهرم، مما يمكِّن جميع العاملين في المستويات الدُنيا من تحمُّل مسؤولية مهامهم، مما يبني بدوره هيكلاً أقوى يدعم مَهمة الشركة.

يجب أن يتمتع المديرون التنفيذيون بطريقة تفكير سليمة لضمان سماع جميع الآراء، فمن الصعب أن تكون متواضعاً وأن تسير عكس ما هو متعارف عليه، ولكنَّ هذا الأسلوب سيُمكِّنك من أن تجد الابتكار والتحولات العقلية التي قد تقلب الموازين، كما يساعدك التعرف إلى وجهات نظر لم تستمع لها من قبل على توسيع نطاق تفكيرك لتصبح أفضل؛ فكل ما نريده حقاً في النهاية هو أن تكون بيئات العمل لدينا مكاناً يمكِننا فيه مشاركة الأفكار بثقة ومكاناً نُرى ونُسمع ونُحترم فيه.

العقلية الثابتة وعقلية النمو:

إذا كنتَ تحاول بدء رحلة نموك بمفردك، فربما تكون قد واجهتَ صوتك الداخلي المتشكك الذي يخبرك أنَّ بعض السمات مثل: الذكاء والموهبة هي سمات ثابتة؛ أي صفات يولد الناس وهم يتمتعون بها، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ العقلية تقع في مكان ما بين السمات الثابتة والمتغيرة، فنحن مبرمجون مسبقاً إلى حد ما، إلا أنَّه يمكِننا أن نتغير بالقليل من التدريب والمهارة بحيث نصبح أكثر قدرةً على مواجهة التحديات عندما نواجهها بدلاً من الهروب منها، حيث يؤدي التعامل مع التحديات وفق عقلية النمو إلى الشعور بالإثارة عند رؤية الفرص بدلاً من الشعور بالإرهاق الذي قد نشعر به إذا استخدمنا العقلية الثابتة، والثابت الوحيد في مجال الأعمال هو التغيير، فيجب أن تتحلى بالقدرة على التركيز والمرونة إذا أردتَ الارتقاء وصعود سلم النجاح، وتتطلب منك عقلية النمو الابتعاد عن طريقتك الخاصة حتى يتسنَّى لك اتخاذ القرار الصحيح بدلاً من اتخاذه بناءً على منظورك المحدود.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لتنمية عقلية النمو لتطوير الذات

ختاماً:

لن تصبح قائداً بين عشية وضحاها لأنَّ القيادة تعتمد على ملاءمتك لها، ولكي تكون ملائماً لها دائماً، يجب أن تكون دائم التطور، فحتى الأشخاص الذين يشغلون أعلى المناصب القيادية يحتاجون إلى خوض رحلة من النمو المستمر، ولا يجب أن يطبقوا مهاراتهم في النمو بطريقة سطحية، كما يُعدُّ العمل مع كوتش طريقةً هامة لاستمرار رحلة نمو الفرد. علاوة على ذلك، يمكِن أن توجد القيادة على جميع المستويات، حيث يمكِنك أن تكون قائداً للأشخاص من حولك في أي مستوىً من مستويات الشركة، رغم أنَّ المدير التنفيذي هو قائد للشركة بأكملها، والقدرة على التطور الدائم هي القاسم المشترك بين القادة في مختلف أرجاء العالم، وهي ما يميز كل ما يفعلونه وكل شخص يتواصلون معه. كن ذلك القائد، وستكون متميزاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة