ما هي بالضبط الثورة الصناعيّة الرابعة؟ ولماذا يجب أن تهتمّ بها؟
الثورة الصناعيّة الرابعة هي وسيلةٌ لوصف عدم وضوح الحدود بين العوالم الفيزيائيّة، والرقميّة، والبيولوجيّة. إنّها مزيجٌ من التّقدم في الذكاء الاصطناعيّ (AI)، والروبوتات، وإنترنت الأشياء (IoT)، والطباعة ثلاثيّة الأبعاد، والهندسة الوراثيّة، والحوسبة الكموميّة، وغيرها من التقنيات. كما أنّها القوّة الجماعيّة التي تقف وراء العديد من المنتجات والخدمات التي سُرعان ما أصبحت أساساً للحياة العصريّة. فمثلاً، فكّر في أنظمة GPS التي توحي بأسرع طريقٍ يُوصلكَ إلى الوجهة التي تريد، والمساعد الصوتي الذي يتم تنشيطه صوتياً مثل (Apple Siri)، وتوصيات Netflix المخصّصة، وقدرة الفيسبوك على التّعرف على وجهك ووضع علامةٍ باسمك في صورة أحد الأصدقاء.
نتيجةً لهذه العاصفة المثاليّة من التقنيات؛ تُمَهِّد الثورة الصناعية الرابعة الطريق إلى حدوث تغييراتٍ جذريّةٍ في الطريقة التي نعيش بها، وتعطيل كلّ قطاعات الأعمال تقريباً بشكلٍ جذري. والمهم والملفت أنّ كلّ شيءٍ يحدث بوتيرةٍ غير مسبوقةٍ ومرعبةٍ أحياناً.
من أين جاءت التسميّة؟
الثورة الصناعيّة الرابعة؛ هي التسميّة التي أطلقها المنتدى الاقتصاديّ العالميّ في دافوس، سويسرا، في عام 2016م، على الحلقة الأخيرة من "سلسلة الثورات الصناعيّة"؛ وهي قيد الانطلاق حالياً.
لقد أحدثت الثّورات الثّلاث السّابقة، التي بدأت في أواخر القرن الثّامن عشر، تغييراتٍ كبيرةً على حياتنا تمثَّلت بتطّور الحياة الزراعيّة البدائيّة، التي استمّرت نحو عشرة آلاف سنة، إلى حياةٍ تعتمد التكنولوجيا على المستويين الفرديّ والمجتمعيّ. يقول "كلاوس شواب"، المؤّسس والرئيس التنفيذيّ للمنتدى، في مستهلّ جدول أعمال المؤتمر لسنة 2016م: "إنّ حجم التّحول ونطاقه وتعقيداته، سيكون مختلفاً عمّا شهدته البشريّة من قبل".
وفي حين أنّ الثّورة الصناعيّة الرابعة (تسمّى أحيانًا 4IR أو Industry 4.0) من المقرّر أن تُغَيِّر المجتمع بشكلٍ لم يسبق له مثيل؛ لأنَّها تستند إلى الأسس التي وضعتها الثورات الصناعيّة الثلاث الأولى.
أدّى ظهور المحرك البخاريّ في القرن الثامن عشر إلى ثورةٍ صناعيّةٍ أولى، ممّا سمح بوجود مكنة الإنتاج لأوّل مرة، ودفع التّغيير الاجتماعيّ ليتزامن مع تزايد تحّضر الناس. وفي الثورة الصناعيّة الثّانية، أدّت الكهرباء والتّطورات العلميّة الأخرى إلى تضّخم الإنتاج. بينما شهدت الثورة الصناعيّة الثّالثة، التي بدأت في حقبة الخمسينات، ظهور أجهزة الكمبيوتر والتكنولوجيا الرقميّة؛ وقد أدّى ذلك إلى زيادة أتمتةِ التّصنيع، وإعادة تشكيل الصناعات، بما في ذلك البنوك والطاقة والاتصالات.
وصف كلاوس شواب (Klaus Schwab)، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، ومؤلف كتابٍ بعنوان "الثورة الصناعيّة الرابعة"؛ التّقدم اليوم بأنّه ثورةٌ جديدة. وفي مقالٍ نشره في عام 2016، كتب "شواب": "مثل الثورات التي سبقتها، فإنَّ الثورة الصناعيّة الرابعة لديها القدرة على رفع مستويات الدّخل العالميّة، وتحسين نوعيّة الحياة للسّكان في جميع أنحاء العالم".
وتابع: "في المستقبل، سيُؤّدي الابتكار التكنولوجي أيضاً إلى إحداث معجزةٍ في جانب العرض، مع مكاسب طويلة الأجل في الكفاءة والإنتاجيّة، وستنخفض تكاليف النّقل والاتصالات، وتصبح سلاسل الإمداد والتّموين العالميّة أكثر فاعليّة، وستقلّ تكلفة التجارة؛ وكلُّ ذلك سيفتح أسواقاً جديدةً، ويدفع بالنموّ الاقتصادي".
ليست هذه كلّها أخباراً جيّدة، إذ أشار "شواب" إلى أنّ الثورة يمكن أن تؤدي إلى مزيدٍ من عدم المساواة، لا سيما في قدرتها على تعطيل أسواق العمل. علاوةً على ذلك، قد يصبح سوق العمل معزولاً بشكلٍ متزايدٍ في عمالةٍ منخفضة المهارات ومنخفضة الأجر، مقابل عمالةٍ عالية المهارات وعالية الأجر؛ والتي يمكن أن تزيد من حدَّة التّوتر الاجتماعي.
وفقاً لشواب: "إنَّ التغييرات عميقةٌ لدرجة أنّه من منظور تاريخ البشرية لم يكن هناك وقتٌ مثل هذا يحمل في طيّاته وعداً وخطراً محتملاً في آنٍ معاً".
تاريخ الثّورات الصناعيّة:
إذا عدنا إلى التاريخ، فإنّ الثورة الصناعية الأولى استخدمت طاقة الماء والبخار في مكننة الإنتاج، بينما استخدمت الثورة الثانية الطاقة الكهربائية لخلق الإنتاج الضخم، واستخدمت الثورة الثالثة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات لأتمتة الإنتاج (Automation).
حقيقةً، عندما نناقش موضوع الصناعة؛ فإنَّنا نستحضر صوراً للمصانع الكبيرة، والمداخن التي يتصاعد منها الدخان الأسود، حيث تُجمَع المواد والمعدّات والموارد البشرية في مصانع كبيرةٍ وضخمة؛ لكنّ هذه الصورة تتغّير بشكلٍ كبيرٍ في الثوّرة الصناعيّة الرابعة.
الآن: تقوم الثورة الصناعيّة الرابعة بالبناء على الثورة الثالثة، وهي الثورة الرقميّة التي حدثت في منتصف القرن الماضي، إلا أنّها تتميّز عن الثالثة بمزيجٍ من التقنيّات التي أدَّت إلى إلغاء الخطوط الفاصلة بين المجالات الماديّة والرقميّة والبيولوجيّة.
هناك ثلاثة أسبابٍ تجعل تحوّلات اليوم لا تمّثل مجرد امتداد للثورة الصناعية الثالثة فحسب، بل وتوصل إلى ثورةٍ رابعةٍ ومتمّيزة، وهي: السرعة الكبيرة، والنطاق المتّسع، وتأثير الأنظمة المتداخلة. فالسرعة الكبيرة التي تسير بها الثورة الرابعة لا سابقَ تاريخيّ لها، وذلك عند مقارنتها بالثورات الصناعيّة السابقة؛ إذ إنَّ الرابعة تتطوّر بوتيرةٍ أُسيّةٍ وليس خطِّيّة.
إنّ اتساع وعمق هذه التغييرات يبّشران بتحول أنظمة الإنتاج والإدارة والحكم بأكملها (من كتاب طريقة كلفر – هارفرد بزنس ريفيو).
لقد أصبح لدى المليارات من الأشخاص إمكانياتٌ للتواصل بالأجهزة المحمولة، مع القدرة على معالجة البيانات بطرائق غير مسبوقة، وزيادة سعات التخزين، والوصول إلى المعرفة بدرجةٍ غير محدودة. سوف تتضاعف هذه الاحتمالات باختراقاتٍ تكنولوجيةٍ ناشئةٍ في مجالات مثل: الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والمركبات المستقلة، والطباعة ثلاثيّة الأبعاد، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيويّة، وعلوم المواد، وتخزين الطاقة، والحوسبّة الكموميّة.
إنَّ الذكاء الاصطناعي يحيط بنا فعليّاً، متمّثلاً في: السيارات ذاتيّة القيادة، والطائرات من دون طيار، وصولاً إلى المساعدين الصوتيين، والبرامج التي تُترجم أو تستثمر. ولقد أُحرِز تقدمٌ مثيرٌ للإعجاب في مجال الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بالزيادات الهائلة في القدرة الحاسوبيّة، وتوافر كميّاتٍ هائلةٍ من البيانات، بدءاً من البرامج المستخدمة لاكتشاف الأدويّة الجديدة إلى الخوارزميّات المستخدمة للتنبؤ بمصالحنا الثقافيّة. وفي الوقت نفسه، تتفاعل تقنيات التصنيع الرقميّة مع العالم البيولوجيّ يوميّاً؛ حيث يدمج المهندسون والمصممون والمهندسون المعماريون بين التصميم الحسابي، والتصنيع الإضافي، وهندسة المواد، والبيولوجيا التركيبية؛ لزيادة التعايش بين الكائنات الحيّة الدقيقة وأجسامنا والمنتجات التي نستهلكها، وحتّى المباني التي نعيش فيها (يمكننا الاطلاع على مصطلحات الثورة الصناعيّة الرابعة هنا).
ما هي التقنيّات التي تقود التغيير؟
أسهل طريقةٍ لفهم الثورة الصناعيّة الرابعة هي التّركيز على التقنيات التي تقودها. وتشمل هذه التقنيات ما يلي:
الذكاء الاصطناعيّ (AI):
هو عبارةٌ عن أجهزة كمبيوترٍ يمكن أن تفّكر مثل البشر، وتستطيع التعرف على الأنماط المعقدة، ومعالجة المعلومات، واستخلاص النتائج، وتقديم التوصيات. يتمّ استخدام الذكاء الاصطناعي بعدّة طرق، بدءاً من اكتشاف الأنماط في أكوامٍ ضخمةٍ من البيانات غير المهيكلَة، إلى تشغيل التّصحيح التّلقائي للكلمات التي تقوم بكتابتها على هاتفك.
سلسلة الكتل (Block chain):
هي طريقةٌ آمنةٌ وغير مركزيّةٍ وشفافةٌ لتسجيل البيانات ومشاركتها، دون الحاجة إلى الاعتماد على وسطاء خارجيين. العملة الرقميّة (البتكوين) هي أفضل تطبيقٍ معروفٍ من تطبيقات سلسلة الكتل تلك. ومع ذلك، يمكن استخدام التكنولوجيا بطرائق أخرى، بما في ذلك: جعل سلاسل الإمداد قابلةً للتّتبع، وتأمين البيانات الطبيّة الحسّاسة دون الكشف عن هويّتها، ومكافحة تزوير الناخبين، وغيرها من التطبيقات.
التقنيات الحاسوبيّة الجديدة:
وهي التقنيات التي تجعل أجهزة الكمبيوتر أكثر ذكاءً، وتمّكنها من معالجة كمياتٍ هائلةٍ من البيانات بشكلٍ أسرع من أيّ وقتٍ مضى. لقد سمح ظهور "السحابة الالكترونية" للشركات بتخزين معلوماتها والوصول إليها بأمانٍ، ومن أيّ مكانٍ، وفي أي وقت؛ من خلال الاتصال بالإنترنت. كما أنَّ تقنيات الحوسبة الكمومية -قيد التطوير- ستجعل أجهزة الكمبيوتر أكثر قوةً بملايين المرات. وسيكون لهذه الأجهزة القدرة على الشحن الزائد (AI)، وإنشاء نماذج بيانات معقّدة للغاية في ثوانٍ، وتسريع اكتشاف موادٍ جديدة.
الواقع الافتراضي (VR):
يقّدم الواقع الافتراضي تجارب رقميّةً غامرةً تحاكي العالم الواقعي، بينما يدمج الواقع المعزّز بين العالمين الرقمي والمادي. من الأمثلة على ذلك: تطبيق ماكياج L’Oréal الذي يتيح للمستخدمين تجربة منتجات المكياج رقميّاً قبل شرائها، وتطبيق ترجمة جوجل للهواتف المحمولة، والذي يتيح للمستخدمين مسح علامات الشوارع والقوائم والنصوص الأخرى وترجمتها على الفور.
التقنيّة الحيويّة:
تُسخِّر العمليات الخلويّة والجزيئيّة الحيويّة لتطوير تكنولوجيّاتٍ ومنتجاتٍ جديدةٍ لمجموعةٍ من الاستخدامات، بما في ذلك: تطوير أدويةٍ، وموادٍ جديدةٍ، وعمليات تصنيع أكثر كفاءة، ومصادر طاقة أنظف. يعمل الباحثون في ستوكهولم، على سبيل المثال، على ما يُوصَف بأنّه أقوى مادةٍ حيويّةٍ يجري إنتاجها على الإطلاق.
الروبوتات:
يُسعَى إلى تصميم وتصنيع وإعداد الروبوتات للاستخدام الشخصيّ والتجاري؛ إلّا أنّنا لم نرَ بعد مساعداً على شكل روبوت في كلّ منزل. إنّ التقدم التكنولوجي جعل الروبوتات معقدةً ومتطورةً بشكلٍ متزايد، والتي يتمّ استخدامها في مجالاتٍ واسعة النطاق مثل: التصنيع، والصحة والسلامة العامة، والمساعدة الإنسانيّة.
الطباعة ثلاثيّة الأبعاد:
تتيح هذه التقنيّة للشركات الصناعيّة طباعة أجزائها الخاصة باستخدام أدواتٍ أقلّ عدداً وتكلفة، وأسرع من العمليّات التقليديّة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تخصيص التصميمات لضمان ملاءمةٍ مثاليّة.
المواد المبتكرة:
بما في ذلك البلاستيك والسبائك المعدنية والمواد الحيوية، والتي تَعِدُ بتحطيم القطّاعات، بما في ذلك التصنيع والطاقة المتجددة والبناء والرعاية الصحية.
إنترنت الأشياء:
يشرح إنترنت الأشياء فكرة العناصر اليوميّة -من الأجهزة الطبية التي تُراقب الحالة الماديّة للمستخدمين، إلى السيارات وأجهزة التتبع المدرجة في الطرود- كونها متصلةٌ بالإنترنت، ويمكن التّعرف عليها بواسطة أجهزةٍ أخرى. كما يشّكل ميزةً إضافيّة للشركات تتمثّل في استطاعتها جمع بيانات العملاء من المنتجات المّتصلة باستمرار، مما يسمح لها بقياساتٍ أفضل لكيفيّة استخدام العملاء للمنتجات، وتصميم حملات التسويق وفقاً لذلك. هناك أيضاً العديد من التطبيقات الصناعية، مثل: قيام المزارعين بوضع مستشعرات إنترنت الأشياء في الحقول؛ لمراقبة خصائص التربة واتخاذ القرارات المناسبة فيما يخصُّ وقت التخصيب والحصاد والرّي.
الثورة الصناعية الرابعة بين التحديات والفرص:
مثل الثورات التي سبقتها، فإنّ الثورة الصناعية الرابعة لديها القدرة على رفع مستويات الدخل العالمية، وتحسين نوعيّة الحياة للسكان في جميع أنحاء العالم. حتّى الآن، الذين استفادوا من هذه التقنيات هم المستهلكون القادرون على تحّمل تكاليف العالم الرقمي والوصول إليه؛ إذ سمحت التكنولوجيا للمنتجات والخدمات الجديدة المتاحة بأن تزيد من كفاءة ومتعة حياتنا الشخصيّة. فطلب سيارة أجرةٍ، أو حجز رحلة طيرانٍ، أو شراء منتجٍ، أو إجراء الدفع، أو الاستماع إلى الموسيقى، أو مشاهدة فيلمٍ، أو لعب لعبة، يُجرى الآن عن بُعد.
في الوقت نفسه، وكما أشار الاقتصاديان "إريك برينجولفسون" و"أندرو مكافي" (Erik Brynjolfsson and Andrew McAfee)، يمكن أن تُسفر الثورة عن قدرٍ أكبر من عدم المساواة، لا سيما في قدرتها على تعطيل أسواق العمل؛ نظراً لأنّ التشغيل الآلي يحلّ محلّ العمّالة. وإنّ هذا التغيير في بيئة العمل وإحلال الآلات محلّ العمالة قد يؤدي إلى تفاقم الفجوة بين العائد إلى رأس المال، والعائد على العمل. من ناحيةٍ أخرى، من الممكن أيضاً أن تؤدي التكنولوجيا إلى زيادة البطالة في الوظائف من فئة "العمال"، بينما قد تؤدي في الوقت ذاته إلى زيادةٍ وافيةٍ في الوظائف الآمنة والمجزية التي تتطلّب مهاراتٍ عالية.
تأثير الثورة الصناعية الرابعة على بيئة العمل:
من الموضوعات الأساسيّة في نقاشات كبار المديرين التنفيذيين العالميين، وكبار رجال الأعمال التنفيذيين أنّ تسريع الابتكار وسرعة التغييرات يصعب فهمهما أو توقعهما، وأنّ هذان الدافعان يشّكلان مصدر مفاجآتٍ مستمرة، حتّى بالنسبة لأفضل المؤسسات استعداداً وجاهزيّة، وأكثرها تواصلاً مع العالم الخارجي. في الواقع، هنالك دليلٌ واضحٌ على أنّ التقنيات التي تقوم عليها الثورة الصناعية الرابعة، لها تأثيرٌ كبيرٌ على الشركات، وفي كافة القطّاعات.
ليس هناك مكانٌ يحتمل أن نشعر فيه بالثورة الصناعية الرابعة أكثر من مكان العمل. فكما هو الحال مع الثورات الصناعيّة السابقة، فإنّ الثورة الصناعية الرابعة ستؤثر تأثيراً عميقاً على حياة الناس؛ لأنّ الذكاء الاصطناعي وزيادة الأتمتة يؤديان إلى اختفاء العديد من أنواع الوظائف. في الوقت نفسه، تظهر فئاتٌ جديدةٌ تماماً من الوظائف التي تتطلّب نوعاً مختلفاً من المهارات والقدرات.
يقول مستشار الأعمال والتكنولوجيا الاستراتيجي "بيرنارد مار" (Bernard Marr): إنّ أجهزة الكمبيوتر والأتمتة ستعمل بطريقةٍ جديدةٍ تماماً، حيث تُربَط الروبوتات عن بُعد بأنظمة الكمبيوتر المزوّدة بخوارزميات تَعَلُّم الآلة التي يمكنها برمجة الروبوتات والتحكم بها باستخدام مدخلاتٍ قليلةٍ جداً من المشغلين البشريين".
وأضاف: "إنّنا نشهد ما يسمى "المصنع الذكي" خلال الثورة الصناعية الرابعة، حيث تراقب الأنظمة الفيزيائيّة العمليات الماديّة للمصنع، وتتخذ قراراتٍ لا مركزيّة".
ونظراً لأنّ الثورة الصناعية الرابعة تُعيد صياغة مستقبل العمل، فيجب على الشركات إعداد أفرادها لمواجهة العالم الجديد الذي ينتظرنا. هذا يعني -في الغالب- زيادة التركيز على التعلم المستمر، وبناء مزيدٍ من المسارات والفرص لتوفير أنواعٍ جديدةٍ من الوظائف، والالتزام بالتنوع في الخيارات.
فمن ناحية التوريدات، تشهد العديد من الصناعات إدخال تقنياتٍ جديدةٍ تخلق طرقاً جديدةً تماماً لتلبية الاحتياجات الحاليّة، وتعطِّل بشكلٍ كبيرٍ سلاسل التوريد الحاليّة للصناعة. يمتدُّ التأثير أيضاً إلى المنافسين الرائعين والمبتكرين الذين وبفضل إمكانيّة الوصول إلى المنصات الرقمية العالمية للبحث والتطوير والتسويق والمبيعات والتوزيع؛ بات بمقدورهم منافسة وإزاحة الشركات العتيقة القائمة بسرعةٍ أكبر من أيّ وقتٍ مضى، وذلك من خلال تحسين جودة وسرعة وسعر المنتجات.
كما يُتوقع حدوث تحولاتٍ كبيرةٍ في جانب الطلب، حيث تُجبِر الشفافيّة المتزايدة، ووعي المستهلك، وانتشار أنماطٍ جديدةٍ لسلوكاته المبنيّة بشكلٍ متزايدٍ على الوصول إلى شبكات وبيانات الهاتف المحمول والإنترنت - الشركات على تكييف طريقة تصميم المنتجات والخدمات وتسويقها وتقديمها.
يتمثل الاتجاه الرئيس الآخر في تطوير المنصات التي تدعم التكنولوجيا، والتي تجمع بين كلٍّ من العرض والطلب معاً؛ معطِّلةً بذلك النماذج الهيكليّة للصناعة الحالية. كما تُتيح منصات التكنولوجيا هذه -والتي يَسهُل استخدامها بواسطة دعوةٍ صغيرةٍ من هاتفك الذكي- مشاركة الأشخاص والمؤسساتِ البياناتَ والمعلوماتَ كافّة بشكلٍ سريعٍ وسلس. تُتيح هذه المنصات إنشاء طرائق جديدة تماماً لاستهلاك السلع والخدمات، والتي تختلف عن النمط السائد. بالإضافة إلى ذلك، تقلّل هذه المنصات الالكترونية الحواجز أمام الشّركات والأفراد لتكوين الثروة، وتغيير البيئات الشخصيّة والمهنيّة للموظفين.
لذا تلاحظ تزايد الأعمال على المنصات الجديدة بسرعةٍ تتيح مجموعةً غير متناهيةٍ من الخدمات الجديدة، بدءاً من غسيل الملابس إلى التسوق، ومن الأعمال المنزليّة إلى مواقف السيارات، ومن توفير الأطعمة والمواد الغذائيّة إلى المشروبات، ومن خدمات المسّاج إلى السفر.
إذا أجملنا القول، فهنالك أربعة تأثيراتٍ رئيسةٍ للثورة الصناعيّة الرابعة على الأعمال:
- توقعات العملاء.
- تحسين المنتجات.
- الابتكار التعاوني.
- الهياكل التنظيميّة للمؤسسات.
سواءً أكان المستهلكون أم الشركات، فقد أصبح العملاء -بشكلٍ متزايد- مركز الاهتمام للاقتصاد، والذي يدور حول تحسين طريقة خدمة العملاء. علاوةً على ذلك، يمكن الآن تحسين المنتجات والخدمات الماديّة من خلال إمكانيّات المنصات الالكترونية والعالم الرقمي، والتي ترفع من قيمة هذه المنتجات والخدمات، وتقربها من العملاء بشكلٍ مدهش. تساعد التقنيات الحديثة على جعل الأصول أكثر متانةً ومرونةً وموثوقيّة، وأسهل في المحافظة عليها وصيانتها، وحتّى نقلها من مكانٍ إلى آخر.
وفي هذه الأثناء، يتطلّب العالم القائم على تحقيق رضا العملاء، والخدمات المستندة إلى البيانات، وأداء الأصول من خلال التحليلات والإدارة عن بعد؛ أشكالاً جديدةً من التعاون، لاسيما بالنظر إلى السرعة التي يحدث فيها الابتكار وتنفيذه ونشره. أخيراً، يعني هذا أنّه يجب إعادة التفكير في المواهب والثقافة والأشكال التنظيمية.
توقعات العملاء: لن يكون هذا أكثر وضوحاً من تجربة العملاء. فمع التكنولوجيا التي تُمكِّن الشركات من تقديم خدماتٍ أكبر وخبراتٍ أكثر قيمةً ومتصلةً عبر الإنترنت، فقد أصبح لدى العملاء بالفعل خياراتٌ أكثر من أيّ وقت مضى، وباتوا لا يخشون تبديل العلامات التجارية؛ للحصول على تجربة استخدامٍ أفضل. يُظهٍر البحث أنّ حوالي نصف العملاء يقولون أنّ معظم الشركات لا ترقى إلى مستوى توقعاتهم فيما يتعلّق بالحصول على تجارب بيعٍ مناسبة، في حين أفاد 76٪ من العملاء أنّه قد أصبح من السهل نقل أعمالهم التجاريّة إلى أي مكان آخر. وهذا يعني أنَّ الشركات يجب أن تركز أكثر على تقديم تجربةٍ جديدةٍ للعملاء تمّيزها عن المنافسين؛ حيث أحجمَ 57٪ من العملاء عن الشراء من شركةٍ معيّنة؛ لأنّ المنافس قدّم تجربةً أفضل. والأكثر من ذلك، قال 62٪ أنّهم يشاركون مع الآخرين تجاربهم السيئة.
ونظراً لأنّ العملاء اليوم يتوقعون تجارب شخصيّة، فإنّ جمع بيانات الجودة بات أكثر أهميّة للشركات من أيّ وقت مضى. لسوء الحظ، وجد البحث أيضاً أنّ 57٪ من العملاء غير مرتاحين لكيفيّة استخدام الشركات لمعلوماتهم الشخصيّة أو التجاريّة. إذ ظهر أنَّ ما يقرب من الثلثين (62٪) قد باتوا أكثر خوفاً من تعّرض بياناتهم للخطر الآن، قياساً عمَّا كانت عليه قبل عامين.
وللحفاظ على ولاء العملاء، لا تحتاج الشركات إلى تقديم مبيعاتٍ وخدماتٍ استثنائيّةً عبر الإنترنت فحسب، بل إلى إثبات أنّ مصالح العملاء لها الأفضليّة، وتحظى باهتمامٍ بالغٍ أيضاً.
يعتقد رئيس فريق Salesforce والرئيس التنفيذي المشارك، مارك بينيوف، أنّ هناك حاجةً إلى "ثورة ثقة" إذا أرادت الشركات أن تتبنّى بالكامل إمكانات الثورة الصناعية الرابعة؛ وقال: "إنّ نشر الذكاء الاصطناعي سيتطلّب نوعاً من إعادة النظر إلى الطريقة التي تفكر بها الشركات في الخصوصيّة والأمان. حيث يقوم الذكاء الاصطناعي على تغذيته بالبيانات؛ فكلّما عرفت الآلة معلوماتٍ أكثر عنك، أصبح بمقدورها التنبؤ باحتياجاتك والتصرف نيابةً عنك. ولكن مع تحوّل البيانات إلى عملة حياتنا الرقميّة، يتعيّن على الشركات ضمان خصوصيّة وأمان معلومات العميل. وليس هناك ثقةٌ بدون شفافيّة؛ إذ يتعيّن على الشركات إعطاء العملاء توضيحاتٍ حول كيفيّة استخدام بياناتهم الشخصيّة".
عموماً، إنّ التحول الثابت من الرقمنة البسيطة (الثورة الصناعية الثالثة) إلى الابتكار القائم على مزيجٍ من التقنيات (الثورة الصناعية الرابعة)، يجبر الشركات على إعادة النظر في الطريقة التي تعمل بها. ومع ذلك، فإنّ خلاصة القول هي نفسها، والتي تتكرّر بأشكالٍ مختلفة حاملةً المعنى ذاته: يحتاج قادة الأعمال وكبار المسؤولين التنفيذيين إلى فهم بيئتهم المتغيرة، وتحدي الافتراضات الحالية لفِرَقِهِم وأفرادهم، وتشجيع الابتكار، وتوفير بيئةٍ صحيّةٍ للإبداع باستمرار.
تأثير الثورة الصناعية الرابعة على الحكومات:
مع استمرار تلاقي العوالم المادية والرقمية والبيولوجية، ستُمكِّنُ التقنيات الحديثة والمنصات الجديدة -بشكلٍ متزايدٍ- المواطنين من التفاعل مع الحكومات، والتعبير عن آرائهم، وتنسيق جهودهم، وحتّى التحايل على إشراف السلطات العامة. وفي الوقت نفسه، ستكتسب الحكومات قوىً تكنولوجيّة جديدةً؛ لزيادة سيطرتها على السكان، وبناء أنظمةٍ ذكيّةٍ للمراقبة، تكون قادرةً على التّحكم في البنيّة التحتيّة الرقميّة. على وجه العموم، ستواجه الحكومات ضغوطاتٍ متزايدةً لتغيير نهجها الحالي تجاه المشاركة العامة وصنع السياسات، حيث أنّ دورها المركزي في إدارة السياسة يتناقص بسبب المصادر الجديدة للمنافسة، وإعادة توزيع السلطة وتحقيق اللامركزية فيها، وهو النَّهج الذي تتيحه التكنولوجيات الجديدة.
في نهاية المطاف، فإن قدرة الأنظمة الحكومية والسلطات العامة على التّكيف ستحدّد مدى بقائها؛ ذلك إن أثبتوا أنّهم قادرون على احتضان سكّانهم الذين يزدادون ذكاءً من الناحية التقنية، وقدرةً على المناورة وكشف التغييرات، وإخضاع هياكلهم إلى مستوياتٍ عاليةٍ من الشفافيّة والكفاءة التي تمّكنهم من الحفاظ على قدرتهم التنافسيّة. وإذا لم يتمكنوا من التطّور، فسوف يواجهون مشكلةً متزايدةً في إدارتهم والتعامل مع متطلباتهم المتجددة.
ما الذي يجب على الشركات فعله للمحافظة على موظفيها في المستقبل؟
ستحتاج الشركات إلى ضمان امتلاكها للمزيج الصحيح من المهارات لدى موظفيها بُغيةَ مواكبة التكنولوجيا المتغيرة. أظهرت دراسةٌ أنّ 59٪ من مديري التوظيف يعتقدون أنّ الذكاء الاصطناعي سوف يؤثر على أنواع المهارات التي تحتاجها شركاتهم. حيث سيحتاج الموظفون إلى تحديث مهاراتهم، ليس لمرةٍ واحدةٍ فحسب، وإنّما لعدة مراتٍ طوال حياتهم المهنيّة. يتساءل العديد من كبار المسؤولين التنفيذيين: كيف سيتم تحقيق كل هذا؟ ومن سيتحمل تلك التكاليف الباهظة؟
عالجت إيبوني فريليكس (Ebony Frelix)، نائبة الرئيس التنفيذي وكبيرة موظفي الأعمال الخيرية في Salesforce.org، هذه القضيّة حين قالت: "إنّ على الشركات والحكومات أن تتقاسم مسؤولية رفع مهارات موظفيها. ففي الثورة الصناعية الرابعة، سيكون من المهمّ إنشاء مساراتٍ غير تقليديّة لبناء المهارات".
كيف نضمن أنّ الثورة الصناعية الرابعة جيدة للجميع؟
مع قيام الثورة الصناعية الرابعة بتقديم فرصٍ وتحدياتٍ هائلة، فإنّ الأمر متروكٌ لنا جميعاً للعمل معاً؛ لضمان استفادة الجميع منها.
يؤكد "برنارد مار": "يجب أن يكون البشر سبّاقين في تشكيل هذه التكنولوجيا وتعطيلها. وهذا يتطلّب تعاوناً عالمياً ورؤيةً مشتركةً لكيفيّة إعادة تشكيل التكنولوجيا لحياتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفردية".
ومع وجود شركاتٍ في طليعة الثورة الصناعية الرابعة، مثل: "جوجل Google" و"أي بي إم IBM" و"سيمنز Siemens" وغيرها؛ تقود كلّاً من الابتكار والاضطراب الاجتماعي، يجب عليها أيضاً أن تلعب دوراً محورياً في ضمان تلبيّة احتياجات جميع أصحاب المصلحة، وليس احتياجات المساهمين فقط.
ومع ازدياد حدَّة المخاوف بشأن الأمن الوظيفي وكيفيّة استخدام البيانات الشخصيّة، والتي أدّت إلى حدوث أزمة ثقة؛ يتعيّن على الشركات أن تثبت للمستهلكين أنّ قيمهم ونواياهم جديرةٌ بالثقة. كما كتب "نيك ديفيس"، رئيس المجتمع والابتكار في المنتدى الاقتصادي العالمي: "حلُّ المعضلة يعتمدُ على قدرة الشّركة على إقناع عملائها باستخدام التقنيات بطرائق مسؤولة وجديرة بالثقة، مما يفيد كلا الطّرفين".
كتب "مارك بينيوف" (Marc Benioff) للمنتدى الاقتصادي العالمي قائلاً: "يمكن لكلّ قائدٍ في مؤسسته أن يلعب دوراً مباشراً في خلق الفرص الاقتصادية لملايين الأشخاص من خلال الاستثمار في برامج التّعليم والتدريب للمواهب الحاليّة والمحتملة".
أنواع القادة وكيف يتعاملون مع الثورة الصناعية الرابعة:
في تقرير ديلويت (Deloitte) الأول، الصادر في 2018، والذي يستكشف استعداد الشركات للثورة الصناعية الرابعة، قال 86٪ من المديرين التنفيذيين في العام الماضي: "أنّ منظماتهم تبذل كلّ ما بوسعها لإنشاء قوّةٍ عاملةٍ مناسبةٍ للثورة الصناعيّة الرّابعة"، ولكن في السنة التاليّة قال 47٪ منهم فقط الشيء نفسه.
هذا لا يمثل تحولاً مذهلاً في المواقف فحسب، بل وتحولاً إيجابياً أيضاً؛ ذلك لأنّه يُخبرنا أنّ المديرين التنفيذيين يكتسبون فهماً أعمق بكثيرٍ للثورة الصناعيّة الرابعة، ويدركون -بشكلٍ متزايدٍ- التحديات التي تواجههم، ويقومون بعرض الإجراءات اللازمة للنجاح بشكلٍ أكثر واقعيّة.
وجاء في تقرير ديلويت الثاني عن الاستعداد للثورة الصناعية الرابعة: "القيادة في الثورة الصناعية الرابعة: وجوه التّقدم"، سُئِل المديرون التنفيذيون عن الطريقة التي يمكنهم بها تمكين منظمّاتهم من النجاح في أربعة مجالات:
- المجتَمع.
- الاستراتيجية.
- التكنولوجيا.
- إدارة المواهب.
ومن خلال إجاباتهم خلصنا إلى أنّ هناك أربع شخصياتٍ قياديّةً متميزةً يمكن أن توّفر نشراتٍ إرشاديةً للمديرين التنفيذيين، وتكون بمثابة نماذج للقادة في جميع أنحاء العالم، وهم يعالجون التحديات المرتبطة بالتحول الرقمي.
أعرب القادة التنفيذيون عن التزامٍ حقيقي بتحسين العالم؛ فقد صنف القادة "التأثير المجتمعي" باعتباره أهمّ عاملٍ عند تقييم الأداء السنوي لمنظمّاتهم، وذلك قبل الأداء المالي ورضا العملاء أو الموظفين؛ حيث قال ما يقرب من ثلاثة أرباع المشاركين: أنّ منظماتهم قد اتخذت خطواتٍ لصنع أو تغيير المنتجات أو الخدمات مع مراعاة تأثيرها على المجتمع.
مع هذه النتائج كسياق، وجدنا أن بعض القادة يُحرِزون تقدّماً أفضل من الآخرين في التعامل مع التحديات في مجالات المجتمع، والاستراتيجية، والتكنولوجيا، وإدارة المواهب. فقمنا بتجميع القادة الذين يبدو أنّهم يحصلون على هذا الحق في فئات أربعة:
- القادة الاجتماعيون: يَبرُز هؤلاء القادة بسبب قدرتهم على القيام بعملٍ رائعٍ من خلال جعل المبادرات المجتمعيَّة جزءاً أساسياً لنجاح أعمالهم. ويمتلكون تفاؤلاً كبيراً حول خلق تأثيرٍ اجتماعيٍّ إيجابيٍّ وفعّالٍ بطرائق عدة. فهم يثقون بأنّه لدى موظفيهم الاستعداد للتحول الرقمي، وبأنّهم أكثر استعداداً لتدريب الموظفين لمواجهة الثورة الصناعية الرابعة بنجاح. فالشركات التي تملك "قادةً اجتماعيين" تنمو أكثر من تلك التي لم تنجح في إيجاد التّوازن بين فعل الخير وتحقيق الربح.
- القادة المدفوعون بالبيانات: يتغلّب بعض القادة على التحديات من خلال اتباع أساليب منهجيةً تركز على قواعد البيانات في سبيل اتخاذهم القرارات الاستراتيجيّة. من المرجح أن يقول "القادة المدفوعون بالبيانات" أنّ لديهم استعداداً كبيراً للاستفادة من الفرص التي توفرها الثورة الصناعية الرابعة، وأنّ مؤسساتها تجني بالفعل فوائدها الاقتصادية. ففي العام الماضي، حقّق ما يقرب من نصف هذه المنظمات نمواً سنوياً في الإيرادات بنسبة 5٪ أو أكثر، بينما لم يشهد سوى ربع المؤسسات الأخرى هذه النتائج.
- قادة الابتكار الجذري/المدمّر: يعتقد هؤلاء القادة أنّ الاستثمارات في الابتكارات الجذرية تميّز منظماتهم عن المنافسين، وأنّها تضيف إليهم خاصيّة التفرد. إنّهم واثقون أنّ لديهم القدرة العالية للتعامل مع المجهول في خضم الثورة الصناعية الرابعة. فالمؤسسات الأكثر ثقةً ستكون الأفضل استعداداً لتنفيذ التقنيات الجذريّة. عادةً ما يكون لديهم عمليات صنع قرارٍ أكثر تحديداً، ومن المرجح أن تُتخَذ قراراتهم بناءً على قواعد البيانات، مع الأخذ في الاعتبار آراء ومساهمات أصحاب المصلحة.
- قادة تنمية المواهب: يُعِدُّ هؤلاء القادة موظفيهم للثورة الصناعية الرابعة بكلّ شغفٍ وسرور. فهم أكثر رغبةً من غيرهم من القادة السابقين للاستثمار في إعادة تدريب الموظفين للمستقبل. وفي أثناء القيام بذلك، فإنّ قادة تنمية المواهب ملتزمون أيضاً بالتّأثير الإيجابي في المجتمع، ويرون عائداتٍ مبكرةً من مبادراتهم الاجتماعية.
بينما نتطلع إلى المستقبل، فإنّ صفات القادة ومهاراتهم ستحدد الاستقرار المستقبليّ للمنظمات. إنّ القادة الذين يجّسدون خصائص القادة الناجحين أعلاه لا يقومون بتحسين النتائج الأساسية والنمو بشكلٍ أسرع من نظرائهم فحسب، بل هم أيضاً أصحاب رؤيةٍ فيما يخصّ الطرائق التي يقودون شركاتهم بها إلى المستقبل.
وأنت كقائد، كيف ستقود مؤسّستك في الثورة الصناعية الرابعة؟
أضف تعليقاً